أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - ( من روائع الأدب البابلي القديم ) قصيدة لدلول بل نيميقي صرخة مظلوم بابلي















المزيد.....


( من روائع الأدب البابلي القديم ) قصيدة لدلول بل نيميقي صرخة مظلوم بابلي


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6764 - 2020 / 12 / 18 - 04:18
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لدلول بل نيميقي ؛ هي قصيدة بابلية تروي رثاء رجل صالح عانى طوال حياته من قسوة شديدة وظالمة . والقصيدة معروفة أيضاً باسم " معاناة الصالحين " ، وترجمة عنوانها البابلي " لأُمجّدنَ ربّ الحكمة ".
في هذه القصيدة التي تعبّرعن شدّة المواجهة والصراع الداخلي لدى رجل بابلي (تابو ـ يوتول ـ بل ) البالغ من العمر 52 عاماً ؛ والذي عمل عند قصر الملك في مدينة نيبور . إذ لاقى هذا الرجل الطيّب الكثير من المصاعب والآلام والظلم في حياته ؛ بيد أن سلوكه القويم في وظيفته وداخل مجتمعه ؛ لم يشفع له أبداً . فهو كان يسأل دائماً عن سبب سماح الآلهة في معاناته .
القصيدة وعبر مضمونها ؛ وضعت تفسيراً مبهماً للسؤال التقليدي المتمثل ؛ " لماذا تحدث الأشياء السيئة للناس الصالحين ؟؟ " . إلاّ أن بعض العلماء ؛ قد رأوا من أن هناك هناك صلة بين هذه القصيدة ؛ والقصة العبرية (سِفر أيّوب ) ؛ أحد أسفار التناخ والعهد القديم .

