أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - مشاعر استعمارية تتجدد في داخلك!














المزيد.....

مشاعر استعمارية تتجدد في داخلك!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 6692 - 2020 / 10 / 1 - 13:44
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


الاستعمار الجديد لا يدخل بلدَك؛ لكنه يفتح لك بلدَه!
أشياءٌ كثيرةٌ تجعلها العادةُ عاديةً، ويضمها التكرارُ إلى العُرْف، ويلصقها الإصرارُ إلى العنف، وينقلها التيارُ إلى الجُرف؛ ثم تصبح جزءًا من المشهد العام الذي لا يستنكره إلا القليل ممن قرروا الاستعانةَ بالعقل في حياتهم!
مُفْردةُ الاستعمار، مثلا، فقدتْ أهميتَها، ولم تعُدْ تثير غضبَ كثيرين؛ فالاستعمارُ ليس استدمارًا لأنه حُلم يخترق يقظتــَك فيخدّرها بهدوء ولذة ومتعة، من يدري فقد يكون الغزاةُ القدامىَ مضيفيك الجُدُد!
للاستعمار ِألْفُ وجهٍ و.. وجه، كل وجهٍ يختار المكانَ الذي يدخله أو يخترقه أو يغزوه؛ فقد يكون الكتاب أو المدرسة أو المؤسسة الدينية أو قصر الحاكم، أو الإعلام أو الدعوة أو التبشير أو التجهيل أو تاريخ أمة مُستعمَرَة أو حدود مع الجيران تمتد أو تنقص وفق لضعف أو قوة الحُكــّام!
وأخطر المداخل هي جهلٌ بتاريخ حديث وجدال في تاريخ قديم يتحرك كما تفعل الرمال المتحركة إذا داستها أقدامٌ لا تُفرّق بين الرمل و.. بين الطين.
تختفي كلمة الاستدمار خلف مفردة الاستعمار فلا يدري المرءُ هل البناء لتثبيت أقدام احتلال أَمْ لطرد أصحاب الأرض.
إذا امتص ذئبٌ دمَ ميّتٍ فلا يضير الشاةَ سلخُها بعد ذبحِها؛ أما إذا طلب الأحياءُ من الذئبِ أنْ يمتص دماءَهم حتى تسري نشوةُ الغابِ في يومياتِهم، فهنا لا تفلح كل عمليات الإصلاح السياسي أو الديني أو الوطني فالموتُ حَيـّـًـا اختيارٌ بامتياز بديلا عن الحياة في القبور.
كم جيلاً تحتاج أمةٌ حتى تُغــّير جلدَها، ثُمَّ لسانــَها، ثم سلوكياتها العُرْفية حتى تصل إلى تغيير روحــِها؟
أفجع كارثة يتعرض لها المرءُ هي هجرتُه إلىَ بلدٍ مُتقدّم وهو ينظر خلفه طوال الوقت فلا يرى أمامه بوضوح لكثافة ضبابِ الماضي ولا يشاهد حياتــَه الماضوية لأنَّ عواملَ البيئة والزمن والمكان قد غيرّت ملامحَها وهو يُصِـرّ علىَ الحديث عن ماضٍ تمزق، وتشتتْ، وتناثر، فلا تجمعه قوةُ ذاكرةٍ بملايين الجيجابايت!
إذا شغلتك مُطاردةُ السراب عن الاندماج الكُلــّي في حقيقةِ واقعك الجديد فقد أحْكَمَتْ لك العُقدة التي لا حل لها.
ما جعل اللهُ لرجلٍ من قلبين في جوفــِه، ولن تجمع الماضي والمستقبلَ في نفس الحاضر فهما كثيراً ما يتصارعان بدلاً من أنْ يتكاملا!
ما شغلني شيءٌ في حياتي أكثر من نُمو زهرةِ الصبـّار في النفوس؛ فشوكــُها يؤلم الآخرين أكثر من جَرْحِ موطنــِها في النفوس أو العقول أو القلوب.
تعيش حياتــَك الجديدةَ فتصبح قديمة، ومستقرة وعليها لمساتٌ إنسانية متمدّنة من جرّاءِ خبرات متراكمة استدعاها فكرٌ باحثٌ عن الحب فاستقرتْ فيه، فإذا بالذين تحثهم على خوض غِمار سلوكيات نبيلة يدخلون معركةً ضدك رافضين ما تعلمته، ومتمسكين بما جهلوه.
إذا عبث الزمانُ في نفوسِ قومٍ وأراد وقفــَها عن التطور والسير مع العصر واستقامة طريقها التنموي أوهمها أن كل أفرادِ المجتمع يعرفون ما لم يؤتَ أحدٌ من قبل، ثم جعل معارفــَها دينية ومعلوماتــِها مُستقاة من السماء مباشرة.
نعود إلىَ أُمِّ القضايا: لماذا يؤلمك الشوكُ الذي في نفوسِ أبناءِ بلدك بدلاً من أنْ يوجعهم؟
حياة الإنسان قصيرة بحيث تصل بها إلى النضوج والشكّ والريبة وإيقاظ العقل قُبيل وداعِك إياها فلا تستطيع أنْ تتراجع أو تُغيّر دفتــَها أو تُقنع من علـَّمتهم أنك بصدد اختيار طريق آخر قبل وصول حفــّار القبور!
هل الحيوانات المفترسة فقط هي التي تنهش أم أنَّ الإنسانَ أيضا يفعل نفسَ الشيء، ليس إذا جاع؛ ولكن إذا اختلفتَ معه فكريــًا وعقائديا؟
أعود إلى سؤالي: كيف تُستعمًر بتكريمك ضيفــًا عليهم ؟
لأنَّ خطَ العودة جسديا يصبح مقطوعا، ونفسيا وفكريا وعاطفيا يجعلك كالبندول تتأرجح بين هنا وهناك!
ماذا لو أصابتْ أهلَ وطنك الأم حزمةٌ من الأمراض النفسية والعصبية والعقلية، وتغلغلتْ الكراهية في الأعماق، وأصبحتْ الطاووسيةُ في المشاعر غالبةً عليهم؛ فلا يتركونك تستمتع بحياتــِك في مجتمعٍ مُتحضّر ولا يتركونك تغادرهم في أمان؟
ليس أمامك إلا أنْ تنتظر الجيلَ الثاني من نَسْلـِك الذي ترىَ فيه حياةً تمنيتها في هجرتــِك والتقط ثمارَها آخرون من صُلــْبـِك.

