أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - هل الهُوية تَصنعُ الفردَ وتسبِقُ وجودَه أو الفردُ هو الذي يصنع هُويتَه؟














المزيد.....

هل الهُوية تَصنعُ الفردَ وتسبِقُ وجودَه أو الفردُ هو الذي يصنع هُويتَه؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6664 - 2020 / 9 / 1 - 11:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قال الفيلسوف الفرنسي سارتر (1905-1980) فيما قال، قال قولَتَيْن شهيرَتَيْن:
القولة الأولى: "كل الكائنات تسبقها هُوياتُها إلا الإنسان، فهو الكائن العاقلُ الوحيد الذي يُحدد هُويتَه بِنفسِه (L`Homo Sapiens, âgé d environ 300 mille ans)".
مثال 1: الكرسي أو الطاولة أو الشبّاك، كائنات جامدة تسبقها هُوياتها في مخ النجار قبل صُنعِها.
مثال 2: النحلة أو النخلة: كائنات حية تسبقها هُوياتها مُبرمجة مسبّقًا ومكتوبة بِلغة رمزية في جيناتِها (Leurs codes génétiques respectifs) داخل صِبغِياتِها الموروثة قبل ولادتها وهي التي تُحدد صفاتها وسلوكاتِها طيلة حياتها (L`ensemble des chromosomes de leurs ADN).
أما الإنسان ورغم أنه ورثَ جيناته عن والِديْه فهو مختلِفٌ عن النبات والحيوان بِفَرادَتِه لأن موروثه الجيني لا يُحدد قُدراته الذهنية مثل قُدرات الذكاء والعُدوانية (Ses performances intellectuelles) مع العلم أنه هو أيضًا يخضع لِقانون الوراثة وتطبيقاته المكتوبة في جيناته (Création divine pour les croyants, Évolution darwinienne pour les non-croyants et certains croyants aussi)، وهذه الأخيرة هي التي تُحدد وبصفة مسبقة صفاته البدنية مثل لون العينين ونوع الفصيلة الدمويه. لكن الذكاء عند الإنسان لا يُورّث كليًّا في الجينات بل هو صفة ذهنية تنبثق مِن تفاعل الجينات مع المكتسبات (التربية والتعليم والتجربة والخطأ، إلخ.).
أما الهُوية فهي كالذكاء صفةٌ ذهنيةٌ بامتياز وليست غريزة تُورّثُ في الجينات بل هي تنبثق من تفاعل الموروث الجيني والحضاري مع المكتسب الثقافي، وهي مفهومٌ متحركٌ يتأثر بالتاريخ وليس مفهومًا ساكنًا عابِرًا للتاريخ، وهي كالكائن الحي، تأخذ مُغذيات فكرية من مصادر متنوعة (تربية، تراث، تاريخ، جغرافيا، دين، لغة، فكر مستورد، حروب، إرهاب، فقر، غِنَى، إلخ) ثم تهضمها وتُحولها إلى وصلات عصبية مُخِّيّة (Les synapses et l’épigenèse).
الهُوية تحفظ الموروث وتبتكر قِيمًا جديدة أكثر ثراءً وإيمانًا بِإنسانية الإنسان، وأكثر إحساسًا بِأممية مصيره، وأكثر تفتّحًا على الآخر، وأكثر احترامًا للغير مهما كان هذا الغير ما لم يعتدِ على غيره ماديًّا أو رمزيًّا.

