أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصعب قاسم عزاوي - مقصلة الوعي الاستهلاكي














المزيد.....

مقصلة الوعي الاستهلاكي


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6736 - 2020 / 11 / 18 - 19:06
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


*ملخص من إعداد فريق دار الأكاديمية لمداخلة شفهية قدمها مصعب قاسم عزاوي في المركز الثقافي العربي في لندن.

قد يكون من أكثر المهمات إلحاحية على جدول الأعمال الثقافي التنويري في مجتمعاتنا العربية هو عملية القيام بوقفة نقدية مدققة عند مركبات العطالة الذاتية التي تقف بتعنت في وجه عملية الدفاع عن أي من تلك المجتمعات ضمن مخاضها الوجودي والجلل راهناً. وتمثل هذه المركبات حصيلة تنكس منظومات القيم من خلال عملية التذرية التاريخية لسيرورة النضج الاجتماعي الاقتصادي المؤسسي والذي ينوس في مسبباته بين مركبات التناقض الداخلية في تلك المجتمعات، وبين عناصر التأثير الخارجي التفتيتية التهشيمية والتي تتداخل فيما بينها بجدلية تجمع الكل الداخلي والخارجي في عملية تآثر عميق ناتجه العياني المشخص حالة البؤس المقيم التي ترزح تحت كاهلها جل المجتمعات العربية.

ويمكن الإشارة إلى نموذج من الوعي التنكسي الاهترائي والمتمثل بالوعي الاستهلاكي والذي أصبح حالة مستعصية تحتاج التدخل التنويري ومن كل منّ هو قادر على المساهمة بأي قسط من التنوير حسب طاقته للوقوف في وجه التردي المتسارع في بنى الوعي والسلوك الاجتماعي في المجتمع الذي ينتسب إليه، وإلاّ فإنّه يمثل نذير شؤم على دخول المجتمع إلى دوامة الموت السريري، وتحوله من مجتمع إلى تجمع من البشر فقط، فاقداً بذلك صفة المجتمع كشبكة روحية إنسانية اجتماعية اقتصادية توحد هؤلاء البشر وتجمعهم في بوتقة تنظر إلى المصلحة الفردية كناتج مباشر لسلامة المجتمع وقدرته على العطاء لمصلحة كل الأفراد المتشاركين فيه.

وحقيقة يمكن لنا توصيف الحدود العامة للوعي الاستهلاكي بكونه نموذجاً من الوعي يستند إلى طريقة تحليلية ونموذج للاستيعاب يوجه الإنسان في فهمه لحاجاته الاجتماعية ولموقعه الاجتماعي وعلاقته بتلك الحاجات من خلال التركيز الأولي على عملية الاستهلاك وليس على قيمة العمل والإنتاج التي تتنكس في منظومة الوعي الاستهلاكي إلى موقع يختزلها بكونها وسيلة محضة لتأمين الوصول إلى الحاجة الاستهلاكية دون أن تحمل قيمة جوهرية ومحورية في ذاتها أولاً.

ويمكن تلمس السمات الجوهرية والسياسية للوعي الاستهلاكي والتي تتمحور حول ثلاثة مفاهيم نستطيع المرورعليها فيما يلي:

أولاً : النمطية الإسفنجية
والتي تتمثل في تقهقر الفرد الاجتماعي من المستوى الإنساني (مادياً وروحياً واجتماعياً) إلى مستوى كائن بيولوجي منتسب إلى قطيع من البشر تحكمه نزعة سلوكية عمياء لتقليد أولئك الآخرين الذين يستهلكون أكثر، واعتبار التقارب في درجة الاستهلاك معهم مدخلاً للتماهي بهم، ضمن إحساس ضمني بالقزامة تجاههم، والانصياع العبودي لما يدعى (الموضة)، دون النظر بأي تدقيق نحو الأهمية الوظيفية لهذا النمط من الاستهلاك أو ذاك، وبالتالي يكون سلوك النمطية الإسفنجية محكوماً بتفكير أحادي النظرة نمطياً يتقن فقط العمل باتجاه واحد يسير من تحويل المدخرات المادية إلى سلع استهلاكية قد لا تكون ضرورية للبقاء ضمن حد الكرامة الإنسانية وصيانتها.