في الحقيقة لا يوجد إجماع علمي ، وتاريخ محدد في كتابة سِفر أيّوب ، ولا عن حقيقة حدوث القصة أصلاً . ولكن بعض الآراء تشير إلى أنها قد كُتبت مابين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد ؛ بينما يعود تاريخ قصيدة لدلول بل نيميقي إلى حوالي عام 1700 قبل الميلاد .
هناك احتمال وارد في أن تكون تلك القصيدة مستوحاة من عمل أدبي سومري قديم ، وعنوانه (رجل وإلهه ) ، والذي يعود تاريخه إلى حوالي عام 2200 قبل الميلاد . وحسب ما ذكره عالم السومريات "صموئيل نوح كريمر "؛ ان هذا العمل تم تأليفه ؛ لغرض وصف الموقف السليم والسلوك القويم لضحية عانت القسوة الشديدة غير المُستحقة على ما يبدو... " (ص 589).
عند هذا النهج ؛ تتبع القصيدة نموذجاً للادباء البابليين الذين استعاروا من الآداب السومرية السابقة كما هو واضح في ملحمة گلگامش ؛ حين قام الكاتب والمؤلف البابلي " شين ليقي أونيني " حوالي عام 1300 قبل الميلاد ، بنقل بعض المقاطع السومرية المتفرقة عن ملك أوروك ونسجها في ملحمته التي نالت شهرتها الواسعة .
ليس هناك أدنى شك ؛ في أن العديد من روايات الكتاب المقدّس (العهد القديم ) ، لها أصولها في الأعمال الأدبية السومرية . فعلى سبيل المثال وليس الحصر؛ مجمل الأحداث التي وردت في قصة (نزول الإنسان الأول) ، و قصة (الطوفان) في سِفر التكوين ؛ كانت تعود في الأصل إلى الأعمال الأدبية السومرية ؛ أدابا (قصة آدم ) ؛ و أطرا ـ هاسس (قصة نوح ) .
نظراً لتشابه الأحداث التي تم تناولها في لدلول بل نيميقي ، و سِفر أيّوب ؛ قام الكثير من العلماء والباحثين في وضع مقارنة بين العملين القائمين ؛ مع الاعتقاد بأن كتاب (سِفر أيّوب ) ؛ قد استمدّ فكرته بالكامل من عمل أدبي قديم على غرار قصة الطوفان . ولعلّ من الواضح كانت هناك بعض المزايا المثمرة لتلك الدراسة . ولكن من المعيب جداً أن نستعرض كلا العملين فقط ؛ من أجل بيان مقارنة ما يتعلق بالاستعارة الأدبية . ويمكن بسهولة أيضاً ؛ مقارنة (لدلول بل نيميقي ) مع الكتب الأخرى في الكتاب المقدس مثل (سِفر الجامعة ) ، أو الإصحاح الثالث من كتاب (سِفر مراثي إرميا ) .
يسأل المتحدث أو المحاور في سِفر الجامعة ؛ نفس الأسئلة التي طرحها تابو ـ يوتول ـ بل في لدلول بل نيميقي ، وما جاء في مراثي إرميا ـ الإصحاح الثالث . في حين أنه من الممكن و شبه المؤكد ؛ من أنّ العمل الأخير قد أُستمدّ مادته من الأول ، كما على الأرجح وبنفس الطريقة عند استعارة قصيدة لدلول بل نيميقي فكرتها ؛ من رواية (رجل وإلهه) .
من المحتمل جداً ؛ في أن يتعامل الاثنان ببساطة مع نفس الموضوع . إذ لا يزال الناس في الوقت الحاضر ؛ يتساءلون عن سبب معاناة الناس الطيبين !. وعندما يصّر بعض المهتّمين على أن سِفر أيّوب ؛ هو نصوص محدّثة من لدلول بل نيميقي ؛ فإنهم بذلك قد جرّدوا القصيدة معانيها وقيمتها التاريخية ؛ وجعلوها فقط مصدراً أدبياً لأعمال أخرى ؛ بدلاً من تقدير العمل عن الحالة الإنسانية الذي كان الهدف في كتابته .
هناك اختلافات أكثر أهمية من أوجه التشابه بين سِفر أيّوب وقصيدتنا البابلية ؛ وعلى الرغم من أن القصيدة البابلية قد عُدّت مصدراً للأعمال الأدبية اللاحقة ؛ إلاّ ان قراءة سريعة لـ ( لدلول بل نيميقي ) باعتبارها مجرّد " اختيار تقريبي" للسرد التوراتي (سِفر أيوب) ؛ هو انتقاص بحد ذاته لتاريخ العمل الأدبي ورمزيته ؛ وإضاعة بوصلة التقاطع والتلاقي لكليهما . وبالتالي علينا طرح صيغة السؤال مرة أخرى :
لماذا تحدث الأشياء السيئة للناس المخلصين أو الطيّبين ؟ . هذا السؤال قديم بقِدم البشر أنفسهم . فعندما يكون تابو ـ يوتول - بل ؛ الذي تحمّل معاناة فظيعة رغم أنه كان متديناً للغاية ؛ ويؤدي جميع طقوسه وصلواته ؛ و أذ يقول : " لكنني فكرت في الصلوات والتوسلات - فقد كانت الصلاة حكمتي ، وأضحيتي هي كرامتي " ؛ رغم ذلك ؛ فإنه ظلّ يعاني !.
أيّوب ؛ شخصية مشابهة لتابو رغم الفارق الزمني ؛ وذلك عند قول أيّوب في الإصحاح ( 23 :11 أيّوب ) : " بخطواته استمسكت رجلي ، حفظت طريقه و لم أحيد ". وكذلك في الإصحاح (23 : 12)" من وصية شفتيه لم ابرح اكثر من فريضتي ، ذخرت كلام فيه ". وطالما هناك تساؤل في كلا العملين عن الكيفية التي يُفترض بها أن يدرك الإنسان إرادة ربّه ؛ فإن خلاص كلتا الشخصيتين (تابو ، و أيّوب ) في العملين ؛ جاء حتماً بطريقة التدّخل الإلهي حسب رؤية مؤلفيهما .
تبقى الاختلافات بين القصيدة البابلية وسِفر أيّوب من خلال تفاصيليهما والثقافة التي ينبعان منها . الفرق الأكثر وضوحاً في الإثنين ؛ هو أن القصيدة البابلية كُتبت بأسلوب (المونولوج ) ـ أي الحوار مابين الشخص وذاته ـ ، أمّا التكوين العبري أو التوراتي ؛ جاء كنوع من (الدراما الأدبية ) ؛ أي متعددة الشخوص . وقد ظهر الاختلاف واضحاً عندما كان خلاص أيّوب على يد ربّه ؛ في حين نجد أن خلاص تابو يوتول بل ؛ جاء من خلال أحد السحرة . أما الفرق الأكثر أهمية ؛ هو في شكل وطبيعة تلك المعاناة ، وتصورات الآلهة .
يعاني " تابو يوتول بل" في شخصه ، ويستنبط من هذه المعاناة حالة التأمّل في معاناة الآخرين وفوضى الحياة :
"أين يمكن أن يتعلم البشر سُبُل الرّبّ ؟ فالذي كان حيّاً في المساء قد مات في الصباح .. في لحظة واحدة كان يغنّي و يلهو ؛ وبرمشة عين ؛ صار مكلوم ".
كذلك أيوّب ؛ يعاني في شخصه ؛ وكان عليه أن يتحمّل موت أبنائه ؛ وفقدان كل ما عمل من أجله في حياته . وهو أيضاً يتأمّل في معاناة الآخرين ؛ ويتساءل كيف يمكن للمرء أن يتعلم سبب حدوث ذلك " لكي يحاكم الإنسان عند الرّب كابن آدم لدى صاحبه " (أيّوب 16:21) . ومع ذلك ؛ فان الآلهة بنفسها ؛ تكشف عن الفرق الأكبر في العملين .
في ديانات بلاد الرافدين القديمة ؛ كان هناك ما بين ( 300 - 1000) إله على مدى تاريخها القديم ، وأن استجابة تلك الآلهة لمطالب البشر متفاوتة ؛ وذلك وفق ما رُسم لها . فالخير الذي يريده الإله مثل ؛ "مردوخ " لأحدهم ؛ قد يحبطه إله آخر مثل "إيرا ". وعليه ؛ فإن شكوى "تابو يوتول بل " ؛ لا ينبغي أن تفصح عن جملة معاناته ؛ لأن إلهه مردوخ قد فعل الصواب تجاهه ؛ ولا ذنب لأحد في المصائب التي جاءت في شكواه . فقد كان عليه أن يعي ذلك جيداً ؛ من أن الإله مردوخ لم يكن سبباً عمّا حلّ به ، ولا خطأً منه ؛ بل جاء من إله آخر ؛ ولأيّ سبب ربما .
تُبيّن صلاة التوبة التي يؤديها المواطن السومري ، مثلما دُوّنت على رُقيم طيني يعود تاريخه الى حوالي عام 2500 قبل الميلاد ؛ من أن التائب في تلك الصلاة يلتمس الرحمة والشفقة لأي إله أساء له دون دراية أو معرفة ..

