أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي نصر - من هو الآخر وكيف نتعامل معه















المزيد.....

من هو الآخر وكيف نتعامل معه


فوزي نصر

الحوار المتمدن-العدد: 1553 - 2006 / 5 / 17 - 03:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عصر النهضة العالمي قامت استراتيجيات مختلفة ومتباينة ، وتبنت الدول والمجتمعات عقائد ونظم مختلفة وعبر هذه الإرهاصات أصبحت المبادئ والنظريات لها أصحابها ومن يدافع عنها ، هذه المبادئ تقوم على أفكار قد لا يؤمن بها جميع الناس ، أو جميع أبناء الوطن الواحد فنشا الفكر المغاير ، والرأي الآخر وانبعثت قيم مختلفة تمثل هذا الآخر 0
جميع الأوطان تضم شرائح مختلفة ، وثقافات متنوعة ، وأفكار وقيم وأراء متباينة ، وليس كل الناس لهم نفس التفكير وذات الرأي 0 الذين يحملون أفكارا ورؤى تتجسد ضمن آليات خدمة الوطن ، لكنهم لا يتفقون مع نظام السلطة ، ولا مع الفريق الحاكم ، أو لديهم نظريات إجتماعية أو سياسية يقدمونها لخدمة الوطن هؤلاء ليسوا غرباء عن الوطن بل مواطنون يحملون همومه ويبتغون رفع شأنه يؤمنون بقيمه وبشعبه ويعملون من أجله ولكن بتفكير مختلف 0 ورغم أن الوطن العربي بكافة أجزائه يتعرض للإقتلاع وتشويه الشخصية الوطنية والقومية ، وتسفيه المفاهيم والقيم الثقافية والإجتماعية 0 من خلال عرض الأجنبي للآخر العربي المتوحش الذي لا يفهم الحضارة ، المتعطش للدماء 00الخ لم نسع لتغيير هذه الصورة ولقلب مفاهيم الإنسان الغربي وتعريفه بعالمنا ، بطرح قضايانا باسلوب الحوار الهادئ فهو ما زال ينظر بارتياب الى العربي الذي لا يؤمن جانبه ، المخادع ، المحتال 0
الآخر هو ذلك الإنسان الذي لا يتفق معك بالرأي وتختلف معه في العقيدة سواء كانت دينية ، أم حزبية وله رأي وفكر مغاير وقناعة مختلفة ، هل هذا المواطن المخالف ليس له الحق في الحياة ولا في التعبير عن رأيه ولا إظهار فكره ؟؟ وهل يحق لنا إجباره بفكرنا وإلغاء تفكيره ؟؟ !! 0 قضية تحتاج إلى نقاش وحوار وإلى فتح أبواب الثقافة لنرى من هو الآخر وما هو رأيه وتفكيره ، فكل من يعمل ضمن إطار مصلحة الوطن ، ومصالح الشعب ، ويسعى إلى النهوض به ضمن مشاريع نهضوية ثقافية أو إجتماعية أو إقتصادية وذلك حسب رأيه وطريقة تفكيره ولو كان يحمل أفكارا مغايرة لفكر الآخرين ليس لنا أن نقف بوجهه ونعطل أفكاره خاصة إذا كان يحمل مصلحة الوطن بين جنبيه ، إن عملية الإستئصال ، أو العقل الإتهامي ، الذي يتعصب لفكرته ولا يرى صوابا غيرها ، إن رياح العقلية الإتهامية قد تقتلع مواطنين شرفاء ، وأناس غيورين على مصلحة الوطن 0
المجتمعات المتقدمة تترجم هذه العبارة على نحو يرفض التعصب، لأن التعصب يقوم على المطلق، وترى أن كل شيء نسبي بمعنى أنه لا أحد يستطيع أن يدعي أنه وحده يملك الحقيقة وأن الحقيقة في ذاتها - عدا الحقيقة الإلهية - هي نسبية وليست مطلقة وهكذا يعطي هذا السلوك مساحة للآخر، مساحة للرأي الآخر، مساحة لحق الاختلاف.0 كيف يمكن لنا أن نقتلع الورود ذات الرائحة العطرة بحجة أن لها أشواكا ؟؟ وكيف لنا أن نقتل جميع طيور الثقافة بحجة أن لها مناقير تستخدمها من أجل البقاء 0
لا يوجد حقيقة مطلقة ، كما لا يوجد رأي يسيطر على مختلف الآراء ويلغي ما عداها سواء في الوطن ، أو في المجتمع ضمن حقيقة العقد الإجتماعي الذي تقوم عليه أجهزة الدولة ومؤسساتها 0
التعصب للرأي سمة من سمات المتخلفين، لأنه علامة على ضيق الأفق وعلى محدودية الرؤية، وفي المجتمعات المتخلفة تجد الناس غير مستعدة لقبول فكرة تقوم على أنها تصيب وتخطئ. إنها دائما على صواب وغيرها إذا اختلف معها فهو دائما على خطأ، ومحاولة الإقناع بغير ذلك تذهب سدى.
