أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كريم الساعدي - فلاسفة التشويه الغربي وقصدية الإساءة للرسول محمد (ص)















المزيد.....

فلاسفة التشويه الغربي وقصدية الإساءة للرسول محمد (ص)


محمد كريم الساعدي

الحوار المتمدن-العدد: 6713 - 2020 / 10 / 24 - 16:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعد الفيلسوف والاجتماعي والروائي و المؤرخ (شارل لوي دي سيكوندا) المعروف بأسم (مونتسكيو 1689-1755) من الشخصيات الفكرية والفلسفية التي حاولت أن ترسم صورة مشوهه عن رسول الاسلام الكريم محمد (ص) ، هو صاحب الرسائل التي نسبها الى اقلام شرقية ليصف المجتمع الاسلامية بما يتلاءم مع الرؤية التي كانت سائدة في المجتمعات الغربية التي تصور المسلمين على وفق الافكار والتصورات المناوئة لهم ، وهنا يذكر (ديورانت ) صاحب (قصة الحضارة) إنّ (مونتسكيو) قدم "الرسائل على انها مكتوبة بقلم(ريكا وأوزبك) وهما سائحان فارسيان في فرنسا ومراسليهما في اصفهان، أنّ هذه الرسائل لم تعرض فقط نقاط الضعف والاهواء والتحيز عند الفرنسيين ، ولكنها كشفت ايضاً عن حماقات السلوك والمعتقدات الشرقية من خلال الكُتاب انفسهم (...) و كانت الهرطقات الدينية في الرسائل اكثر ترويعاً وتنفيراً من الهرطقات السياسية"(1). فهو يرى بأن الديانة المسيحية خالية من أي هرطقات دينية لأنها هي الاولى وتأتي في مقدمة الديانات الاخرى ، بل هي في درجات عليا من حيث المعتقدات والتصورات عن العبادة والألة وما يجعل من هذه الديانة هي الخالدة والديانات الاخرى مليئة بالصور المشينة والعادات السيئة ، لذلك فأن تصورات (مونتسكيو) ،التي حاول تدوينها في رسائله كانت تعبر عن طبيعة الصور المرسومة عن أبناء الديانة الاسلامية في المعتقدات الكنسية ، و(مونتسكيو) لم يخرج عن هذا الاطار ، بل حاول أنّ يجعل من هذه المعتقدات تنطق عن لسان أهل الشرق والمسلمين أنفسهم من خلال (ريكا و أوزبك) و مراسليهما في أصفهان ، حتى يظهر للعالم الغربي مصداقية تصوراته عن الشرق المسلم ، هذه الارض التي قامت على الانحرافات و الهرطقات والمخالفات العقلية والفكرية التي تتعارض مع المعتقدات السليمة المنتشرة عند الغرب وكنائسهم دون التحقق من هذه المعتقدات الخاطئة من أرض الواقع، حتى أنّ هذه المعتقدات الخاطئة عن الشرق والاسلام والمسلمين وعن مؤسس الدولة الاسلامية الرسول محمد(ص) ، قد جعلها كجزء من أفكاره أثناء تدوين كتابه (روح القوانين او روح الشرائع) التي يرى فيها ان الدولة الاسلامية هي مناقضة لروح القانون، وأنّ هذه الدولة قائمة على الاستبداد الذي أصبح من سمات الدولة وركنها الذي توسعت من خلاله الى بقية المناطق التي وصل اليها الاسلام(2).
وإذا انتقلنا الى مفكر غربي آخر ، هو (فرانسوا ماري آروويه) المعروف بـ(فولتير1694-1778) ويراه البعض بأنه صاحب الخطاب التنويري الذي اعطى للفكر الغربي دفعه الى الأمام في مواجهه الافكار الرجعية في وقته ، لكن هذا لا يمنع من أنّ (فولتير) قد بقي حبيس الافكار المنغلقة تجاه الاسلام والرسول محمد (ص) ، على الرغم من أنّ افكاره خالفت بعض الشيء من سبقوه في الرؤية الى الإسلام بصورة عامة لكنها تجاه الرسول(ص) بقيت منغلقة، لذلك فأن "الخطاب التنويري: وتجسده فلسفة الأنوار التي تمثل أحد اهم الأركان المؤسسة للفكر الغربي المعاصر ومرجعيته يعتز بها الفرنسيون. هذه الفلسفة ، كما هو معلوم، ظلت حبيسة رؤية توفيقية براغماتية تجمع بين مدح الاسلام وذمه، والاعجاب به و استهجانه ، و الانبهار به والسخرية منه. وقد تجسد ذلك في مواقف فولتير(Voltaire) الذي اقر بأن الاسلام لم ينتشر بواسطة السيف، لكنه في الوقت نفسه يعد الرسول (ص) (متمرداً) ، (خائنا ) و(مجرماً) "(3).
