أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمان السيد - حول رواية كافكا في مستوطنة العقاب














المزيد.....

حول رواية كافكا في مستوطنة العقاب


أمان السيد
كاتب

(Aman Alsayed)


الحوار المتمدن-العدد: 6548 - 2020 / 4 / 27 - 18:12
المحور: الادب والفن
    


هما قصتان عنون الكتاب بإحداهما، وقد يكون ذلك في تسليط أكبر على قصة تحمل روح العصر المتخيل الذي كان كافكا يراه في كل زمن، حتى وإن كان قد كتب القصة الأولى، والثانية ببعد نظر واستشراف كبيرين، ينتظران من الكتاب المبدعين عادة، وكيف إن كان ذلك فرانز كافكا بالذات!.
يسرد النقاد الكثير بشأن أسلوب كافكا في الكتابة السريالية، الرمزية، الواقعية، التي تتصدر مراحل مختلفة من حياة هذا الأديب منذ كان طفلا، انتماؤه اليهودي الذي يُختلف حول تأثيره، وعدم الخروج منه عند البعض، وطفولته المعروف فيها معاناته مع والد قاس، ثم اضطرابه في الحب، إلى غير ذلك من الخلفيات التي يُقرأ منها الكاتب، ولعل من أهمها وصفه بالكاتب الساخر والذي يرى حاضرا بشدة في قصتيه اللتين جمعهما عنوان القصة الأولى، أو الرئيسة إن صح القول.
العقاب الذي يصوره كافكا ينفذ من خلال آلة جهنمية، خطط لصنعها عقل جهنمي حقا بما أبدع من إجرام يسلب المحكوم حياته بطريقة فنية محكمة لم تتخلّ عن الدقة في استنزاف الحياة ممن يقع في قبضتها، وتشهد تفاصيلها بمدى ما ينتظر ذلك المحكوم من القسوة، والفظاعة حتى يفارق الروح التي لو خُيّر لاختار الميتة الأسرع والأقل عناء. فالقارئ أمام ساحة إعدام حقيقية يشهدها بجميع تفاصيلها، حيث تستبد الوحشية في التفاصيل التي تتلبس القارئ بدءا من سطور الوصف الأولى، سخرية في جميع تلك التفاصيل، سخرية ممن يجرم في حق المستضعفين الذين يقولون لا لسيدهم، سخرية الموقف الذي يقفه الذي يحكم عليه بالإعدام من الضابط الذي يكلف بحراسته، حين يغفو، وهو المفترض به التيقظ الدائم، وإلقاء التحية أمامه بين الساعة والأخرى، حكم العسكر الذي يتسلسل حتى هذا الزمان، والذي يُسحق في طريقه المستضعفين، الذين قد يكونون في لحظة يقظة قد استيقظوا، أو قد يكون الرفض قد سقط من ألسنتهم سهوا دون عمد، إذ في حالة هذا الذي سينفذ فيه حكم الإعدام قد يكون الرفض جاء منه كمن يهذي ولا سيما أنه كان نائما وبعد منتصف الليل، ولو كان صاحيا لما كان تجرأ على ذلك الرفض، شأنه شأن الكثيرين المطالبين بالحرية من حكم العسكرة في تلك الأزمنة، وفي هذا الزمان. ربما تختلف آلة الموت تلك التي وصفها كافكا بدقة عن آلات الموت التي تستخدم في عصرنا، ولم تصل إلى مستوى الإتقان في الصنع التي سرد دقائقها كافكا، لكنها بالطبع تؤدي الغرض نفسه، وقد يكون افتقار صانعيها الحاليين إلى الإبداع الأدبي الذي ألهمه كافكا هو الذي جعلها في مستوى أقل من التصنيف الشكلي، كما أنها في الوقت نفسه تفوقت حقيقة في إجرامها ولا إنسانيتها إن صح التعبير، فافتقرت إلى حشو المحكوم بالحلوى قبل تنفيذ حكم الإعدام به، وافتقرت إلى وجبة الأرز المطهو ذي الرائحة الساخنة الشهية التي يُكافأ بها المحكوم الذي ليس من الممكن له أن يرفض ذلك مطلقا، قبل أن تستنزفه إبر "المسحاة" التي تنقش جسده نقشا زخرفيا جميلا تسيل معه دماؤه بلزوجة مفرطة، ولعله نقش أريد به أن يرافق صاحبه إلى الفناء ليوثق جرمه أمام الله في رفض الانصياع إلى سدنة الأرض ، ومتسيديها، حتى لا يقبل منه التشفع، ولا يوهب الشفاعة ولا الرحمة.
اختراع يعتز به الضابط مبدعه بشكل كبير، ويأسى لأن المخصصات له أصبحت أقل، فغدت معه الآلة لا تعمل بالشكل الذي يتوقعه لها، وإن كانت لم تتوقف عن هدفها الأساسي في سحق الحياة ممن يمددون عليها، كما يأسف لأن النظرة للإعدام صار فيها شيء من الرفض، خفّت حدّتها، ويأمل في المستكشف الذي يشرح له عمله العظيم أن يكون مقدرا لعظمته، مناصرا له أمام المنددين والمنحسرين الذي كانوا من قبل يشكلون أعدادا هائلة في حضور مشاهد الإعدام.



#أمان_السيد (هاشتاغ)       Aman_Alsayed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منافسات، ولكن..
- كورونا يسقط حكم العسكر


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمان السيد - حول رواية كافكا في مستوطنة العقاب