أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - لماذا نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي؟














المزيد.....

لماذا نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي؟


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 6694 - 2020 / 10 / 4 - 01:21
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


إنها قضيةُ كل يوم، وكل ساعة، وكل دقيقة؛ خاصةً علىَ مواقع التواصل الاجتماعي حيث يرتادها العالــِمُ والجاهلُ، المثقّفُ ونـِصْفُ الأمّي، الباحثُ والصايع، الأكاديمي والشوارعجي!
تنفيسٌ عجيبٌ عما يعتلج بالنفس المريضة، وانتقامٌ فضائيٌ ممن يختلف معك لأنه لم يفهمك، وثوابٌ مضمونٌ كما يظن المتحدثون زوراً باسم السماءِ دفاعاً عن عقيدة، وذَبــْحٌ في الذهن تُعبّر عنه كلماتٌ دموية، ومصارعة على الهواء بين مجهوليــّن قد يكون بينهما أبعد نقطتين في كرتنا الأرضية المسكينة.
لماذا مواقع التواصل الاجتماعي هي التي تستقطب الشتّامين والسبــّابين والحشّاشين والمقهيين والمرضىَ النفسيين؟
لأنك تستطع أنْ تتحدىَ العالــَـمَ كله بسيوفٍ من ورق، وأن تٌشكّك بجهلـِك في فِكْر آينشتاين، وأن تُقْسِم أنَّ مصطفىَ حسني أفقه من الشيخ محمد عبده، وأن رئيسَ دولتــِك الذي يفُكّ الخطَّ بصعوبة؛ لكنه أشْعَر من كاتبي المعلقات السبع!
مواقع ومنتديات كثيرة تنشر الأعمالَ الأدبية والفلسفية والإنسانية والعلمية بأقلام كبار الأدباء والعلماء؛ فهذه لا يقترب منها التواصليون من عشاق الفيسبوك والتويتر، فـَـهُم لا يقرؤون ما يزيد عن ثلاثة أسطر، ولا يفهمون أبعدَ مما تنشر صحفُ وزارات الإعلام في العالم الثالث، ولا يستوعبون أيَّ معنىً لا تتراقص كلماتــُه فوق الحروف.
نتشاتم علىَ مواقع التواصل الاجتماعي لأنها الحروبُ الوحيدة التي لا تهزمنا فيها جيوش الأرض والسماء، ولا يزعم عبقري أنه يلتقط الفكرةَ قبلنا، ولا تغلبنا كل الأديان والعقائد المخالفة لنا لأنَّ اللهَ يقف معنا بجهاز كمبيوتر عملاق ينتصب في السماء السابعة.
نتشاتم علىَ مواقع التواصل الاجتماعي لأنها المكان الوحيد الذي نسُبّ أمهات خصومِنا ونستخدم مفرداتٍ تخجل منها المعاجم والأعاجم و.. الجماجم.
نتشاتم لأنَّ الجنسَ والمرأةَ ومواضعَ العفة، أيّ الأعضاء التناسلية، والاعتداء والتحرش ليست خطوطاً حمراءَ، فأنت لا تستطيع وأنت في مكتبةٍ عامة تقرأ لجمال حمدان أو عبد الوهاب المسيري أنْ تفتح لابتوبَّك ثم تشتم وتسبّ وتلعن مُخالفيك، أما لو كنتَ في نهاية سهرة مزاج بغرزة مخدرات أن تقتحم كل مواقع التواصل الاجتماعي مرة واحدة وتغرز لسانــَك القذر في أعين قارئيك وهم يتابعونك، مصادفة أو عمدا.
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لأن سيفَ السلطة فوق رؤوسنا، وهراوتَها في مؤخراتنا، وسجونَها تحجز لنا زنزاناتٍ رغم أنفنا، وملايينَها في المصارف أصفارُنا، وثراءَها يتضاعف بفقرنا، وكرامتَها من إذلالــِنا، فلا نجد غيرَ مواقع التواصل الاجتماعي لشنّ حروبٍ وهمية وافتراضية وخيالية وفضائية والكترونية فنُردي خصومَنا أرضاً ولو كانوا فوقنا.
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لأنَّ بإمكاننا الجَمْعَ بين الفضيلة والكذب، بين الطهارة والعهر، بين الشجاعة والكذب، بين الدين والالحاد، بين الله والشيطان، فنستخدم ما نريد وفقاً لنوعية الخصم وصنف المعركة و.. الحشيش.
نتشاتم ظنــّاً منا أننا ننتقم من الغير ، ولا ندري أننا ننتقم من أنفسنا، ونهبط بإنسانيتنا، ونسقط بلغتنا!
