أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - الاتحاد والمسؤولية الوطنية زمن الكساد الكوروني















المزيد.....

الاتحاد والمسؤولية الوطنية زمن الكساد الكوروني


الحسين بوخرطة

الحوار المتمدن-العدد: 6687 - 2020 / 9 / 25 - 04:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تبعا لتحليلات وخلاصات مقالاتي الثلاث السابقة التي تم نشرها على التوالي في الصحافة الوطنية الورقية والإلكترونية، الأول معنون "المغاربة في حاجة إلى عقلانية الإتحاد"، والثاني "الاتحاد والانشغال الفكري بإبداع وسعادة المغاربة"، والثالث "الاتحاد مدرسة للتربية على التأمل والتجربة المنتجة للمعرفة"، أعود هذه المرة مذكرا بحنكة وكفاءة قيادات ومناضلي هذا الحزب في التعاطي معرفيا مع أكبر أزمة عرفها العالم في تاريخه المعاصر. لقد عبرت أرضية الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بحمولتها الفكرية وتوقعاتها الصائبة والتفاعلات القوية التي أحدثتها، والتدخلات الهامة لمناضلي هذا الحزب في مختلف المستويات الترابية، عن وعي تام بخطورة الأوضاع الوطنية في مرحلة زمن ما بعد الحداثة، التي اشتد بها الصراع العالمي، متخذا شكل حرب باردة متعددة ومتنوعة الآليات، إلى درجة جعلت العالم في نفس الوقت يعيش مأساة خطيرة، ببعديها الاقتصادي والوبائي، بدون نشوب حرب عسكرية عالمية هدامة وفتاكة بأسلحتها التكنولوجية والنووية والجرثومية المتطورة.
فوعيا بعواقب الأزمة التي تجاوزت حدتها طابع الركود، لتدخل مرحلة الكساد الشديد، عبر الاتحاد من خلال أرضية كاتبه الأول، اعترافا كالعادة بالإجراءات والقرارات الوطنية الجادة والبناءة المعبرة عن التطور المؤسساتي للبلاد، عن اعتزازه وتنويهه بما قامت به الدولة المغربية، بقيادة جلالة الملك، في البدايات الأولى لانتشار فيروس كورونا. إن تدخلها الاجتماعي، بصداه العالمي المدوي، تحول إلى شعار بارز معبر عن التطور السياسي والدستوري للبلاد. لقد برز بالواضح أن الإصلاحات الدستورية الجديدة كان لها نفع ووقع إيجابي، نفع أعطى للتدخلات المؤسساتية شرعية ونجاعة في مستوى تطلعات المغاربة. لقد استعمل جلالة الملك، يقول الكاتب الأول، كل ما منحه الدستور من صلاحيات، سواء على مستوى إمارة المؤمنين، أو رئاسة الدولة، أو القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، لإطلاق مبادرات رائدة سهلت تدبير الأزمة وجعلت المغرب مضرب الأمثال في مختلف أقطار العالم.
لقد تبين اليوم، بعد الخطاب الملكي بمناسبة تخليد ثورة الملك والشعب في صيف 2020، والارتفاع المستمر لعدد الإصابات والوفيات بسبب هذا المرض الفتاك، أن فترة الكساد ستطول، وقد تتجاوز السنتين، كما لوح بذلك عدة مرات المدير العام للمنظمة العالمية للصحة. إن دعوة حزب الوردة إلى ضرورة تشكيل كتلة وطنية لا تستثني أحدا، والحفاظ على اللحمة الوطنية وحمايتها من أي تشويش أو حسابات سياسية ضيقة، كانت دعوة رصينة وواعية بالتحديات والرهانات المستقبلية. إن المغرب، كباقي دول الجوار المغاربي والعربي، يعيش وضعية حرجة جدا، ولا يتوفر على كثير من الوقت لاتخاذ القرارات الحاسمة التي تخول له تقوية نفس جهازه التنفيذي، نفس يضمن السرعة والنجاعة في اتخاذ القرارات المصيرية في زمن الكساد الاقتصادي العالمي الخطير.
إن القيام بهذه الخطوة المستعجلة تشكل فرصة تاريخية لإعادة البناء على أسس سليمة من أجل ترسيخ المكتسبات وتقوية الخصوصية المغربية، ودعامة مؤسساتية ناجعة لتحول الآثار الجارفة لآفة كورونا إلى أعراض يسهل القضاء عليها في إطار مسار النموذج التنموي الجديد الذي أعطى جلالة الملك محمد السادس انطلاقة بلورته وإعداده على أسس سليمة. فإضافة إلى حاجة البلاد إلى جهاز تنفيذي بكفاءات عالية، يبقى تحقيق أعلى مستويات التناغم بين الدولة بمؤسساتها وسلطها التنفيذية والتشريعية والقضائية، التي تحمي حياة ومصالح مواطنيها، ذات أولوية وأهمية بالغتين. فعلا، المغاربة زمن كورونا في حاجة إلى دولة قوية عادلة تلعب فيها المؤسسات الرقابية الرسمية والمجتمعية أدوارا ريادية، تسعى في هذه الفترة العصيبة إلى تقوية التضامن المجتمعي بقيم الديمقراطية والحداثة. فاحترام حقوق الإنسان، بتزامن مع الحرص على ضمان النجاعة في الفعل المؤسساتي وتفعيل برامج الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، يتطلب الوعي بتحديات وتهديدات ومخاطر المرحلة، وعي يجسد بجلاء تام نوع من التكامل والتضامن القويين، في التفكير وبلورة الاستراتيجيات المحكمة، بين كل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في البلاد.
