أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (229) الاستخبارات وانتاج الخوف













المزيد.....

مباحث في الاستخبارات (229) الاستخبارات وانتاج الخوف


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6666 - 2020 / 9 / 3 - 19:47
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مباحث في الاستخبارات (229)
الاستخبارات وانتاج الخوف
-----------
مدخل
-----------
الخوف والرعب شعور انساني سار مسار البشرية عبر تاريخها مع بداية خلق الانسان وحتى اليوم , ومع تطور الحياة صار الخوف صناعة تنتج في دوائر الحكومات والمؤسسات الاعلامية والتنظيمات الارهابية واجهزة المخابرات , حيث تبين للجميع ان الخوف محرك قوي يمكن من خلاله تطويع البشر وتوجيههم , ومن هنا كان اهتمام الاجهزة المخابراتية في صناعة الخوف كمنتج قابل للتطوير وللتدوير والتطويع في كل اتجاه .
-------------------------------
الموت خوفاً من الموت !!
-------------------------------
مارست الانظمة الاستبدادية من خلال اجهزتها القمعية عامل التخويف وبث الرعب من اجل اخضاع شعوبها كبديل عن محاولة اقناعهم بحسناتها غير الموجودة , فصار منظر التجمعات الشعبية وهي تصفق بهستيرية لزعامات وحشية مستبدة منظر متكرر لاسيما في بلدان العالم الثالث والبلدان المتخلفة .
وكانت تلك الانظمة تستخدم ثنائية الخوف والوحشية بشكل مفرط عبر اجهزتها البوليسية , فكانت اقبية التعذيب تتعامل بوحشية وارعاب مع معارضيها لإنتزاع اعترافاتهم او للانتقام منهم , وفي نفس الوقت تبث شائعات تبدو وكأنها مسربة من اعدائها لتصف للمواطن مايمكن ان يتعرض له لو انه عارض او اعترض او امتنع عن الطاعة .
ووصل الامر بصناعة الخوف درجة استطاع بها زعماء جبارون باطشون ان يخلقوا حالات من الاستسلام لدى شعوبهم لدرجة ان المواطن كان يطيع في تنفيذ اوامر مهلكة تؤدي الى موته ,ويفضل الصمت والقبول خوفاً من البطش , ولعل الحروب التي خاضها الدكتاتور صدام خير مثال على ذلك , وكانت تلك من المعادلات النفسية الغريبة التي تجعل المواطن يذهب الى جبهات حروب عبثية ويعرف ان ذهابه بمثابة انتحار نهايته الموت , خشية من مصير تحدي السلطة الذي يؤدي به الى الموت ايضاً !!!.
------------------------
الخوف والتخويف
------------------------
لقد اكتشفت الاجهزة المخابراتية والقمعية ان العقل اسير الخوف , واذاما خاف الانسان توقف عنه التفكير واصيب العقل بالشلل وتراجعت الحكمة , ومن اجل ذلك جرى تطوير صناعة الخوف بشكل كبير مع تقدم البشرية والعلوم , مع اهتمام الاجهزة الاستخبارية بالاعلام وحرب الشائعات , فتساوت في انتاج هذا السلاح المدمر الدول الصغيرة المتخلفة والدول الكبرى , الدكتاتورية منها والرأسمالية .
فدول دكتاتورية كالصين او الاتحاد السوفيتي كانت تستخدم سياستي الخوف والتخويف للحفاظ على النظام الشيوعي من العدو الامبريالي , فكانت سياسة الخوف من السلطة هي الرائجة لدى مئات الملايين هناك لأن مصير القتل او النفي لسيبيريا هو المصير لمن يتحدى الخوف , وكان التخويف من العدو الخارجي هو السلاح الاعلامي الذي يضفي الشرعية على كل افعال السلطات .
ولم تبق صناعة الخوف في العصر الحديث حكراً على الدول المتخلفة او الدكتاتورية , وانما صارت من صلب الصناعات الاستخبارية للانظمة الديموقراطية والتي تتشدق بحقوق الانسان والحريات , وكانت تلك الانتقالة للدول الكبرى قد برزت مع اندلاع الحرب العالمية الثانية وبعدها مع الحروب بالنيابة إبّان الحرب الباردة .