بعد سلسلة من الشكاوى والمظالم التي عرضها تابو يوتول بل على إلهه ، إلاّ انه وفي آخر المطاف ؛ قد لُبيّت مطالبه عن طريق الساحر أو العرّاف ( أحد الكهنة ) الذي بعثه الإله مردوخ إليه . وتبين ذلك بوضوح من خلال عنوان القصيدة .
في القصيدة البابلية ؛ إذن ؛ يتم التعامل مع مشكلة القهر والاضطهاد من خلال إله واحد (أو عدد من الآلهة) ، مع وجود وسيط يعمل مابين الإله والبشر لتحقيق العدالة .
لربما فَهِم الرافدينيون القدامى عند سماع تلك القصيدة (بغض النظر عمّا اذا كانت معاناتهم مُستحقة أم لا) ؛ من أن مشاكلهم وآلامهم سيتم التعامل معها وفق الطريقة نفسها التي أُتبعت مع تابو يوتول بل . على اعتبار أن خلق البشر ؛ جاء بقصد مؤازرة ومعاونة الآلهة في ازدهار الأرض وتحقيق العدالة ! . وحسب اعتقادهم ؛ فالإله الذي سعى لهم بالخير في وقت من الأوقات ؛ بالتأكيد سوف يمحو أخطائهم ويعالج مشاكلهم في نهاية الأمر! .
أمّا في سِفر أيّوب ؛ فالإله الأعلى تعامل مع الموقف نفسه بشكل مختلف . إذ يظهر الرّب نفسه متحّدثاً من خلال ريح عاصفة ، ويسأل أيّوب :
" أين كنت حين خَلقتُ الأرض ؟ أخبر ان كان عندك فهم ؟ . من وضع قياسها ؟ لأنك تعلم ، أو مَن مدّ عليها مِطماراً " (سِفرأيّوب 38: 4-5) .
ويستمر إله أيّوب بتوجيه الأسئلة المُذلّة لعبده ، إلاّ أنّ بجميعها يمكن حصرها في سؤال واحد فقط : "مَنْ أنت ؛ لكي تشكك في قُدراتي ؟".

