أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الهنداوي - ثقافة للنسيان














المزيد.....

ثقافة للنسيان


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 6758 - 2020 / 12 / 11 - 01:55
المحور: الادب والفن
    


منذ مدة والكثير من الكلام يتردد في اروقة الابداع العراقي عن وجود ازمة حقيقية تواجه الثقافة العراقية كفعل ومنجز وتأثير..والاكثر كان هو البحث في الجذور والمسببات لما يصفه العديد من المحملين بالهم المعرفي، كشح ووهن وانحناء محسوس لقامة الثقافة العراقية الحقة المترفة امام انتحالات تتقنع الابداع دثارا مزوقا لممارسات عصية على التواجد في ذاكرة الوطن والانسان..
والسؤال الاكثر الحاحا كان عن بعض الجهد المتقطع من قبل الثقافة المؤسسية والذي يستهدف بث دبيب الحياة في اوصال المشهد الابداعي عبر بعض الفعاليات المتفرقة هنا-والاكثر هناك-وروتينية تمخضه عن احتفاليات متوالية لا تكاد تبدأ حتى تنتهي مع القاعات الخاوية والتصفيق الخافت الخجول الذي لا يتناسب مع ما اهدر عليها من اموال..
يختصر البعض الامر بالقول ان المتلقي هو المسؤول عن البرودة التي تقشعر لها المحافل الادبية وهو بكسله اللئيم، ملام عن انقطاع التواصل مع ما يريد المثقف ان يقول ويعلن ويعلي من صورة ومضمون وحرف..ويذهب البعض الآخر الى ابعاد اللوم عن المؤسسات الثقافية من خلال الترويج لمسؤولية الانفتاح الاعلامي ووسائل الاتصال الحديثة عن عزوف الناس عن ثقافة تتلاشى في مهب ايقاع العصر اللاهث..وربما كان هذا الاحتمال وارداً,ولكنّ السؤال الاكثر مرارة هو: لماذا وصل المتلقي الى هذه الحالة؟ ولمن توجه اصابع اللوم في كل هذا الانكفاء المؤلم للجمهور عن الوصل الفاعل مع الجهد الثقافي الذي تضاءل حتى اصبح لا يصلح الا كاخبار وعناوين تملأ فراغات الصحف المهملة..
فرغم وجاهة وبلاغة المبررات التي ترمي الكرة في ملعب –ووجه- الجمهور..ولكننا لن نجانب الصواب كثيرا لو احلنا الامر بقضه وقضيضه الى ثقافة التودد والتنطع لما في يد المسؤول والرغبة في استمطار العطايا والهبات عن طريق ملء المساحات الاقرب الى قلب وعقل اولي الامر والنعمة بكل ما يمجد ويهلل ويأله ويدر الرضا والوعد دون العناية لأي قيمة او اهمية او وقع او اكتراث للجمهور المشيح ببصره وضميره عن هذه الانتكاسات الادبية المكلفة..
وهل سنجافي الحقيقة لو اشرنا باصابع الاتهام الى كتاب وشعراء ومبدعين يتحولون بقدرة الاصفر الرنان الى موظفي علاقات عامة لمن في يده خزائن الارض ومفاتيح النفوذ ينثرون على الجمهور ادب مخل يبرر التجاوز والفشل والانحراف مستهدفين الناس في وعيهم وكرامتهم الانسانية وحراكهم الفكري من خلال ثقافة لا تلامس الروح ولا تقدح القلب ولا تراكم القيمة ولا تستثير الضمير..
ان اي ثقافة لا تعيد الاعتبار إلى الحياة والإنسان والارض التي تحمل وقع اقدامه،هي محض تآمر على الناس ومدركاتهم..وكل ثقافة لا ترفع سبابة في وجه الخلل والزيف هي انتحال للفعل الانساني وخيانة لمسؤولية الوعي التي يتحملها المثقف ولن تقوى على ترك بصمة في ذاكرة الشعوب ولن تكون الا فعل احتضار متدوم في ضجيج من اللعنات..
ان الاتهام يوجه الى الثقافة المؤسسية التي تنكبت طريق الابداع الحق واستكانت الى دعة الصوابية الزائفة الضاجة بالنشيد المداهن المتزلف لمثقفي القصاع الذين يحاصرون المشهد الثقافي بالغث الذي يصحو عليه الناس وينامون ولا يخلف الا رماد تذروه رياح النسيان..
ان اول الطريق هو في الالتفات الى المبدع العراقي الاصيل والايمان بقدرته على النهوض بواقعنا الثقافي المنهك حين تتوافر له عوامل النهضة والرعاية مادية كانت اومعنوية,وان يكون هذا الوعي المثابة التي ينطلق من خلالها مشروع ازالة الوهن والاعياء عن ثقافتنا العراقية,فان الأزمة حقيقية ومؤثرة,وهي موجودة فينا,ومن خلالنا,وان كنا نحن شرارها ووقودها ,فاننا نحن الوحيدون القادرون على جعلها بردا ونورا على الوطن, لكن شرط أن نعرف حدود إمكاناتنا وقدراتنا وألا نضع بطولات على الورق.. فالثقافة استثمار طويل الأمد والأجل..وهي الرهان على تغيير الواقع المعاش نحو غد آخر أفضل.
ان اعادة الروح الى جسد الثقافة العراقية مهمة شاقة ودؤوبة ولا يمكن ان تنجز ما بين ليلة وصبحها..ولكنها لن تتم بالتأكيد من خلال المناسبات التي تحل وترحل دون ان تترك بصمة واضحة في واقع الناس واحلامهم.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث القنصلية
- راس العتيبي مقابل راس بن سلمان
- جدار لصورة الشهيد
- اعتذار البياتي..هل يكفي ؟؟
- الحرية لباسم خزعل خشان..
- شباط من فوق التل
- نعم للحوار..ولكن مع من ؟؟
- أناة العبادي..أم طيش ترامب
- الى نقابة الصحفيين العراقيين..وليس -الشرق الاوسط-
- صور تذكارية لقمم منسية
- حريم السلطان
- لماذا (انجرليك)..وليس (علي ابن ابي طالب)
- (الحاوي)..اردوغان
- عندما يتحدث كهرمان
- الاعلام الوطني العراقي..واقع وتحديات
- أبقوا -الميليشيات- خارج الموصل!!
- اصلاح الفوضى..أم فوضى الاصلاح
- الخليج في مهب التفاهم الروسي- الامريكي
- احداث بروكسل..عربياً
- الخليج..الولع بالخرائط الملونة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال الهنداوي - ثقافة للنسيان