ولعل ابرز تلك الدول الكبرى ذات النظام الديموقراطي هي الولايات المتحدة الامريكية التي استخدمت صناعة الخوف لدى مواطنيها طيلة تأريخها عن طريق بروباغاندا الخوف , فمرة تشيع ان هتلر سيقضي على حياتنا , ثم اليابانيون سيقتلون ابنائنا , الاتحاد السوفيتي يريد ضربنا بالنووي , صدام يريد ان ياخذ النفط , خطر اسلحة الدمار الشامل عند صدام تدمر وتهدد حياتكم , ابن لادن يريد ذبح الامريكان , المسلمون يقتلون ابناءكم , ايران تصنع نووي لتضرب ثقافتنا وحياتنا , الصين تصنع وتنشر الفايروس , حتى عاش الامريكي وسط علامة استفهام كبرى لسؤال لايعرف عنه الاجابة وهو : لماذا يكرهوننا الى هذا الحد ؟ حيث يعتقد الانسان الامريكي هو مهدد دوما , فكان يدفع الضريبة وينفذ الاوامر .
--------------------------------------
تصدير الخوف وتزييف الوعي
--------------------------------------
ولم تقف صناعة الخوف والتخويف على الاستخدامات الداخلية للاجهزة الاستخبارية والامنية على شعوبها , فقد وجدت تلك الاجهزة ان صناعة الخوف هي صناعة فعالة في تطويع الشعوب الاخرى واسقاط حكوماتها والعبث بوطنيتها وتأليب المواطنين وتغيير بوصلة الشعوب تجاه اعدائها التقليديين .
ووجدت تلك الاجهزة ان الاجهزة الاعلامية وحرب الشائعات هي الماكنة الضخمة لصناعة الخوف للشعوب عن بعد , وانها تفعل مالا تستطيع الاساطيل والجيوش ان تفعله , وساعدت التكنلوجيا والتطور الهائل لوسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي على ان تجعل تلك الماكنة الضخمة اكثر تقنية وايقاعاً .
ومن ابرز الامثلة على ذلك هي الثورات الالكترونية المسماة بثورات الربيع العربي والتي كانت اصابع المخابرات والماكنة الاعلامية للاستخبارات العالمية وجيوشها الالكترونية الدور الابرز فيها , فكان يجري اسقاط حكام وتنصيب آخرين بكبسات ازرار .
ولعل من الامثلة الحية على تلك الادوار هو ماجرى في الشارع العراقي , فقد اثرت فيه الشائعات عبر الجيوش الالكترونية حتى لعبت لعبتها في ان تجعل الشعب العراقي يتصارع مع بعضه البعض وتمزقه وسائل التواصل لتضخ فيه خوفا من المستقبل المجهول , فمنهم من يدافع عن ايران خوفاً من امريكا , واخر يدافع عن امريكا خوفاً من ايران , وثالث يدافع عن داعش او السعودية , بل وحتى اسرائيل , بل ان صناعة الخوف الالكترونية الاستخبارية , جعلت البعض يسخرون من ابطالهم المدافعين عنهم من خطر داعش ويشتمهم البعض ويرى انهم الخطر الذي لابد من التخوف منه , فيما يمجد ويدافع عن اساطيل امريكا التي تسعى لإلتهام بلده وخيراته بحجة انها تخلصه من خطر ايران الداهم .
ووصل الامر بصناعة الخوف ان عملت اجهزة المخابرات الدولية والعربية الى ابدال العدو من ذهن الجماهير , كما لو ان نشّال شاطر يستبدل محفظتك بكل خفة , فبعد ان كان العدو التقليدي للعرب هو العدو الصهيوني , فعمدت الاجهزة الاستخبارية والانظمة الى صناعة عدو موازي تحول له انظار الشعوب فكانت صناعة الخوف من الشيعة والتشيع والصفويين وايران وقصة المجوس – وكأنك تستطيع ان تسمي السعوديين الان بعبدة هبل - , ومنذ سنوات تقرع طبول الخوف من العدو الفارسي والتشيع , وترى نائب يصرح في البرلمان الاردني لا تسمحوا لشيعة ايران بالزيارة الدينيه لانهم سوف يوثرون في دينكم , فيما يتجول السياح الاسرائيليون في السواحل الاردنية , فهكذا يعمل الخوف عندما يغير البوصلة .
----------------------
قصة ذات مغزى
----------------------
من نماذج محاولات تزييف الوعي في صناعة الخوف انه في عام 1955 كان جمال عبد الناصر في الحكم وكانت القاعدة البريطانية لاتزال موجودة على الاراضي المصرية في السويس , وسعت امريكا في ذلك الوقت لاقناعه كي تنضم مصر لحلف بغداد الذي كان الغرض منه تطويق مايسمى ب" الخطر السوفيتي " , وفاتح وزير خارجية امريكا عبد الناصر بتلك الرغبة في زيارة رسمية للقاهرة (مخوفاً) اياه من الخطر الاحمر , فاجابه عبد الناصر : تريدني ان اخاف من شخص يحمل لي سكين على بعد آلاف الاميال , ولااخاف من عدو يتمركز بدباباته وبنادقه على بعد 100 كم من القاهرة ؟!!!!, فبهت الذي كفر .
