أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - * خَرِيفُ العُمرِ*














المزيد.....

* خَرِيفُ العُمرِ*


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6674 - 2020 / 9 / 12 - 09:24
المحور: الادب والفن
    


تحَدّثَ ذو شَيبَةٍ فقالَ:
أوَظَنَنتَ أنَّكَ ليثٌ هَصورُ , تارةً تَغورُ وتَجورُ , وأخرى بينَ حورٍ تُسقى خمورُ , إذاً فإسمَع:
إنَّ للدهر وقائِعَ لا تهبطُ إلّا بَغتَة! وإنّي والدهرُ لَفي نَبأٍ عَجَب !
رُبَما وَقائعَهُ كانَت معيَ قاهرةً ! أو رُبَمَا هي حائِرةٌ ؟
حقائقي فيه كانت رُبَما مُتَقَهقِرةً أو رُبَمَا هي مُتَحَيّرةً ؟
فأراني حيناً أجزمُ بأنَّهُ قد دَسَّها لي مُتلاحقةً وجائرةً , هادِرةً وغادِرةً , و حيناً أحكُمُ أنّهُ قد بَسَّها لي مُتباطِئةً زائرةً , مُتفائلةً نادرةً !
أمَا وقد حَزَرتُ ألآن بَعدَ خريفِ عُمُرٍ ووَهْنٍ حّلَّ بي على حين غرةٍ وبأسرارِهِ باحَ ,
وعَضَلٍ سالَ على حين غفلةٍ بإعلالهِ وسَاحَ ,
وفَخرٍ إنسَلَّ فجأةً الى أطلالهِ وانزاحَ ,
وفِكرٍ أنَّ تَوَجْعاً في ظلالهِ ونَاحَ ,
وصَمتٍ رَنَّ بَغتةً في أدغالهِ وصاحَ ,
ونَوىً وَلّى تَبَرُّماً وشَبَكَ عَشرَهَ وراحَ ,
وأَجَلٍ جَهرَةً دَلّى وحَبَكَ أَغلالَهُ ولاحَ .
أمَا وإنّي قد فَهِمتُ الآن أنّ كلَّ أمرٍ في الدّهرِ كانَ بغتةً بَل كانَ وخْزّاً ...
هُبوطي على مَدارج العمرِ كانَ بغتةً بل كان لأبَويَّ متعةً وعَوْزاً .
تَوَلُدي والمصيرُ جَرى بغتةً بل كانَ نَشْزاً , بِصرخةٍ لكلينا مُستَفِزّةً .
صرخةُ يَنَفثُها على سواءٍ : ذُو العاهةِ و ذو الفاقةِ , ومَن كانَ للسلطانِ رَمزاً !
شَهِيقي والزَفيرُ رَهنُ بَغتةً , فلا ضامنَ لهما وتراهما فيه يَجمُزَا جَمْزاً , فكم مِن حَبلِ شَهيقٍ إنقَطعَ بَعدَ زَفيرٍ بغتةً ولُغزاً !
رَغيفي والحَريرُ نَزَلَا بغتةً , فأرانيَ تارةً أكابدُ فيهما سَعياً لأحجزَهُما حَجزاً ، وتارةً أخرى ..
يَتقافزا آليّ هُما فيَأتيانني رَقصاً وقَفزَاً !
ضِحكَتي والعَويلُ على أنباءٍ يَتَفَجَّرانِ كُلَّ آنٍ بغتةً وهَزّاً ؟ نعم , بغتة وإِلّا لمَا تَرَنّمَ وتضَّحكَ لسَلواها الفؤادُ مُستَعِزّاً , ولمَا تَأَلَّمَ وتَوَعَّكَ لبَلواها مُشمَئِزّاً !
النائباتُ ناظِرَةٌ مِن عُلُوٍ ولا تَقصُفُ يَومي إلّا بغتةً فتَجِزَّ الطَلْعَ جَزّاً !
الأضغاثُ ناطرَةٌ من دُنو ولا تَعصُفُ نَومي الّا بغتةً فتَحِزَّ الضِلْعَ حَزّاً . أضغاثٌ يَرفُثُها على سواءٍ : ذو الجَهلِ المُسرفِ ومَن حَازَ العِلمَ حَيزاً !
وهاهي كَتفايّ يا صاحبي ..
باتا مُستَقَرّاً خَفِيَّاً يَكتُمانِ أجداثَ أَبي وأَمّي وأَخي وخِلّي وأَتراحي ..
وهاهي مُقلَتايَ..
أمسيا مُستَودَعاً حَفِيَّاً يبدِيانِ أحداثَ أفراحي وإنشِراحي ومُهجَتي وإرتياحِي , وكلُّ أولئكَ كانَت بغتةً وقائعُهُ رغمَ أَنفي وسَيفي ودَهائي ورِماحي.
أنّهُ الدهرُ ياصاح وتلكَ هي وقائِعُه : كلُّ زَهوٍ يَدهَسُهُ, وكلَ رَهوٍ يَدعَسُهُ,
أَطَّت وقائِعُه بدستُورِها في جِذعِ القَضاءِ , وخَطّت بيَمينِها في صَدعِ الفَضاءِ , وحَطّت بهِ على خافقِ وجبهةِ كلِّ ذي كَبَدٍ فَيحاء و صَخرةٍ صَمّاء ,
نحنُ..
نَتلوها خُفيَةً أو خِيفَةً مِن على جِباهٍ حَولنا في صبحِنا والمساء , وهُم مثلُنا يُرتِلونَها سِرّاً أو جِهاراً مِن على
جِباهِنا في غُدوِّهمُ والعشاء . وسَواءٌ علينا ياصاحبي أنَأبى مضغاً أم للمضغِ نشاءُ , ترانا نَمضغُ كُلَّ وَرقَةٍ من ورَيقات القضاءِ حالَ سقُوطها
تَيَبُسَاً أو خَضراء , بل نَنظُرُ وقائعَهُ ونَتَّبِعٌها أينَما تَرَنَّحَت كَبِندُولٍ كلَّ آنٍ في قِبّةِ السَماء ولكنّا لا نُبصِرُها ؟
أولا نُريدُ ؟
أو كأنَّا نَسِينَاها ؟ أو تِناسَيناها؟
أو أنَّ ثَوبَ نِعامَةٍ أُكسِيِنَاهُ فَأضحى دِرعَنا للخَفاء؟
نَغُضُّ طَرفَنا عنها رَغمَ أنَّها تَقرَعُ , نَفُضُّ خَوفَنا مِنها رغمَ أنّها تَصرَعُ , قد نَخضَعُ بِحَنانٍ لِنُصُوصِهِا ونَخشَعُ , فَنُصَوِّتُ لها بإحِسانٍ وإليها بِالبَنانِ نَنزَعُ, وفي كلٍّ لا نَفعَ لهِجاءٍ معها ولا ثَناءَ يدفعُ , وإلى رَبِّ دُستُورِ الوقائعِ خِتامُ الأمرِ والبَقاء .
فمَن ذا ياعِزُّ لا يَتَغَيَّرُ ! ومَن ذا يا صَاح لا يَتَحَيَّرُ ! فَكلُّ كَمَالٍ إلى تَبَدّلٍ وإهمال , وكلُّ جمالٍ إلى تَهَدّلٍ و زَوال , وكلّ خَيَالٍ إلى تَلَبّدٍ وإبطال , إلّا وَجهَ وَارثٍ ذو جَلالٍ لا يتَلَبّد , وكمال لا يتَبَدّل , وجمال لا يتَهَدّل , ولا يَمَسُّهُ زَوالُ , وإنَّ الأمرَ لَصاغرٌ دَاخِرٌ في قَبضةِ القَدرِ ويَأبى هُبُوطاً إلا بغتةً , لِئَلّا تَظُنَّ أنَّ ما أُوتِيتَ من جاهٍ كانَ مِن عِندِكَ فَلتَةٌ , وَإعلَمَ أنَّ وَراءَكَ أَجَلٌ لا تَأخِيرَ فيه ولا تَقديمَ , وإنّهُ لَأَشَقُّ نُكتَةٍ.
ها قَد أُقْفِلَ السِجلُّ بِخَتْمِ الشيبِ وَالوَسمُ فيه : (بغتة).
إِنّي نَظَرتُ إِلى المِرآةِ إِذ جليت فَأَنكَرَت مُقلَتايَ كُلَّ ما رَأَتا
رَأَيتُ فيها شُيَيخاً لَستُ أَعرِفُهُ وَكُنتُ أَعرِفُ فيها قَبلَ ذاكَ فَتى
هَوِّن عَلَيكَ فَهذا لا بَقاءَ لَهُ أَما تَرى العُشبَ يَفني بَعدَما نَبَتا)



