أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر الصفار - لنقرأ ماركس وانجلز معا 3















المزيد.....

لنقرأ ماركس وانجلز معا 3


ثامر الصفار
(Thamer Alsafar)


الحوار المتمدن-العدد: 6768 - 2020 / 12 / 22 - 21:13
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


في عام 1841، كانت الأمور تبدو جيدة لكارل ماركس. فهو في الثالثة والعشرين من عمره، يحمل لقب الدكتوراه بعد ان أنهى أطروحته في الفلسفة، ذائع الصيت كنجم فكري صاعد خصوصا في نطاق الأوساط الليبرالية الأكثر نفوذا في المانيا، وكان يمنّي نفسه بالحصول على منصب أكاديمي في احدى الجامعات بمساعدة صديقه برونو باور.
لم تستمر الأوضاع الجيدة، فبعد مضي عام واحد على اعتلاء الأمير الشاب فريدريك فيلهلم الرابع العرش الألماني، أخذت وعوده الإصلاحية بالتلاشي وتغيرت نظرته الإيجابية الى الفلسفة الهيغلية واتباعها. وتجسد هذا العداء بتنصيب واحد من اشد خصوم هيغل، الفيلسوف المثالي فردريك شيلينغ، كي يقوم «بتحطيم بيضة التنين الهيغلية» ووضع الأساس لعملية تطهير داخل الجامعات الألمانية. وكانت واحدة من نتائج هذه الحملة تنحية برونو باور من منصبه الأكاديمي عام 1842، وبالتالي حرمان ماركس من أي فرصة أكاديمية.
لم يبق أمام ماركس سوى العمل في الصحافة، فقبل العمل محررا في الصحيفة الراينينية التي كان هدفها جذب «كل الشباب، الجدد، ذوي التفكير الحر ... والمواهب الثورية التي تمتلكها بروسيا وألمانيا». وعلينا ان ندرك أنها لم تكن مطبوعا شيوعيا، بل صحيفة خاصة لمواضيع «السياسة والتجارة والصناعة»، وكانت ممولة من قبل الطبقة الرأسمالية في مقاطعة الراين، التي تعتمد بشكل أساسي على صناعة المنسوجات الناهضة، مما جعلها من أكثر المقاطعات المتطورة اقتصاديا في كل أوروبا.
سيبرز أمامنا سؤال: لماذا يوظف الرأسماليون شخصا مثل ماركس؟ جواب ذلك باختصار، هو رغبتهم في تسخير طاقة الشباب الراديكالي للضغط من أجل الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها أن تعود بالنفع على مصالحهم الخاصة داخل النظام الملكي. ولهذا السبب أيضا قدموا دعما خجولا لإصلاحات أوسع، مثل حرية التعبير والمزيد من السلطة الديمقراطية للهيئات التشريعية للمقاطعات التي لا أسنان لها، ضد السلطة الملكية.
زواج المصلحة هذا هو الذي جعل أحد المحامين الداعمين لتوظيف ماركس يكتب: «على الرغم من أن الدكتور ماركس شيطان ثوري، إلا أنه من أكثر العقول التي أعرفها قدرة على اختراق الصفوف».
في احدى مقالاته حول حرية الصحافة، كتب ماركس مهاجما سياسة المحافظين: «عندما يتم التشكيك في حرية معينة، يتم التشكيك في الحرية بشكل عام. عندما يتم رفض شكل من أشكال الحرية، يتم رفض الحرية بشكل عام ... تظل الحرية هي الحرية سواء وجدت تعبيرها في حبر المطبعة أو في الملكية أو في الضمير أو في التجمع السياسي».
لاحظوا، ان هذا الدفاع الصريح عن الحريات المدنية في ظل ظروف النظام الملكي البروسي القمعي قد وضع ماركس ضمن الجناح اليساري للديمقراطيين الألمان. لكنه من ناحية أخرى، كان لا يزال يؤمن بحرية الملكية. وهذا يعني انه، الى غاية تلك اللحظة، لم يكن يجد غضاضة في الملكية الخاصة. كان يعتقد، كما فعل هيغل، أن عدم المساواة في الثروة أمر مفروغ منه، وأن مهمة الدولة هي التخفيف من حالة عدم المساواة، ولكن ليس القضاء عليها بطريقة أو بأخرى. وان مهمة الفيلسوف - أو الصحفي - تصحيح إخفاقات الدولة من خلال النقد، الأمر الذي يتطلب صحافة حرة.