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في الأول من أكتوبر 2020



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قال إنَّ عبدَ الناصر مات!
- هل يُصاب شعبٌ بمرضٍ نفسي جَمْعي؟
- خرافة احترام القوانين!
- شجاعةُ الدينِ ليست دينَ الشجاعة!
- لماذا تتأخر بعض الشعوب؟
- خطورة الاكتفاء بالضمير الديني!
- رسالة من مصري لابنه شهيد ثورة يناير!
- عبقرية الديكتاتور الفاشي!
- قاطعوا إسرائيل و.. لا تقاطعوا الإمارات!
- الإنصات لأنفاس الأرانب!
- هل تريد أنْ تربح رضا الرئيس؟
- كورونا والسجناء وأوهام الأمل الكاذب!
- معاناة الجيل الأول مع وطن غادروه!
- فيروس كورونا يرفع الحصار عن قطر!
- رؤيتي للرئيس السيسي!
- متى بدأ المصريون يكرهون القراءة؟
- الفضيلة أن نقتل جميع النساء!
- عبقرية المصافحة بين الرجل و .. المرأة!
- تمنياتي لسوزان مبارك بالشفاء!
- ماذا لو كان عبد الناصر؟


المزيد.....




- الحرائق الكارثية أتلفت أكثر من 30 مليون هكتار من غابات البرا ...
- إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار مع إيران.. هل تكون غزة الت ...
- سوريا.. انفجار دمشق يثير التساؤلات وسط فوضى أمنية وإعلامية م ...
- بزشكيان: إيران لا تسعى للسلاح النووي وسنحمي حقوقنا المشروعة ...
- قادمة من مخيم الهول.. الداخلية تكشف عن خلية -داعش- المتورطة ...
- سلطة في الظل.. هل حلّ -الشيخ- مكان الدولة في سوريا؟
- حدث أمني -حساس- في خان يونس.. مقتل وإصابة ما يزيد على 20 جند ...
- الحرب على إيران تعيد الليكود إلى الصدارة.. نتنياهو: العالم ش ...
- مساندة الجزائر لإيران: -مجازفة دبلوماسية- مع الولايات المتحد ...
- الخارجية الليبية تستدعي سفير اليونان للاحتجاج


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - مشاعر استعمارية تتجدد في داخلك!