لقد تبين اليوم، بعد ما تم التصريح كونيا بطول استمرار الكساد وإنهاكه لاقتصاديات العالم لمدة قد تتجاوز السنتين كما سبقت الإشارة إلى ذلك أعلاه (الأجل المرتقب لإيجاد مضاد للفيروس الفتاك)، أن الأرضية الاتحادية لم تكن تعبيرات سياسوية أو إنشائية، بل كانت رؤية فكرية واعية بالحاضر ومستشرفة للمستقبل. إن تبعات الجائحة ستتفاقم قوتها بلا شك، إلى درجة لن تتطلب التركيز فقط على اتخاذ إجراءات التخفيف من المخاطر الاقتصادية والمالية، بل ستتطلب بالتأكيد الكفاءة العالية والرؤية الثاقبة لضمان دقة وموضوعية سياسات وإجراءات تدخل الدولة بمنطق مزدوج، تدخل يضمن في نفس الآن المردودية الاقتصادية، والصمود أمام العواصف والمخاطر الكاسحة المحتملة من خلال إعطاء الأسبقية للمجالات الصحية والتربوية والتعليمية والإنتاجية والسياسية.
إن عالم اليوم لا يعيش مرحلة ركود اقتصادي، كما تكرر حدوثها وتجاوز ثلاثة وثلاثين مرة منذ سنة 1950، بل يعيش مرحلة الكساد العظيم، مرحلة ستزداد فيها تأثيرات العواقب الوخيمة والوقع الضار على الشعوب بفعل ارتباط الآفة الاقتصادية بكل المعيقات التنموية المعروفة المميزة للأزمات الخانقة (أزمة عرض، أزمة طلب، ضعف القدرة الشرائية، أزمة استنزاف المدخرات الأسرية، تحويل القروض التي كانت عادية إلى قروض سامة بسبب توقف أو تسريح العمال، أزمة سيولة بنكية ومالية،....). إنها مرحلة تجاوزت الكساد العالمي لسنة 1929، والتي دامت إجراءات مواجهة عواقبها أكثر من عشرين سنة. أكثر من ذلك، لقد ابتلي عالم اليوم بالتأثيرات العنيفة لكوفيد 19 في وقت وصل فيه الصراع بين الصين ومعسكرها الناشئ وأمريكا إلى مستويات لا تبشر بالخير. لقد انقلبت دول منظمة شنغهاي للتعاون، وعلى رأسها الصين وروسيا والهند، على الدولار بحيث عوضته بالعملات الوطنية في المعاملات الثنائية. إنها منظمة حكومية دولية تأسست في شنغهاي في 15 حزيران/يونيه 2001. وتتألف حاليا من ثماني دول أعضاء(أوزبكستان، وباكستان، وروسيا، والصين، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والهند)، وأربعة دول مراقبة أبدت الرغبة في الحصول على العضوية الكاملة (أفغانستان، وإيران، وبيلاروس، ومنغوليا)، وستة شركاء حوار (أرمينيا، وأذربيجان، وتركيا، وسريلانكا، وكمبوديا، ونيبال).
لقد تحول الانقلاب على الدولار إلى آلية دولية للتحايل على العقوبات الأمريكية زمن ترامب. بدورها روسيا، لا تدخر جهدا من أجل التحرر من سلطة هذه العملة التي تستغلها الولايات المتحدة الأمريكية في إنزال العقوبات على الدول والأمم. فما بين 2013 و2018 انخفض احتياطي الدولار في البنك المركزي الروسي من 40 بالمائة إلى 24 بالمائة. بالمقابل، يعيش العالم إستراتيجية صينية طويلة الأمد لإحلال اليوان الصيني محل الدولار الأمريكي في المعاملات التجارية والمالية العالمية، أي أنها تسعى إلى انتقال سلس للنظام المالي العالمي من اعتماد العملة الأمريكية إلى اعتماد العملة الصينية. إن الصين، كإمبراطورية اقتصادية عظمى، تمتلك أكبر خزان من الدولار على شكل سندات تتجاوز قيمتها 1.1 تريليون دولار، في نفس الوقت ارتفعت الديون الأمريكية ثلاث مرات في السنوات الأخيرة لترتفع من ستة تريليون دولار إلى اثنين وعشرين تريليون دولار. إضافة إلى ذلك، أبانت التطورات أن مجهودات التعاطي مع تبعات الوباء ساهمت في الرفع من حدة انغلاق الدول، وتهميش دور مجموعة الدول العشرين القوية عالميا في مجال التعاون وتكاثف الجهود لمواجهة الأزمات العالمية بشقيها المالي والوبائي.
والحالة هاته، يبقى من الوهم، بالنسبة لبلادنا، التصريح بيسر التفاعل مع التطورات الكونية الوبائية والاقتصادية والسياسية والثقافية بدون سياسات واستراتيجيات محكمة. إن مغرب مرحلة مواجهة الكساد الكوروني لن يحتمل الصراع السياسي ولا حتى المنافسة السياسية. إن بلادنا تحتاج، إضافة إلى تفعيل الإجراءات الاحترازية لإيقاف انتشار الوباء بكل دقة ومسؤولية (العزل والحجر الصحي في مواعده وبآجال معقولة، التباعد واتخاذ المسافة بين المواطنين، استعمال الكمامة كما ينبغي، التعقيم والغسل بالصابون المتكرر قبل لمس الأنف أو العين أو الفم، استمرار التعليم والتكوين الحضوري، المدعم بالتواصل المعرفي اليومي عن بعد، بالجودة المطلوبة، وإجراء الامتحانات الحضورية في مواعيدها، وتعميم الثورة الرقمية في التدبير الإداري وتشجيع العمل والتكوين عن بعد،....)، إلى سياسة اقتصادية محكمة لمواجهة التبعات والخسائر الاقتصادية الهائلة. إن الضمان السليم لعودة العمال والمستخدمين إلى مقرات وحداتهم الإنتاجية والاستمرار في ذلك مع الحد من ظهور البؤر المرضية، وتعويض هذه الأخيرة والمؤسسات المالية لخسائرها، ودعم الاستهلاك بالعقلانية المطلوبة، يشكل اليوم مطلبا أساسيا لضمان مقاومة الكساد الوطني العنيف في زمن الصراع والارتباك والحرب الاقتصادية لخلق التحولات في موازين القوى العالمية. على المغرب أن يأخذ العبرة من التبعات الخطيرة التي أصابت الدول المتقدمة. فالولايات المتحدة الأمريكية، التي لم تكن جاهزة للتفاعل مع الوباء من البداية، أصيب قطاعها الإنتاجي بأزمة غير مسبوقة جعلته يفقد أكثر من 700 ألف وظيفة. كما صرحت الحكومة البريطانية في الشهور الأخيرة أن ما يفوق 800 ألف شركة إنتاجية على وشك الإفلاس.



