أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد ضريف - العلماني والإسلامي.. حوار من أجل الإصلاح















المزيد.....

العلماني والإسلامي.. حوار من أجل الإصلاح


محمد ضريف

الحوار المتمدن-العدد: 6737 - 2020 / 11 / 19 - 00:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


هل يعد صراع القيم الذي طفح على السطح في الآونة الأخيرة، بين التيار العلماني والإسلامي، حول موضوع مراجعة الإرث وتعدد الزوجات، والذي وصل إلى حد تكفير الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي السيد "إدريس الشكر"، تظليلا للشعب وفرقعة إعلامية تسعى إلى إشغال الرأي العام بقضايا ثانوية وهامشية، كما ذهب إلى ذلك مجموعة من المتتبعين للحياة السياسة المغربية؟ أكيد، لا.

إن النقاش الحاد الذي شهده الفضاء العام المغربي في الأيام الماضية امتداد لنقاش يعود إلى عقد من الزمن، والذي انطلق بشكل جلي مع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، ومرورا بأحداث 16 ماي الإرهابية، وارتبط أيضا بالحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب مع مطلع سنة 2011 بين المكونات الداعمة لحركة 20 فبراير (اليسار والعدل والإحسان)حول شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي، ومسألتي الحقوق والحريات.

إن السجالات والصدامات الحادة التي رافقت تصريح السيد إدريس الشكر، تعكس أولا التباينات الإيديولوجية والقيمية التي تخترق المجتمع المغربي، بين نخب "حداثية" أو "علمانية" ارتبط تكوينها الأكاديمي والمعرفي والسياسي بالأطر النظرية والاجتماعية الغربية، ونخب لها مرجعية دينية "إسلامية" أو "سلفية" تنهل من التراث الإسلامي، لاسيما النصوص التأسيسية (القرآن والسنة).

كيف تنظر النخب "العلمانية " والنخب "الإسلامية" إلى التراث الإسلامي بشكل عام ومسألتي الإرث وتعدد الزوجات بشكل خاص؟

أولا: النخب العلمانية

تنظر النخب "العلمانية" سواء كانت سياسية أو ثقافية، إلى التراث الإسلامي على أنه منتوج تاريخي، مرتبط بالزمان والمكان، وأن البشر هو من قام بتفسيره وتأويله حسب السياقات التاريخية والسياسية التي وجد فيها؛ وتستند هذه الأطروحة إلى التراكم النظري الذي عرفته العلوم الاجتماعية (علم التاريخ، الأنثربولوجية، علم الاجتماع...) فمن هذا المنطلق تدعو هذه النخب إلى مراجعة أحكام الإرث التي يعود تاريخها إلى أربعة عشر قرنا؛ إذ كان يقر أغلبيتهم بثورية هذه الأحكام في زمنها، لأنها جاءت لإنصاف المرأة في مجتمع قبائلي ذكوري، كان يمنعها من الإرث ومن أبسط الحقوق، وهي الآن بعد مرور قرون من الزمن تحتاج إلى المراجعة، لأن التطورات التي عرفتها المدنية الإنسانية والحضارية تقتضي الاجتهاد قصد ملاءمة هذه الأحكام مع روح العصر والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تدعو إلى المساواة والمناصفة بين الرجل والمرأة.

وهذا ما ينطبق على تعدد الزوجات أيضا، فهذه النخب تعتبر أن تعدد الزوجات يضر بوضعية المرأة كزوجة من الناحية النفسية، ويختزل وجودها ككائن إنساني في جسدها، وجد فقط لتحقيق المتعة للرجل، بالإضافة إلى تأثيراته الاجتماعية والنفسية على الأطفال والأسرة بشكل عام.

ثانيا: النخب الإسلامية

تعتبر النخب الإسلامية التراث الإسلامي، ولاسيما النص التأسيسي ( القرآن)، خارج التاريخ أو متعال عليه، لأنه في نظرها مصدر رباني مقدس أوحي إلى النبي محمد لتبليغه إلى كافة الناس، وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأحكام الإرث في نظرها تعد أحكاما قطعية الثبوت لا تحتمل الاجتهاد؛ وبالتالي فأي دعوة إلى مراجعتها تعد مروقا وخروجا عن الدين وضربا في قدسية القرآن ككتاب مقدس عند المسلمين.

كما ترى أن تعدد الزوجات أباحه الشرع، سواء من خلال النصوص الصريحة التي تضمنها القرآن، أومن خلال السنة النبوية والتجربة الحياتية للنبي محمد، لكنها تربط هذا التعدد بشرط العدل بين الزوجات، وتوفر الإمكانات المادية الكفيلة لرعاية الأسرة. وتبرر هذه النخب تعدد الزوجات في وقتنا الراهن بنسبة العنوسة المرتفعة وسط النساء المغربيات، بالإضافة إلى تجنب الخيانة الزوجية وممارسة الجماع خارج بيت الزوجية؛ والذي قد يؤدي إلى إصابة الزوج والزوجة بالأمراض الجنسية المتنقلة .

