لقاح فيروس كورونا، سباق سياسي

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 6729 - 2020 / 11 / 11 - 21:04
المحور: الطب , والعلوم
    

لم تتقن الصين الاستجابة لوباء كوفيد-19 في اراضيها، فسببت انتشار المرض في العالم، فاصبح جائحة، وتاثر اقتصاد العالم سلبا، ومات اكثر من 1.2 مليون انسان بسبب فيروس كوفيد، كما حطم صورة الصين في اذهان الكثير من سكان العالم. وربما ستشكل اللقاحات وسيلة لانقاذ صورة الصين في العالم، ان عملت على توفير اللقاح لنسب كبيرة من سكان العالم.
تواجه الصين منافسة كبيرة من العالم الغربي في انتاج اللقاحات. فتتوجه الصين حفظ توازن في توزيع اللقاحات للعالم الثالث، وتحصد فوائد ذلك. وفي العالم اليوم 11 لقاح كوفيد-19 في المرحلة الثالثة من انتاجه، وهي المرحلة الاخيرة قبل اجازته، واربعة من هذه اللقاحات من الصين. واكثر لقاح واعد انتجته شركة سينوفارم Sinopharm في Wuhan وتم استخدامه في تلقيح خط الصد الاول للعمال الصحيين (طبيب وممرضة وغيرهم) في دولة الامارات العربية، وفي العراق احتج البعض على استخدامه وهو في المرحلة الثالثة باعتبار ذلك يتجاوز على الانسان. ويؤكد خبير السلامة البيولوجية بانه ستتم اجازته في هذا الشهر او الذي يليه. وفي الوقت نفسه يمكن اجازة اللقاحات الامريكية من شركة مودرنا Moderna وبيفايزر Pfizer. ولم تخطط ادارة ترامب لمنافسة الصين في توزيع اللقاحات على سكان العالم الثالث. وانسحبت الولايات المتحدة الامريكية من منظمة الصحة العالمية التي وعدت بمبادرة لتوريع 2 بليون جرعة للعالم الثالث. وانسحاب امريكا من المنظمة يعني انها سمحت للصين بان تلعب دور المنقذ من الخطر (كوفيد-19).
فوز الصين بانتاج اللقاح، لا يعني امكانيتها على المنافسة في اسواق امريكا واوربا واليابان حيث تجاهد الصين للتغلب على الحواجز والصعاب التنظيمية التي تسمح بالبيع باسواق العالم المتقدم الغربي حيث وقعت اسواقه اتفاقات مع شركات مودرنا وبيفايزر واسترازينكا. ولا تشكل كلفة اللقاح في هذه الاسواق (الدول ذات الدخل المرتفع) اي مقارنة مع كلفة الاغلاق، وقد قدرت الشركات اللقاح وجرعة التعزيز باقل من 100 دولار.
لا تستطيع الحكومات تحمل نفقات اللقاحات في اسواق اسيا وافريقيا والشرق الاوسط وامريكا اللاتينية حيث يعيش نصف سكان العالم، ويبرز دور اللقاحات الصينية. وتستخدم الاخيرة في مرحلتها الثالثة في 18 بلدا وتشمل الارجنتين والبحرين وبنغلاديش والبرازيل ومصر واندنوسيا والمغرب والباكستان وبيرو وروسيا والسعودية وتركيا والامارات العربية. وبهذا تعمل الصين للسيطرة على اسواق العالم الثالث.
استراتيجية الصين في توزيع اللقاح رسمها الرئيس الصيني زاي جنغ بالقول ان اي لقاح صيني بضاعة عالمية. ووعد بقرض بليون دولار لدول امريكا اللاتينية والكاريبي لتغطية نفقات اللقاح. ووقعت المكسيك عقدا مع شركة صينية اخرى كانسينو CanSino وبدئت الصين بتصدير الجرع قبل تلقيح كل شعبها.
صفقات اللقاح الصينية تعزز الشراكة مع حكومات جنوب شرق اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية. ومنذ 2013 تمول الصين مشاريع ضخمة megaprojects في هذه المناطق ضمن مبادرة الحزام والطريق Belt and Road Initiative وهي طريق الحرير الجديد، وتضم 138 دولة، منها 17 دولة في الشرق الاوسط. وفي 2021 ستقدم الصين مبادرة طريق الحرير الصحي Health Silk Road تلعب فيها دور القائد التكنولوجي وزبون في الصحة العالمية، وتتجاوز اتهامات امريكا لها باعتبارها متنمرة ومفترسة.
لن تطلب الصين تنازلات سياسية من الدول مقابل اللقاحات، ولكنها تتوقع الحب والعرفان بالجميل. ومن الامثلة في بدايات ازمة كورونا، وبعد مساعدات عاجلة من الصين لصربيا، ويظهر مشهد يقبل الرئيس الصربي علم الصين، وعلى شاشة كبيرة امام المجلس القومي في بلغراد كانت عبارة "شكرا للاخ الكبير زاي". وفي ذروة الوفيات من كورونا في ايطاليا (نهايات اذار 2020)، عبر وزير خارجية ايطاليا عن شكره وتقديره للصين بدعوة من عارض المشاركة بمبادرة الحزام والطريق ان يعترف بان الاستثمار في الصداقة طريق لانقاذ حياة الايطاليين. وعند توزيع اللقاحات ستتكرر هذه المشاهد في دول عديدة.

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل