أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - أي روابط للثقافة بالتنمية زمن ما بعد الكورونا















المزيد.....

أي روابط للثقافة بالتنمية زمن ما بعد الكورونا


الحسين بوخرطة

الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 01:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد تتبع المغاربة باهتمام كبير النقاش اللغوي، بأبعاده السياسية والهوياتية، الذي عرفته بلادنا سنة 2019، والذي توج، كما هو معروف، بالمصادقة المؤسساتية على قانون الإطار رقم 17-51، وصدور ظهير شريف في الموضوع بتاريخ 9 غشت 2019 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين. إن أبرز ما ميز هذه المحطة، مع استحضار ميزة التشابه مع تفاعلات النقاش الوطني في شأن مدونة الأسرة، هما أمران لا ثالث لهما، الأول يتعلق بمصادقة مجلس البرلمان على هذا القانون بتاريخ 22 يوليوز 2019، وبروز اعتماد موقف التحفظ بالنسبة لفريقي العدالة والتنمية والاستقلال على المادتين 2 و31 (مع تسجيل ثلاث أصوات رافضة عبر عنها كل من المقرئ أبو زيد الإدريسي، ومحمد العثماني، والشناوي وبلافريج)، والخرجات الإعلامية لرئيس الحكومة السابق السيد عبد الإله بن كيران التي جمعها، بأمر منه، الكاتب بلال التليدي في كتيب عنونه "موقف عبد الإله ابن كيران من فرنسة التعليم". إنه كتاب مكون من ستين صفحة خصصت للتنديد بتغيير لغة تدريس المواد العلمية من العربية إلى لغة أجنبية.
وقبل أن أخصص مقالا مفصلا لقراءة مضمون هذا الكتاب لاحقا، وجدتني مضطرا في فترة الحجر الصحي زمن الكورونا القاتل، زمن التأمل والتفكير في المراجعات الفردية والجماعية، لفتح النقاش القبلي في موضوع روابط الثقافة والتنمية بكل جوانبها. إن أهمية هذا الموضوع/الإشكالية يتجلى في أهمية المصطلحين وتفاعلهما التاريخي الذي أبرز أن الأول يشكل الركيزة المحورية التي يتأسس عليها الوطن، ويتأسس عليها بذلك الحراك النفسي والمعنوي للرفع من نجاعة أفعال وسلوكيات الفرد داخل مجتمعه. فهي إذن، أي الثقافة كرأسمال اللامادي، تشكل القلب النابض للذات الحضارية وروابطها القوية بمردودية الشعوب. ونظرا لهذه المكانة السامية، نجد أن عددا كبيرا من المفكرين يدعون بدون تردد إلى تقوية تمثلاتها الحقيقية في أذهان الأفراد والجماعات، وتجسيدها كوعاء للقيم الإيجابية البناءة والمنتجة، وعاء تتوسع سعته وحمولته الكمية والكيفية باستمرار. إنه مطلب التوسيع والإثراء المطلوبين لتمكين المجتمع، من خلال ممارساته وانشغالاته وسلوكياته اليومية، من بناء شخصية وطنية قوية، وروح جماعية كادحة لا يفارقها رهان تحقيق النهضة والتنمية، رهان يجعل الممارسة المجتمعية فضاء لاكتساب المهارات التي تبعد هوية الأمة الثقافية عن آفتي التعالي والسكون والسرمدية، وتجعل الأفراد لا يكلون ولا يملون في مدها بالثقة اللازمة، جاعلين منه بذلك (المد المتواصل) تعبيرا حضاريا ومجتمعيا قادرا على خلق منطق ثقافي منفتح ومتضامن، تمتزج فيه آليات التأصيل والاستعارة والتأثر والتأثير، المستحضرة لمصلحة الأمة المغربية في التفاعل والتناقح الثقافي والفكري والعلمي مع الحضارات الأخرى. إنه المنطق الذي يجب أن يرسخ في السلوك الجماعي والمؤسساتي طموح تقوية اليقين في قدرة الذات المجتمعية المغربية لخوض مغامرات الاحتكاك السلمي والمعرفي مع حضارات الآخر وإنجازاتها، بدون الخوف من النتائج المحتملة لخضوعها (الثقافة) لآليات الحذف والإضافة والتطوير. لقد أصبح بديهيا، عصر التكنولوجيات وغزو الفضاء، وما يتطلبه من معارف تحتكرها في الوقت الحالي اللغات الأجنبية، أن تقوية ثقة المجتمع في حمولة ثقافته التاريخية المتراكمة عبر العصور أصبح مطلبا استعجاليا. وعليه، فلم يعد هناك أي مبرر في بلادنا، التي أبرزت قوة تدخل الدولة في التعاطي مع آفة انتشار فيروس الكورونا، للاستمرار في ضياع الوقت من خلال التماهي مع النقاشات الهوياتية الجانبية. إن التعبير عن الإرادة السياسية لخلق مقومات تقوية الثقة في قدرة ثقافتنا، كمعطى وطني سيادي، على التكيف مع المستجدات الكونية، يجبرنا على اتخاذ الإجراءات اللازمة التي ستؤكد للعالم أن الدولة المغربية واعية كل الوعي بدور العلاقات الثقافية في تقرير وتحديد طبيعة العلاقات التجارية والسياسية السليمة، وأن الرصيد الثقافي الوطني المغربي أصبح اليوم يتمتع بقوة معنوية مجسدة لإرادة أمتنا في اكتساب القوة المعرفية، قوة حريصة على البحث الدائم لتوفير الشروط الكونية التي تجعل من الروح المجتمعية فضاء رحبا للتعاطي مع كل الحقول الأخرى الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والدينية، والصحية، والتقنية، والبيئية، ...إلخ.
