أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات ( 214 ) الطابور السادس















المزيد.....

مباحث في الاستخبارات ( 214 ) الطابور السادس


بشير الوندي

الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 19:52
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


مباحث في الاستخبارات ( 214 )

الطابور السادس

بشير الوندي
------------
مدخل
------------
رغم التطور التقني الا ان التجسس البشري لايمكن الاستغناء عنه في الدوائر الاستخبارية , سواء كان تجسس الاجانب على البلاد من داخلها , او خيانة ابن الوطن لبلاده والتجسس لصالح الاجنبي او لصالح تنظيم ما , والاخير هو مانطلق عليه بالطابور الخامس , طابور الجواسيس , الا ان اختراق الدول لايقف عند الطابور الخامس وانما يجري تطوره بالتزامن مع ضعف الدولة ليصبح طابوراً سادساً .
--------------------
الترقيم , لماذا؟
--------------------
ان الترقيمات التي ترادف المسمى لاتعني ان هنالك طابوراً رابعاً او ثالثاً ..الخ , فالطابور الخامس (fifth column ) جاء من تعبير لأحد الجنرالات الاسبان المكلفين بدخول مدريد والذي يقود اربعة جحافل حين سئل عن القوة التي ستسقط العاصمة فاجاب انه الجحفل او الطابور الخامس اي جواسيس الداخل من الخونة , ومن هنا كان اي مستجد يأخذ الرقم التالي , وهنا لب حديثنا عن الطابور السادس .
لذا لابد من المرور على الطابور الخامس لنفهم السادس ونعرف الفرق بينهما , فالطابور الخامس موجود في كل الدول , وهو دلالة على قوة الدولة المستهدفة وسطوة اجهزتها الاستخبارية , بحيث يخشى رجال الطابور الخامس من الدولة , فهو طابور سري تماماً لأن من يرتضي العمل في مستنقعه يعي ان مصير انكشافه هو الموت المحتم بجريمة الخيانة البشعة , اي ان الطابور الخامس يوجد حيث توجد القوانين الصارمة والتطبيقات الصارمة والاجهزة الاستخبارية والامنية القوية وحيث يوجد النظام القضائي الحازم , بالاضافة الى البعد الاجتماعي الذي يحتقر الخيانة .
------------------------
فايروس يتحصن
------------------------
كما تتطور الفايروسات وتتحصن بنسخ اكثر قوة وشراسة , فان الخيانة والتجسس يتطوران ليحتالا على الضمير المجتمعي بشتى الوسائل , ويتم تغليف التجسس والخيانة بأغلفة آيديولوجية وفكرية لينتج عنها نوع آخر من الخيانة والتجسس نطلق عليه بالطابور السادس .
فالطابور السادس ينمو في الدول الضعيفة , والتي فيها فسحة من الديموقراطية , وفوضى منظمات المجتمع المدني , وفوضى الاحزاب , والدول التي تعتبر مطمعاً استراتيجياً او اقتصادياً لدول اخرى , فحين تفقد الدولة هيبتها وترتخي يد الحكومة واجهزتها يبرز حينئذ وسط تلك الفوضى عملاء لايخشون العقوبة (ومن أمن العقوبة اساء الادب ) , فلايخفون عمالتهم , ولاصلاتهم , ولايخشون القوانين والانظمة , لأنهم يغلفون عمالتهم بالافكار الايديولوجية الثورية والعقائدية , كسوليفان للخيانة والتجسس .
وكما يحتاج الجاسوس الاجنبي الى غطاء دبلوماسي , فإن جواسيس الطابور السادس يتغطون بمنظمة مجتمع مدني , او بفكر ثوري , او حداثوي , او بفكر عقائدي ديني , او مذهبي , او قومي , فترى أحدهم يفتخر الى انتمائه شرقاً او غرباً ولا يخفي او يستحي من ولاءه الخارجي , بل يصبح هذا الولاء مصدر قوته على الارض .
ويستفحل هذا الامر ليدمر الدولة بالكامل , فتفقد الدولة تحصيناتها ويصبح مفهوم مكافحة التجسس او حتى تعريف الخيانة هلامياً , وتبدأ الهيئة الحاكمة الضعيفة بالعمل بشكل معكوس , فبدلاً من القاء القبض على الجواسيس والعملاء من هذا النوع من الطابور , فإنها تسعى الى ارضاء الدول التي تجندهم وتطمنها على رعاية هؤلاء العملاء وحفظ امنهم , فتصبح للعميل والجاسوس هنا منعة تجعل الاجهزة الامنية والاستخبارية والقضائية عاجزة عن التصدي له كي لاتغضب الدولة التي جندته , فيما يدور هو في الشوارع يُرغّب الاخرين بطريق الخيانة , عبر كافة الوسائل الاعلامية العلنية , فتنقلب الآية , وتتفشى العمالة ويتطبع المواطن على سماعها ويرتضي العقل الجمعي تزويقاتها .
وقد يرتقي هؤلاء المنتمون للطابور السادس الجديد , الى مرافق السلطة , ويشكلون احزاباً , ويتبوؤون المناصب , وقد تصبح لبعضهم كاريزما ثورية في الشارع , فيدب الفساد والمنفعة والعمالة , ليصل الامر الى فوضى عارمة , وهكذا يتحول الطابور الخامس المتخفي السري الى وقاحة علنية بمسمى الطابور السادس بالتزامن مع ضعف الدولة , وحينها تضمحل عقوبة التجسس والتخابر .
---------------------------------
الطابور السادس العراقي
---------------------------------