من خلال ما تقدم، يتبين أن لكل فريق حججه ومنطقه الذي يفسر به موقفه إزاء قضايا الدين والمجتمع، وأن كل واحد منهم يعتقد أنه يملك العدة المعرفية والفكرية، التي تسمح له بالنقد أو الرد على من يختلف معه حول المسائل المتعلقة بالدين.

إن هذه السجالات تعكس غياب القنوات المؤسساتية، التي من شأنها تجسير التواصل والحوار بين النخب الفكرية والسياسية بمختلف مشاربها، لمعالجة ومناقشة قضايا المجتمع والدين والدولة، وذلك لن يتأتى إلا من خلال نخب لها تكوين معرفي رصين في مجال العلوم الدينية والدنيوية، تأخذ بعين الاعتبار الهوية الإسلامية للمغرب، والتراكم الحقوقي والمؤسساتي الذي عرفه، من أجل بناء لبنات صلبة للدولة التي مازالت هشة رغم مرور 60 سنة تقريبا على الاستقلال.

المغرب مزاييك جميل بتنوعه الإثني واللغوي والديني، كما أنه رائع بتسامح شعبه عبر التاريخ، لكن في العقد الأخير بدأت تخترقه قيم معولمة، ولدت في مناطق مشحونة بالعنف السياسي، لكنها قادرة على خلق مخيال جبار في وسط شبابنا الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة، وضعفا معرفيا على مستوى العلوم الدينية والعلوم الاجتماعية؛ لتزرع الأحقاد بين صفوفه اتجاه كل من ينادي بدعوة إصلاحية.

إذن، كيف يمكن أن نجنب وطننا ومجتمعنا وشبابنا الانزلاق في أتون الخطاب التكفيري الذي يمكنه أن يزعزع استقرار الدولة؟

أولا: على الدولة أن تعي أن عهد احتكار الشأن الديني قد ولى، والحل هو الانفتاح على المكونات ذات المرجعية الدينية المعتدلة، لصياغة سياسات عمومية تراعي المطالب الدينية للمجتمع بشكل عام والشباب بشكل خاص، من أجل الرقي بمستواهم الأخلاقي والإنساني للاندماج والتواصل مع الحضارة الإنسانية.

ثانيا: على المكونات السياسية العلمانية والإسلامية، أن تحترم الاختيارات الإيديولوجية لبعضها البعض، وذلك لن يتأتى إلا بزحزحة كل التصورات النمطية التي شكلها كل فريق عن الآخر في العقود الماضية، والإيمان بقاعدة العيش المشترك في هذا الوطن.

ثالثا: خلق حوار وطني بين كل الفعاليات الدينية والسياسية والحقوقية والثقافية، من أجل بلورة ميثاق وطني يضع تصورا لبناء الأسس المؤسساتية لتدبير الإشكالات التي تطرحها القضايا الدينية في عالم يتسم بالتحول والتغير.

رابعا: خلق تنمية اقتصادية واجتماعية، للرقي بالمستوى الاقتصادي والمادي للطبقات المعوزة، التي تكون أكثر الفئات استقطابا للخطابات المتطرفة.
خامسا: إدخال العلوم الاجتماعية والإنسانية إلى أقسام الدراسات الإسلامية وللأقسام العلمية أيضا، كما يجب إدخال الفكر الإسلامي إلى أقسام الفلسفة، لأن له مساهمته أيضا في المجال الفلسفي والفكري.

خلاصة القول هي أن المغرب يمر من مرحلة حرجة من تاريخه المعاصر؛ مرحلة تتسم بأزمة مالية دولية خانقة، واضطرابات وفوضى في العديد من الدول العربية والمغاربية بسبب المسارات العنيفة التي عرفها الحراك العربي. لذلك يتطلب من كل الأصوات العاقلة والحكيمة داخل الدولة والمجتمع أن تساهم في وضع اللبنات المؤسساتية والقانونية لتشييد دولة قوية قادرة على الاستمرار والمساهمة في الحضارة الإنسانية، من خلال إغناء هويتها والمحافظة عليها والانفتاح على الآخر ليس باعتباره "كافرا" أو "زنديقا"، بل باعتباره أخا في الإنسانية.



#محمد_ضريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بكين تعزز وجودها في المغرب بفضل كورونا
- كيف يغير الناس العاديون مدينة الخميسات؟
- جماعة العدل والإحسان وحركة 20 فبراير: اللقاء الملتبس
- هكذا تعزز دولة الصين وجودها في السوق المغربية بفضل وباء “كور ...
- النظام السياسي المغربي وجمود الانتقال
- موجز تاريخي عن حالة الاستثناء
- السلطوية الانتخابية
- لماذا الديمقراطية؟
- الأنظمة السياسية الهجينة
- لماذا وكيف يتمرد اليشر؟
- تونس، مصر...أية علاقة؟
- في ماهية العلمانية
- نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون
- الشباب و سياسة التمييع


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد ضريف - العلماني والإسلامي.. حوار من أجل الإصلاح