أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - الفلسفة الإسلامية والعلم















المزيد.....



الفلسفة الإسلامية والعلم


غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 6685 - 2020 / 9 / 23 - 13:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




يؤكد كل من "غنارسكيربك" و"نِلزغيلجي" في كتابهما "تاريخ الفكر الغربي" أنه قد جرى فقدان معظم الإرث الفلسفي والعلمي اليوناني في الغرب في الفترة الزمنية الممتدة من سقوط الإمبراطورية الرومانية والنهضة الثقافية العظيمة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وعلى كل حال، نقول إن الفلسفة والعلم اليونانيين حُفِظا في المنطقة الثقافية العربية – الإسلامية، فقد احتفظت الدولة الاسلامية بكثير من الارث الفلسفي والعلمي اليوناني، ذلك إن العرب والمسلمين لم يكونوا مجرد متلقين سلبيين للثقافة والعلم اليونايين، والأصح أن نقول إنهم حصلوا على الإرث من الحقبة الهيلينية بفعالية، وتابعوه بطريقة خلاقة، وكان اكتسابهم ذلك الإرث مصدر تقليد علمي جديد ساد النشاط الفكري إلى زمن الثورة العلمية في القرنين السادس عشر والسابع عشر"([1]).

فقد، تُرجمت أعمال أرسطو وفلاسفة يونانيين آخرين إلى اللغة السريانية في مرحلة مبكرة، أما الإختراق العظيم في الانتقال الثقافي، فقد حدث في زمن الخلفاء العباسيين في بغداد، وكان حكم هارون الرشيد (786 - 809) علامة البداية لنهضة هيلينية شاملة في العالم العربي، ابتدأت بمشروع ترجمة واسع، واكتمل الكثير من العمل في أول الأمر، بفضل العرب المسيحيين الذين كانت السريانية لغتهم الثقافية، وكان لتلك الترجمات أثرها البارز في تبلور الفلسفة الإسلامية من ناحية، وفي تطور العلوم والاكتشافات العلمية لدى علماء المسلمين من ناحية ثانية.

كانت أهم إسهامات المسلمين في تطور العلم في ميادين الكيمياء والرياضيات والطب والفلك وعلم البصريات، ويعتبر الطبيب والفيلسوف العربي أبو بكر الرازي (865 – 925) أول من درس أمراض الأطفال مثل الحصبة والجدري، وألف الرازي عدة كتب مدرسية، كان انتشارها واسعاً ليس بين العرب فحسب وإنما في الغرب أيضاً. وترجمت أعماله إلى اللغة اللاتينية في القرن السابع عشر.

ثم تابع ابن سينا (980 – 1037) عمل الرازي، وكطبيب، تَأَثرَّ ابن سينا بجالينوس، وكان عمله الرئيسي هو كتاب قانون الطب جمعاً واسعاً لأفضل ما في الطب اليوناني والاسلامي، وباعتباره فيلسوفاً متميزاً، فقد "حاول ابن سينا مثل العديد من اللاهوتيين المسيحيين أن يصوغ حقائق الإسلام بتصورات المنطق الأرسطي والميتافيزيقا اليونانية المتأخرة (الأفلاطونية الجديدة)، وكانت النقطة الحاسمة في فلسفة ابن سينا متمثلة في نظرته إلى المادة، لكنه انطلاقاً من احتفاظه بفكر أفلاطون وأرسطو، بدا وكأنه رفض الفكرة التي تفيد أن الله خلق المادة من العدم، أي أن الفيض من النور الإلهي ملأ المادة، لكنه لم يخلق المادة، وكانت هذه نقطة البداية لنزاع مُرْ داخل الفلسفة الإسلامية الأولى.

كما كان للعلماء العرب إسهامات بارزة في عدة ميادين، "نذكر من بينهم ابن الهيثم (965 – 1039) الذي احتل مركزاً فريداً، وأحرزت أعماله تقدماً مفاجئاً في علم البصريات من نواح عديدة، كما حقق ابن الهيثم تقدماً عظيماً في بحث العدسات، وفي المرايا الكروبة والمنحنية، وحقق تحليلاً دقيقاً لكيفية عمل العين، واليوم، ينظر إلى ابن الهيثم على أنه أعظم فيزيائي عربي، وقد أثَّر تأثيراً عظيماً على العديد من العلماء الغربيين، بمن فيهم روجر "بيكون"، ويوهانس كبلر، وإسحق نيوتن"([2]).

لقد هوجمت فلسفة ابن سينا من الغزالي (1058 – 1111) في كتب عديدة، وكان الغزالي أحد أعظم المتصوفين واللاهوتيين الإسلاميين، وكانت نقطته الرئيسية هي في قوله، إن إله الفلاسفة ليس الله الموجود في القرآن، وعندما يحصل نزاع بين الفلسفة والقرآن، على الفلسفة أن تخضع.

لكن فلسفة ابن رشد (1126 – 1198) استطاعت وفق رؤيتها العقلانية، التصدي لفلسفة الغزالي، ومن ثم بات ابن رشد أكثر المفكرين العرب تأثيراً في أوروبا منذ القرن الثالث عشر حتى القرن السابع عشر.