لعل العراق نموذج صارخ للطابور السادس يستحق الدراسة , ففي كل بلدان العالم لايوجد جواسيس علنيون سوى طواقم السفارات الاجنبية , فطبيعة عملهم تتطلب ذلك وهو امر مفهوم ومطوّق , الا ان العراق فيه نوع آخر من التجسس العلني هو الطابور السادس .
ففي فترة نظام البعث , كان العراق ساحة للقمع الدكتاتوري لاتفرق فيه الاجهزة الامنية بين المجرم والبريء , وكانت الاجهزة السلطوية قوية وصارمة وعقوباتها رادعة , فكانت شبكات التجسس تعمل في اضيق الحدود وفق تكتيكات الطابور الخامس التخريبي والجاسوسية السرية المشددة .
ومع ارتخاء قبضة النظام وضعفه بعد عام ١٩٩١ , عمدت المخابرات الدولية الامريكية والغربية , ومخابرات الدول الاقليمية على ان تضع قدمها في العراق ببناء قواعد تجسسية متقدمة لاسيما في المناطق التي ضعفت سيطرة النظام عليها , وحتى في الحلقات القريبة من النظام .
كما جندت الدوائر الاستخبارية الكثير من المغتربين العراقيين الذين توسمت فيهم تلك الدوائر ان يكون لهم شأن في مستقبل مابعد نظام صدام , فأسست لهم كيانات واحزاب وعقدت لهم مؤتمرات ودعمتهم بملايين الدولارات تحت يافطة اسقاط الدكتاتورية , لتبدأ اول مرحلة من مراحل تحول الجاسوسية من الطابور الخامس القميء والكريه الى مرحلة الخيانة والتجسس الثوري المحرر البطل !!! الطابور السادس .
ومع سقوط النظام , اصبح العراق فسيفساء للمخابرات الدولية والاقليمية في ظل استقطابات طائفية وقومية وعرقية , وفتح الباب على مصراعيه في ظل اللادولة الى اشكال اخرى من اغلفة التجنيد تحت مسمى منظمات المجتمع المدني والمعاهد الديموقراطية وبرامج الزيارات الى الخارج واليافطات الاعلامية وغيرها كترسيخ لمرحلة جديدة من الجاسوسية العلنية البراقة والمحمية والجريئة .
وقد جند عناصر الطابور السادس بدورهم جيوشاً من الاتباع الغافلين الذين اغرتهم الشعارات الثورية ليصبحوا عقائديين في سيرك تحرك عناصره مؤسسات مخابراتية محترفة .
والغريب في الامر , هو عدم وجود رد فعل تشريعي بالضد من انواع التجسس المتطور التي انتشرت في العراق , فبدلاً من ان يسعى المشرعون الى تشديد القبضة القانونية الرادعة لعقوبة الخيانة والتجسس , فان الامر اخذ بدوره عقوبات غامضة لاتحاكي الواقع , فحين يتم القبض على تنظيم عصابي مسلح يقوده ضابط سوري جندهم وقاموا باغتيالات وجرائم بشعة , يحكم عليهم بالاعدام بجريمة الارهاب وليس العمالة للاجنبي رغم اعترافهم بالتدرب في احضان المخابرات السورية , ليصبح قانون مكافحة الارهاب فضفاضاً كبديل للمواد القانونية التي تجرم بالخيانة العظمى .
----------------------
شبكة اسرائيلية
----------------------
برغم كل الاجهزة المخابراتية التي تعشش في العراق , لم يحكم على اي عراقي منذ سبعة عشر عام بجريمة التجسس والتخابر والعمالة , رغم انهم يملؤون الشوارع , ولكي نكون منصفين فقد جرت محاولة يتيمة ومضيئة في القاء القبض على شبكة تجسس رئيسية للموساد الاسرائيلي واعترف قائدها بجريمته في عام 2005 , وكانت خطوة شجاعة , الا ان تدخل القوات الامريكية وتخاذل بعض المسؤولين حال ليس فقط دون محاكمتهم وتجريمهم , وانما في تجميد قائد المجموعة التي القت القبض على الشبكة , ومعاقبة كل القوة المسؤولة عن العملية ومنعهم من السفر !! , ان الامر في العراق يزداد عبثية , فلايوجد جهاز متخصص لمكافحة التجسس في العراق رغم اننا اكثر بلد في العالم يحتاج الى هكذا جهاز .
-------------------
تفكيك الاغلفة
-------------------
إنّ اساس الحل يكمن في ان تكون هنالك جرأة شديدة لدى المشرعين للوصول الى تعريفات محددة للجاسوسية والخيانة , وان توضع تشريعات تمنع اية واجهات من ان تفلت من الرقابة المالية والادارية والاستخبارية سواء كانت احزاب او منظمات او معاهداو غيرها , وان تكون هنالك قبضة استخبارية تتناسب مع حجم الخطر الذي يشكله هذا الفايروس المحصن والخطير .
فبدون تمزيق الاغلفة , ومنع بروز اغلفة براقة اخرى , فإن البلاد ستكون في مهب الريح , وسيكون هنالك مسؤول من الطابور السادس يتعامل مع حزب كله طابور سادس , ويقف بوجهه ثوريون شعاراتيون من طابور سادس , ويتحول البلد الى ساحة صراعات مخابراتية تحرق الاخضر واليابس .
------------
خلاصة
------------
ان خطورة الطابور السادس تكمن في شكله البريء العلني خلافاً للوجه البشع المخفي له , وهو امر يختلف عن الطابور الخامس الكريه وغير المبرر بأية شعارات , فبرغم سرية الطابور الخامس وعلنية الطابور السادس , الا ان الاخير اخطر واعنف وله القدرة ان يضيع البلاد ويتسبب بالحرب الاهلية , فعلينا ان نكون بمستوى مرحلة الخطر قبل ان تضيع من ايدينا الفرصة , فبلدنا اغلى من ان نسمح لسقط المتاع من العملاء والخونة ان يشكلوا مشهد بلاد الرافدين , والله الموفق.



