الربع الأخير ... تخاريف كوفيد-19

نضال عرار

الحوار المتمدن-العدد: 6669 - 2020 / 9 / 6 - 21:05
المحور: سيرة ذاتية
    

كان علي أن أكتب شيئا عن الربع الأخير لعام 2020 كشيئ من الفنتازيا السياسية والتوقعات في المنطقة ، غلبتني موجة الحر الشديدة بإستطالتها التي لم تعرفها المنطقة منذ 120 عام كما يقال .... إذا كانت المقدمة تتناول هذا القيذ الغير مألوف تماما كحال المنطقة التي نعيش .... غير أن 2020 لها تداعياتها كذلك فالوباء لم يتركني أتابع ما أرتب له ، أبا إلا أن يضعني في خارطة المخالطين لأبادر بعزل ذاتي والاتصال بالطب الوقائي واتباع كافة التعليمات الطبية من باب الإحتياط لحين إجراء الفحص اللازم وظهور النتائج ، إذآ .... ها قد دخلت من باب العزلة ا
ومن باب العزلة لم تعد تأخذني غير التدابير الوقائية وهواجس الخوف ليس على ذاتي بقدر خوفي على شريكي في العزل حمودة الصغير اليافع ، لأنه بالكاد يحمل الأمور على محمل الجد ومنذ اليوم الأول ينتابه الضجر والتبرم والتذمر من كل شيئ ، كم كانت الأمور أيسر بكثير لو حجرت لوحدي أتعامل معه كأنني مصاب وخوف عليه ، وهو يتعامل مع ذلك يتبرم وإزدراء شديدين .... إنها 2020 يا سادة بكل تفاصيلها وبداية الربع الأخير ، وشخصيا لا أعتقد أننا سنرى النور لأحداثها في نهاياتها .
في العزلة لم تعد تعنيني بشيئ تطورات المنطقة التي نعيش ، كم غريب هو الإنسان في إعادة ترتيب أولوياته ، إنها القدرة على الإصطفاء على أية حال.
إذا كانت ممارسة الوعي تكلف المرء كما ليس بقليل فكيف إذآ سيكون عليه الأمر في كي الوعي ؟!!!
على أية حال لم اعد أتعامل مع الأخبار المتسارعة في المنطقة بشيئ من الحساسية المفرطة ، جلها مجرد مرادفات متقاطعة على نحو ما ( ، الأزمةالتركية اليونانية ، التطبيع مع الإمارات ، حكومة السراج ، الإنتخابات الأمريكية ، اجتماع الفصائل ، الضم .... الخ ) .
كلها باتت مفردات ليس إلا ولا يفسد الكتاب أو الكتابة صمت العزلة بقدر ما يفسدها تلك الإتصالات الهاتفية التي تحمل الأسئلة الغبية المكررة والتي تعتمد على التأويل أكثر مما تراعي الحقائق العلمية .
الإشاعة صنعة ... حرفة تلوكها الأفواه وتمضغها تماما لتصبح حقيقة لدى زبائنها وروادها .... وما أكثرهم !!!
اليوم الثاني للعزلة
صباحا ... كل شيئ يسير كالمعتاد ، أتحسس جسدي وأتسائل هل من أعراض ؟!!!
صوت فيروز يعيد لدي الإحساس بالحياة من جديد ورائحة القهوة تبعث في النشاط وكأنما رائحتها تحدثني عن عبق الأندلس ... الأندلس أول ما تحضرني .
الصغير الجميل حمودة ما زال في سريره نائما بعمق .... أراقبه وأبتسم ، وحدها حرارة الطقس تشي بالحضور .
ساعات المساء تمر سريعة ، يثقلها تلك الكارثة التي ألمت بالشعب السوداني جراء الفيضانات ، تقول الأخبار أن الفيضانات أودت بحياة مائة سوداني ودمرت ألاف المنازل وشردت نصف مليون مواطن ... إنها 2020 ياسادة عام الخطايا والكوارث بإمتياز من كان يجرؤ على التنبئ بإنفجار بيروت ، كثيرا ما يخيل لي أن الطبيعة قد إتخذت قرارآ ما زال مجهول ، وهو ما يفسر بداية قولي عن فنتازيا السياسة والتوقعات
اليوم الثاني ... يمر دونما عوارض تنبئ بالإصابة واليوم الثاني يمر أسرع وأخف على الروح ، متعة القراءة باتت متاحة كل الوقت قصة الأندلس بين يداي كتاب يقرء تاريخ الأندلس من الفتح حتى السقوط قطع كبير من الورق ب800 صفحة تسرد كما الرواية ، عادة وفي كتب التاريخ لا أحب إجتهادات المؤلف ، أميل إلى قراءة الرواية التاريخية وأدقق في شخوصها وأحداثها ، إستوقفتني شخصية يوليان حاكم قلعة سبتة كثيرا .... مازلت اجزم أن هناك نقصا في مساومته بتسليم القلعة وغزوا الأندلس !!!
الرواية في التاريخ تسرد على أن يمتلك القراء الفطنة في الرؤية النقدية للسرد الروائي طالما أن المؤلف يتدخل في مساق الرواية .