على الرغم من أن هناك (نهاية سعيدة) في سِفر أيّوب ؛ حيث يُكافأ هذا الإنسان المؤمن بأبناء جدد ، وحياة جديدة . إلاّ ان السؤال عن سبب حدوث أشياء سيئة للناس الطيبين أو الصالحين ؛ لم يتم الإجابة عليه مطلقاً !! .
من المؤكد وعند نهاية المطاف ؛ سوف يفهم قارئ كتاب " أيّوب " ؛ من أن جميع مظالم ومصائب أيّوب ؛ جاءت بسبب تحدٍّ ورِهان بين الرّب وابليس ؛ لاختبار أيّوب في التقوى والطاعة !.
إنه أمرٌ لعجيب حقاً ! كيف لإمريء "عاقل " أن يشعر بالسعادة والراحة والاطمئنان ؛ بفكرة أن يتخلى عن صحته ؛ وأبنائه ؛ وزوجته وأقربائه ؛ ومعارفه ؛ وثروته ؛ وكل ما يملك في الدنيا ، فقط ؛ لإرضاء غرور إلهه في كسب " الرِهان " ؟؟!! .
في سِفر أيّوب ؛ بدلاً من الإجابة المباشرة عن سبب معاناته ؛ يشيد الرّب بعظمة وجلالة نفسه . ويغضّ الطرف عن شكوى أيّوب له ، هناك فرق كبير جداً ما بين استجابة الآلهة السومرية إلى تابو يوتول بل ، وإله أيّوب . ومع ذلك ؛ فإن استجابة رّب أيّوب ؛ هي واحدة من أعظم نقاط القوة في العمل العبري ؛ غير أنه لا توجد إجابة مُقنعة على السؤال ؛ سبب ظلم الناس الطيّبين .
لقد كان مؤلف سِفرأيّوب حكيماً بما يكفي للاعتراف بهذه الحقيقة . إلاّ أن استجابة الرّب في كتاب أيّوب ؛ كانت تتماشى مع الثقافة التي أنتجت ذلك ؛ من خلال عدم التشكيك بقوّة الإله ، والوثوق بقدرته العظيمة . إذ كانت محبة و خير الرّب مكانها القلب لدى عباده من العبريين ، حتى لو تم التعبير عن تلك المشاعر من خلال شيء يبدو غريباً مثل ؛ "الرِهان ".
من المؤكد ؛ أن هذين العملين ( لدلول بل نيميقي ، و سِفر أيّوب ) مرتبطان بشكل موضوعي فيما بينهما ، وإن قراءة أدب بلاد الرافدين فقط ؛ لإثبات ما جاء في نصوص الكتاب المقدّس ؛ قد يقلل من الأهمية الحقيقية للأعمال الأدبية التاريخية القديمة . وبدلاً من (نَبشْ) هاتين القصتين في محاولة لإيجاد علاقة بينهما ؛ كان الأجدر قراءتهما بتأن ؛ لما يحملان في طيّاتهما هموم الإنسانية المجرّدة في صراع المرء مع نفسه . كتب خبير اللغات السامية ؛ البروفيسور الكندي "جورج أي . بارتون " التعليق التالي حول هذه النقطة :
"الهوّة التي غالباً ما تتسع بين تجربة المعاناة والوازع الأخلاقي ؛ كان من المؤكد حدوثها تماماً ؛ عندما أدرك البابليون ذلك ؛ وتبعهم العبريون بعد حين " .
بالطبع ؛ ينطبق ذلك على أي شخص في عالمنا اليوم ؛ يعيش ويواجه صعوبات الحياة المختلفة . والمغزى العميق الذي قدمته تلك الأعمال القديمة للقارئ المعاصر ؛ هو شعور المرء بالاضطهاد في الماضي ؛ هو نفسه لما يعانيه المرء في الحاضر .

