|
العولمة ومونديال عام /2006
فوزي نصر
الحوار المتمدن-العدد: 1599 - 2006 / 7 / 2 - 02:39
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
مقدمة : لقد طغت العولمة على كل النشاطات في هذا العالم ، وعلى جميع المجالات والأوجه الإقتصادية والثقافية والفكرية ، وسخرت الإقتصاد ( ضمن نظام الليبرالية الجديدة ) وضمان حرية إنتقال الرأسمال عبر جميع الحدود لضمان أعلى مستوى في الأرباح في جميع أرجاء العالم وليكون قاطرة لجر جميع الإستثمارات والسيطرة عليها 0 وبدأت عمليات الخصخصة في مجالات المشاريع الكبرى العامة ، وخاصة المشاريع الحكومية ، مثل الطيران والكهرباء والنفط ، والبريد ، والإتصالات يساعدها في ذلك الصندوق الدولي والبنك الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية 0وطالما أن الدولة القومية اختفت خلف سحائب الدخان التي تبعثه زوابع العولمة وفقدت كل مقوماتها ، ولم تتخذ ما يجلب لها المنعة ، حتى طغت على النظم العربية سمات " ما يسمى الدولة الرخوة " 0 والعمل على تفكيك الدولة نفسها لتسلم قيادتها ووظائفها وجميع مهامها للشركة الدولية العملاقة 0 لقد بزغ نجم الشركات المتعدية الجنسيات ، وبدأت بتهديم الأسوار الجمركية وأخذت الدولة القطرية/ القومية تنسحب من ميادين النشاط لتحمل عصا الشرطي الذي يضبط مسارات التحكم لصالح تلك الشركات، لقد اصبحت الدولة موظفة أو شرطيا لديها تنظم عبور أنشطة تلك الشركات 0 ضمن الوصاية التي تفرضها بسحب الدعم المقدم للشرائح الفقيرة ليزداد فقرها 0 وهكذا بدأ النظام العربي يتعرض لإختراق في ثقافته وفي تكوينه الإجتماعي ، والقضاء على تطلعاته 0 وتأكيد سيادة الإقتصاد بحيث أصبحت الأولوية للسلع والخدمات وإقتصاد السوق لتفصبح العولمة عن نواياها بتهميش دول العالم الثالث وجميع الدول الفقيرة ومن خلالها تهميش الفقراء ضمن مساحة كل دولة 0 فالنظام العالمي عندما يسترضي الحكام إنما يبتغي من خلال ذلك تطويع الجماهير وخنق إرادتها بقبضة النظام المسيطر القائم ومن نافل القول أن نذكر ليس المهم أن نخترق الواقع ونكسر المسافات ، ولا أن نصل الى التوهج واللمعان بل المهم أن نصل الى الحقيقة ولكن لا حضارة بدون معرفة ، ولا تقدم بدون علم فعندما نفتقد للعلوم نفتقر للمعرفة وحرية الإختيار نكون ضمن قطيع العولمة لا نعرف السير إلى أي إتجاه 0 إن الذين يسرقون أنوار الحرية ، هم الذين يسرقون الوطن ويستبيحونه، فالفساد بكافة صنوفه وألوانه وبتعدد جوانبه ومستوياته هو آلية من آليات العولمة ، حيث يضعف القرار المستقل وينتشر الفساد ويصبح تغليب المصالح الخاصة على العامة هو الصفة المميزة للنظم 0 العولمة والرياضة : العولمة بطبيعتها تسعى إلى الربح وإلغاء الحدود ، سواء في مجالات الإقتصاد أو المجالات الإجتماعية وقد لفت نظري أولئك الشبان الذين يتجمعون في المقاهي وفي الأماكن العامة ينتظرون أوقات بث مباريات المونديال فبدلا من أن يستمتع كل منهم في مشاهدة ذلك في منزله مع أشقائه وأسرته تراه يذهب راكضا إلى المقهى القريب أو المشترك في شراء بطاقة المونديال من أجل أن يرى المباريات الجارية على ملاعب الدولة المضيفة ( ألمانيا ) 0 لقد استفادت ألمانيا من تجارب المونديال السابقة وكيفية التحضير له ، والدعاية القوية من أجل جذب كافة هواة الرياضة ومشجعي الفرق الرياضية والزائرين لها لتغطية كافة النفقات وتحقيق دخلا كبيرا وربحا هائلا يعود بالفائدة على هذا البلد المضيف 0 وهكذا نرى العولمة قد احتقرت الهوايات الرياضية ولم تتركها تنشر بشكل طبيعي بل اعتبرتها تجارة مربحة وحرمت اصحاب الهوايات خاصة الفقراء منهم من تغذية طموحهم والإستمتاع بمشاهدة مباريات كأس العالم وحجبت حق النظر والرؤية وأصبحت الرياضة واحدة من ضحايا العولمة المقيتة من هنا نستطيع معرفة مميزاتها وأهدافها في إقتناص الفرص واللعب بالهوايات وأصبح البث التلفزيوني