إن الآخر موجود في الحقيقة ولكن ليس موجودا في وجداني. وجداني ليس فيه إلا "الأنا" أما الآخر فإنه لا يعني شيئا بالنسبة لي، وبالتالي فأنا لا أعني شيئا بالنسبة له، ومن ثم فإن السدود النفسية تقوم بين رؤية الناس وبعضهم البعض الآخر، ونعيش في جزر منفصلة لا تعرف كيف تتصل وتتفاهم، لأنها لا تعرف كيف تختلف ولا تترك في عقلها وضميرها ووجدانها مكانا للغير واجتهادات الغير ورؤية الغير.
وهذا هو أساس التعصب للرأي. أساس التعصب للرأي يكمن في الجهل بالحقائق الإنسانية، يكمن في الجهل بأن كل شيء نسبي وأن التعددية هي الطابع الأصيل للأحياء عندما يتطورون من مرحلة الكائن ذي الخلية الواحدة إلى مرحلة الكائن ذي المخ البالغ التعقيد. ـ العربي العدد 453 لعام 1996 ـ بأن سيطرة الرأي الواحد بالقوة على جميع الآراء تطفئ أنوار الإبداع ، وتوقف عجلة التقدم . فالأمم لا يمكن أن تتلاءم مع عصرها إلا إذا تفاعلت مع حضارته وهذا لا يحدث إلا إذا سمح لمختلف الآراء بأن تملأ الساحة الفكرية، وأن يكون الحوار هو الوسيلة التي نتوصل بواسطتها إلى الحقائق . لا يمكن أن نتقدم إلا إذا توافر لنا هذان الأمران، أحدهما الانفتاح على مختلف الآراء فلا يسيطر رأي واحد على كل الآراء. والإقرار بوجود الآخر ورأيه وثقافته 0 ونستعين بما قاله الكاتب والمفكر محمد حسنين هيكل مانحا البغاة العذر في محاربة الكتابة وهي تعبر عن رأي مختلف :
"أما أن يحارب البغاة القلم وحرية أربابه فلهم في ذلك العذر كل العذر لأن حرية القلم هي أسمى أشكال الحرية على وجه الأرض". وقد قيل :
في الزمن الصعب لا تزدهر الكلمات ، ولا تعلو أغصانها البراعم ، بل ترزح تحت قيود السلاسل ، وتعاني من الإختناق وهكذا فالآخر يبقى تحت رحمة الإقتلاع والرعب ، لا يجرؤ على قول رأيه ، ولا التعبير عن أفكاره ومبادئه ، إنه مواطن له حقوقه وأهمها حق الحرية والتعبير ، وحق العيش بكرامة 0
ـ وقيل : بأن القهر والإستعباد يقتل الآمال ويغتال الأفكار : فمن مخدع الآمال تنبعث الذكريات ، ومن مخدع العبودية تنبعث رائحة موت الكلمات والأفكار المتنورة 0
وقد قال الكواكبي : " إن الأمة التي لا تشعر كلها أو أكثرها بآلام الإستبداد لا تستحق الحرية "
وما أظن أن أحدا يجادل في أن القوة هي التي تتحكم في مسيرة حياتنا السياسية والاجتماعية، وأرجو ألا أكون مخطئا إذا اعتقدت بأن تغيرنا إلى الأفضل لا يحدث إلا إذا فسحنا المجال أولا لمختلف الآراء، ورفدنا ذلك بفسح المجال أيضا لمختلف العلماء والباحثين بحيث يستطيعون تطبيق ما اكتسبوه من علم في مختلف الجامعات.
هناك تبعية سياسية تقود إلى سيطرة البعض على المراكز الحساسة ، وهذه تقود إلى تبعية إجتماعية تتعلق بمصالح بعض المواطنين الذين يضطرون للموافقة على آراء أصحاب النفوذ حتى لا يخسروا مراكزهم أو مكان عملهم 0
لكن يجب أن نعطي الإبداع دوره وتشجيع المبدعين للتعبير عن آرائهم فصحة الوطن بصحة إحترام آراء ابنائه ، وعافيته في قول كل ما يفيد الوطن وفي هذا السياق قد تمارس السلطات السياسية أو الدينية مبادئ تضر بمصلحة الوطن والمواطن وتهدد الفكر والرأي الحر منها :
ـ مبدأ الإستئصال :
الذي يقوم على الأنا لا غير وكل ما عداه ليس له وجود ، بمعنى أنه عبر بوابة القوة والإرهاب تغلق كافة النوافذ والآراء الفكرية ولا يبقى إلا رأي واحد هو المسيطر لذلك تأخر النهوض وأحدث الإرهاب خدوشا في جسم النهضة العربية أثخنت جسده بالجروح وأضرت بمسيرة النهضة مما جعل هذا الوطن مسرحا للغزاة ، ومرتعا للطامعين 0 وإن مبدأ الحوار لم يعد له وجود لأن من ليس معي فهو ضد الوطن يجب إبعاده عن الطريق 0 وأؤكد القول بأننا يجب أن نعلم بأن الإختلاف لا يفسد للود قضية ، وجميع الأفكار قابلة للنقاش والحوار 0 لكن علينا أن نقيم وزنا لجميع الأفكار حنى ولو كانت مخالفة لنا ومقولة فولتير ما زالت تطرق أسماع جميع الناس ويؤكد فيها :
