محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 6714 - 2020 / 10 / 25 - 23:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شاهينيات 1460
إذا استثنينا يسوع المسيح إذا صحت ألوهيته حسب رؤية أتباعه، فإن أياً من آلهة البشرية لم ينزل إلى الأرض ليخاطب الناس مباشرة ، وكانوا دائما في حاجة إلى بشر يبلغون عنهم ويبشرون برسالاتهم ، حتى يسوع المسيح نفسه كان لديه تلاميذ ودونت رسالته بعد عقود من صلبه .. والبشر كأنبياء أو رسل لآلهة قد يقتصرون على ما أطلق عليه معتقدات سماوية ، فلم يدع أي من حكماء وفلاسفة الهند والصين واليونان وغيرهم أنهم مرسلون من قبل آلهة أو أنهم أنبياء ، ومع ذلك قدموا لأممهم فهما متميزا للوجود .. ينطبق هذا الأمر على معتقدات الشرق الأوسط القديمة التي سبقت اليهودية كالبابلية والسومرية والفرعونية والكنعانية وغيرها ، التي قدمت عبر ملاحم أدبية ألفها الحكماء والكهنة تعرّف بالآلهة .. ويمكن القول أن قصة الأنبياء لم تكرس بشكل قطعي إلا في الاسلام ، فموسى لم يقل أنه نبي ، وقدم في التوراة كقائد لقبيلة يهودية ظهر له الله وقدم له شريعته ، والأمر نفسه ينطبق على ابراهيم ويعقوب وغيرهما من حيث النبوة ، إلى أن جاء الاسلام وحوًل جميع من اعتبروا قادة أوأجدادا أو كهنة أو ملوكا لبني اسرائيل ، أنبياء ، حتى آدم كأول الخلق اعتبره الاسلام نبيا مع أنه لم يكن يوجد غيره ، فهل أصبح نبيا على اسرته فيما بعد ؟
ونعود لنطرح السؤال .. لماذا لم يخاطب الآلهة الناس مباشرة ، إذا كانوا موجودين فعلا، والسؤال هنا يشمل جميع أنواع الآلهة بغض النظر عمن أتى بمفاهيمهم ، إن كان مرسلا أو غير مرسل .
للإجابة نقول :
احتمال أن يكون الآلهة متعالين جدا بحيث ينؤون بأنفسهم عن التحدث إلى البشرً .
أو أن يكونوا غير قادرين على التحدث إليهم ، أو أن يكونوا غير موجودين أصلا ، وما الأنبياء والرسل إلا من نسيج أنفسهم ، ولم يرسلوا من قبل آلهة ، مع فارق بسيط بين متوهم مخلص لما تخيله كالكاهن ، ومدع بحمل رسالة.
وإن أحب أحد أن يعرف اجابتنا فهي : الخالق أو الله طاقة عقلانية سارية في الخلق ومتجلية فيه ، وبعض البشر هم من ألهوه وجعلوا منه إلها ، حسب معرفتهم ، وهذا لا يعني انه يعتبر نفسه إلها ، أو يقبل برؤية البشر له ، فقد يكون أعظم من الألوهة التي تخيلها البشر بكثير .. وهو بالتأكيد لم يرسل رسلا وأنبياء وإن كان هناك من نذروا أنفسهم لمعرفته ، غير أن البشرية كلها يمكن أن تعتبر رسلا له ، بل وما هو أهم من الرسل ، فمطلوب من البشرية أن تساهم مع الخالق في عملية الخلق ، لتتحقق القيم الإلهية التي يسعى إليها الخالق ، وهي بناء الحضارة الانسانية بتحقيق قيم الخير والعدل والمحبة والجمال . وبذلك تكتمل عملية الخلق .
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