#بشير_الوندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مباحث في الاستخبارات ( 213) التقرير الاستخباري
- مباحث في الاستخبارات (212) المعلومات الاعلامية
- مباحث في الاستخبارات (211) الفرضيات
- مباحث في الاستخبارات (210) المعلومات الاعتراضية
- مباحث في الاستخبارات (209) المدرسة الاستخبارية الالمانية
- مباحث في الاستخبارات ( 208) الاستعداد
- مباحث في الاستخبارات (207) المعلومات النقطوية
- مباحث في الاستخبارات (206) المعلومات الدورية
- مباحث في الاستخبارات ( 205) المعلومات الكميّة
- مباحث في الاستخبارات (204) المعلومات الوصفية
- مباحث في الاستخبارات (203) فريق العمل
- مباحث في الاستخبارات ( 202) المعلومات الهامة ( الاستراتيجية ...
- مباحث في الاستخبارات (201) معلومات المعالجة
- مباحث في الاستخبارات (200) الاطاحة
- مباحث في الاستخبارات (199) المدرسة الروسية للاستخبارات
- مباحث في الاستخبارات (198) معلومات الاستكمال
- مباحث في الاستخبارات (197) الفوضى
- مباحث في الاستخبارات (196) معلومات الاشارة
- مباحث في الاستخبارات (195) الاخبارات
- مباحث في الاستخبارات ( 194) مجلس الامن الوطني


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - بشير الوندي - مباحث في الاستخبارات ( 214 ) الطابور السادس