على غير العادة تتصل بي أعز الناس ، ظهور أسمها على هاتفي يترك إنطباعآ خاص لدي أعرف ذلك وأقر به .
تطول المكالمة على نحو يتطاول ما بين الود العظيم وموضوع الحوار ، أسعدني اتصالها . ربما سأعود للكتابة عن ذلك
عودة للتاريخ والتأريخ ......
أعتقد وبشيئ من الدراية أن المؤلف للكتاب في التاريخ ما هو إلا مجرد جامع للروايات التاريخية تماما كما تسرد الجدات حكايا التراث للاحفاد .
إذا لا يوجد مؤلف للتاريخ ، ولا يجوز القول أنه ألف كتاب التاريخ .... أعتقد أن المنطق يدعونا إلى وصفه بأنه جامع روايات التاريخ ، وحتى إسقاطات ( المؤلف ) الجامع على التاريخ هي مجرد وجهات نظر ليس من الضرورة الأخذ بها مالم تدعم بمكتشفات أثرية أو حقائق علمية .
يعج تاريخنا العربي بأسماء أبطال سلوكهم يلامس الفنتازيا تماما كما روايات الخيال ، أو أفلام الخيال لدى هوليود .
صباح اليو الثالث
تتواتر الأخبار عن إصابات بوباء كوفيد -19 بالجملة حيثما أسكن .
لايشكل الأمر لي خبرا صادما بل متوقع تماما ودونه هو الصدمة المعرفية والحسية والعلمية ، هذا السلوك الجمعي يصر على الاختلاط وممارسة كل العادات ( أعراس ، رحلات للبحر، بيوت العزاء ، والسلام الحار والعناق وتبادل القبلات .... الخ ) هذا السلوك هو نمط حياة في ظل الجائحة ، لست متفائلا من الوعي الجمعي وسلوك المجتمع ، أعتقد أننا ذاهبون لإنهيار المنظومة الصحية وتلقائيا إلى مناعة القطيع .
صباح اليو الثالث ولا أعراض لغاية اللحظة ، أمارس الحجر الطوعي كما المصاب ، وأعترف أن شريكي في الحجر حمودة بات أقل تبرما وتذمرا .
هنية إسماعيل في مخيم عين الحلوة يزورها ببركة الفتحاويين وعلى أكتافهم وحمايتهم
اليوم عين الحلوة هنية ، وللحق لا أكترث للكلمات التي توصف عادة بالتاريخية .
أحب الشعر كثيرآ أكثر من باقي الأدب اكثر من الرواية والمسرحية ، أقرء الشعر بنهم تأخذني صوره إلى أبعد مما يجب ، لعلها لعنة ... لست أدري !!! ، أحببت كافكا و ت س اليوت ونيرودا والنواب والابنودي ، قبلها على مقاعد الدراسة تولعت بأشعار الجاهلية والمتنبي والصعاليك ما بينهم
دعيني للغنى أسعى فإني
رأيت الناس شرهم الفقير
وولجت في الشعر الحديث بعد الفرزدق وبشار بن برد ووقعت أخيرا ببن فكي درويش ولا أستطيع أن أخرج منه أعيد قراءئته وكذلك التوراة كل عام وبذكر التوراة أزعم أنني قد ولجت في المثيولوجيا بحثا عن مغامرة العقل الأولى للإنسان ... أحب الشعر .
السياسة دوران ولف
مش شتيمة وتف / هشام الجخ
طالما لم تظهر أعراض كوفيد -19 فلا فحص تبعا للبرتوكول ، لا أحد يقدم لك شيئ غير فيتامين C وحده مع المعقمات والكمامات والكفوف ذات النوعية الرديئة وكأنه لا يكفي التلاعب بأسعار ما سلف .
أحب الفلسفة والتاريخ مثلما أحب الشعر كلاهما مرتبطان ، فإذا كان التاريخ هو شغف الفضول لدي فإن الفلسفة بأدواتها وطرقها تمهد الطريق إلى ذلك الفضول ولعلها تشرحه وتفسره على نحو خاص .
إستعصت مدينة سبتة بقلعتها على المسلمين ، تلك المدينة الجاثمة على البر الافريقي فلماذا يسلمها يوليان لطارق بن زياد ؟!!!! هل إلانتقام لإبنته كفيل بتغيير مسار التاريخ .... شخصيا لا أميل إلى تصديق الرواية التي تقول أن طارق بن زياد قد أحرق السفن التي أقلته إلى بر الأندلس .
وبمناسبة الحريق فإن قلبي هناك في مصياف التي تحترق في كارثة تأكل جمال خضرتها وأشجارها ... ذلك هو فاتحة الربع الأخير لعام 2020 .
وماذا بعد ؟!!!
هل أحرق طارق بن زياد سفنه ؟!!!!
بقيت لي خراريف وهواجس في التفاصيل هل أنا في العزل أم في الحجر ؟
الأمر سيان بالنسبة إلي لكن الطوعية في الإعتزال ممارسة لوعي فردي ، أو ربما مرده الخوف على المحيط العزيز ، بأي حال يبقى سلوك واع . وتبقى خراريف الربع الأول من العزل برهن تداعيات الربع الأخير

#نضال_عرار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات