أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - خرافة احترام القوانين!














المزيد.....

خرافة احترام القوانين!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 14:42
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


صناعةُ القوانين عمليةٌ سهلةٌ يستطيع أنْ يقوم بها طالبٌ متفوّقٌ في كلية الحقوق قبل تخرجه بأربع سنوات؛ لكن إزالةَ أسبابِ الفسادِ منها قبل سَنِّها يحتاج إلىَ رُبع قرنٍ بعد التخرج في نفسِ الكلية و.. المرور على الثقافة والآداب والعلومِ الإنسانية ودساتير حقوق الفرد في منظمات دولية ومحلية وإقليمية مع القراءة بالاثنين معا: ضمير يقظ، والتهام كل أنواع المعرفة والاستعانة بالخبرات من كل مكان حتى لو أتتك من أقصىَ الأرض.
أستطيع أنْ استعين بإبليس ليضع موسوعةً أو دستورًا أو قوانينَ بلدٍ يغوص حُكَّامُه في وحْلِ الفساد، ثم يبدأ الحديث عن احترام القوانين التي يكون قد وضع في كل مادةٍ منها ثغرةً يتسلل منها في وقتٍ لاحقٍ، وذلك عندما يبحث القضاءُ أو المحامون أو البرلمانيون أو مستشارو الديكتاتور عن تبرئة مجرم أو تحسين صورة لص أو إخفاء اعتداء أو.. هضم حقوق.
لا توجد قوانين في العالم الثالث تقضي علىَ الفساد؛ فالمطلوب القضاء على الفساد توطئة لصناعة و..سنِّ القوانين!
القضاءُ في عالمنا المتخلف جزءٌ من التخلف فلا تنتظر منه عدالة أو شرفاً أو ضميرًا أو كراهية للظلم أو انحيازًا للمستضعَفين.
يستيقظ القاضي في الصباح ويستعد للذهاب إلى المحكمة وفي ذهنه صورةُ قصر الحاكم وليس قصر العدل، والكلمة المُعَلــَّـقة على الحائط فوق رأسِه عن أمر الله له أن يحكم بين الناس بالقسط هي للاستهلاك المحلي، كالدجاج الـنـيّء من الجمعية التعاونية، تظن أنه يملأ بطنــَك، وتنسىَ أنه يضع فيها فضلات الأثرياء والسلطة.
القوانين في العالم الثالث لا تعترف بشاهد عيان؛ إنما بأقوال سلفٍ لا يستطيع أذكاهم وأتقاهم وأكفأهم أنْ يتخيل شكل العالــَم الذي سيستعين بهم بعدما تحولت هياكلهم العظمية في القبور إلى رماد اختلط به ترابُ الأرض.
كل القضاة والمستشارين يتواكلون على المجهول بزعم أنهم يتوكلون على الله، والكُتُب المقدّسة تحت تصرفهم، والإعلام الوصولي في خدمتهم، والبرلمان الجاهل يكمل مهمتهم، والحاكم الجبان يُخيــّـط مؤخرَته في كرسي الحُكْم بفضل كمية الفساد الهائلة التي صنعت قوانين لمساندة السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والعقائدية والدرويشية والمالية.
خرافة القضاء على الفساد بقوانين حافظتْ على الظلم والرشوة والفقر والاستغلال والجهل والمرض هي حائطٌ هشٌّ إذا لمستـَه سقط وتناثرتْ حجارته في كل مكان.
يستطيع مجرمٌ أنْ يحكم ثلاثة عقود، ويُفْسِد ويفشل ويصنع الصفر في كل المجالات، ويزيـّف الحقائق، ويستعين بقرَدَةٍ في الإعلام، وينهب أموالَ الفقراء ويقوم بتهريبها، وتتوثق أمام الجماهير آلاف الجرائم منه وعنه، فيجلس المستشار القاضي الذي يعرف كل جريمة خلال ثلاثين عاما ويقوم بتبرئة المتهم لأن النيابة لم تضع أمامه أدلة وبراهين وقرائن كأنه ومستشاريه قَــدَموا لتوّهم من كوكب عطارد ولم يتمكنوا من التعرف على جرائم المسكين المشتبه به!
