أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة مرتضى - قصة قصيرة الهاجز















المزيد.....

قصة قصيرة الهاجز


فضيلة مرتضى

الحوار المتمدن-العدد: 6662 - 2020 / 8 / 30 - 21:23
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
الهاجز
كان صباح مظلم بغيمة سوداء فوق رأس القرية تنذر بمطر شديد وفاطمة لازالت في الفراش الدافئ تخفي رأسها تحت البطانية الصوفية لتؤخر ولو قليلآ نفسها للأنضمام الى وجبة الفطور مع الأسرة الصغيرة وعددهم ثلاثة أشخاص الأم والأب وهي ثالثهم. نادت الأم بصوت حنون _ ياالله قومي ياأبنتي الساعة قاربت السابعة صباحآ ,عليك أن تسرعي لكي تذهبي الى المدرسة. أشتمت رائحة الخبز الحار والقهوة سحبت نفسها من الفراش بتكاسل وهم قاتم جاثم على صدرها لملمت شعرها الأسود الكثيف على شكل كرة خلف رأسها وأدخلت دبوس التثبيت بين خصلاته لتمنع سقوطه على الظهر . جاءت الى المطبخ المطل على المزرعة العمومية ولم تكن كعادتها كل يوم ..لاحظت الأم أن أبنتها اليوم ليست هي التي تعرفها ,هي مرحة مليئة بالنشاط والحيوية ولديها روح الدعابة والضحك تعرفها منذ طفولتها والآن أبنة الرابعة عشر لم يمر عليها يوم كئيب همست الأم في أذن أبنتها دون أن ينتبه الأب لما يدور بينهما من الحوار.
_مابك عزيزتي
_لاشئ ياأمي
_ إذا لاشئ ولماذاكل هذه القتامة على وجهك
_قلت لاشئ ياأمي
وهي تطرق برأسها وعلى وجهها علامات الحزن والقلق.أنضمت الى مائدة الفطور وبين فترة وأخرى تحملق في الفراغ كأنها تريد أن تصرح بشئ ولكنها تتراجع .
عرفت الأم بفطرتها أن شيئآ ماحدث وأن فاطمة خائفة ومرتبكة . أكمل الأب فطوره وشأنه شأن رجال القرية خرج متوجهآ الى مكان عمله تاركآ الأم والأبنة ولكنه توقف قليلآ أمام باب المنزل المتواضع وألتفت تجاه زوجته وقال:
_لاتزعجي البنت بالأسئلة الكثيرة دعيها تذهب الى المدرسة ولاتنسي أن تعطيها المصروف اليومي
_نعم سأفعل أبو فاطمة وأنت في أمان الله.
بكل نشاط تحركت المرأة نحو فاطمة تعيد عليها نفس السؤال بلهجة حادة لم تعهدها البنت قبلآهذه المرة نبرة السؤال كان ممزوج بالخوف وخارج من بين طيات العرف والتقاليد ومن تحت العبائات السود.
_أنطقي يابنت
أنتصبت قامة فاطمة ورفعت رأسها ورمت نظرة صلابة مع شيء من الحزن.
_لاشيء ممايدور في رأسك ياأماه حين أعود من المدرسة سأخبرك حتمآ بكل شيء.خرجت مسرعة وهي بملابس بسيطة شأنها شأن أقرانها في القرية حيث معظمهم من طبقة بسيطة.
قامت الأم بترتيب الفراش وتنظيف البيت وأعداد الطعام ولكن تتطلع الى السماء السوداء بين لحظة ولحظة وتهمس مخاطبة الرب :
_يارب أجعل يومنا بردآ وسلامآ وأحمي فاطمة من كل شر وكل خطر.
جلست وهي تضم ركبتيها الى صدرها وتلف ذراعيها حولهما وجسدها المنهك في ركن قريب من الباب فوق سجادة مهترئة ولكنها نظيفة تكاد ألوانها تختفي من كثرة الدعك بفرشاة التنظيف.كانت أم فاطمة أمرأة قوية البنية ونظيفة جدآ الى درجة الهوس .وقد أنجبت خمسة أبناء قبل ولادة فاطمة ولم يبقى لها سوى فاطمة كانوا الأبناء يفارقون الحياة منذ أول يوم من الوضع ولذلك كانت حريصة على حياة فاطمة وعلى سلامتها. ظلت مشدودة الأعصاب وشريط من الذكريات يعود بها الى سيرة حياة فاطمة فلا تجد فيها أي شيء يقلقها بهذا الشكل ولماذا هي اليوم قلقة؟فجأة زخت السماء أمطارآ غزيرة وبدأت تدخل الى البيت من خلال النوافذ المفتوحة , تحرك الجسد النحيل نحو النوافد لتغلقها وخرجت بسرعة نحو الباب الخلفي والى الفسحة الخلفية للمنزل لتسحب البساط المنشور على الحبل ,وبسرعة أنجزت كل المهام وعادت تجلس هذه المرة بجانب النافذة المطلة على الطريق العام وهي تقاوم ثقل الأنتظار