نصّ تلك القصيدة ؛ مُستعاراً من تفسير خبير اللغات الرافدينية القديمة ، السير"هنري رولنسون " حول النقوش المسمارية في بابل وآشور (المجلد الرابع ، 60 / 1850) ، وكما جاء في كتاب البروفيسور"جورج أي. بارتون " (الآثار والكتاب المقدّس ) ؛ الذي نشر عام 1916م .

فيما يلي الترجمة الكاملة من الانكليزية ؛ لقصيدة ( لدلول بل نيميقي ) ؛ والتي يقدّر عدد سطورها ؛ حوالي 500 سطر ؛ والمنقوشة على أربعة ألواح طينية ؛ من كتاب (الآثار والكتاب المقدّس ) للبروفيسور "جورج أي. بارتون " .

( لدلول بل نيميقي )

ـ اللوح الطيني الأول ـ

لقدْ تقدّمَ بي العُمرُ، إذ وصلتُ إلى أقصاه البعيدُ
وأينما التفتُ ؛ كان هنا شّر وهناك شّر ...
يزدادُ الإحساسُ بالظلمِ ، والعدالة لا أراها قُربي

بَكيتُ إلى الإلهِ ، لكنْ لمْ يَرني وَجههُ
صَلّيت إلى مَعبودتي ، لكنّها لمْ تَرفعْ رَأسَها
كما أنّ العرّاف بنبؤتهِ .. لم يَحزِر مُستقبلي
ولا الساحرُ بالنورِ ، قد رَأى مِحنتي

ِاستَشرتُ مُستحضّراً للأرواحِ ، لكنّهُ لَم يَفهَمني
ولم يَرفعَ المُشعوذُ بسحرهِ ، الحَظْر .
كيفَ يتّمُ عَكْس الأفعال في العالمِ ؟

أَنظرُ خَلفي ، وإذا بالقهرِ يَتبعني
مثلُ امرئ لمْ يأت بقرابين الى إلههِ
وعِندَ ساعة الإطعامِ ، لا يتوسل إلهه
ولا يُطأطئ رأساً ، عندما لاتُرى ذبيحتهُ
مثلُ أمريءٍ في فمهِ صلاة وأدعية .. ولكنّه مُقفولُ

لماذا قصّرَ الإلهُ يومهُ ، وصارَ العيدُ باهتاً ؟
الذي تخلّى عن نِعمهِ ، وذهبَ بعيداً عن مُخيّلتهم
خِشيةُ الرّب وتبجيلهُ ، لمْ يَتعلّمها عِبادهِ
الذي لم يبتهلَ إلههُ ، عندما تَناولَ طَعامه
مَنْ تَخلّى عن معبودهِ ، ولمْ يأتِ لهُ بما يُليقُ ؟
مَنْ يَضطهدُ الضعيفَ ، ويَنسى إلههُ ؟
مَنْ يَتخذّ إسمَ إلههُ العظيمُ كَذباً ، ويقولُ ، أنا أعشقهُ ؟

