أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - المجازر الفظيعة التي ارتكبتها محاكم التفتيش المسيحية ؟














المزيد.....

المجازر الفظيعة التي ارتكبتها محاكم التفتيش المسيحية ؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 11:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نص هاشم صالح
صفحة 127: جيوردانو برونو، شهيد الأصولية المسيحية (1548 – 1600): وَشَى به أحد النبلاء الإيطاليين واسمه جيوفاني موشينغو وسلّمه إلى محاكم التفتيش. وابتدأت عندئذ مأساته التي استمرت ثماني سنوات ولم تنته إلا بحرقه حيا عام 1600 بالضبط. ويقال بأنهم قطعوا لسانه قبل أن يحرقوه، وذلك لأنه تفوّه بكلام فيه تجديف وزندقة بحسب قرار محاكم التفتيش. بِمَ تتمثل زندقته؟ بقوله إن الأرض ليست هي مركز الكون، وإنما الشمس، وإن الأولى هي التي تدور حول الثانية وليس العكس.

صفحة 155: كانوا يقدمون المشبوه للاستجواب حتى يعترف بذنبه، فإذا لم يعترف انتقلوا إلى مرحلة أعلى فهددوه بالتعذيب. وعندئذ كان الكثيرون ينهارون ويعترفون بذنوبهم ويطلبون التوبة. وأحيانا كانت تُعطى لهم وينالوا البراءة. ولكن إذا شكّوا في أن توبتهم ليست صادقة عرّضوهم للتعذيب الجسدي حتى ينهاروا كليا. وإذا أصر المذنب على أفكاره ورفض التراجع عنها فإنهم يشعلون الخشب والنار ويرمونه في المحرقة. وقد قُتل خلق كثير بهذه الطريقة الوحشية التي أصبحت علامة دالة على العصور الأوروبية الوسطى.
ويقال أن عدد الضحايا الذين ماتوا بهذه الطريقة يتجاوز عشرات الألوف، بل ومئات الألوف في كل أنحاء العالم المسيحي. ومن أشهر الذين ماتوا حرقا المصلح التشيكي المشهور يوحنا هوس، وكان راهبا مشهورا بإخلاصه وتقواه واستقامته الأخلاقية.
كان التعصب الديني ضاربا أطنابه آنذاك في فرنسا وكل أنحاء أوروبا. وكان لويس الرابع عشر قد قرر "تنظيف" المملكة الفرنسية من البرتستانتيين طبقا للشعار المشهور: مذهب واحد، قانون واحد، ملك واحد! وقد أرسل لهذا الغرض الأصوليين المتعصبين الذين هجموا على الأحياء البرتستانتية وهم يصرخون: "اقتلوا كل من ليس كاثوليكيا. وهكذا راحوا يشنقون الناس نساء ورجالا، من شعورهم أو من أرجلهم. كانوا يعلقونهم في السقوف فوق المداخن لكي يحرقوهم على نار بطيئة.. وكانوا ينتفون لحي الرجال أو شعر النساء حتى آخر شعرة. وبعدئذ كانوا يرمونهم في النار المتوهجة التي أشعلوها خصيصا لهذا الغرض، ولا يخرجونهم منها إلا إذا تخلوا عن معتقداتهم.. وفي أحيان أخرى كانوا يربطونهم بحبال ويغطسونهم في آبار عميقة ويعيدون تغطيسهم مرات ومرات حتى يغيّرون مذهبهم.

صفحة 157: نضرب على ذلك مثلا حادثة شهيرة حصلت في عز عصر التنوير لشخص يدعى "دولابار"، فقد قطعوا يده لأنه كسر الصليب واقتلعوا لسانه ثم أحرقوه أخيرا.. وكان شابا مراهقا لا يتجاوز عمره التاسعة عشرة.

صفحة 157: وأما عن محاكم التفتيش الإسبانية فحدث ولا حرج ! فعندما استسلمت مملكة غرناطة (وهي آخر دولة إسلامية في إسبانيا) عام 1492، وعدوا المسلمين بالسماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية مقابل خضوعهم للسلطة الجديدة. ولكنهم سرعان ما نقضوا هذا الوعد وراحوا يلاحقونهم. ووضعتهم الملكة الشهيرة إيزابيل أمام خيارين لا ثالث لهما: إما اعتناق المسيحية، وإما الطرد من البلاد. وقد اضطر قسم كبير منهم لاعتناق الدين الغالب من أجل البقاء على قيد الحياة. ولكن مع ذلك ظلوا يلاحقونهم ويشتبهون بهم وبأنهم يمارسون شعائرهم الإسلامية سرا واتهموهم بالزندقة وأشعلوا المحرقة لمعاقبتهم جسديا. ولكن حتى هذا الحل لم ينجح كليا في حل المشكلة الإسلامية في إسبانيا، فكان أن لجئوا إلى الطرد الجماعي. ففي عام 1609 - 1610 تم طرد ما لا يقل عن 275 ألف شخص إلى البلدان الإسلامية المجاورة كالمغرب وتونس والجزائر بل وبعض البلدان المسيحية الأخرى. وهكذا تم حل المشكلة عن طريق الاستئصال الراديكالي.

