أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - زكوتو عشيقة سنحاريب















المزيد.....

زكوتو عشيقة سنحاريب


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 6491 - 2020 / 2 / 13 - 09:39
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


زكوتو (701-668 ق.م ) ، هو الاسم الأكدي لـ (نقيا ) ، عشيقة الملك الآشوري سنحاريب ، الذي حكم البلاد ما بين عام 705-681 قبل الميلاد .
على الرغم من أن زكوتو لم تكن تحمل صفة ملكة ، كونها خليلة وليست زوجة مُعلنة ، غير أنها أنجبت منه ولداً واسمه ( إسرحدون ) الذي ورث الحكم بعد وفاة والده . وقد تولت زكوتو مقاليد الأمور السياسية في بلاد آشور بوظيفة ( الملكة ) بعد مقتل ابنها إسرحدون في حربه مع مصر . وهي نفسها جدة الملك (آشور بانيبال) ابن إسرحدون الذي كان وليّاً للعهد .
تأتينا الحكايات عن زكوتو في الأصل من عهد إسرحدون والتي تُعدّ دليلاً على أنها كانت امرأة قوية وذكية انتقلت من الظلمة إلى العظمة . ومن المعروف عن نقيا أو زكوتو ، في أن اسمها مقروناً مع اسم سنحاريب منذ عام 713 قبل الميلاد عندما تولى منصب ولي العهد في زمن سرجون الثاني .
كان لدى سنحاريب ما لا يقل عن أحد عشر ولداً (ربما أكثر) من زوجاته وعشيقاته ، وكان من بين هؤلاء ، ابنه إسرحدون الأصغر سناً. وبما أن زاكوتو كانت تعتبر مجرد " إمرأة قصر " ، وليست من الأسرة الملكية ، حسبما ورد في النصوص الآشورية المكتوبة ، فأن الاخوة الأكبر سناً لم يبالوا كثيراً عند ولادة أخوهم الأصغر (إسرحدون ) .
جعل سنحاريب ولده المفضّل ووريثه المختار ( آشور ـ ندين ـ شومي ) ، حاكماً على بابل ، ولم يمض على حكمه سوى بضعة شهور حتى أسره العيلاميون (أعداء الآشوريين) حوالي عام 695 قبل الميلاد . ومن المرّجح أنه قد قتل أيضاً على أيديهم عام 694 قبل الميلاد .
كان على سنحاريب في تلك الظروف العصيبة ان يختار واحداً من ابنائه ليكون وريثاً جديداً من بعده ، ولكنه كان منشغلاً في الحملات العسكرية من جهة ، والقيام في بناء المشاريع واعادة الاعمار من جهة اخرى ، ونتيجة ذلك ، فقد استغرق وقتاً طويلاً لاتخاذ قراره فيما يتعلق بخلفه .
في عام 683 قبل الميلاد ، اختار سنحاريب ابنه الأصغر إسرحدون وريثاً له ، ولكن قرار سنحاريب اعتبر مفاجأة غير سارة لاشقائه الاخرين الذين اعترضوا على قرار والدهم المجحف في ضياع حقوقهم المفترضة لولاية العهد .
يؤكد بعض العلماء والباحثين أن دهاء وحيلة زكوتو كانا وراء قرار سنحاريب هذا . وخوفاً منها على حياة ولدها إسرحدون من أشقائه في الانتقام ، فقد بعثت زكوتو بابنها إلى مكان يُعرف سابقاً باسم (ميتاني ) ـ قرب بلاد الأناضول ـ للاختباء فيه .
في عام 681 قبل الميلاد ، اغتال اثنان من أبناء سنحاريب والدهم ، وذلك بسبب تدميره مدينة بابل ، واختطافه التمثال المقدّس للإله العظيم مردوخ من معبده ، ولكنها كانت خطة مدبرّة للاستيلاء على العرش و الانتقام من والدهم الذي خذلهم في التوريث .
أرسلت زكوتو طلباً في عودة ابنها من منفاه القسري ، وبعد رجوعه ، شنّ إسرحدون حرباً أهلية شرسة استمرت ستة أسابيع ضد اشقائه واتباعهم الذين قتلهم جميعاً هم وعوائلهم ، ومن ثم تربّع على عرش مملكة آشور دون منافسة من أحد .
استمر حكم إسرحدون من 681 إلى 669 قبل الميلاد ، ومن ثم قُتل خلال حملته العسكرية على مصر . بعد ذلك انتقل العرش إلى ابنه "آشوربانيبال "( 685 ـ 627 ق.م) ، ويعد آخر ملوك الإمبراطورية الآشورية التي شهدت إنجاز الكثير من مشاريع البناء والعمران والثقافة ، وبها ازدهرت التجارة ، وتوسعت الزراعة ، وتطور الطب وصناعة الأدوية ، وانتشار العلوم والمعرفة في أرجاء الامبراطورية ، وكان آخرها المكتبة الآشورية الشهيرة في نينوى .