لكنّني فكّرتُ في الصلواتِ والتوسّلاتِ
فَقد كانت الصلاةُ حِكمَتي ، وأضّحيتي هي كَرامتي
كان يَومُ تقديس الإله ؛ هو فرحةُ قَلبي
كان يومُ طاعةَ الإله ؛ هو ثَروتي
كانت صَلاةُ المَلك ؛ هي بَهجتي
وأنغامُ موسيقاه ؛ هي مُتعة لي

نَثرتُ نَصائِحي ، لتبجيل أسماء آلهتي
وفاءً لإسم الآلهةِ ، عَلّمتُ شَعبي
مَهابةَ المَلك ، لأنها عظيمةٌ عِندي
وإحترامُ القَصر، تعلّمَ الناسُ مِنّي
عرفتُ كُلّ هذا ، محبةً في رَبّي
وما الجاهل في نفسهِ ، فهو من الأشرارِ!
وما كان في قلبهِ الوضيع ، … لإلهٍ عظيمِ !

مَن يَستطعْ معرفة أفكار الآلهة في السماءِ ؟
مشورة الإله مليئة بالهلاكِ . من يستطع فهم ذلك ؟
أين يمكن للبشر معرفة سُبُل الرّب ؟
فالذي كان حيّاً في المساءِ ، قد ماتَ في الصباحِ

تأتي همومهُ بسرعةٍ ، ويعيشُ حياته مظلومْ
في لحظةٍ واحدةٍ كان يُغنّي و يَلهو
وبرمشةِ عينٍ ؛ صارَ مكلومْ
تتغيرُ أفكارهم ، مثل الشمس المشرقة والغيومْ

إنهم جائعون ، مثل الأمواتِ
أنهم متخمون ، وينافسون إلههم
وبنشوة ، يقهقهون في الصعودِ إلى الجنّةِ
وعندما المشكلة أدركتهم ، تهامسوا بعد النزول إلى "شيول" *

[ عند هذا الحد ينتهي النصّ في اللوح الأول ؛ لحصول تلف في بقيته ]

ـ اللوح الطيني الثاني ـ

وأنا في سجني ، قد انهدمَ منزلي
وعندما كانت القيود تلفّني ، تمَّ رمي يَدَي
وفي أعماقِ نفسي ، لربما تعثّرتْ قَدَمي
. . . . . . .( حصول تلف في هذا الجزء) . . . . . . . .
وبالعصا قامَ يوخزني ، كريهةٌ كانت رائحتي
طوالَ اليوم ، والمطاردُ يُطاردني
في الليلِ يُراقبني ، لا يريدني ان أسمعَ نَفَسي
من جرّاء التعذيب ، تكسّرت مفاصلي
تحطمّت أطرافي ، والقرفُ آلمّني
أتمرّغُ مثل الثور ، وأنا في مضجعي
مثل الخنزير ، كَمّ من القذارةِ غطّتني

عِلّتي ، حيرّت السحّارين
وتحاشى العرّاف ، كاهلَ الظالمين
كما البصّار ، لم يشفني من مرضي
ولم يتمكن الرّائي ، معرفةَ حالي
لم يساعدني ربّي ، ولا أخذ بيدي
آلهتي لم تشفق عليّ ، ولم تكن بصفّي
كان نعشي فاغراً، لمّا ورثتي نهبوا أملاكي
كانت أسباب الموت جاهزة ، عندما لم تحن ساعة موتي

[ عند هذا الحد ينتهي النصّ في اللوح الثاني ، لحصول تلف في بقيته ]

ـ اللوح الطيني الثالث ـ

صَرختْ الأرض بعلّو صوتها ، " كيف تهاوى ؟!"
لقد سمع عدّوي ، وكان وجههُ مسرورا
لقد جاؤوا له بالأخبار السّارة مع الأخبار السعيدة ، فابتهج قلبهُ
لكنّي عرفت أوان موت جميع عائلتي
من بين الأرواح المُصانة ، كانت آلهتها مُمجّدة
................(حصول تلف في هذا الجزء)........................
................(حصول تلف في هذا الجزء)........................