القولة الثانية: "كل الإيديولوجيات تدعو للحرية وتطبق العدلَ عند بداية تَشكُّلِها، وما إن تتمكن من السلطة حتى تصبح هي نفسها تقمع الحريات وتحرص على الحفاظ على سلطتها المتكلسة وتُقنِّنُ الظلمِ وتُحاول أن تُؤبِّدَه"
Les idéologies sont liberté quand elles se font, oppression quand elles sont faites. (Sartre Jean Paul, 1948, qu’est-ce que la littérature ? collection idées / Editions Gallimard p.193
أعني بالإيديولوجيات، الإيديولوجيات الليبرالية الرأسمالية والشيوعية والبوذية والكونفوشيوسية والإسلامية (النص المقدس ثابِتٌ وهو الدين أما تأويل البشر للنص المقدس فهو إيديولوجية والمفروض أنه يتغير مع تَغيُّرِ حياة البشر ويتطور مع تَطوُّرِ مجتمعاتهم).
كل هذه بالإيديولوجيات جاءت لِتنظيم حياة البشر وهذا مكسبٌ جيدٌ وتطوّرٌ إيجابيٌّ، لكن أصحابَها ومن فرطِ تَكبُّرِهِم يدّعون أن ليس لِسُنَنِهم تبديلا (L`Orgueil de l`Homme, c. à. d. l`instinct animal, primitif et réducteur). إذا كان معتنقو الإيديولوجيات مؤمنين فهذه فَرعَنَة وشِرك بِالله لأن سُنة الله وحدها ولا غيرها ليس لها تبديلا ، وإن كانوا ملحدين ماديين فأحرَى بهم أن يعترفوا بِضعفِ الفرد وهو حسب فلسفتهم آتٍ مِن عدمٍ وذاهبٌ إلى عدمٍ.
يبدو لي أن بعض الفلاسفة المصابين بجنون العظمة وبعض رجال الدين المتزمتين مِن مُبدِعِي الإيديولوجيات القديمة والحديثة يظنون أنهم وحدهم أتوا بِما لم يأت به الأوائل ويتصورون أيضًا أن إيديولوجياتهم هي نهاية التاريخ ولن يأتي بِأفضلِ منها بعدهم أحدٌ.

إمضائي (فكرة فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم)
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل التجربة الفكرية الغيرية ل-نادي مقابسات- ذي المرجعية ال ...
- الوعيِ الإيديولوجي المُكَبِّلِ للفِعلِ الثورِيِّ!
- -ما هْلكْنا في تونسْ كانْ النضالْ الإيديولوجي !-
- عن أيِّ ضميرٍ مِهَنيٍّ تَتَحَدَّثونْ؟
- طَرحٌ ضد التيّار!
- سؤال -امْحَيِّرْنِي-: لماذا كلما قلتُ لزميلٍ غير مختصٍّ في ا ...
- دردشة مقاهي بين فيلسوف حمام الشط (ماركسي) ومواطن العالَم (يس ...
- هو نارْ تِﭬْدِي... وأنا رْمادْ مْهَبِّي !
- الكَوْنِي يتجاوز الثقافي لكنه لا ينفيه
- -العنف الشرعي- الوحيد هو العنف ضد الوَسْواسِ الخَنّاسِ
- في انتظار الإصلاح التربوي الموعود، هل نستطيع بالموجود بلوغ ب ...
- الدين ليس مسألةً شخصيةً كما يعتقدُ اليساريون التونسيون، الدي ...
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، أحزابٌ ستالينيةٌ، هي وحدها تقر ...
- الحرية والعدالة الاجتماعية قِيمتانِ نبيلتانِ، لكن للأسف لم ي ...
- في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا س ...
- المسلم الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع ب-حريته الطبيعية ...
- الأخلاقُ ليست معرفةً حتى ندرّسَها، بل هي فِعلٌ نمارسُه في ال ...
- هذه هي هيبة الدولة بالحق (أمريكا، 1957)!
- الفنّانون في المجتمع: هل يَصْلُحُونَ لِشيء؟
- إشكالية مطروحة منذ بداية التاريخ: هل نجحت الأخلاق الفلسفية أ ...


المزيد.....




- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...
- ترامب يقيل مفوضة مكتب إحصاءات العمل بعد تراجع توقعات نمو الو ...
- مأساة في الساحل الشرقي للولايات المتحدة: فيضانات مفاجئة تودي ...
- ما هي اتفاقية خور عبد الله التي تلقي بظلالها على العلاقات ال ...
- من يقف وراء التخريب في شبكة السكك الحديدية الألمانية؟
- كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
- حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد كشكار - هل الهُوية تَصنعُ الفردَ وتسبِقُ وجودَه أو الفردُ هو الذي يصنع هُويتَه؟