احتلت زكوتو مكانة عالية في الدولة الآشورية ، وكانت مثيرة للإعجاب خلال حكم ابنها إسرحدون ، حيث حملت لقب (الملكة ) وإن لم تتوج ، فقد كانت تعمل على صياغة الرسائل الملكية وتستقبل المبعوثين والشخصيات البارزة ، وعلى الرغم من أن نقيا أو زكوتو لم تكن آشورية المولد ( إما آرامية أو عبرية الأصل) ، كما لم تُمنح لقب ملكة أبداً في زمن سنحاريب ، وحتى عندما اختار ابنها إسرحدون خلفاً له ، لم تكن تحمل أيّ صفة ملكية ، بل كانت تُعرف باسم "والدة ولي العهد " . ألاّ أنها كانت تتلقى الرسائل من جميع مناطق المملكة حول الأمور المهمة والعاجلة للبت فيها ، وتتصدر كتابة تلك الرسائل العبارات التالية :
إلى "أم الملك سيدي" ، وتبدأ مع التحية " تحياتي إلى والدة الملك سيدي . أتمنى من إلهي آشور (شمش ، ومردوخ ) ، أن يحفظا الملك سيدي في كامل الصحة. آمل من والدة الملك سيدي ، ان تصدر مرسوم خير ،…...إلخ . " . ويتم كتابة هذه الديباجة قبل أن تُذكر تفاصيل الأمر المطروح .
خبير الآشوريات الألماني (ولفرام فون سودن ) يصف دور وأهمية زكوتو المستمرة في البلاط الملكي كالتالي :
" زوجة سنحاريب السورية في الولادة ، (نقيا - زكوتو) ، كانت شخصية كبيرة ومؤثرة خلال السنوات الأولى من حكم حفيدها آشوربانيبال ، إذ كان يخشاها جميع المسؤولين في البلاط الملكي "(ص67) .
قبيل وفاتها بفترة وجيزة ، أو بعد وفاة إسرحدون عام 669 قبل الميلاد ، أصدرت زكوتو وثيقة العهد والولاء في عام 670 أو 668 قبل الميلاد . لتأمين عرش آشور بانيبال في البلاد ، إذ أمرت رجال البلاط وجميع أفراد الشعب الآشوري بالاعتراف على أن حفيدها آشور بانيبال ملكاً على بلاد آشور وتوابعها . ونصّت بعض عبارات تلك الوثيقة في العهد ، ما يلي :
" أي شخص في هذا التعهد الذي أبرمته الملكة زكوتو مع الأمة بأسرها بشأن حفيدها المفضّل آشوربانيبال .. على أنك لن تثور ضد سيدك آشوربانيبال ـ ملك آشور ـ ، أو تجعل في قلبك أفكارتضعها في كلمات لخطة قبيحة ، أو مؤامرة شريرة ، ضد سيدك آشور بانيبال ، أو تقوم بمؤامرة مع شخص آخر لقتل سيدك آشوربانيبال ملك آشور….. . آشور ، و سين ، و شمش ، وعشتار ، يشهدون ، ويلعنون منتهكي هذه المعاهدة ".
تحدد المعاهدة زكوتو بوضوح كملكة في ذلك الوقت ، وفي الحقيقة كان يمكنها أن تصدر مثل هكذا مراسيم وأوامر ، على اعتبار أن لديها السلطة والتأييد الكافيين كي تكون قادرة على ضمان خلافة حفيدها كملك . كما تبين من خلال عقد شراء أرض زراعية . وكانت لدى زكوتو أختاً واسمها (أبرامي) .
لا يعرف حتى الآن إلاّ القليل عن زكوتو وحياتها الشخصية ، والتي جاءت في بعض الألواح الحجرية من المكتبة الآشورية التي تذكرها بالاسم ، وحتى تاريخ ميلادها ووفاتها غير معروفين ، بيد ان تأثيرها في الخطط السياسية والإدارية كان بارزاً بوضوح خلال فترة حكم ابنها إسرحدون وحفيدها آشور بانيبال ، ولكن لا يعرف بالضبط ، كيف تمكنت من الوصول الى أعلى السلطة و هيمنتها على البلاط الملكي بأسره ؟ ، هذا السؤال ، لا يمكن لأحد ان يعرف إجابته في الوقت الحاضر ، ويُنتظر من الاكتشافات الأثرية التي قد تحصل مستقبلاً في المنطقة للوصول الى بعض الحقائق الغامضة . لكن على الأقل لدينا معرفة شبه مؤكدة ، في ان زكوتو أو نقيا كان لها الدور الرئيسي في بروز اثنين من أهم ملوك الإمبراطورية الآشورية الجديدة (إسرحدون ) و ( آشور بانيبال ) ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليزابيث ماير تيتلو ـ المرأة : الجريمة والعقاب في القانون القديم ، والمجتمع ـ كانتينيوم للنشر ـ نيو أورليانز ـ 2005 .
ولفرام فون سودن ـ مقدمة لدراسة الشرق الأدنى القديم ـ ب . ارديمانز للنشر ـ 1994 .