دَعْ كفّك يُمسك بالرُمحِ
"تابو يوتول بل "، الذي يعيش في نيبور
بعثني اليكَ ، للتشاور معك
وقد وضعَ (.....؟؟؟ ...) على عاتقي
في الحياة (....؟؟؟.... ) وقد يلقي
وحلم قد رأيته (....؟؟؟…. )
………..(حصول تلف في هذا الجزء ) …….
هو ذا الحلم الذي رأيته في الليل
الذي صنع المرأة ، وخلق الرجل
مردوخ الإله ، أمرَ العرّاف ( الكاهن) (؟) الذي هو أدرى بالأمراض
. . . . . . . . ( حصول تلف في هذا الجزء). . . . . . . .
و ........... في كل ما .............

حين قال : " كم سيمضي من الوقت على هذا العُسر وتلك المصيبة ؟"
"ما الذي رآه في منامه تلك الليلة؟ "
في الحلم ظهر "أورـ باو" **
بطلٌ عظيمٌ ارتدى تاجه
والعرّاف أيضاً ، قد نالَ القوّة
لقد أرسلني مردوخ اليك صدقاً
حتى "شوبشي- ميشري ـ نيرجال" *** جلب الخير

في يديه النقيتين جلب الخير
بواسطة روح الوصيّ (؟) لقد توقّفَ (؟)
عن طريق العرّاف أرسلَ رسالة :
" فالٌ حسن أراه لشعبي "
. . . . . . . . (حصول تلف في هذا الجزء ). . . . . . . . .
(؟ ) انتهى بسرعة ، كان (...؟؟؟....) مكسوراً
(..؟؟…) من ربّي ، كان قلبه راض ٍ

(.....؟؟؟.....) ، وروحه كانت مُفعمة
(...؟؟…) رثائي ، (......؟؟؟؟..........)
(.....؟؟؟...........) ، صالح (....؟؟؟......)
...........( حصول تلف في هذا الجزء)........................
.............( حصول تلف في هذا الجزء).........................

(.......؟؟؟.........) ،مثل (.........؟؟؟... ......)

لقد اقترب (؟) ، والتعويذة التي غَمغمَ بها
بَعثَ بريحٍ عاصفةٍ ، من شدّتها
صَنعتْ زَوبَعة ، ارتجَّتْ حِبالُ الأرض من قوّتِها
من عُمقِ صَدره ، تحرّرت الروح من قِيودِها

أرواحٌ لا تُحصى ، أَرسَلها إلى العالمِ السُفلي
(...؟؟؟…) مع العفاريت ، بَعَثها حالاً إلى الجَبلِ

[ حصول كسر في اللوح الطيني الثالث ]

ـ اللوح الطيني الرابع ـ

وغَمَرَ الطوفَانُ ، كُلَّ البِقاعِ
جذورُ الدّاء ، اِنتزعها مثل الغَرسِ
السكونُ الرهيبُ الذي جثمَ على صَدري
.كان مثل الدخّان الذي ملأ َ السماء (.؟؟.)
……(حصول تلف في هذا الجزء ) …...

مع المصيبة التي جِيءَ بها ، رَدّها بقوّة
وملأَ الأرضَ بها كالعاصفة
……(حصول تلف في هذا الجزء )......

الألمُ القاسِي ، الذي قَهرَ حتى السَماء
أَخذهُ بعيداً عنّي ، وأَنزلَ عليَّ نديّات المساء
جفونى ، التي كان قد أَخفاها سواد الليلِ
فجراً وبريحٍ مسرعةٍ ، أعادَ بَصري

أذُنايَ ، اللتان أُغلِقتا ، كنتُ مثل رجل أَطرَش
أزالَ منّهما الصَمّم ، وأعادَ لِي السَمع
أَنفي ، الذي سُدّتْ مَجاريه مُذْ كنت في رَحمِ أُميّ
فقد خفَّ من عيوبه ، وبهِ صُرتُ أتنفّس
شَفتاي ، اللتان أُقُفلِتا وسُلِبَ مِفتاحِهما
أزال اِرتجافهما ، وحلَّ وثاقهما