---------------------
الرعب والارهاب
---------------------
لقد كان الرعب احد ابرز سياسات التنظيمات الارهابية , انظر (كتابنا " الذئاب المنفردة " – المجلد الاول – الفصل الثالث - صناعة الخوف عبر الاعلام) , فكانت التنظيمات الارهابية تبث الرعب عبر اعلامها وممارساتها في المناطق التي تسيطر عليها لإحباط من يفكر في الوقوف بوجهها .
ومن جهة اخرى , استغلت دوائر الاستخبارات ذلك النوع من الرعب الارهابي لتخويف الحكومات والشعوب , وكانت محركات البحث العملاقة المملوكة للغرب هي الرافعة لكل منتجات داعش والقاعدة الاعلامية حتى وصل الامر ببيع مجلة دابق التابعة لداعش على موقع أمازون الشهير في فضيحة كشفتها الBBC (انظر كتابنا الذئاب المنفردة – المجلد الثاني ) , وانظر (مبحث ٤٣ الاستخبارات وعلم النفس , تخريب العقل الجمعي ١٥١ ) , لكن في البيئة الداخليه يتم توجيه العقل الجمعي , انظر مبحث ٢٥ الحرب النفسية , انظر مبحث التهديدات ٣١ , مبحث التمكين ٤١ ).
-----------
خلاصة
-----------
ان صناعة الخوف والتخويف هي صناعة استخبارية بامتياز , وتزداد خطورة تلك الصناعة كاسلوب للتدخل الاستخباري الخارجي في مصائر الشعوب كلما كانت الادوات الاعلامية للدول ضعيفة وكلما كانت القوى السياسية متصارعة وينخرها الفساد , فحينها تتضارب الاولويات وتفتح البلاد ابوابها امام العملاء والمخربين ليعبثوا بالروح الوطنية ويتمكنوا من خلال الادوات التقنية من تغيير بوصلة الشعوب لترى اصدقاءها اعداءاً , واعدائها حماةً للوطن , والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات (228) الاستخبارات وانتهاكات حقوق الانسا ...
- مباحث في الاستخبارات (227) المدرسة الفرنسية للاستخبارات
- مباحث في الاستخبارات ( 226) الادارة الاستخبارية للصراعات
- مباحث في الاستخبارات (225) المدرسة الاستخبارية الصينية
- مباحث في الاستخبارات ( 224) صناعة الحدث
- مباحث في الاستخبارات (223) الاستخبارات وتغيير الانظمة
- مباحث في الاستخبارات ( 222) اسلحة الدمار والاستخبارات
- مباحث في الاستخبارات ( 221) ادارة المصالح
- مباحث في الاستخبارات ( 220) الاستخباريون المتقاعدون
- مباحث في الاستخبارات ( 219) الانذار والاستجابة (كورونا نموذج ...
- مباحث في الاستخبارات (218) رجل الاستخبارات والضغط النفسي
- مباحث في الاستخبارات (217) الاستخبارات والتعصب
- مباحث في الاستخبارات ( 216) الاستخبارات والأمن السياسي
- مباحث في الاستخبارات ( 215) الاستخبارات والاضطرابات
- مباحث في الاستخبارات ( 214 ) الطابور السادس
- مباحث في الاستخبارات ( 213) التقرير الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (212) المعلومات الاعلامية
- مباحث في الاستخبارات (211) الفرضيات
- مباحث في الاستخبارات (210) المعلومات الاعتراضية
- مباحث في الاستخبارات (209) المدرسة الاستخبارية الالمانية


المزيد.....




- Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
- خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت ...
- رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد ...
- مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
- عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة ...
- وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب ...
- مخاطر تقلبات الضغط الجوي
- -حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف ...
- محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته ...
- -شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات (229) الاستخبارات وانتاج الخوف