ففي نزاعه مع الغزالي، قال ابن رشد بعدم وجود أي تناقض بين نتائج الفلسفة والقرآن، فقال: "لما كان هذا الدين حقاً، ويشجع البحث الذي يؤدي إلى معرفة الحقيقة، فنحن المجتمع المسلم، نعرف أن البحث بعون من النقاش، لا يؤدي إلى نتائج تعارض ما أعطتنا إياه النصوص المقدسة، لأن الحقيقة لا تتناقض مع الحقيقة، بل تنسجم معها، وتشهد لها، إذاً، أنَّى لنا أن نشرح التناقضات الواضحة؟ وهنا قدم ابن رشد مبدأ في التأويل أدى أيضاً دوراً مهماً في الفلسفة الغربية: أوضح أنه يجب أن لا نتناول كل شيء في القرآن حرفياً، فعندما يبدو هناك تعارض بين التأويل الحرفي لآيات القرآن مع العقل، فيجب تأويل الآيات مجازياً أو قصصياً رمزياً، وما أحوجنا اليوم إلى ذلك التأويل الفلسفي العقلاني في مجابهة الأصولية([3]).

لقد كان علماء المسلمين في جميع الميادين تقريباً، كميادين الفلك والرياضيات والطب والبصريات، في عداد العلماء الأكثر تقدماً في القرون الوسطى، وظل العرب لأكثر من ستة قرون متقدمين على الغرب، تقنياً وعلمياً.

" لقد امتدت الفلسفة العربية إلى فلاسفة عصر النهضة الأوروبية، حتى رأينا مفاهيم ابن سيناء وابن رشد عن سرمدية المادة، وحركتها الدائرية، وتحولات الصورة مع بقاء المادة، تصبح مفاهيم مسلماً بها عند جوردانو برونو (1548 – 1600) مثلاً، وبيترو بومباناري (1464 – 1524) الذي أعدم بتهمة الدعاية للالحاد استناداً إلى كونه رشدياً، وكذلك الفيلسوف الايطالي الآخر برنارديو تيليزيو (1508 – 1588) الذي تبنى نظرية ابن رشد القائلة بأن الحرارة هي سبب انتقال المادة الجامدة إلى الحياة.

كما "دخلت الفلسفة العربية معركة الصراع الايديولوجي ، منذ بدء تشكلها الأولي عبر أفكار الجماعة المسماة بـ"القدرية" التي رفضت خضوع الانسان لأحكام القدر في الوقت الذي رفضت فيه سيطرة نظام الحكم الاستبدادي المطلق باسم القدر الالهي، ثم عِبر أفكار المعتزلة الذين واصلوا طريق "القدرية"([4]).

وبعد أن تطورت الاشكال الفلسفية إلى منظومات متناسقة على أيدي الكندي والفارابي وأبي بكر الرازي وابن سينا حتى ابن رشد، "ارتفع الصراع الايديولوجي، بفضل هؤلاء الفلاسفة، إلى مستوى أعلى فأعلى، وفقاً لتطور الصراع الطبقي المتصاعد كلما اشتد التمايز الاجتماعي، طبقياً وفئوياً، في مجتمع كان يتطور اقتصادياً بدرجات متفاوتة حسب ظروف تاريخية متفاوتة، وفي ما بعد واصلت الفلسفة العربية خوض هذا الصراع حتى حين انفصلت عن بيئتها التاريخية (البلدان العربية – الاسلامية)، أي حين دخلت أوروبة القرون الوسطى"([5]).

ذلك أنها ، في حالتها تلك ، قد ساعدت القوى التقدمية النامية داخل الفلسفة الأوروبية القروسطية، والحديثة أيضاً ، في التوجهات الفلسفية المادية التي كانت محوراً للصراع الايديولوجي في أوروبة بين اللاهوتية المسيحية والعلم، يؤكد على ذلك "تقرير للفيلسوف الباكستاني محمد شريف قدمه إلى المؤتمر الفلسفي العالمي الثاني عشر من أن "الفلسفة الاسلامية هي التي أعطت الحركة الانسانية مبادئها الأولى، وعرفت الغرب على العلوم التاريخية والأسلوب العلمي ووضعت أسس النهضة الايطالية واثرت على الفكر الأوروبي المعاصر حتى عمانوئيل كانط"([6]).

ويبقى السؤال: لماذا لم يؤد العلم العربي إلى العلم الحديث؟ لماذا حدثت الثورة العلمية في أوروبا، في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولم تحدث في العالم العربي- الإسلامي؟

وقد يكون السؤال الأكثر إلغازاً هو: لماذا مال العلم العربي بعد القرن الرابع عشر إلى الأفول؟ ولماذا صارت الفلسفة العربية والعلم العربي في حالة ركود؟ ليس بالإمكان إعطاء جواب شامل عن هذه الأسئلة هنا. وسنكتفي بمجرد الإشارة إلى جواب ممكن.