_ياألهي متى تصل فاطمة لقد انهكني الأنتظار.
وتارة تخاطب الرب
_ يارب العواقب سليمة.
مرت بذاكرتها يوم بلغت وأدركها الحيض وكيف كان يوم عصيب لفاطمة وخوف ورعب للأم حينها أدركت بأن أبنتها كبرت وكادت يغمى عليها ولكن بعدها هدئت وأصبحتا صديقتان يتقاسمان بحلاوة العلاقة الجديدة بين الأم والأبنة بإطار جديد أكثر نضجآ. عادت من جديد تترقب الطريق مرة وتستمع الى الأصوات المنبعثة من الشارع لعل فاطمة قادمة . الفقر يصيب النساء بالهلع لأنهن الأضعف والحاجة يدفعهن أحيانآ الى دفع الثمن غاليآ لأجل حياة أفضل والنتيجة كارثة تقع على رأس ضحية العازة والفقر . فكرت بأبنتها ركبها الخوف لآنها تعيش تحت عبء الحاجة .المدرسة والتعليم بحاجة الى المصاريف من ملابس وكتب وأكل . همست في أذن نفسها وقالت
_ أبنتي متسلحة بالأيمان والقناعة والرضى وبعيدة كل البعد عن مغريات الحياة.
كانت تعيش أحلام خضراء خلال أبنتها فاطمة يلوح لها الأفق بمستقبل باهر بعد تخرجها من الجامعة وتحسب السنين المتبقية لتحقيق أحلام العائلة وتغير مسارها .
أخيرآ سمعت طرقات متتالية على الباب الخارجي أخرجتها من عالم الخيال الى الواقع أسرعت نحو الباب وكادت أن تسقط فتمسكت بأكرة الباب التي أكلها الصدآ بمرور الزمن. وما أن فتحت الباب عيناها سقطت على وجه فاطمة الجميل أنهمرت سيول الدموع من عينيها فرحآ ,كانت فاطمةبجسدها الرشيق المتناسق ترتعش فرحآ وقد عادت كعادتها مرحة وشقية وفوق شفتيها زغاريد الفرح ومشاعرها عارية تمامآ لفت جسد امها بذراعيها وهي تصيح .
_أمي لقد وجدتها كانت في أحدى زوايا قاعة الدراسة عثر عليها حارس المدرسة.
_وجدتي ماذا ياروحي؟
_وجدت خاتم زواجك الخاتم الوحيد الذي تملكينه ياأمي.
قدمت الخاتم الذهبي المرصع بياقوت أحمر الى الأم وفي عينيها بريق قرمزي كلون الياقوت.
_خاتم زواجي؟؟؟؟؟!!!!
_نعم ياأمي لقد أستلفته من خزانتك دون علمك ولبسته لكي أظهر أمام زميلاتي بأني أملك خاتم ذهبي ولكني فقدتها أثناء نشاطات الصف وبقيت أبحث عنه أنا وزميلاتي في المدرسة وبنات خالاتي ولكن لم نعثر عليه ولكن اليوم أعاده الي حارس المدرسة بعد أن عثر عليه يوم أمس بعد الدوام الرسمي .أحسست ياأمي كأن نوافذ الدنيا أنفتحت ودخل النور الى أعماق نفسي سامحيني ياأمي سوف لن يتكرر هذا الشئ ماحييت هو كان أختبار من الخالق لم أكن أمينة معك عندما لبست خاتمك دون إستئذان ولم يكن خاتم عادي وإنما يحمل أسمك وتاريخ زواجك وأجمل الذكريات أمطرت عيناها الجميلتان مطرآ ساخنآ وقالت كان يوم أمس واليوم يومان عصيبان ولكن النهاية درس لن أنساه أبدآ. أخذتها الآم في حضن صدرها بقوة ولفت عليها أذرع الرحمة والحب وقالت:
_لاشيء أثمن منك ياأبنة بطني وياأجمل حدث في حياتي لقد زرعت نبة صالحة وسقيتها بدمي وجنيت ثمرة صالحة نقية .
العالم تافه لكن من يزرع الخير يحصد الخير وبدون شك يصبح العالم جميل
29/08/2020



#فضيلة_مرتضى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تتلبد الغيوم
- أستحالة مسك القدر
- رقصة الحب في القلب
- كأنك تجهلني
- ذات صباح صيفي مع الفن الألهي
- رصاصة في قلب الجراح
- الناي الحزين{قصة الأمس واليوم}
- عودة الربيع
- رسالة الى أمي في زمن الكورونا
- قصة قصيرة{4}
- قصة قصيرة{3}
- قصة قصيرة{2}
- قصة قصيرة
- البكاء يضحك
- MARIANNE
- الحب ملجأ عطوف
- مريانة
- حواجز وباب مقفل
- أشتقت اليك
- وطن في متاهة الظلم


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فضيلة مرتضى - قصة قصيرة الهاجز