#الحسين_بوخرطة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتحاد مدرسة للتربية على التأمل والتجربة المنتجة للمعرفة
- الإتحاد والتربية على قيم إسلام الأنوار
- عبد الرحمان اليوسفي رجل تاريخ وفلسفة وفقه خبر الواقع ومتطلبا ...
- حب عبد الرحمان اليوسفي من الإيمان بالإنسانية
- اليوسفي يغادر والانتقال المؤسساتي في مفترق الطرق
- العنصرية وسؤال الانقلاب عن تقدمية التاريخ الغربي
- مصداقية قاعدة معطيات الفقر والهشاشة
- الزعيم اليوسفي قائد الثورة المؤسساتية الهادئة بالمغرب
- اليوسفي، التنمية القروية، الأوراش الكبرى ومواجهة التهميش الا ...
- مات اليوسفي وعاش تاريخ سياسة وفكر
- الانفجار التنموي المستحق بالإتحاد
- المغرب، التقليدانية والمؤسسات الديمقراطية في الحكم
- حقوق الطفل ما بين الأسرة والدولة
- تأويل مغاير لتوطيد سلطة الدولة المرابطية
- مستقبل الوطنية والإصلاح والهوية اللغوية ؟
- الخصوصية الفكرية والثقافية المغربية ومشروع قانون 22-20
- رهان تفوق ثقافة -النحن- المجتمعية ما بعد الكورونا
- المقومات الجديدة للمشروع التحديثي المغربي
- أي روابط للثقافة بالتنمية زمن ما بعد الكورونا
- الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - الاتحاد والمسؤولية الوطنية زمن الكساد الكوروني