فمي الذي كان مغلقًا كي لا أفهم (؟؟ )
نَظّفه مثل الوعاء ، وأشفى علّتهُ
عيناي ، اللتان قُلعتا ، وتدحرّجتا (؟ )
رَفعَ رباطهما ، وأعادَ مُقلتِيهما
لساني الذي تيّبسَ ، كي لا يرتفع
أَزالَ غَلاظتهُ ، لِتُفهَم كلماته
بلعومي كان مضغوطاً ، وسُدَّ منفذه
أشفى انقباضه ، وصارَ مثل النّاي (؟)
لُعابي الذي اِنقطعَ ، ولم يَعد يُفرز
رَفع غِللهُ ، وأصلحَ مِزلاجه

[ ينتهي النصّ عند هذا الحد ؛ لحصول كسر في اللوح الأخير ]


(( النهاية ))
ـــــــــــــــــــــــــــــ

* شيول : هو الظلام أو الجحيم الذي يُعتقد في ان تذهب إليه أرواح بعض الموتى .
** أورـ باو : خادم الإله " بو " والمواكب لآخر ملك أكدي " شو تورول " في لكش .
*** شوبشي- ميشري- نيرجال : إله الموت والحرب لمدينة بابلية تدعى" كوثا ".
( ...؟؟؟…) : كلمات غير مفهومة في النصّ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صموئيل نوح كريمر ـ نصّ الحكمة السومري : الرجل وإلهه ـ من مطبوعات جامعة جون كارول ـ أوهايو ـ 1999.
جورج . أي . بارتون ـ الآثار والكتاب المقّدس ـ (الناشرون) ـ اتحاد مدرسة الأحد الأمريكية ـ فيلادليفيا ـ 1920 .
موقع الأنبا تكلا هيمانوت ـ العهد القديم / سِفر أيّوب .



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرافدينيون القدامى في حياتهم اليومية
- أول قصيدة إباحيّة سومرية
- العلوم والتكنولوجيا مع مفهوم الدين في بلاد الرافدين
- قصة الطوفان البابلية
- الأختام الشخصيّة في بلاد الرافدين - تاريخها وأهميتها
- معتقدات بلاد الرافدين القديمة عن الموت والآخرة
- قصة ملكة الليل الرافدينية
- اللغة السومرية .. الثقافة الأولى في التأريخ
- المتحف العراقي .. شمعة مضيئة في الظلام
- اكتشاف معبد لإله الحرب في جنوب العراق
- الموت الأسود
- حياة المرأة الأوروبية في القرون الوسطى
- زكوتو عشيقة سنحاريب
- من بلاد الرافدين بدأ نهوض المدن
- الحضارة السومرية .. إختراع المستقبل
- نبوءة مردوخ الإله البابلي العظيم
- قِمبيز الفارسّي .. مَلكُ بابل وفِرْعَون مصر
- بعض أسرار لفائف البحر الميّت
- الحروب الصليبية .. الأسباب والأهداف
- أرخميدس الذي خلَّده العلم ، وتجاهله التأريخ


المزيد.....




- هل يعيد تاريخ الصين نفسه ولكن في الولايات المتحدة؟.. وما علا ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يناقش مشروع قانون ترامب للإنفاق وسط انق ...
- محكمة إسرائيلية توافق على تأجيل جلسات محاكمة نتانياهو في قضا ...
- يضم معارضين سياسيين ومواطنين أجانب... القصف الإسرائيلي يلحق ...
- فرنسا تعتزم أداء -دور محوري- في مفاوضات النووي وطهران تبدي - ...
- مشاهد للجزيرة توثق قصف مسيّرة للاحتلال فلسطينيا يحمل كيسا من ...
- ماذا تعرف عن إنفلونزا العيون؟
- الفساد يطيح بوزير يوناني و3 نواب
- غزة تنزف منذ 630 يوما.. إبادة ممنهجة ومعاناة لا تنتهي في ظل ...
- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - ( من روائع الأدب البابلي القديم ) قصيدة لدلول بل نيميقي صرخة مظلوم بابلي