أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة














المزيد.....

إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6752 - 2020 / 12 / 4 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقلٌ أعجز أمامه عن التعليق، مواطن العالم

نص علي حرب:
صفحة 1: فهي تخفي بالضبط ما تشير إليه وتتكلم عليه. ذلك أن ما تضمره هذه الكلمة وتسكت عنه، فيما هي تعلنه وتنطق به، هو أن الحقيقة متعالية مطلقة نهائية ثابتة أحادية.. وفي ذلك تأليه للحقيقة. و في التأليه حجب وتغييب.. من هنا ليس نقد الحقيقة نفيا لها بقدر ما هو تعرية آليات وكشف أقنعة. إنه تفكيك متعاليات تفعل فعلها في طمس الكائن والحدث.. إنها ليست ما نراه وننظر إليه بقدر ما هي ما به نرى أو ما منه ننظر. وليست الحقيقة نهائية، بل قراءة وإعادة قراءة أي سلسلة من التأويلات المتلاحقة للعالم والأشياء. وهي ليست ثابتة بقدر ما هي بناء متواصل وسيرورة لا تنتهي ولا تكتمل. إنها ليست مطلبا بقدر ما هي أفق نسير باتجاهه. وهي ليست يقينا جازما بقدر ما هي انفتاح على الاحتمال وعلى الخطأ نفسه.
إنها ليست ما نسعى إلى إقراره بقدر ما هي اعتراف الكل بإمكان الغلط والوهم. وهي ليست معطى ولا هي نتيجة بقدر ما هي مجموعة إجراءات ووسائل وأدوات منهجية. وهي ليست تطابقا، أي لا تعني الحق والصدق والصحة مقابل البطلان والكذب والخطأ، وإنما هي معيار للتصنيف والتفريق، أو آلية استبعاد للتهميش، أو تعبير عن إرادة القوة والرغبة في الهيمنة. فلا تطابق في النهاية بين شيء وشيء، لا بين الذات والموضوع، ولا بين الموضوع والموضوع، بل كل شيء يخترق كل شيء ويسهم في تشكيله وتعيينه.
وأخيرا لا آخرا، ليست الحقيقة أحادية، بل هي هذا الشيء الذي لا يكف عن التعدد والتنوع والاختلاف عن نفسه باختلاف الصور والنماذج أو الأنماط والمناهج أو اللغات والاستعارات أو المعالجات والقراءات أو التوظيفات والاستثمارات أو الخطط والإستراتيجيات.. ولهذا ليست الحقيقة سوى الاعتراف بحق الآخر. إنها إقرار متبادل بالحقوق، ما دام ليس بإمكان الواحد أن يعمم رأيه على الكل.
هكذا فالحقيقة هي منهج ومعيار، أو آلة ووسيلة، أو منظور وأفق، أو احتمال وتأول، أو تصحيح واعتراف، أو اختلاف وتعدد.. إنها ما لا يمكن تعريفه إلا على حسابه. وحده مثل المفهوم للحقيقة يتيح إمكانات جديدة للفكر والعمل و التبادل.
وقصارى القول إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة لأنه يزعزع الثقة بالمفهوم اللاهوتي للحقيقة لصالح الحقائق المفردة. فلا توجد حقيقة مع أل التعريف وبالخط العريض أو الحرف الكبير. وإنما توجد أحداث ووقائع تقابلها خطابات ونصوص. وأما الحقيقة فهي في منزلة بين المنزلتين. إنها فجوة يتعذر ردمها، ومسافة يصعب اجتيازها أيا كانت المجازات والاستعارات.