كان الفلاسفة والعلماء العرب الذين عرفناهم مسلمين كلهم، وقد أقاموا عملهم على الفلسفة والعلم اليونانيين، من غير أن "يؤسلموا" المسائل والنتائج، وقد كان ذلك مُجازاً ومُحْتَملاً في البداية، لكنهم راحوا يتعرضون إلى نقد متزايد من القادة الدينيين.

وازداد الضغط الديني في القرنين الثاني عشر والثالث عشر، وما كان يدعي العلوم الأجنبية لا تلقى دعماً إلا إذا أمكن تبريرها دينياً، او كان لها وظيفة دينية، مثلاً: كانت علوم الفلك والهندسة والحساب علوماً مهمة، فقط لان واجب المسلمين كان يقضي بأن يعرفوا الوقت الصحيح للصلاة، واتجاه مدينة مكة!!، أما من المنظور الديني، فقد انْتُقدَتْ فروع علمية بداعي أن لا فائدة منها للنظرة القرآنية إلى العالم، أو لتدميرها تلك النظرة"، وبالنتيجة فقد "أدت الأسلمة (Islamization) المتزايدة للعلوم اليونانية إلى تقييد ميادين البحث، وقد تكون تلك الأسلمة أحد أهم الأسباب التي أدت إلى الركود والأفول في القرن الخامس عشر، فضلاً عن ذلك، كان الإفتقار إلى أساس مؤسساتي للعلوم في الثقافة العربية مسألة خطيرة، فالمؤسسة التعليمية الرئيسية عند العرب كانت المدارس، وكانت مكرسة بشكل رئيسي للعلوم الدينية أو الإسلامية، وتركزت جميع ميادين التعليم على دراسة القرآن، وحياة النبي وصحابته، والقانون الإسلامي (الشريعة). أما الفلسفة والعلوم الطبيعية فلم يكونا جزءاً من برنامج الدراسة"([7]).

من ناحية ثانية، فقد "عمل فلاسفة وعلماء كثيرون في المدارس، لكنهم لم يحاضروا عن الفلسفة والعلم اليونانيين، لذلك، صار الاشتغال في "العلوم الاجنبية" مسألة نشاط خاص، أو ارتبط بالمساجد (علم الفلك) وبالبلاطات الملكية (علم الطب)، ولم يُؤَسَّس إطلاقاً علم عربي مستقل ومصدق عليه من النخبة الدينية والسياسية في العالم العربي – الإسلامي، كما لم يعترف إسلام القرون الوسطى بنقابات التجار والصناع والشركات، لذا، كان من الصعب شرعنة قيام مجموعات حِرَفية من الطلاب والمدرسين، ونتج عن ذلك، استحالة تأسيس مؤسسات أكاديمية مستقلة تتمتع بحكم ذاتي – كما كانت ميزة الجامعات الأوروبية في أواخر القرون الوسطى، وربما كان أهم سبب للركود في القرن الرابع عشر يمثل في أن العرب لم ينشئوا جامعات مستقلة مجازة أو مدعومة من مسؤولين مدنيين أو دينيين"([8]).

لقد أدى الحوار بين الفرق الإسلامية إلى تفهم تعذر الاعتماد على النص، حتى القرآني منه، حجة حاسمة لنصرة هذا المعتقد أو ذاك، "فالقرآن حمال أوجه"، "وما من فرقة إلا ولها في كتاب الله حجة"، وعلى هذا النحو راح يبرز دور العقل حكماً أعلى في المناقشات اللاهوتية، وفي فهم العقائد الدينية نفسها، وفي خضم هذه المشادات ظهرت وتطورت النزعة العقلانية في "علم الكلام"، أول التيارات الفلسفية في الفكر العربي الإسلامي.

وإذا كان علم الكلام وليد المناقشات بين المسلمين أنفسهم، "فقد كان يمثل علم السياسة بصورة ما، فقد " تأثر علم الكلام بسائر المعارف المعاصرة في نشأته وتطوره، وفي نكوصه وتدهوره، ومهد للفلسفة نفسها كعلم ظهر مواكباً لازدهار علم الكلام، وإذا أفاد المتكلمون الفلاسفة من الفلسفة اليونانية من حيث المنهج وتصنيف الموضوعات؛ فإنهم في تفلسفهم انطلقوا من واقع المجتمع الإسلامي نفسه؛ فقدموا إجابات فلسفية عن إشكاليات وقضايا الواقع، وإذ تطورت طرائق تفكيرهم في معالجة هذه القضايا؛ فقد أصبحوا فلاسفة بالفعل، وليس بالنقل عن اليونان أو غير اليونان"([9]).