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- * رِحالُ الكَلِماتِ!!!*
- *نَواميسُ الصُدفَةِ*
- والله إنَّ هؤلاءِ لرجالُ مخابراتٍ
- إي وَرَبِّي : إِنَّ الأَرضَ بِتِتكَلِّم عَرَبيّ
- -لحظةَ أنْ سَبَّحَ البُلبلُ وسَبَحَ في صحنِ الوَطن-:
- (أيُّ الفَريقينِ لهُ حقٌّ أن بِضِحكاتِهِ يَزأر)؟


المزيد.....




- -فورين بوليسي-: الناتو يدرس إمكانية استحداث منصب -الممثل الخ ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب: إحنا ناس صعايده وه ...
- النتيجة هُنا.. رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ...
- عمرو مصطفى يثير تفاعلا بعبارة على صورته..هل قصد عمرو دياب بع ...
- مصر.. نجيب ساويرس يعلق على فيديو عمرو دياب المثير للجدل (فيد ...
- ممثل حماس في لبنان: لا نتعامل مع الرواية الإسرائيلية بشأن اس ...
- متابعة مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 مترجمة عبر قناة Tr ...
- تطوير -النبي دانيال-.. قبلة حياة لمجمع الأديان ومحراب الثقاف ...
- مشهد خطف الأنظار.. قطة تتبختر على المسرح خلال عرض أوركسترا ف ...
- موشحة بالخراب.. بؤرة الموصل الثقافية تحتضر


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - * خَرِيفُ العُمرِ*