صفحة 5: ولذا فإن القارئ، إذ يقرأ، إنما يعيد إنتاج المقروء بمعنى من المعاني، وعلى صورة من الصور.. إذ النص يحتمل بذاته أكثر من قراءة، وأنه لا قراءة منزهة، مجردة، إذ كل قراءة، في نص ما، هي حَرْفٌ لألفاظه، وإزاحة لمعانيه.
صفحة 141: إن الحقيقة ليست شيئا قائما في ذاته نبحث عنه لكي نقبض عليه، بل هي شيء نمارسه ونصنعه أو ننتجه. إنها ما يخلقه النص أو الفكر ولا وجود لها يسبق الممارسات الفكرية والخطابية.
كيف نقترب منها ؟ البديل ؟
أقول لك ليست هي موجودة لكي نقترب منها، بل هي نتاج يُنتج في الخطاب والقول. لا انفصال للحقيقة عن القول والكلام.
حسنا. كيف لا نتناقض معها ؟
بقدر ما لا نتحزب لها وبقدر ما نبتعد عن تحويلها إلى عقيدة تحتاج إلى حراسة. فالتعصب للحقيقة هو ضد الحقيقة. وبعبارة صريحة: نقترب من الحقيقة بقدر ما ننفتح على الخطأ. فالحقيقة التي لا تخطئ ليست بحقيقة. وإذا شئت عبارة أصرح أقول: نتناقض مع الحقيقة عندما نعتقد بوجود حقيقة تخلو من التناقض. ونقترب من مفهومها عندما نعتقد بأن الحقيقة أقل حقيقة مما ينبغي.

المصدر: نقد الحقيقة، علي حرب، الطبعة الأولى 1993، المركز الثقافي العربي، بيروت لبنان، 148 صفحة.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنفُ في القرآن ؟
- -كل الحضاراتِ، ودون استثناءٍ، بُنِيتْ على الفسادِ- !
- نقد بعض نظريات نشوء الدين
- سيف بن ذي يزن بين التاريخ والأسطورة ؟
- تعريفات مختلفة لمفهوم الدين ؟
- فكرة الإله ؟
- تعريف دين القوم والدين الشمولي
- ما الفرق بين التديّن الثوري والتديّن التبريري ؟
- أصدقاؤنا حذّرونا من كتابةِ كتابٍ حول الكتابِ ؟
- لماذا كُتِبَ هذا الكتابُ حول الكتابِ ؟
- أقدّم لكم -كتاب حول الكتاب-، مقاربة من خارج العقيدة ؟
- مَن أنا ؟
- هل القرآنيون سيفيدون الإسلام كما أفاد البروتستانتيون المسيحي ...
- ثلاثة أمثلة دالة على مفهوم الوسطية في الإسلام
- لتكن عروبيا أكثر، عليك أن تتعلم لغة أوروبية حديثة كالألمانية ...
- الإبستمولوجيا ؟
- مقتطفات من كتاب -نظرية الإسلام الجزء الأول نقد الموروث الدين ...
- نقد مسيحي القرون الوسطى ومسلمي اليوم
- المجازر الفظيعة التي ارتكبتها محاكم التفتيش المسيحية ؟
- شخصيلت أوروبية نهضوية ؟


المزيد.....




- منع فرقة مكسيكية شهيرة من دخول أمريكا وإحياء حفلها لهذا السب ...
- -احتراق جماعي للقاذفات-.. أوكرانيا تنفذ هجومًا -واسع النطاق- ...
- أقفله الجيش الإسرائيلي.. الجيش اللبناني يزيل شريطا شائكا ويف ...
- عباس يعقد اجتماعاً -عن بُعد- مع اللجنة الوزارية العربية بعد ...
- وزير الخارجية السعودي: رفض إسرائيل زيارة الوفد العربي إلى ال ...
- حرب مسيرات: هجوم نوعي في العمق الروسي وأكبر هجوم على أوكراني ...
- الكويت تتسلم من ماليزيا مجرما خطيرا هاربا من العدالة منذ 10 ...
- بريطانيا تعلن تبنيها مخطط الحكم الذاتي المغربي في مجلس الأمن ...
- وزير المالية الأمريكي: لن نتخلف أبدا عن سداد الدين الوطني
- سفير واشنطن في تل أبيب يشن هجوما لاذعا على ماكرون.. ما علاقة ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - إن نقد الحقيقة يجعلها أقل حقيقة