|
الصورة .. والمعنى
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 6667 - 2020 / 9 / 4 - 20:27
المحور:
الصحافة والاعلام
من شبه المؤكد، أن الصورة بأبعادها الجمالية ومكوناتها الفيزيائية ، شحنة عاطفية متعددة الدلالات والأبعاد، لكنها بمعنى التلقي ، ومضة مولدة للمشاعر الناظمة والمؤسسة للنفس البشرية في معيشها ودأبها اليومي مع الحياة والناس ، تنطبع بسلاسة في الذهن ، وتنسج بتناسل لذيذ تصورات ثرية ، أكثر قابلية للفهم والاستيعاب . هي إذن، مجرات من الومضات الخاطفة والحاملة لمعان تمتح من الخيال الواقعي عميقة متباينة الدلالات ، بحيث لاتقف عند مفهوم الصورة النمطية ، بل تتعدى ذلك إلى خلق عدد لا يحصى من التأملات الفريدة والمتفردة ، حسب الذوات والتركيب الشخصي للسيكولوجيات . وقد تتجاوز ذلك، لتصبح عملا فنيا رائدا يجسد قضية تثير اهتمام الناس ، وأيقونة يباشرها العالم لغة كونية ، ويرسخها كشكل تواصلي إنساني الأكثر انتشارا والأقل جدلا على الإطلاق. وتشكل منظومة السوسيال ميديا في الوقت الراهن مسرح الصورة الأوسع نطاق على الإطلاق . هناك تتعدد وتتمدد وتنثر معانيها الزاخرة البالغة الثراء . فيسهل قطفها وتنزيلها وتوظيفها على الصفحات الخاصة لمواقع التواصل الاجتماعي في المناسبات وغيرها .ولأنها تعفي من الكلام ، وتعمل بنجاح تام على تفادي أي انزلاق لغوي محتمل . فقد باتت العملة الكونية الوحيدة السادة والرائجة على نطاق واسع . ولعل ما يهمنا هنا هو كيف يتعامل الشباب والمراهقون مع الصورة وأبعادها وكيف يتلقونها ويصرفونها على مواقع التواصل الاجتماعي ؟ أترك لكم استكشافها نموذج معين من هذا الفضاء اللانهائي : بين الفينة والأخرى، يقوم بعض الفسابكة من مختلف الفئات والأعمار بنشر صور وجماليات ، إلى جانب تقاسم العديد من القناعات والأفكار ، ومن أجل إثارة الانتباه لما يدونونه ، يلجئون في أغلب الأحيان إلى اختيار خلفيات بقوالب جاهزة بألوان الطيف وأبعاد وترميزات تستعصي على الإمساك للوهلة الأولى . لكن الأشد إثارة ، هي تلك الإشارات اليدوية الغامضة للأصابع ما بين الملتوية والمعقوفة الثلاثية والرباعية الأصابع وغيرها ، والتي تكون جزء أساسيا في ديكور الرسالة . ومن شبه المؤكد ، أن استخدام إشارات اليد والأصابع له حمولة وترميزات محددة وذات دلالة معينة في مختلف ثقافات الشعوب التي ابتكرتها . وتجدر الإشارة إلى أن لبعض تلك الإشارات ترميز إيجابي ، بينما لدى فصيلة بشرية أخرى لها حمولة سلبية. وعلى المواطن العربي المتواصل الاجتماعي ، لا سيما المثقف والناشط بمختلف مواقع التواصل الاجتماعي ان يكون على علم بهذه المرجعيات المؤسسة للترميزات بأبعادها ودلالاتها السرية والعلنية . في بعض الدول مثل الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وكذلك في العالم العربي قد ترمز الإشارة بالإبهام الى معنى التشجيع وقد تعني "ممتاز" أو واصل تقدمك ، لكن في دولة مثل بنجلاديش مثلا، فتعد تلك الإشارة عدائية ، بل وتعد جريمة يعاقب عليها قانون البلد ". كما أن إشارة ما يشبه قرني حيوان ، وهي من أشهر الإشارات في الولايات المتحدة ، وتعني استمر في الإبهار، لكنها فيي بعض من دول العالم تشير إلى مُعتنقي الماسونية. أما في دول مثل إيطاليا و اسبانيا والأرجنتين فهي وسيلة إخبار بأن الزوجة غير مُخلصة لزوجها." و تعني إشارة الصفر بالإبهام والسبابة مع تسريح 3 أصابع " جيد وحسن " في معظم بلدان العالم . ولكن في دولة البرازيل تعد تلك الإشارة علامة مسيئة للأخلاق بذيئة وغير مهذبة. أما في اليابان فهي تستخدم للدلالة على المال . أما الفرنسيون فيرمزون إليها ب صفر ..