أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فوزي النوري - نحن والمعتقد














المزيد.....

نحن والمعتقد


فوزي النوري
مناضل يساري تونسي

(Ennouri Fawzi)


الحوار المتمدن-العدد: 6740 - 2020 / 11 / 22 - 17:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نحن و المعتقد
لقد تربّينا جميعا على ثقافة الاعتقاد و التسليم و ليس الاعتقاد معطى حضاريا نستحضره في التحليل بل العنصر الرئيسي في تشكيل بنية الوعي برمّتها و هذا ما جعل التطرّف لدينا وجهة نظر مقبولة .
إنّ الجمع بين الاعتقاد و تقبّل " التعدّديّة الاختلافية " يبدو ممكنا للوهلة الأولى لكنّ الاعتقاد يمحو تلك " المسافة النّقديّة" اللاّزمة للتعاطي مع الآخر المختلف و يشلّ كلّ الميكانيزمات التي تسمح بتعايش حقائق متعدّدة و مختلفة و نسبيّة في بنية الوعي الفردي و الجماعي .
حتّى لا أكون أنا أيضا ضحيّة لثقافة الاعتقاد من خلال ما ذكرته و كأنّه نمط آخر من الاعتقاد يجب أن نعلّل كيف يتصادم الاعتقاد مع " التعدّدية الاختلافيّة" .
يتصادم لأنّ المعتقد يختزل الثقافة و يحتوي المعرفة و بصفة أدقّ لا ثقافة تعلو على ثقافة معتقدنا و لا معرفة تختلف أو تناقض ما ورد في المعتقد و هذا يعني بشكل أو بآخر تحديد الأطر و الغايات التي يجب أن يتحرّك داخلها العقل و كلّ تصادم بينها يقيّم من خلال المرجعيّة الثابتة أي المعتقد و ينتهي بدحض و رفض و اقصاء الحقيقة اللاّدينيّة و من يحملها أو يدافع عنها.
هذه الكائنات الدينيّة على اختلافها تنتج دوائر صراعيّة تقوم على التعصّب و امتلاك الحقيقة و رفض المختلف لكنّ المسألة تكتسي خطورة قصوى حين يتحوّل المعتقد الى أداة للعمل السياسي .
لقد صنع الاسلام السياسي ذلك الاله المخيف المرعب الذي يتربّص بكائناته و يعلن عدوانيّته تجاه المختلف و يعد المؤمنين به بما يلبّي غرائزهم الجنسيّة فيصبح بشكل ما الاها انسانيّا يستميل اللاّأسوياء بالمعنى العلمي للكلمة .
هذا الاله وجد في هذه المنطقة من العالم أرضا خصبة و وجد كلّ " المقدّمات الموضوعيّة" لتكون منصّة متقدّمة لصناعة كلّ أنماط التطرّف و التعصّب و نشرها في كلّ أنحاء العالم هذه المقدّمات هيّ الجهل و الشعوذة و الديكتاتوريّة ...
الدّول الكبرى استخدمت هذه الأداة الباحثة عن القتل و التدمير في صراعاتها الجيوسياسية من أفغانستان الى سوريا و ليبيا و صنعت من داخلها وصفة جديدة تمّ تحضيرها للعمل السياسي و تسويقها على أنّ الاسلام السياسي لا يتعارض مع الديمقراطيّة و أعدّت لها آلة اعلاميّة جبّارة منها قناة الجزيرة و ترسانة افتراضيّة ... لتحجب عن هذا الوعي الجمعي المتدنّي خطر هذه التنظيمات على الجميع في الدّاخل و الخارج .
إنّ الاسلام السياسي يتعارض تعارضا صارخا مع الديمقراطيّة لأنّ الحقائق المطلقة لا تتعايش مع الحقائق النّسبيّة و لأنّ الديمقراطيّة ليست دساتيرا شكليّة و لا فصولا قانونيّة فحسب هيّ فكرة فلسفيّة لعقلنة الفكر السياسي و التعايش المشترك وفق منظومة قيم انسانيّة كونيّة تتعارض جوهريّا مع كلّ أنماط المعتقد فضلا عن كونها منظومة متكاملة لا تقبل الاختراق و التجزئة تقف تقريبا على الطرف النقيض للتصوّر الديني .
إنّ العداء التاريخي الذي تحمله الحركات الدينيّة لليسار في العالم ليس بسبب المقولات الماركسيّة فيما يتعلّق بالدّين بل لأنّ الماديّة التاريخيّة تصنع نمطا من الوعي يقوّض الأركان الأساسيّة لثقافة الاعتقاد من ذلك أنّ العمق الثوري لهذه النظريّة تمنع تحويل الحياة الى " غرفة انتظار للآخرة" كما أنّ العمق الانساني للماركسيّة و مكانة المرأة في التصوّر الماركسي و الدّعوة لتحريرها وهذا ينسف البناء العقدي و يخلق تربة لا تنتج مثل هذه الكائنات الدينيّة .
نحن متطرّفون ببنياتنا الواعية و اللاواعية و بتقاليدنا و بوعينا الجماعي و بتاريخنا و معتقدنا و نظمنا و ثقافتنا، إنّ معركة التحرّر من التعصّب و من العنصريّة تتطلّب عقودا إن لم يكن أكثر و نحن مطالبون بمراجعة حضارة برمّتها تقف على حافة الانسانيّة .



#فوزي_النوري (هاشتاغ)       Ennouri_Fawzi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب
- تحت وطاة الانعطاف القسرية :موضوعات في طبيعة الشخصية التونسية
- تركيا: الجمهورية الارهابية
- تونس الى اين؟
- هل لدينا حقا نموذج مجتمعي
- ليس للاسلام السياسي اي مشروع
- الوضع في ليبيا
- المجتمع السياسي في تونس
- لكي تقرع الاجراس
- اليسار و المغالطات الكبرى


المزيد.....




- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فوزي النوري - نحن والمعتقد