ثانياً : القشرية السطحية
والتي تتمحور حول أنّ الوعي الاستهلاكي يركز في المقام الأول على جملة المواضيع الهامشية السطحية التي لا تمتلك أي أهمية تذكر في التأسيس لتطور الإنسان معرفياً وروحياً وتعزيز شعوره بتحقق ذاته قيمياً وأخلاقياً وإنسانياً، وإنّما تبقى في حيز الحاجات المؤقتة السطحية، والتي لا تمتلك أي قدرة على الصمود في وجه الزمن، والتي تتميز أساساً بكونها غير إنتاجية، فتكون السلعة الاستهلاكية تارة (سيارة) وتارة أخرى (كساء على نسق الموضة هذه أو تلك)، وأحياناً كثيرة (هاتفاً نقالاً) أو نموذجاً للاستهلاك على طريقة الرفاهية الأمريكية المعولمة والتي تستند إلى إطعام البطون وتنويم العقول إلى درجة التخمة، بينما تعاني دور السينما وعروض المسرح الراقي والأماسي الموسيقية، وقاعات المحاضرات في المراكز الثقافية من خريف مطبق مقفر.

ثالثاً: النكوصية الانتهازية على مستوى التفكير والسلوك
والتي تفصح عن نفسها بتصعد قيم النفعية الوصولية القصيرة النظر والصبر، والباحثة عن أيسر السبل -والتي قد تكون أقلها استقامة- الساعية بكل جوارحها إلى تلبية الهدف الاستهلاكي الذي يمثل شكله الأول المنعكس في وعي صاحبه سلعة يجب الوصول إليها بأي وسيلة كانت، وضمن منهج قد يصل في بعض الحالات إلى الذرائعية التي تبرر الوسيلة بالهدف، وبحيث تصبح البهلوانية والشطارة نهجاً يختبئ في جرابه كل الطرق الملتوية المحمومة لتأمين تلك الحاجات الاستهلاكية.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صناعة الشواش الاصطلاحي
- سلس البول عند الأطفال
- صيرورة الإنسان العاقل (منعرجات تطور الجنس البشري)
- جدلية الداخل والخارج في الميدان الإعلامي
- كيف تحافظ على ذاكرتك
- بصدد رؤية عقلانية للصراع العربي الصهيوني
- أسباب وأعراض سرطان القنيات الصفراوية
- الجانحون الصغار والمجتمع القاصر الضِنِّين
- المرأة الخلاقة المبدعة وزمار الحي العربي الكسيح
- هل يسيطر الصهاينة على الإعلام الكوني؟
- أسباب وأعراض سرطان المثانة
- آفاق واعدة لعلاج سرطان الدم
- إكسير المناعة المعرفية
- أزمة تعلم اللغات الأجنبية وتعليمها في المجتمعات العربية
- المكون العنصري في صيرورة السِّفاح الإمبريالي
- شيفرة الزواج المقدس
- التلوث البيئي الكهرومغناطيسي قاتل صامت
- عن القطيعة والاتصال المعرفيين
- أخطار مخاتلة على النمو العقلي للطفل
- من يكتب التاريخ؟


المزيد.....




- -نال ثقة الشيخ زايد المُطلقة-.. رئيس الإمارات ينعي طحنون بن ...
- علي بن تميم يوضح لـCNN الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن ي ...
- شاهد: إسرائيل تعيد فتح معبر إيريز للسماح بتدفق المساعدات إلى ...
- نتنياهو لبلينكن: إذا لم تتخل حماس عن شرط إنهاء الحرب فلن يكو ...
- الشرطة تزيل مخيماً احتجاجيًا ضد الحرب على غزة في جامعة ويسكو ...
- -حزب الله- يستهدف 3 مبان وانتشارا للجنود وموقعا عسكريا إسرائ ...
- غالانت يرافق بلينكن إلى غلاف غزة ويؤكد استعداد الجيش الإسرائ ...
- طهران: إصدار البيانات المتكررة لن يضمن للكويت أي حق بشأن حقل ...
- تقارير غربية تتوقع زيادة نفوذ روسيا والصين في إفريقيا بعد ان ...
- مطالبات في الكونغرس باستقالة رئيس مجلس النواب على خلفية المس ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصعب قاسم عزاوي - مقصلة الوعي الاستهلاكي