إنحطاط الفكر والفلسفة الإسلامية:
دخل الفكر الإسلامي عموماً "طور الانحطاط" –كما يقول د. محمود اسماعيل- على حد تعبير ابن خلدون، بسيطرة "الاقطاعية" العسكرية في أقاليم "دار الإسلام"، وما ترتب عليها من "انهيار العمران" وغلبة النقل والسماع على العقل والإبداع، فاختفت العلوم العقلية أو كادت، واقتصرت العلوم النقلية على الشرح والتذييل، وكان دور الحكومات العسكرية والثيوقراطية في اضطهاد المبدعين بارزاً، باعتبارهم أهل بدع وضلالة وغواية، إضافة لدور "فقهاء السلطان" في التحريض على إحراق تراث الخصوم، وإثارة العوام ضد أهل الرأي، وانصراف الأخيرين إلى التقية والستر" أو السير على نهج النصيين؛ تحاشيا للقتل أو السجن أو المصادرة.

وبديهي –كما يضيف د. محمود اسماعيل- "أن يكون مصير الفلسفة ومنتحليها من الاضطهاد أفدح وأشمل؛ إذ جرى اعتبارها مدخلا إلى الإلحاد والزندقة، والمشتغلين بها كفرة هراطقة؛ فحرمت عليهم الوظائف الرسمية، وصودرت ممتلكاتهم بعد إحراق كتاباتهم، وكما يُجْمع الدارسون المحققون، فإن هذه الأزمة وقعت حول منتصف القرن الخامس الهجري وأنها بدأت في الشرق ثم سرت في سائر أرجاء العالم الاسلامي، كما يعتبرون الغزالي – فقيه السلاجقة- مسؤولاً عن إضرام نيران الحرب ضد الفلسفة والفلاسفة، خصوصاً بعد تأسيس المدارس "النظامية" التي تصدت لفرق المعارضة على الصعيد الفكري بهدف نصرة مذهب أهل السنة والجماعة"([10]).

ومعلوم أن "هذه المدارس رَوَّجَتْ لفكر الغزالي الذي كان مزيجاً غريباً من الأشعرية والشافعية والتصوف، وهذه المدارس ظلت أنموذجا يُحتذى في العالم الاسلامي حتى بعد سقوط الإمبراطورية السلجوقية، وأن الحكام السُّنة تبنوا المنظومة الغزالية؛ فاعتبروها حربا على "الفلاسفة والمعطلة والدهرية"، ومعلوم أيضا أن التصوف "الطرقي" المُشَعْوَذ أضحى أيدلوجية العوام الذين طالما استجاشهم الحكام وفقهاء السلطان للبطش بالمشتغلين بالفلسفة"([11]).

فقد جرى تحريم الفلسفة وتجريم الفلاسفة باعتبارهم خطرا على الدين والدولة في آن، وليس أدل على ذلك من حكم أبى بكر الخوارزمي بان "الفلاسفة هم أجهل خلق الله وأحمق الناس.. فهم أساس الإلحاد والزندقة، والكفر كله شعبة من شعبهم"، لذلك توقف الإبداع الفلسفي في الشرق الاسلامي بعد ابن سينا، وليس ادل على تردي حال الفلسفة واضطهاد الفلاسفة في الغرب الإسلامي إبان هذا العصر من الحملة التي شنها ابن خلدون عن الفلسفة والفلاسفة، حين أفرد فصلا – في مقدمته- بعنوان: "في إبطال الفلسفة وفساد منتحليها"، إذ اعتبر الفلسفة "من العلوم العارضة في العمران" وأكد أن "ضررها في الدين كثير" وتحامل على فلاسفة اليونان جميعا؛ كذا على "أذنابهم" من المشائين المسلمين؛ واعتبر نظرياتهم باطلة في جميع وجوهها" ؛ لانها–في نظره- "مؤسسة على الظن"([12]).

ولعل هذا يفسر لماذا اضطر بعض فلاسفة الغرب الاسلامي إلى إحراق كتبهم – مثل ابن باجه- أو اللجوء إلى الرمز – مثل ابن طفيل- أو التعويل على الشروح – مثل ابن رشد – أو الاعتصام بالتقية، أو هجر الفلسفة نهائيا والاشتغال بالعلوم النقلية.

من ناحية ثانية، فإن تعامل الفلسفة العربية – الاسلامية مع كل من الفلسفات الشرقية، واليونانية الصرف، واليونانية – الرومانية، كان يخضع لواقع الوضع التاريخي الذي كانت تتميز به العلاقات الاجتماعية في المجتمع العربي – الاسلامي خلال العصر الوسيط.

ولذا نلحظ، مثلا، كيف كانت نظرية الفيض الافلوطينية، رغم سيطرتها الغالبة على مجمل الفلسفة العربية، تتشكل داخل هذه الفلسفة على نحو آخر يؤدي في نهاية الأمر إلى تغيير في محتواها وفي اتجاهها الأصلي.

فليس أمراً "انتقائياً" اختيارياً أن يظهر في فلسفة "اخوان الصفاء" أو فلسفة الفارابي وابن سينا هذا الميل المادي أو ذاك، أو يظهر ذلك الاتجاه العام إلى اقتران النظر التأملي بالميل التجريبي، أو إلى ربط التصورات الميتافيزيقية بالظروف المادية للمجتمع، أو أن يكمن في متاهاتها الغيبية محتوى أيديولوجي يرتبط -نسبياً- بمطامح الفئات الاجتماعية الكادحة في الريق والمدينة معارضاً لأيديولوجية النظام الاجتماعي الاستبدادي القائم على أساس علاقات الإنتاج الاقطاعية بوجه عام"([13]).