أي لا شيء .. حركة تشبيك الأصابع بدورها تعني في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة حالة ترقب وتمني حدوث شيء معين ، ولكن بالنسبة إلى الفيتناميين فهي تعد إشارة سيئة ولا أخلاقية . من هنا أهمية إدراك حمولة الإشارة الرمزية قبل الشروع في تقاسمها . وعلى المواطن العربي المتواصل الاجتماعي ، لا سيما المثقف والناشط على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي أن يكون مدركا للخلفيات والأبعاد وعلى علم بهذه المرجعيات المؤسسة للترميزات بأبعادها ودلالاتها السرية والعلنية .
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للسينما.. موعد إذاعي لا يمكن إغفاله
-
الكاميرا الخفية التواطؤ المخزي
-
الكاميرا الخفية : النشأة والمفهوم الجزء الأول
-
الفنانة التشكيلية العصامية نجاة الكحص : ألواني.. لغتي البليغ
...
-
فيروس كورونا يمهد الطريق للظهور على الشاشة أمام لي يسوى ولما
...
-
كورونا : سؤال الأهلية بين الشيخ و الطبيب
-
الوات ساب WHATSSAP زمن الكورونا هذا التقاسم المجنون !!
-
مديرية صفرو : إصدار العدد الخامس من مجلة أگاي التربوية والشر
...
-
ما درجة نجاعة التقنيات الذكية والتيكنولوجيا المتطورة في تقدي
...
-
وسائل التواصل الاجتماعي.. المدرسة .. وكورونا
-
الحماية القانونية للمعطيات الشخصية بالمغرب دراسة – مقارنة
-
دليل حول كيفية تأثير المعلومة الكاذبة والمزيفة عبر الأنترنت
...
-
ممتهنات روتين البيت على اليوتيوب اللواتي يرفضن الكشف عن زغبة
...
-
من يلجم الرداءة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي ، دون من
...
-
التلفزيون المغربي يجني ثمار خيبته على مواقع التواصل الاجتماع
...
-
إدارة النزاعات المسلحة غير الدولية لما بعد الحرب الباردة بين
...
-
الكذابات والكذابون على منصة اليوتوب أو الكذب المرضي
-
فعاليات الورشة التكوينية التي تنظمها الاكاديمية الجهوية للتر
...
-
أرباح اليوتوبورز بالملايين بين الحقيقة والخيال بين الإشهار ا
...
-
في اليوم الدراسي الجهوي حول التربية الدامجة (9 دجنبر 2019) ب
...
المزيد.....
-
سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا
...
-
اكتشاف آثار جانبية خطيرة لعلاجات يعتمدها مرضى الخرف
-
الصين تدعو للتعاون النشط مع روسيا في قضية الهجوم الإرهابي عل
...
-
البنتاغون يرفض التعليق على سحب دبابات -أبرامز- من ميدان القت
...
-
الإفراج عن أشهر -قاتلة- في بريطانيا
-
-وعدته بممارسة الجنس-.. معلمة تعترف بقتل عشيقها -الخائن- ودف
...
-
مسؤول: الولايات المتحدة خسرت 3 طائرات مسيرة بالقرب من اليمن
...
-
السعودية.. مقطع فيديو يوثق لحظة انفجار -قدر ضغط- في منزل وتس
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيرة أمير
...
-
4 شهداء و30 مصابا في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|