ومع ذلك، كما كتب بعد بضع سنوات في مقدمة مساهمة في نقد الاقتصاد السياسي، سرعان ما وجد نفسه: «في موقف محرج من الاضطرار إلى مناقشة ما يعرف بالمصالح المادية. ان المناقشات التي جرت في مجلس مقاطعة الراين حول سرقة خشب الحطب وتجزئة ملكية الأرض ... أوضاع فلاحي منطقة الموزيل، وأخيراً المناقشات حول حرية التجارة ورسوم الحماية الجمركية، دفعتني في المقام الأول إلى تحويل انتباهي إلى دراسة القضايا الاقتصادية».
توصل ماركس، بعد أن سخر من جهله المبكر بالواقع الاقتصادي الذي يعيشه الجزء الأكبر من السكان، الى بضعة أمور أساسية: بدأ في فهم قوة الثروة في المجتمع؛ أخذ يطور من حالة تعاطفه مع الفقراء والمضطهدين؛ بدأ في فهم أن المواقف السياسية للحكام ترتبط بمصالح طبقتهم الاقتصادية، وبالتالي هناك أساس طبقي لكل حجة يطرحها أصحاب الثروات.
والاهم انه رأى، لأول مرة، أن دوره لا يقتصر فقط على المشاركة في النقاشات الأيديولوجية، بل عليه اختيار موقعه في معركة ملموسة بين الطبقات. وهذا يعني بداية تحزبه للدفاع عن الفقراء والمضطهدين. بل إن مفهومه عن «الحق الطبيعي للفقراء في جميع البلدان» أخذ يثير التساؤلات حول شرعية الملكية الخاصة نفسها!
لقد أصبح واحدا من أوائل المثقفين الراديكاليين، ضمن معاصريه، الذين أدركوا الحاجة إلى ربط النقد السياسي بقاعدة جماهيرية ملموسة بين السكان.
مع ذلك، وكما يلاحظ الفيلسوف الفرنسي مايكل لوي بحق في كتابه نظرية الثورة في شباب ماركس: «يرى ماركس في فقر الفلاحين جانبه السلبي فقط: محنتهم واحتياجاتهم ومعاناتهم. ويمكن تفسير هذا الموقف من خلال بداياته الهيغلية (الروح النشطة مقابل المادة الخامدة)، ولكن يجب أيضا التأكيد على أن الهدف الفعلي لاهتمام ماركس في مقالات الصحيفة الراينينية هو فقر الفلاحين، الذي كان ولا يزال طوال القرن التاسع عشر، وهو قرن سلبي بشكل عام، وليس فقر العمال، الذي لم يظهر الجانب النشط منه بالفعل ألا في فرنسا وبريطانيا. وهذا هو السبب في خلو مقالات ماركس في الصحيفة من مفهوم البروليتاريا العالمية».
بعبارة أخرى، لا يزال ماركس يرى الفلسفة على أنها القوة المحركة للتاريخ (الروح النشطة)، حتى بعد ان أصبح مؤمنا بضرورة توظيف هذه الأفكار لصالح الفقراء (المادة الخامدة). وظل مؤمنا بفكرة أن المثقفين – حتى وإن تم طردهم من الجامعات، فأنهم كصحفيين ونقاد - سيغيرون العالم، من خلال قوة حججهم.
لم ير ماركس أي بديل لهذه الثنائية بين الجانبين السلبي والنشط للنضال السياسي لأنه، على الأقل في تلك المرحلة من التاريخ، لم يكن فلاحو راينلاند يحتجون للمطالبة بحقوقهم. لقد كانوا ببساطة ضحايا بحاجة إلى بطل. علاوة على ذلك، فأن الطبقة العاملة في ألمانيا، حتى العمال في منطقة راينلاند المتطورة نسبيا، لم تظهر بعد جانبها النشط - أي قدرتها على المقاومة.
لنا ان نتخيل كيف كان العديد من ممولي الصحيفة يؤنبون أنفسهم على توظيف شيطان ثوري أصلا، على الرغم من أن موقف ماركس هذا كان بالنسبة للجماهير موقفا نخبويا.
لم تستمر الصحيفة بالصدور فقد أغلقتها الرقابة البروسية بحلول آذار عام 1843. ومرة أخرى، كان أمام ماركس خياران: إسكات قلمه، أو إيجاد مكان آخر يستطيع فيه التعبير عن رأيه. والخيار الأخير كان يعني المنفى. لهذا نجده يكتب إلى صديقه أرنولد روغه في كانون الثاني عام 1843: «لا يمكنني فعل أي شيء أكثر في ألمانيا».
انتقل ماركس إلى باريس، وهو حديث الزواج وعاطل عن العمل. وبمجرد وصوله إلى هناك، شرع في العمل على تسوية الحسابات مع هيغل وجذوره الهيغلية الشابة، وشكل شراكة مدى الحياة مع فريدريك أنجلز، وأصبح على دراية بأكثر حركات الطبقة العاملة راديكالية في العالم.



#ثامر_الصفار (هاشتاغ)       Thamer_Alsafar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 2
- لنقرأ ماركس وانجلز معا 1
- بالعربية لأول مرة مراسلات ماركس – فيرا زاسوليج
- الدين، الدولة المدنية، والديمقراطية
- مفهوم - الانسان الكامل- لدى ماركس
- ماركس - انجلز المؤلفات الكاملة البدايات والمصير
- ثامر الصفار - باحث ايكولوجي ماركسي - في حوار مفتوح مع القارئ ...
- في ضوء نتائج مؤتمر باريس حول المناخ
- المفهوم المادي عن التاريخ - قراءة ايكولوجية 1
- ربيع عربي – صيف أوروبي – خريف أميركي أتناقض ثان للرأسمالية ؟
- أمولة التراكم
- ماركس وجيمس اندرسون: حول التباين في خصوبة التربة
- بناء الاقتصاد الوطني العراقي/ قوانين السوق ام التخطيط الاجنم ...
- الاساس الاقتصادي لازمة البيئة العالمية
- الماركسية والايكولوجيا ماركس-فيورباخ 3
- الماركسية والايكولوجيا ماركس-فيورباخ 2
- الماركسية والايكولوجيا ماركس-فيورباخ 1
- الماركسية والايكولوجيا: ماركس-دارون-ابيقور 4
- بمناسبة الذكرى 160 لصدوره - البيان الشيوعي: قراءة إيكولوجية
- الماركسية والايكولوجيا ماركس-دارون-ابيقور 3


المزيد.....




- قادة الفصائل الفلسطينية في منتدي -مغرب مشرق- في تونس
- السيناتور الأمريكي ساندرز يطالب بوقف تواطؤ بلاده في الكارثة ...
- تحرك في الكونغرس لعزل بايدن بتهمة شراء الأصوات من المتظاهرين ...
- رفح.. العدو على أبواب مصر
- “أمن الدولة” تجدد حبس معتقلي “بانر التضامن مع فلسطين” 15 يوم ...
- طلاب العالم اتحدوا ضد الصهيونية وداعميها الرأسماليين
- غزة: السابع من أكتوبر في المنظور التاريخي
- بحجة “اللاساميّة” تترافق إبادة شعب فلسطين مع محاولة إبادة قض ...
- الشرطة تعتقل متظاهرين مناهضين للحرب الإسرائيلية على غزة في ج ...
- العدد 555 من جريدة النهج الديمقراطي


المزيد.....

- كراسات شيوغية:(الدولة الحديثة) من العصور الإقطاعية إلى يومنا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية:(البنوك ) مركز الرأسمالية في الأزمة.. دائرة لي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رؤية يسارية للأقتصاد المخطط . / حازم كويي
- تحديث: كراسات شيوعية(الصين منذ ماو) مواجهة الضغوط الإمبريالي ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (الفوضى الاقتصادية العالمية توسع الحروب لإنعاش ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ثامر الصفار - لنقرأ ماركس وانجلز معا 3