إن الوضع الدولي يؤكد اليوم أن الدولتين الروسية والصينية، بعد التقدم الذي حققاه في القرن الماضي والعراقيل التي واجهتهم في نهايته، لم يعلنوا أي مقاومة عنيفة للنظام العالمي الجديد الذي تم الإعلان عليه انفراديا من طرف الغرب في تسعينيات القرن الماضي. لقد مرت ثلاث عقود على بناء المؤسسات النيوليبرالية العالمية بأجهزتها الدولية المعروفة، لنعيش اليوم حقائق جديدة، أبرزت أن الثقافة المنفتحة لها دور محوري في خوض معارك المنافسة الشرسة كونيا في مختلف المجالات. إن الدولتين السالفتي الذكر، بالرغم من كون إعلان النظام العالمي الجديد جاء على أنقاضهما أو على حسابهما، فقد توجا اليوم من أكبر المستفيدين منه، إلى درجة جعل اليوم بلاد الصين الشعبية تحتكر نسبة عالية في مجال صناعة الأدوية زمن الكورونا، مع التعبير على مستويات خيالية في استعمال التكنولوجيا في مجال الصناعات المختلفة والوقاية من الأوبئة الفتاكة، وعلى قدرة هائلة في نشر ثقافتها إعلاميا بكل اللغات تقريبا. لقد أقروا، انتخابيا وشعبيا، رئيسين قويين على المدى الزمني الطويل، مبعدين بذلك أسباب الخلاف في شأن قيادة الدولتين، ليتوجا اليوم في مصاف الدول الرائدة في مجال الاستغلال العقلاني للثورة العلمية والتقنية والصناعية والذكاء الاصطناعي والطفرة الرقمية وتكنولوجيا الاتصالات والمواصلات والإعلام.
بهذه التطورات الثقافية المتنافسة كونيا منذ أكثر من أربع عقود، وصلت شعوب الكون إلى مرحلة مفصلية تتطلب استكمال فهم جديد للعالم، تكون فيه الثقافة خير للناس ومولدة للحميمية والألفة من خلال تفاعل هوياتهم. إنه تطور تاريخي جعل من آفة انتشار الكورونا محطة أساسية ومحورية للتأمل ومراجعة الذات. إنه وباء يخترق سيادات الدول والأمم بدون أن يميز لا بين أنواع الأنظمة، ولا بين المستويات المادية للأشخاص، ولا بين تراكمات ثرواتهم وممتلكاتهم، ولا بين معتقداتهم وأديانهم، ولا بين ألوان بشرتهم أو أعراقهم أو جنسياتهم. إنه وباء كوني فتاك، همش بالواضح النقاشات والخطابات والمزايدات والتعنتات التي احترفها روادها لا لشيء سوى لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب المصالح الحقيقية لأوطانهم، وحول الفزع الذي أحدثه في كل بقاع الكرة الأرضية إلى نداء لتغيير النظام العالمي، نظام يخرج الشعوب من هذه الجائحة بالتعاون، وتجاوز الإيديولوجيات والأديان والقوميات، تعاون بمنطق إنساني، تتجاوز من خلاله جميع أنواع الانغلاق والتصلب والتطرف والكراهية للآخر. إن مجابهة وباء الكوفيد 19 يتطلب قدرة عالمية بمقومات الانتصار، تضفي النجاعة على سياسات الوقاية، وترفع إلى أعلى المستويات القدرة على المعالجة والتطبيب، وتضمن الرعاية والحماية اللاحقة.



#الحسين_بوخرطة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجابري، جعيط، العروي وأركون ومشروع تحديث التراث


المزيد.....




- -ما تفعله اختطاف-.. فيديو يُظهر شابة متشبثة بشجرة وملثمون يح ...
- غموض وتساؤلات حول تداعيات قرار الحد من صلاحيات القضاة في الو ...
- مصر.. تحرك من السيسي بعد مصرع -عاملات اليومية- بحادث تصادم م ...
- الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء أحياء في غزة، و81 قتيلاً خلال 2 ...
- صحيفة: جدّ رئيسة الاستخبارات البريطانية كان جاسوسا لألمانيا ...
- انقسام في الولايات المتحدة بشأن نجاعة الضربات الأمريكية ضد إ ...
- هل نضجت ظروف اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة؟
- مسؤول عسكري أميركي: لم نستخدم قنابل خارقة للتحصينات في أصفها ...
- ويتواصل تدهور أوضاع الشعب التونسي
- باكستان: مقتل 16 جنديا في هجوم انتحاري غرب البلاد وإصابة مدن ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الحسين بوخرطة - أي روابط للثقافة بالتنمية زمن ما بعد الكورونا