{{ أخالفك رأيك ولكني أدفع حياتي ثمنا لأن تبدي هذا الرأي 0}}
تعالوا لنسمع رأي العقل ونصغي لصوت الحرية والتفاهم ، تعالوا لنكون خدما لهذا الوطن مهما كانت مشاربنا ، ومهما اختلفت وعلت مسؤولياتنا ونطبق أسس الديموقراطية فإننا لا ننتصر ونكيد الأعداء إلا إذا أصغينا لصوت العقل ، وسمع كل منا الآخر 0 لقد سخر منا الغرب وإزدرانا بشكل يفوق كل حدود الإحتقار مزق ثقافتنا ، واخترق عقولنا ، وهدم تفكيرنا ولم يترك لنا مجالا للنهوض ، وأحدث شروخا كبيرة في قيمنا واستطاع أن يعمق
ـ مبدأ التكفير إلى جانب مبدأ الإستئصال :
.قال محمد حسين فضل الله (( لا شيء مقدس كل شيء قابل للنقاش ))
لقد أقر الإسلام مبدأ الحوار ولم يقر مبدأ التكفير (( وجادلهم بالتي هي أحسن ))
وجادلهم بالتي هي أحسن ، هذه الآية تدل على أن الحوار هو الأصل (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة )) ودعا إلى استعمال العقل :
الدعوة لإستخدام العقل :
قال الرسول (ص ) : (( لكل شيء دعامة ودعامة المؤمن عقله ، فبقدر عقله تكون عبادته )) 0
إذن العبادة هي عقل قبل كل شيء ، والعقل هو الذي يضع المبادئ الإنسانية والمفاهيم الوطنية ، وهو الذي ينظم جميع علاقات المجتمعات 0 فصناعة الحوار تكون بالعقل الهادئ ، وبالفكر النير البعيد عن العصبية والتزمت ، وإني على يقين ثابت بأن الله لم يقل لنا أغلقوا باب العقل أو العلم ، وقد أكد بأن دعامة المؤمن عقله ولم يقل دعامة المسلم ، فالمسلم الذي لا يتوج إسلامه بالعقل ليس مؤمنا 0فالإيمان يتطلب وجود العقل المبدأ بأنني أعتنق عقيدة أو أنتمي إلى حزب فمن لا يكون معي فهو ضدي لا يمكن الحوار معه ، ويجب اقتلاعه من تربة الوطن ، إن هذا المبدأ قد يكون لمن يتبنى عقيدة دينية أو سياسية ، أو الإنتماء لطائفة أو حزب
أهم مبدأ يساعدنا على النهوض والتقدم هو مبدأ : الدين لله والوطن للجميع ، أو الدين للجميع والوطن للجميع لا أحد يحتكر الوطن ويكون له ولا يحتكر الدين ويكون له وحده ، لماذا التّزمت والعودة إلى الوراء
فلقد تورمت أغصان الحوارات الهادفة ، ولكنها لم تصل إلى الطريق الذي يزينها بالثمار 0 لأن التباغض والحقد لوى عنق التفاهم وكسر مفاهيم الحوار وجعله بعيدا عن الدقة والموضوعية 0
الإنسانية موشحة بالأحزان ، والكثير منا يبحث عن الخروج من مأزق الحياة ومآسيها لكن طريق السعادة مظلم ومرصوف بأشواك التساؤلات المختلفة 0 ومن يبحث عن المخرج للأزمة لا بد أن يجده مهما كان النفق ضيقا ، ومن يبحث عن الوطن فقد يجده ضمن سقف الحوار والحرية والتعددية ، وعندما تذوب الأنا ويصبح الجميع أمام ذات التحديات ، وعلى مسافة واحدة من المسؤوليات والأخطار 0
في 16/5/2006 المحامي فوزي نصر



#فوزي_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام العربي إلى أين
- الإعلام السلطة الرابعة
- المثقف وادارة الوعي 2 2
- الثقافة وإدارة الوعي 1 2
- الثقافة وإدارة الوعي (1 2)
- الثقافة والوعي
- امتلاك الثقافة مؤشر لإمتلاك القوة
- لقاء مع العدالة
- الثقافة بين الحركة والجمود
- هل الشفافية ضرورة للقضاء على الفساد
- لماذا لا نرفع راية الإصلاح
- في الوطن العربي الفساد هل يتقلص أم يزداد
- الديموقراطية الأمل المفقود لدى الأنظمة العربية
- القطب الواحد ( عالم اليوم ) إلى أين يسير


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزي نصر - من هو الآخر وكيف نتعامل معه