صفحة 157: وأما الفيلسوف "سبينوزا" فقد عانى من التعصب اليهودي والمسيحي في آن. فقد حاول أحد اليهود المتعصبين اغتياله، ولكن ضربة الخنجر لم تمزق إلا معطفه السميك لحسن الحظ (إضافة مواطن العالم: لقد ذكّرتني هذه الحادثة بحادثة معاصرة مشابهة وقعت لنجيب محفوظ في مصر ومن ألطاف الله، أصابته السكين في رقبته إصابة بليغة لكن غير قاتلة).
نعم هذا ما حصل في أوروبا القرن السابع عشر، بل وحتى الثامن عشر، وهو ليس إلا فيض مما فعلته الأصولية آنذاك. فهناك مجزرة "سانت بارتيليمي" الشهيرة التي ذهب ضحيتها عدة آلاف من البشر خلال ليلة واحدة فقط، وأصبحت رمزا على التعصب المذهبي أو الديني. وهناك حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليكيين والبروتستانتيين والتي اجتاحت ألمانيا ومختلف أنحاء أوروبا وأحرقت الأخضر واليابس. وهناك، وهناك.

المصدر: مدخل إلى التنوير الأوروبي، هاشم صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر ورابطة العقلانيين العرب، الطبعة الأولى 2005، الطبعت الثانية 2007، بيروت - لبنان، 264 صفحة.

إمضائي المختصر
"لا أحد مُجبر على التماهي مع مجتمعه. لكن إذا ما قرّر أن يفعل، في أي ظرف كان، فعليه إذن أن يتكلم بلسان المجتمع، أن ينطق بمنطقه، أن يخضع لقانونه" (عبد الله العروي) من أجل تغيير تصورات أفراده غير العلمية إلى تصورات علمية وعلى كل سلوك غير حضاري نرد بسلوك حضاري وعلى كل مقال سيء نرد بمقال جيد، لا بالعنف اللفظي أو المادي.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيلت أوروبية نهضوية ؟
- مواطن غير مختص في الدين يطرحُ سؤالاً دينيًّا على الملإِ على ...
- هل المجوسية ديانة توحيدية أم وثنية ؟
- العرب يعانون من قَطيعتَين لا قطيعةً واحدةً؟
- حتى الفلسفة لا تخلو من الانحياز !
- منطق الحِجاج بالقرآن ؟
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ ! جزء 9 والأخير
- عشرةُ أسئلةٍ كبرى أجابني عليها القرآنُ الكريمُ وفلاسفةٌ كِبا ...
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 8
- قال لي أحدهم متهكمًا: لماذا تُضيفُ لاسمك ألقابًا، -ألقابُ مم ...
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 7
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 6
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 5
- مَن المستفيد الأكبر من جائحة الكوفيد؟
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 4
- كل الحركات الثورية المتطرفة يمينًا أو يسارًا انقرضت بعد أن ف ...
- بَيَانٌ يَخُصُّ صَاحِبَ البَيَانِ فَقَطْ !
- أيهما أفضل: تربية المواشي صناعيًّا داخل المزرعة أم تربيتها ت ...
- أفكارٌ تعارضُ السائدَ وقد تحرّكُ الراكدَ! جزء 2
- ما هي أسباب إقبال التونسيين على المسلسلات التركية؟


المزيد.....




- الأرض أم المريخ؟ شاهد سماء هذه المدينة الأمريكية وهي تتحول ل ...
- وصف طلوع محمد بن سلمان -بشيء إلهي-.. تداول نبأ وفاة الأمير ا ...
- استطلاع رأي: غالبية الإسرائيليين يفضلون صفقة رهائن على اجتيا ...
- وصول إسرائيل في الوقت الحالي إلى أماكن اختباء الضيف والسنوار ...
- شاهد: شوارع إندونيسيا تتحوّل إلى أنهار.. فيضانات وانهيارات أ ...
- محتجون يفترشون الأرض لمنع حافلة تقل مهاجرين من العبور في لند ...
- وفاة أحد أهم شعراء السعودية (صورة)
- -من الأزمة إلى الازدهار-.. الكشف عن رؤية نتنياهو لغزة 2035
- نواب ديمقراطيون يحضون بايدن على تشديد الضغط على إسرائيل بشأن ...
- فولودين: يجب استدعاء بايدن وزيلينسكي للخدمة في الجيش الأوكرا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - المجازر الفظيعة التي ارتكبتها محاكم التفتيش المسيحية ؟