أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمان السيد - في قطب شمالي














المزيد.....

في قطب شمالي


أمان السيد
كاتب

(Aman Alsayed)


الحوار المتمدن-العدد: 6755 - 2020 / 12 / 8 - 10:34
المحور: الادب والفن
    


حقائب سفر ملقاة مثل تماسيح، كبيرة وصغيرة. لا اريد أن أحصيها، ولا أن أتوقف عندها. أتعثّر بها وقد تَفرفد الغبار فوقها، هناك عنكبوت أيقظته حين نشلتُها من المستودع السفلي. أثق أنه لعنني وقد نبّهته من أبديّته. أتساءل: من العنكبوت حقا، أنا أم هو، ولماذا أملك أكثر من حقيبة سفر؟! يأتي الجواب بارزا مثل عيني ذاك التمساح: أنت بالطبع.. أيتها المترامية في شعاب الرحيل، متى تهدئين، ومتى تنفضين عنك ذاك الصقيع؟!
شمس ما تشرق من بين طحالب غيوم، باهتة كما لم أحبها مرة، تلقي علي نظرة سخيفة، ثم لا أعود أعنيها. يحضرني شاربا صديقي الكردي الثمانيني، وهما ينتصبان لأعلى متحديين الحياة. أليس العمر أرقاما على دولاب الحظ، أنى توقّف ابتسمت له الحياة، وأنى استمر، يظل ينتظر تلك الابتسامة؟!
صديقي ذو الشاربين المنتصبين لا يكترث لتفاصيل الحزن مثلي، لم أره مرة إلا يضحك، يلقي النكات دفعات، يلاحقني بفيديوهات للصبايا، سُلّم التقاعد ليس في دائرة اهتمامه مطلقا، هو سعيد، نضر، أبيض من اللبن مُزج بالحليب، وأنا أتعثّر بمصاطب التّساؤل، وأخلّي أغلبها عقيما!
أسترق نظرة من ذاك التّمساح الأحمر المغضّن أمامي يجلس في انتظار أن أنتشله، وأفتح فاه، وألقي بأمتعتي، ليرتوي. إنه مثلي تعرّف الرّحيل، والتّنقل، وتلعثم في الموانئ حتى غدا مقامرا صنديدا، ليس لديه أدنى فرق بين الرّبح والخسارة!
اعتدت في مثل أحوالي أن أتمتِم بدعاء ما أشعر بأني أفتح به ما استغلق عليّ من أبواب كسلي، وبرودي الذي يجتاحني عادة بين الفينة والأخرى. قد يكون نوعا من شحن الطاقة، أسمع صوتا ما يهمس، ولكن أنا الوحيد الذي يدري سره. إنه العبث، والتّعابث، فقد أضعت أزرار الدهشة منذ أزمان بعيدة!
ومثل دبّ قطبيّ أنغمر في فرائي، ويتشكّل كثير من الدّهن فوق جلدي، أناشد به البرد أن يتوقّف عن نخر عظامي، أصمِتُ كل ما حولي، بودّي لو أستطيع خنق الهواء، أو زقزقة طير غير بعيدة، حتى نبض قلبي، لعلي أكتشف شيئا جديدا ينبت من الصمت الذي يبتلعني.
أنغمس منذ أزمان في فقر مُدقع الأحاسيس، لا أشعر بأنّ عالم الذّكر يعنيني، ولا عالم المترفين يعنيني، ولا عالم المبهورين، ولا المقموعين، ولا النّسوة المتلذذات بالتغيير، وتشكيل وجوههن، وأجسادهن بطريقة مقززة أشبه بالنحت في أكوام من العفن. أمشي بلا رجلين، ولست أحسن السباحة، لكني أتجوّل مثل طاحونة استمرأتِ الماء، وضجرته، فاتجهت إلى القبلة تصلّي، وتندب حظها..
أهتزّ بجسدي مثل درويش صوفيّ، أتحسّس قلبي، أعتقد أنه كان لي قلب ذات يوم، تدخل يدي في فراغ يلهث، ومع ذلك أكمل الرقص. الله يريد قلبي. أسمع من يذكرني، ولكن يا الله، ما حيلتي بالفراغ الذي تسبح فيه كفي؟!
أكمل الرقص، يلتفّ بي ثوب أبيض يتحوّل إلى مظلة جميلة زنّارها ورديّ، وقبضتها نهايات أطرافي، فأتذكّر أني لست ذاك النورس البحري..
أنا فقط علي أن أرتّب لسفر ينفر من الخواتيم..



#أمان_السيد (هاشتاغ)       Aman_Alsayed#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التهام
- كلمة التوقيع في الاحتفال بكتاب -نزلاء المنام - في سيدني - أس ...
- تعويذات
- ومن الأبيض تندلع الحياة
- كورونا الأكذوبة السورية
- حقائب سوريّة في متحف إيطالي
- الدنيا ريشة في هوا
- سلّم لي على الباذنجان
- حول رواية كافكا في مستوطنة العقاب
- منافسات، ولكن..
- كورونا يسقط حكم العسكر


المزيد.....




- مهرجان فجر السينمائي:لقاءالإبداع العالمي على أرض إيران
- المغربية ليلى العلمي.. -أميركية أخرى- تمزج الإنجليزية بالعرب ...
- ثقافة المقاومة: كيف نبني روح الصمود في مواجهة التحديات؟
- فيلم جديد يكشف ماذا فعل معمر القذافي بجثة وزير خارجيته المعا ...
- روبيو: المفاوضات مع الممثلين الأوكرانيين في فلوريدا مثمرة
- احتفاء مغربي بالسينما المصرية في مهرجان مراكش
- مسرحية -الجدار- تحصد جائزة -التانيت الفضي- وأفضل سينوغرافيا ...
- الموت يغيب الفنان قاسم إسماعيل بعد صراع مع المرض
- أمين معلوف إثر فوزه بجائزة أدبية في المكسيك: نعيش في أكثر عص ...
- الدرعية تحتضن الرواية: مهرجان أدبي يعيد كتابة المكان والهوية ...


المزيد.....

- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمان السيد - في قطب شمالي