حصريا لشركات إحتكارية وسواء كان ذلك يعود للفيفا أم لغيرها فهو عولمة غير مقبولة ومن هنا نؤكد القول : أن بإمكان الإنسان أن يعرف بعض الأشياء ولكن لا يستطيع أن يعرف كل شيء دفعة واحدة لكن العولمة عينا يمكن أن نعرفها بنظرة واحدة لأن مقاصدها وغاياتها بدت واضحة لكل العالم تهميش الفقراء 0 لقد أصبحت مظاهر المجتمع الثقافية والفكرية منمطة. فرغم ما يبدو من التعدد فإنها تنصب في قالب واحد هو المظهر الرأسمالي الجديد العولمي لكل ما يمت بصلة للفكر والثقافة وبالتالي للحياة الاجتماعية. لذلك أصبح المشهد العام للمجتمعات العربية يتسم بتراجع دور المثقف وسيطرة الفكر العربي الاستهلاكي على مظاهر الحياة من بينها الفكر والثقافة. حتى الرياضة فرضت عليها ضريبة الربح وحرم الفقراء من مشاهد المباريات المثيرة ومن حرية رؤيتها 0 لقد غاب الفكر العربي والمثقف الذي يطالب بالحرية والديموقراطية وحرية المشاهدة للشاشات التلفزيون 0 مئات وعشرات الآلاف يتدافعون لرؤية المباريات ورغم أن الآهات تتكسر في أعماق النفوس لكن الغضب كان يتداول بين الكثيرين ، يتبللون بالحزن والأسى إن كرة القدم تقرب مابين البشر فلماذا نحاول التفريق بينهم ونطعن الفقراء بالها من بشاعة غير مسبوقة 0 الألم يسير مع الذين يهرولون، يركض بينهم لكنهم يبحثون عن هوايتهم حتى ولو دفعوا ثمنها رهانات غالية لكن متعة البحث عن الرياضة عن كرة القدم التي يعشقها الملايين تبقى هي الأمل الذي يدفعهم للوقوف في المقاهي والحانات وشراء أوقات اللعب 0 أمواج العولمة تغزو الرياضة التي تقرب بين البشر تغزو كرة القدم وتقف في ألمانيا لترفع علم المال والربح، وتقتل الحس والعاطفة والأمل 0 هذه الفضائيات التي تنتشر في رحاب الكون قد انحنت أمام الشراسة المادية والغزو المتعاظم فمتى ندرك بأن اللعب بعواطف البشر أمرا مهينا ومذلا ولا يقدر بثمن 0 هذا هو قطار العولمة يشحن ملاعب كرة القدم في عرباته ولا يسمح لأحد الصعود إليه إلا إذا حمل تذكرة العولمة 0 ثقافة الرياضة خضعت وانحنت، جنون الأسياد سيطر على كل شيء على حق النظر والرؤية، وعلى حق الإستمتاع الشخصي والفرجة لقد أصبحت حقوق الإنسان بين مخالب الذئب العالمي وأسفا أقول لقد خضعت الرياضة إلى السوق وتجار السوق فقدوا كل رحمة 0 والرياضة فقدت عذريتها بعد أن إغتصبها أصحاب الكوكبة والمال 0 في 30/6/2006 المحامي فوزي نصر
#فوزي_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظم الحاكمة والتعامل مع الآخر
-
من هو الآخر وكيف نتعامل معه
-
الإعلام العربي إلى أين
-
الإعلام السلطة الرابعة
-
المثقف وادارة الوعي 2 2
-
الثقافة وإدارة الوعي 1 2
-
الثقافة وإدارة الوعي (1 2)
-
الثقافة والوعي
-
امتلاك الثقافة مؤشر لإمتلاك القوة
-
لقاء مع العدالة
-
الثقافة بين الحركة والجمود
-
هل الشفافية ضرورة للقضاء على الفساد
-
لماذا لا نرفع راية الإصلاح
-
في الوطن العربي الفساد هل يتقلص أم يزداد
-
الديموقراطية الأمل المفقود لدى الأنظمة العربية
-
القطب الواحد ( عالم اليوم ) إلى أين يسير
المزيد.....
-
إن فاتتك الأخبار.. ملخص سريع لما يحدث في كوريا الجنوبية
-
يؤكد عدم وجود أساس للتفاوض مع أوكرانيا.. ويعبر عن الامتنان ل
...
-
كيف يواجه الغزيون النازحون بسبب الحرب تحديات البرد والدمار؟
...
-
-يفعل أكثر من إدارة بايدن كلها-.. ترامب جونيور يشيد بجهود تا
...
-
لصحة دماغك.. أطعمة نباتية غنية بمضادات الأكسدة
-
هل يُقدّم -الحلم الجورجي- تنازلات للمعارضة الموالية للغرب؟
-
علماء روس يبتكرون طريقة لإبطاء تطور العمى الوراثي
-
بعيدا عن ألم الصدر.. 6 أعراض غير متوقعة تنذرك بمشاكل قلبية ك
...
-
أوكرانيا وسوريا وجورجيا ومولدوفا- -عملية واحدة- لتقويض مواقف
...
-
مشروب يقلل خطر الإصابة بأمراض مزمنة مرتبطة بالتقدم في السن
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|