ان "نظرية الفيض، حين تشكلت في الفلسفة الافلوطينية، كانت تحمل تعبيراً أيديولوجياً([14]) يختلف نوعياً، عن هذا المحتوى الايديولوجي في الفلسفة العربية، ذلك إن فلسفة أفلوطين بذاتها كانت نتاجاً لواقع اجتماعي آخر مختلف جذرياً عن واقع المجتمع الذي ظهرت فيه الفلسفة العربية، وبالتالي فإن ظاهرة فصل الفكر عن الواقع، أو فصل عالم السماء عن عالم الأرض فصلاً صارماً، مع احتقار العالم المادي، كما يفكر أفلوطين، كانت تعبيراً عن واقع الفصل الكامل بين طبقة "الاسياد"، في المجتمع العبودي اليوناني المحتضر حينذاك، وبين طبقة "العبيد" التي كانت، في هذا المجتمع محرومة كل حقوق الإنسان فضلاً عن حق ممارسة التفكير وشؤون الثقافة.

ذلك أن أفلوطين كان المُعَبِّر الأيديولوجي عن طبقة "الاسياد"، لارتباطه الوثيق بالامبراطور جورديانو، كما هو معروف تاريخياً، وعلى أساس هذ الارتباط تمكن أفلوطين أن يصحب امبراطوره هذا في حملته الفاشلة على بلاد فارس عام 242، وبحكم موقعه الاجتماعي – السياسي هذا، كانت أفكاره عن الضرورة الجبرية الميتافيزيقية التي تحكم العالم وعن "الانسجام الكامل" في النظام الواحد الذي يسود الحياة، انعكاساً لموقفه التبريري تجاه النظام الاجتماعي الاستبدادي العبودي المتمثل في امبراطوره العتيد"([15]).

هذا كله يختلف –كما يؤكد د. حسين مروة- "عن موقف الفلسفة العربية والفلاسفة العرب، ومنهم "اخوان الصفاء"، فقد "ظهرت الفلسفة العربية في ظروف علاقات اجتماعية اقطاعية باتجاهها العام، تنمو خلالها في المدن فئات تجارية وفئات حرفية كانت لديها الظروف الاجتماعية الموضوعية للتطور النسبي. هذا من جهة.

وكان ممثلو هذه الفلسفة – من جهة ثانية- ينشأون من أوساط فلاحية أو من أوساط فئات تجارية أو حرفية أو من أوساط الفقراء المعدمين. أي أن ممارسة التفكير لم تبق كما كانت في المجتمع العبودي وقفاً على أوساط "الاسياد" والاريستوقراطيين، بل بالعكس : أصبح معظم الذين يمارسون التفكير من أوساط شعبية.

في هذا الجانب يقول المفكر الشهيد د. حسين مروه "كان تاريخ البشرية قد عَبَرَ أكثر من ستة قرون منذ أفلوطين حتى عصر الفلسفة العربية في القرون الوسطى، وخلال هذه القرون الطوال كانت معارف الإنسان عن العالم تتقدم، شيئاً فشيئاً، في محاولة فهم هذا العالم واكتشاف بعض قوانين الطبيعة والمجتمع، بصرف النظر عن كون هذا الفهم أو هذا الاكتشاف مطابقاً أو غير مطابق للحقيقة المطلقة الموضوعية.

يضاف إلى ذلك ان معظم الفلاسفة العرب، في تلك العصور، كانوا يجمعون بين النظر الفلسفي التأملي وممارسة العلوم الطبيعية بوسائل التجربة والممارسة العملية، وكانت وسائلهم هذه تتطور خلال هذه الممارسة فتساعد – بصورة ديالكتيكية- على تطوير المعارف العلمية واكتشاف قوانين جديدة في مجال الطبيعة، على قدر ما تسمح الظروف التاريخية بذلك، وإن منطق هذه الحقائق كلها يفترض – بحق- ان تتغير نظرة الفلاسفة العرب حينذاك إلى العالم عن نظرة أفلوطين، وعن نظرات الفلاسفة اليونانيين الذين سبقوه.

من هنا كان أمرا موضوعياً، لا ذاتياً ارادياً، ان تجيء الفلسفة العربية، في عصرها ذاك، نتاج التمازج الحتمي بين حصيلتين: حصيلة المعارف البشرية في عصور سابقة، وحصيلة الوضع التاريخي للمعرفة وللمجتمع في عصر النهضة الثقافية العربية، خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين بالأخص"([16]).

خلاصة القول – أن الفلسفة الاسلامية عاركت أزمة منذ منتصف القرن الخامس الهجري؛ شانها في ذلك شأن سائر المعارف، وأن هذه الازمة دشنها الغزالى في الشرق، ثم سرت في سائر أقاليم "دار الاسلام"([17]).