إنّ هذه التصورات التي وضعها (فولتير)على الرغم من إنه يشير الى إنّ دولة الإسلام لم تنتشر بالسيف ،أي بالقوة ، لكن مثل هكذا تعاليم تنتشر بدون قتال لايمكن ان تنتشر مع شخصية تتسم بالتمرد والخيانة والجرم . وهنا اما وقع (المحجوب) في سوء فهم نوايا (فولتير) ، أو أنّ (فولتير) كان غير منطقي في رسم صورة لرسول الاسلام وهي صورة مشوهة لايمكن أنّ تحقق أفكارها انتشار واسع في المجتمع الاسلامي ، ونحن مع الرأي الثاني ،لأن (فولتير) كان يرى في شخصية الرسول (ص) رؤية غير جيدة كونت مجدها بالجرم والتمرد والخيانة ، وهي الحقيقة التي بنى عليها فولتير تصوراته ، اذ صور الرسول (ص) "كنموذج للتعصب والطغيان الدينيين ، في استغلاله مشاعر البسطاء و معتقداتهم الساذجة لبلوغ غاياته الشريرة كما أنه في نظره متعصب ، عنيف، محتال وعار على الجنس البشري ، وأنه انتقل من كونه تاجراً ، ليصبح نبياً مشرعاً وملكاً ، وبقوله: (ان محمد عندي ليس سوى مَراء Tartuffe بيده سلاح ، انه زير نساء وأعظم عدو للعقل" (4) ، وهذه الاوصاف اكدها في مسرحية بعنوان (محمد ) ، والتي يصور فيها شخصية الرسول (ص) على ما كان يعتقده من اوصاف مشوهه و صور بعيدة عن هذه الشخصية العظيمة ، وهذه المسرحية ،سنتناولها في الفصل القادم المخصص للأعمال الفنية والادبية المسيئة للرسول(ص).
إنّ كل (مونتسكيو وفولتير) قد أصبحا من مصادر المهمة التي أستقى منها الفيلسوف الالماني (جورج فيلهلم فريدريش هيغل 1770- 1831) ، في نظرته للإسلام وللمسلمين والمؤسس لهذه الدولة الرسول (محمد ص) . إنّ تأثير (مونتسكيو) على (هيغل) كان من خلال كتابه (روح الشرائع) ومصادره التي بنى عليها تصوراته للنظرة للإسلام ، بل ان التأثير جعل (هيغل) يستخدم الالفاظ نفسها فيما يخص تكوين الدولة الاسلامية المناقضة لروح القانون ، وكذلك تصورات (مونتسكيو) عن الاستبداد الاسلامي ، أما تأثير الذي خلفه (فولتير) على (هيغل) فيما يخص المظهر السياسي الاسلامي ،وعلى الرغم من أنّ (فولتير) قد انتقد (مونتسكيو) فيما يخص الدولة الاسلامية عنده ، لكنه لم يتخلص من النظرة ذاتها ، وقد سار في نفس المنهج عند (مونتسكيو) مما شكلا مصدراً مهماً لهيغل في هذا المجال (5).
إنّ نظرة (هيغل) عن الشرق هي نفسها النظرة الى الاسلام وباعتبار الاسلام هو الامتداد التاريخي والطبيعي للشرق ، لذلك فأن (الروح المطلقة ) لديه والتي تعد الفكرة المركزية في فلسفته ، قامت بمراحل تطورها التاريخي ابتداءً من العالم الشرقي ، و العالمين الاغريقي والروماني وصولاً الى العالم الجرماني ، و الذي تطورت فيه الى درجة النضوج الانساني المتكامل وفي هذا المسار التطوري للروح المطلقة ، أخرج (هيغل) الاسلام من دائرة التطور والانسانية التي تقوم على الجانب العقلي في نظامه الفلسفي، وهذا يأتي من أنّ الاسلام ونظامه العقدي والروحي استبعد الاهتمام "بالعالم الانساني ، وهذا هو السبب الذي جعل المزاج الاسلامي يتأرجح مثل بندول بين الحماسة المتطرفة واليأس المطلق ، من حد اقصى الى أخر ، وبسبب من هذه الحدود القصوى انطوت الحضارة الاسلامية على نوع من التدمير الذاتي ، والوقوف على حافة الخروج من التاريخ لا شيء لدى الاسلام يقدمه الأن سوى التطرف ، والاستماع الجنسي ، و الطغيان"(6)، وهذه المرتكزات الثلاثة هي ما تكررت عند أغلب المفكرين ورجال الدين الغربيين وخصوصاً قضية الاستمتاع الجنسي والشهوانية المرافقة للمسلمين ورسوله محمد(ص) ، حسب وجهة النظر الغربية ، وطغيان الدولة و توسعها على حساب الامم الاخرى بالتطرف والارهاب و قوة السيف ، وكأن الاسلام امة متوحشة يصورها الفكر الغربي و يسوقها على مدار الاجيال الى العالم اجمع ، ويركز (هيغل) في رؤيته الفلسفية على إنّ الشرقيين ومن ضمنهم المسلمين ذات النزعة الشهوانية هم ليسوا أحراراً، أي أنهم لم يعرفوا الحرية بكافة أشكالها ، "فأنهم لم يكونوا احراراً، و كل ما عرفوه هو ان شخصاً معيناً هو حرٌ ، ولكن على هذا الاعتبار نفسه، فأن حرية ذلك الشخص الواحد لم تكن سوى نزوة شخصية و شراسه ، وانفعال متهور وحشي ،أو ترويضي واعتدال للرغبات ، لا يكون هو ذاته سوى عرض من أعراض الطبيعة ، أي مجرد نزوة كالنزوة السابقة ، ومن ثم هذا الشخص الواحد ليس الا طاغية ، لا انساناً حراً ، ولم يظهر الوعي بالحرية"(7)، وهذه التصورات هي مطابقة في الرؤية للإسلام ولرسوله(ص) هذه الأمة التي لا يعتبرها امة حرة ، بل هم عبيد يوجههم شخصية واحدة لديها نزوات شخصية وشراسة ، وهي ما تنطبق على تصوراتهم الفكرية في الغرب عن الرسول محمد (ص) ،علماً إنّ (هيغل) جعل الاسلام هو الامتداد التاريخي والطبيعي للعالم الشرقي.