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من بلاد الرافدين بدأ نهوض المدن
- الحضارة السومرية .. إختراع المستقبل
- نبوءة مردوخ الإله البابلي العظيم
- قِمبيز الفارسّي .. مَلكُ بابل وفِرْعَون مصر
- بعض أسرار لفائف البحر الميّت
- الحروب الصليبية .. الأسباب والأهداف
- أرخميدس الذي خلَّده العلم ، وتجاهله التأريخ
- الأمازيغ .. شعب وتأريخ
- الذهب سلطان المعادن
- الفضّة ، دموع القمر في العصر القديم
- العري في فن العالم القديم
- المدينة التاريخية الغامضة في السليمانية
- قصص مصرية من برديّة وستكار ( الجزء 4/ ولادة الملوك)
- قصص مصرية من برديّة وستكار ( الجزء 3/ خوفو و الساحر)
- قصص مصرية من برديّة وستكار (الجزء الثاني / الجوهرة الخضراء)
- قصص مصرية من برديّة وستكار ( الجزء الأول )
- النحاس في العصور القديمة
- جيش الطين
- تربية الحيوان في العالم القديم
- قصة إيزابيل أميرة صيدا وملكة إسرائيل


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الصاروخ -فتاح- الذي أعلنت إيران إطلاقه على إسرا ...
- ما هو الرقم الذي قد يُحدد نتيجة الصراع الإيراني الإسرائيلي؟ ...
- أوكرانيا.. مقتل وإصابة 58 شخصاً في هجوم روسي على كييف
- لوس أنجلس تستعيد هدوءها وسط مواجهة قضائية بين كاليفورنيا وتر ...
- المستشار الألماني: إسرائيل تقوم بالعمل القذر نيابة عنا في إي ...
- تصعيد عسكري متواصل بين إسرائيل وإيران وترامب يطالب طهران بـ- ...
- الولايات المتحدة ترفض بيانا قويا لمجموعة السبع حول أوكرانيا ...
- ترامب يمنح -تيك توك- مهلة جديدة 90 يوما لتجنب الحظر في الولا ...
- قصف متبادل بين إيران وإسرائيل وتحذير لسكان منطقتين بطهران وت ...
- ترامب: الولايات المتحدة يجب أن تتحمل مسؤوليتها من أجل تخليص ...


المزيد.....

- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - زكوتو عشيقة سنحاريب