لذلك كانت الغزالية إيديولوجية الخلافة العباسية – في عصر ضعفها- والسلطنة السلجوقية – في عصر قوتها- وكان الغزالى لا يشغله الهم المعرفي بقدر ما تطلع إلى الطموح الشخصي من خلال الارتباط بالسلطة، وقد أثبت –كما يؤكد د. محمود اسماعيل- "مدى ارتباطه بالسلطة؛ عباسية أولا، وسلجوقية خلال معظم سنى عمره بل راهن أحياناً على سلطان المرابطين في المغرب.

لذلك نؤكد أن مشروع الغزالي كان مشروعا سياسياً أكثر من كونه مشروعا معرفيا، ومن أسف أن السياسة عند الغزالي ارتبطت بالحكام الطغاة، وعلى حساب قوى المعارضة التي تصدى لدحضها معرفيا؛ كي يتسنى للسلطة إخضاعها وقمعها سياسيا، ومن أسف أيضا –كما يضيف د. محمود اسماعيل- أنه "نسج صيغته المعرفية زاعما أنها من عباءة الدين؛ بل لم يتورع عن توظيف الدين لاستئصال شأفة العلم، بتأويله المتعسف لتعاليمه السامية وانتحال الأحاديث خدمة لهدفه المنشود، بل لم يجد حرجا في نصب مذبحة للعقل في ضوء "أحكام النجوم" فأسهم بوعي – أو بدونه- في تخريب الفكر والواقع في آن"([18]).

لقد "أعلن الغزالي أن هدفه المنشود هو الدفاع عن المِلَّة بالتصدي للزنادقة والملحدين، ولم يكن هؤلاء إلا الفلاسفة والشيعة والمعتزلة الذين شادوا صرح الفكر الإسلامي بامتياز، فكانت حملته في الواقع على سائر المعارف المخالفة لصيغته المهترئة معرفيا والموجهة سياسيا.

فما عدا العلوم الشرعية " غير مرغوب فيها لأنها مخالفة للشرع والدين" أو "لأنها علوم لا حاجة إليها"، وحتى العلوم الشرعية قصرها الغزالي على ما توافق مع أيديولوجيته التوليفية ؛ فشرعيات المعتزلة والشيعة محض مروق وإلحاد.

وإذ كفَّر الغزالي سائر الخصوم السياسيين؛ لم يتورع عن استخدام أفكارهم وحججهم في حملته على الفلسفة، ووظف بعض آراء الفلاسفة في حملته على المعتزلة والشيعة، وأفاد من الأفلاطونية المحدثة في محاولته دحض الفلسفة اليونانية برمتها، كما تحامل على الفلاسفة المسلمين لا لشيء إلا لأنهم ظهير لسلفهم اليونانيين، كما هاجم الغزالي العقل من أجل النقل، وفي دفاعه عن النقل استعان بسلطان العقل؛ بما يشى بانتهازية أخذها عليها منتقدوه من القدامى والمحدثين"([19]).

على أي حال، لن نتوقف كثيرا عند ما كتبه ابن رشد عن الغزالي؛ وحسبنا –كما يقول د. محمود إسماعيل- "أنه وصفه بالانتهازية والجهل ووقوفه إلى جانب السلطان ضد الرعية وغياب الضمير، والوصولية، وسوء التأويل، وسلاطة اللسان.. إلخ من النعوت التي تفت في اخلاقياته وتنال من قيمة معارفه، علاوة على ذلك اعترف الغزالي نفسه في أواخر أيامه بان "جهده ليس لصالح وجه الله تعالى؛ بل كان باعثه الجاه وبعد الصيت"([20]) واعترف في مؤلف آخر؛ بان نيته "لم تكن خالصة لوجه الله تعالى، بل باعثها ومحركها طلب الجاه وانتشار الصيت"([21]).

في هذا السياق يقول الباحث سعيد العليمي: "إن السمة المميزة لتاريخ العصور الوسطى الاسلامية –فى القرنين الثالث والرابع الهجريين– هو أنه كان قبل أي شئ آخر، تاريخ احتدام الصراعات الطبقية والمعارك الايديولوجية الدينية والفلسفية، أو هو تاريخ الثورات العامية التى خاضت غمارها طبقات المجتمع الدنيا من فلاحين وبدو وحرفيين وعوام وعبيد، من عرب وزنج وفرس وانباط واكراد، هو عصر الهرطقات الدينية، والنِحَلْ الصوفية، والتمرد على الشريعه، والمهديين المنتظرين، هو دور الاستتار والتقيه فى مدن الضلالة من أئمة الجور. وهو بعد كل شئ عصر القلق الاجتماعي والانتفاض المسلح والحروب الضاربة التى زعزعت سلطة الخلافة العباسية"([22])، وتزايد عوامل ضعفها وتفككها، الامر الذي أسهم في مراكمة مزيد من عوامل انحطاط الفلسفة العربية وامتداده حتى اللحظة الراهنة.