يستطيع مجرم أن يبيع ويشتري في ممتلكات الوطن، ويأخذ أموال الفقراء ليبني بها استراحات وقصورًا، ويفرّط في أرض بلده في الوقت الذي يقف كبار ضباط الجيش فاغرين أفواههم كأنهم خُشُبٌ مُسَنّدة ويؤيدون أو يصمتون( التأييد والصمت متساويان)، ويتصرف بحماقة في مياه الشرب والزرع التي يُهديه للشعب النهرُ الخالد، لكن قوانين الظلم المصنوعة من خيوط الفساد جيلا بعد جيل، تسمح له أن يُغيّر الدستور ليطيل عُمرَه الحُكـْمي قبل تسليم القصر أو القصور لابنٍ من نسله.
يستطيع مهووسٌ دينيــًا أن يحكم باسم الله، ويأتي بالملائكة شهودًا( وفي الحقيقة فإنهم شياطين يضعون أجنحة ملائكة)، وتبدأ خرافة تديين القوانين وصبغِها بأقوال مجهولة، وتفسير الكتب المقدسة لتناسب وليَ الأمر، ويصغُر المجتمع حتى يصبح جماعة، وتهبط السماءُ حتى تلتصق بالأرض، وتأخذ القوانين صورة مَظــْهرية تُرهِب العامة لأنها ممهورة بتوقيع الله والرسل والأنبياء والملائكة ورجال دين عهد الجماعة.
خرافة احترام القوانين للقضاء على الفساد كوضع المركبـة أمام الحصان، فالقوانين ثابتة بغبائها، والفسادُ يتوالد، ويبيض، ويتكاثر، ويتناسل في كل عهدٍ، لهذا فإنْ حَكَمَ بلدًا في العالمِ المُتخلف ضفدعٌ يحتضر فهو قادرٌ على إحداث حالة من الصمت الجماهيري بنقيقه، فيُخضِع الأمةَ برمتــِها.
خرافة احترام القوانين المُقنَّــنة في عهود الفساد تكملةٌ للفساد وحفاظٌ على مكاسب السلطات اللانهائية في مؤسسات الدولة المربوطة خيوطها بقصر الحاكم.
هذا الموضوع ليس موجهــًا لجهةٍ معينةٍ أو لبلدٍ مُحدد؛ فالعالمُ الثالثُ المتخلفُ والذي نحن جزءٌ لا يتجزأ منه ينطبق كل شبر فيه على رأس المقال: خرافة احترام القوانين!

طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 26 سبتمبر 2020



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجاعةُ الدينِ ليست دينَ الشجاعة!
- لماذا تتأخر بعض الشعوب؟
- خطورة الاكتفاء بالضمير الديني!
- رسالة من مصري لابنه شهيد ثورة يناير!
- عبقرية الديكتاتور الفاشي!
- قاطعوا إسرائيل و.. لا تقاطعوا الإمارات!
- الإنصات لأنفاس الأرانب!
- هل تريد أنْ تربح رضا الرئيس؟
- كورونا والسجناء وأوهام الأمل الكاذب!
- معاناة الجيل الأول مع وطن غادروه!
- فيروس كورونا يرفع الحصار عن قطر!
- رؤيتي للرئيس السيسي!
- متى بدأ المصريون يكرهون القراءة؟
- الفضيلة أن نقتل جميع النساء!
- عبقرية المصافحة بين الرجل و .. المرأة!
- تمنياتي لسوزان مبارك بالشفاء!
- ماذا لو كان عبد الناصر؟
- كلمات غضبٍ عن مقارنات الإسلام والمسيحية!
- معجزة السيسي بدون منازع!
- الخِطابُ الجنازة!


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد عبد المجيد - خرافة احترام القوانين!