الهوامش
1. ديورانت، ول وايريل: قصة الحضارة، عصر فولتير، الجزء الثاني من المجلد التاسع ، ترجمة: محمد علي ابو درة، بيروت: دار الجيل للطبع و النشر والتوزيع ،ص150-151.
2. ينظر رشيدة، محمد رياحي :هيغل والشرق ، بيروت :دار الروافد الثقافية ناشرون، ووهران : ابن النديم للنشر والتوزيع ،2012،ص54-55 .
3. بن سعيد ، المحجوب: الاسلام والاعلاموفوبيا، دمشق : دار الفكر،2010،ص13.
4. احمد، السيد ابراهيم : مسيرة الاساءات الى خاتم الرسالات(ص)، انترنت: شبكة الالوكة، شبكة اسلامية فكرية وثقافية شاملة، في 12/1/2013.
5. ينظر: رشيدة، محمد رياحي: المصدر السابق ، ص52-56.
6. ساردار، ضياء الدين : الاستشراق ، صورة الشرق في الآداب و المعارف الغربية، ترجمة ، ترجمة :فخري صالح، ابو ظبي : كلمة ،2011،ص96.
7. ابراهيم، عبدالله: الثقافة الغربية والمرجعيات المستعارة ، بيروت : دار العربية للعلوم ناشرون ، 2010 ، ص182



#محمد_كريم_الساعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام الحكومي والتحول الرقمي
- المسرح البصّري والتعويض عن الإعاقة السمعية
- مهيمنات الصورة والتأثير الثقافي
- الشعبوية ومسرح الشارع مقاربات في الرؤية والمقاصد السياسية وا ...
- الإعلام الجامعي شريك فاعل في دعم التعلم الالكتروني
- الهويات الرقمية فيْ ضوء الإندماج الإفتراضي
- العقل الجديد ومفاهيمه (اللاأدمية والدميوية) في الخيارات القا ...
- التأملات الفلسفية في صورة الإنسان في قصائد ماجد الحسن
- تاريخ الجنود المجهولين في شعر البريسم
- الإنسان الثالث ونهاية إنسان التقنية وإنسان التخلف
- الوعي والفايروس وصراع المعرفة وخذلان التكنولوجيا والتفسير ال ...
- فايروس كورونا المستجد وصراع الحضارات - رؤية في فكر صامويل هن ...
- بين الواقعية النسوية ومثالية الهيمنة الذكورية تصورات في قصص ...
- الكسيس دو توكفيل (بين فلسفة القيم الكولونيالية والفكر القومي ...
- رحيم زاير الغانم ... (لطفاً كن وطناً )وأفق الذاتية الجمالية
- النافذة والظلال
- الفكر وتشكيل صور الإساءة الثقافية
- الذاكرة الجمعية والتقدم الحضاري
- المسرح في ميسان ودور العامل الديني في نشأته
- التعليم والموروث الحضاري ودورهما في المسرح في ميسان


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كريم الساعدي - فلاسفة التشويه الغربي وقصدية الإساءة للرسول محمد (ص)