([1]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – تاريخ الفكر الغربي .. من اليونان القديمة إلى القرن العشرين – ترجمة: د.حيدر حاج إسماعيل – مركز دراسات الوحدة العربية – الطبعة الأولى ، بيروت، نيسان (ابريل) 2012- ص 319

([2]) المرجع نفسه - ص 323

([3]) الأصولية الاسلامية ليست فقط حركة سياسية، بل هي قبل ذلك حركة فكرية قائمة على أسس فلسفية، مما يجعلها منهاجاً فكرياً جديداً جديراً بدراسة جدية. الاصولية هي حركة تدعو إلى العودة إلى أصول الدين، أي القران والسنة، وعدم الالتزام بالتطور التاريخي للفكر الاسلامي؛ فمشاكل الأمة الاسلامية لا يمكن حلها إلا بالعودة إلى الينابيع الأصلية ورفض المظاهر والافكار غير الاسلامية، فهدف الاصولية هو إعادة الاسلام باكمله إلى السيطرة على جميع أوجه الحياة. فبالرغم من اصرار الأصولية على وجود المبادئ الاخلاقية في الطبيعة الانسانية الا انها تؤكد على عدم قدرة الانسان على التوصل اليها بالعقل، وهذا يؤدي إلى ضرورة وجود الوحي من أجل منح الانسان المثل التي يجب اتباعها. ويمكن اختصار الفرق ما بين الاصوليين والمصلحين الاسلاميين إلى القول التالي: بينما يعتبر قطب والمودودي ان اسرار الطبيعة الانسانية معروفة فقط عند الله، يعتبر الافغاني وعبده واقبال وشر يعتي ان الانسان قادر على التوصل إلى بعض، اذا لم يكن كل، هذه الاسرار، يرجع هذا الفرق إلى الاختلاف في مفهوم العقل. لهذا تتوقف صحة المعرفة الانسانية عند الاصوليين على مطابقتها للطبيعة الفطرية، الا ان الجوهر الحقيقي للطبيعة لا يمكن معرفته ايضاً، ان معرفتنا، طبقاً لقطب والبنا هي معرفة الحقائق، والاسئلة الأساسية في الحياة عن السببية والكيفية لا يمكن للانسان الاجابة عليها، لهذا، فإن البديل عن المعرفة الانسانية هو الوحي وتقبله. المبادئ السياسية عند الأصولية: اصبح التوحيد عند الأصولية الخيط الذي ينسج به كل الأمور السياسية والاقتصادية والاخلاقية والعقائدية وكل أوجه الحياة – وبما أن الله، مصدر العلم والمادة، هو خالق الاثنين فإن له القول النهائي في الحياة السياسية أيضاً، فهذا المفهوم للتوحيد يشارك به ابو الأعلى المودودي وحسن البنا وسيد قطب، فالانسان عندهم عليه الخضوع لله فقط، وهذا الخضوع هو ليس عقائدياً كما يعتقد المفكرون التقليديون، ولكن الاصوليين يصبغون مفهوم التوحيد بصبغة سياسية فإن اصرارهم على اخضاع السياسيين للدين يقودهم إلى اعتبار هؤلاء الاشخاص الذين لا يعملون على ايجاد او دعم الدولة القائمة على حاكمية الله ككفار وغير مؤهلين للحكم. (أحمد موصللي – الأصولية الاسلامية -الموسوعة الفلسفية العربية - رئيس التحرير: د. معن زيادة – المجلد الثاني - معهد الانماء العربي – الطبعة الأولى 1988 –ص 152)

([4]) حسين مروة – النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية – الجزء الثاني – دار الفارابي – بيروت 1985 - ص 712

([5]) المرجع نفسه - ص 713

([6]) حسين مروة – النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية – الجزء الأول– دار الفارابي – بيروت – الطبعة الأولى 1978 - ص 10

([7]) غنارسكيربك و نلز غيلجي – مرجع سبق ذكره - تاريخ الفكر الغربي - ص 325

([8]) المرجع نفسه - ص 326

([9]) د. محمود إسماعيل – سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. المجلد العاشر.. محاولة تنظير– دار مصر المحروسة – الطبعة الأولى 2005- ص95

([10]) د. محمود إسماعيل – سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. طور الإنهيار (3) ..الفلسفة والتصوف – دار مصر المحروسة – الطبعة الأولى 2005- ص 15

([11]) هذا الوصف، ينطبق إلى حد كبير مع انحطاط المجتمعات العربية في المرحلة الراهنة من القرن!؟

([12]) د. محمود إسماعيل – مرجع سبق ذكره - سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. طور الإنهيار (3) – ص 16/ 17

([13]) حسين مروه – مرجع سبق ذكره – النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية – الجزء الثاني - ص373