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لحرماننا من المجتمع الفاضل، والتربية المستقيمة، والتعليم المُفيد، وحرماننا في البيت والمدرسة والجامعة والمعبد والإعلام من مصداقية كبارنا، فلما كبرنا قلـّدناهم و.. اتبعنا ما ألفينا عليه آباءَنا.
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لأننا عاجزون، ومتخلفون، ومتأخرون فبدلاً من اللجوءِ إلى الكتاب والعلوم الإنسانية والتربوية ومتابعة حقوق الفرد، ومحاولات الصعود في سُلّمِ الحضارة والتمدُّن، نجد سهولة ويُسرًا في التشاتم والتناحر والتنابز والتذابُح والتقاتُل، فهو تـَشَفـّي في الغير، وجزّ الرؤوس دون أن نبرح مكانَنا، وقذف الأوساخ التي تعفنتْ في العقل والوجدان والعواطف والفهم العقيدي السقيم دون أنْ يتنبه المجتمع أننا مرضىَ.
نتشاتم، ونتسابب، ونتلاعن، ونتباغض، ونتحاقد على مواقع التواصل الاجتماعي لأننا على قَدَمِ المساواة مع بعضنا، وقدرتنا على متابعة التوافه من الأمور تمنحنا لذةً شديدة، ويستطيع قـِرْدٌ مُدَرَبٌ أنْ يثبت أخطاءَ وكالة "ناسا" الفضائية وسيلتف حوله المعجبون، ويصف لك درويش مهبول أعشاباً سامةً بدلاً من أدويةٍ من الصيدلية، وسيجتمع التواصليون حوله كأنه نبيُ الطبِ البديل.
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لاعتقادِنا أن السماءَ تتابع معاركــَنا، وأنَّ اللهَ يرفع يدَ المنتصِر في التشكيك في عقائد الآخرين، ولأنَّ الشتائمَ بديلٌ يُخَفّف من حِدّة الحِرمان الجنسي، ونتشاتم لأننا لسنا بمفردنا فالخيالُ معنا، والنصرُ الافتراضي يدعمنا.
نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي لأنَّ قاموسَ السِباب سهل الاستخدام، وإذا بحثتَ عن مفردةٍ أتاك الحشّاشون بسبعين منها قبل أنْ تقوم من مقامك أمام الشاشة الصغيرة.
مَنْ لم يتعرض للشتائم على مواقع التواصل الاجتماعي: الله، الأنبياء، الرُسُل، الزعماء، الأبطال، المتسامحون، الأجانب، المهاجرون، الجيران في بلاد بيننا وبينهم حدود، تفسيرات الكتب المقدسة، المرأة، الطفل، الملحدون والمؤمنون..؟
إذا أردت أن تزفر مودة ودفئا ومنطقا وعقلانية وخلافا هادئا، وتشهق قاذورات وعنصرية وتطرفا وكراهية وبغضاء، فعليك بمواقع التواصل الاجتماعي.
وإذا بحثت عن الحب والفضيلة والفائدة والإنسانية والحرية والاحترام والثقافة فهي أيضا على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عليك مهمة ثقيلة لتعثر عليها.


طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 3 أكتوبر 2020



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أكتب عن جمال خاشقجي!
- مشاعر استعمارية تتجدد في داخلك!
- من قال إنَّ عبدَ الناصر مات!
- هل يُصاب شعبٌ بمرضٍ نفسي جَمْعي؟
- خرافة احترام القوانين!
- شجاعةُ الدينِ ليست دينَ الشجاعة!
- لماذا تتأخر بعض الشعوب؟
- خطورة الاكتفاء بالضمير الديني!
- رسالة من مصري لابنه شهيد ثورة يناير!
- عبقرية الديكتاتور الفاشي!
- قاطعوا إسرائيل و.. لا تقاطعوا الإمارات!
- الإنصات لأنفاس الأرانب!
- هل تريد أنْ تربح رضا الرئيس؟
- كورونا والسجناء وأوهام الأمل الكاذب!
- معاناة الجيل الأول مع وطن غادروه!
- فيروس كورونا يرفع الحصار عن قطر!
- رؤيتي للرئيس السيسي!
- متى بدأ المصريون يكرهون القراءة؟
- الفضيلة أن نقتل جميع النساء!
- عبقرية المصافحة بين الرجل و .. المرأة!


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - لماذا نتشاتم على مواقع التواصل الاجتماعي؟