([14]) إيديولوجيا (علم الأفكار): الايديولوجيا بمعناه الأصلي: إذا ما عدنا إلى المدلول اللغوي الاشتقاقي لكلمة إيديولوجيا ذات الأصل اليوناني Idea = فكرة، Logos = علم ألفينا أنها تعني علم الأفكار... مبتكر لفظة إيديولوجيا هو الفرنسي دتيسوتدوتراسي (1754 – 1836 م)، لقد وردت، في كتابه "مذكرة حول ملكة التفكير"، ثم كرس استعمالها، بالمعنى الذي أعطاها إياه، في كتابه الآخر "مشروع عناصر الإيديولوجيا"، تعني هذه الكلمة عنده: "العلم الذي يدرس الأفكار، بالمعنى الواسع لكلمة أفكار، أي مجمل واقعات الوعي من حيث صفاتها وقوانينها وعلاقتها بالعلائم التي تمثلها، لا سيما أصلها". ظل مفهوم الإيديولوجيا يراوح ضمن إطار "مذهب الإيديولوجيين" المذكور زهاء نصف قرن تقريباً، حتى جاء العالم الاجتماعي الفرنسي إميل دوركهايم (1858 – 1917 م) وأنشأ نظرية تقول بأن "الواقعات الذهنية ترجع إلى الواقعات الاجتماعية"، معتبراً هذه الأخيرة مستقلة عن وعي الأفراد.

يصف دوركهايم، على ضوء هذه النظرية، نشوء الحالات الإيديولوجية وتكونها بقوله: "بدل ملاحظة الأشياء ووصفها ومقارنتها، نكتفي، إذ ذاك، بوعي أفكارنا وتحليلها وتأليفها بعضها إلى البعض الآخر، أي عوضاً عن إنشاء علم يتناول الحقائق الواقعة، لا نعود نصوغ سوى علم إيديولوجي". نستخلص من الاستشهادات الآنفة المعنى الفلسفي الذي أعطي لكلمة إيديولوجيا خلال المرحلة الثانية من تاريخها، ومفاده أن المنحى الإيديولوجي هو عملية الفهم المستندة إلى الأفكار، هو اليقين القائم على أفكار يعتمدها كقاعدة له، مثلاً على هذه المفهوم البرهان الأنطولوجي على وجود الله تعالى، أي الانتقال من فكرة كائن أعلى تام الكمال إلى تقرير وجود هذا الكائن الأعلى. وبتعبير آخر، يصح القول: إن لفظة إيديولوجيا كان يقصد بها، في المرحلة الثانية من تاريخها، التحليل أو النقاش القائم على أفكار مجردة لا تنطبق على أمور واقعية.

الفهم الماركسي للإيديولوجيا: في المرحلة الثالثة من تاريخها اتخذت كلمة أيديولوجيا معنى سياسياً اجتماعياً صرفاً، وأصبح استعمالها يقتصر عليه. في هذا المجال تعني اللفظة: "مجموعة من الأفكار، أو المعتقدات، أو الآراء، المتماسكة إلى حد ما، والتي تعتبرها فئة اجتماعية معينة، أو حزب سياسي معين، بمثابة ما يقتضيه العقل، مع أن نابضها الفعلي يمكن في حاجة تبرير مشروعات معدة لتلبية غايات منفعية". (رشيد مسعود - الموسوعة الفلسفية العربية - المجلد الأول - معهد الانماء العربي – الطبعة الأولى 1986 –ص159)

([15]) حسين مروة – مرجع سبق ذكره - النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية - الجزء الثاني – ص374

([16]) المرجع نفسه - ص374

([17]) د. محمود إسماعيل – مرجع سبق ذكره - سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. طور الإنهيار (3) - ص 18

([18]) المرجع نفسه - ص 38

([19]) المرجع نفسه – ص 39

([20]) انظر: إحياء علوم الدين ، ج1 ، ص9

([21]) انظر: المنقذ من الضلال ، ص48 (د. محمود إسماعيل – سوسيولوجيا الفكر الإسلامي.. طور الإنهيار(3).. الفلسفة والتصوف – ص40)

([22]) سعيد العليمي – قرامطة وشيوعيون؟ - الحوار المتمدن – 15/1/2018.



#غازي_الصوراني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علم الكلام
- كيف نشأ التفكير الفلسفي في العقائد الايمانية الاسلامية؟
- المذاهب الإسلامية والحراك الاجتماعي
- تأثير الفلسفة اليونانية في الفلسفة الإسلامية
- ظهور الفلسفة العربية الاسلامية
- الفكر الإسلامي وعلم الكلام
- فلسفة العصور الوسطى في آسيا
- الفلسفة والمذاهب الدينية في المجتمعات الآسيوية
- الفلسفة في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد وتكريس عصر العب ...
- من دولة المدينة اليونانية إلى الإمبراطورية الهيلينية
- الفلسفة وقضايا التخلف والنهوض في الوطن العربي
- أرسطو .. والموقف من الديمقراطية والأرستقراطية (3/3)
- عقلانية أرسطو ومثالية أفلاطون (2/3)
- ارسطو طاليس (384 – 322 ق.م) (1/3)
- أفلاطون بين النظرة المثالية والنقد (2/2)
- أفلاطون (427 ق.م – 347 ق.م) (1/2)
- سقراط (470 ق.م – 399 ق.م): رائد الفلسفة اليونانيه النخبويه ا ...
- السفسطائيون
- الفلسفة اليونانية
- بدايات الفكر الفلسفي في بابل ومصر القديمة


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غازي الصوراني - الفلسفة الإسلامية والعلم