أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جميل النجار - الحتم البيئي/الجغرافي يتآكل بالإمكان (ومضات من الفِكر الجغرافي)















المزيد.....



الحتم البيئي/الجغرافي يتآكل بالإمكان (ومضات من الفِكر الجغرافي)


جميل النجار
كاتب وباحث وشاعر

(Gamil Alnaggar)


الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 02:41
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


كان لموقع أوروبا الغربية على الحافة الغربية لليابس الأوراسي دوره في حمايتها من غزو المغول، بينما كان لموقع العالم الإسلامي المتوسط؛ دوره في السقوط المدوي لدار الخلافة ببراثن المغول عام 1258 م. وبالمثل، كان للموقع البحري المفتوح لبريطانيا العظمى دوره في تنويع منتجاتها وتطور صناعاتها الثقيلة واتساع رقعة نشاطها التجاري، على العكس من سويسرا ذات الموقع الجغرافي الداخلي الحبيس، الذي دفعها دائما لانتهاج سياسة الحياد السلبي وعدم معاداة الجيران الذين يمثلون معابرا لها؛ واستجابة منها لحتمية هذا الموقع الحبيس سعت إلى خلق اقتصاد يعتمد بشكل متزايد على المد المطرد للاستثمار الأجنبي وصناعة المال، ومـن ذا الذي لم يسمع بالبنوك السويسرية ومكانتها العالمية، كما اكتفت بممارسة نشاط صناعي خفيف، كصناعات الساعات والأدوية والسلع وأدوات القياس الدقيقة والآلات الموسيقية وغيرها؛ وليحرمها بذلك من مكاسب الصناعات الثقيلة.
وهو نفس السبب الذي يفسر حتمية وأهمية الموقع لعدد من الصراعات السياسية والعسكرية في بعض البيئات كما هو حال الصراع بين إثيوبيا- كدولة حبيسة- وثوار ارتيريا، التي تتمتع بواجهة بحرية مفتوحة على ساحل البحر الأحمر، هذا الصراع الدائر منذ الثلاثين عاما؛ يعكس استماتة إثيوبيا في الحفاظ على سيطرتها وفرض وصايتها على ارتيريا؛ لتضمن لنفسها منفذا ومتنفسا على البحر الأحمر، الأمر الذي يوضح أهمية الموقع.
وإذا انتقلنا إلى ضوابط جغرافية أخرى غير الموقع، كعامل المساحة وحجم الموارد وأعداد السكان... الخ؛ سنجد أن حجم السوق الداخلي أو المحلي في دولة مثل الصين جعلها في غنى عن حتمية المضطر إلى البحث عن أسواق خارجية لتصريف الفائض من منتجاته، خاصة وأنها كانت مشغولة بتأمين حدودها البرية ضد غارات المغول، على عكس الحال في دولة كإنجلترا، فهي دولة صغيرة المساحة محدودة الموارد نسبياً، إذا ما قورنت بموارد دول كبرى كالصين وروسيا والولايات المتحدة، فكانت هذه العوامل الجغرافية أحد أهم دوافعها الاستعمارية في القرن التاسع عشر؛ لتأمين المواد الخام اللازمة لمصانعها، وفتح أسواق جديد لتصريف الفائض من منتجاتها.
كان ذلك قبل تنظيم الاتفاقيات التجارية واستقرار نظم الاقتصاد الدولي، التي كَفِلَتْ المساواة والتعاون وحرية الأسواق ومحاربة التجارة غير المشروعة، كتحريم بريطانيا والولايات المتحدة لتجارة العبيد عام 1807 م، والحد من نشوب الحروب؛ تكفيراً عن ذنوبهم في الفترات التي خلَتْ، وجعل الحروب كجراحات ضرورية؛ لتكون قاصرة على الدول المارقة وأصحاب الأيديولوجيات الراديكالية.
وإن كان قد سبق الغرب في مثل هذه الأعمال المضيئة من تاريخ البشرية؛ ما قام به الامبراطور الهندي العظيم أكبر (من السلالة المغولية المسلمة) حين أبطل العمل بالجزية، التي كانت تفرضها الدولة الإسلامية على غير المسلمين، وقام، على إثر ذلك، بسحق ثورة قادها علماء الدين المسلمين، الذين أطلقوا على أنفسهم " حُرَّاسُ الشريعة المتعلمون" (نِكاية في الامبراطور الأميّ،) وذلك في الفترة من 1579- 1580 م، وكلها كانت بمثابة الإرهاصات التي مَهدَتْ للنقلة الحضارية الإنسانية في العصر الحديث. كما قام محمد سعيد باشا، والي مصر، بتحريم الجِزيَّة في العام 1855 م،
وقد خَفَّفَ العلم الحديث والتقنية والاستكشاف من وطأة هذا الحتم الجغرافي الصارم. والذي تعود جذوره إلى "نظرية الحتمية البيئية" التي ظهرت في القرن الخامس عشر. وإن امتدت في التاريخ إلى أبعد من ذلك لتصلنا بالإغريق. حيث اعتقد أفلاطون وأرسطو أن المناخ (بالأخص عنصر الحرارة) ساهم في تطور الإغريق بشكل كبير في وقت مبكر، مقارنة بالحضارات الأخرى.
كان للعالم الجغرافي اليوناني، "سترابو" أفكارا مماثلة وكتب عن المناخ الذي يؤثر على تطور البشر على المستوى الفسيولوجي. تم تطوير هذا المفهوم لاحقا واقترح فكرة أن العوامل البيئية هي أصل ألوان البشرة المختلفة. وكان يضرب بسكان الجزر الاستوائية والمناطق الحارة في الشرق الأوسط المثل السيئ لكونهم كسالى ولا يحترمون الوقت ولا يعرفون حتى معنى ثقافة الالتزام بالوقت. ولطالما ترددت عبارة "كتوقيت الجزيرة" الذي استخدم أحيانا لوصف العقلية البطيئة والهادئة للثقافات الموجودة في مناطق الجزر الاستوائية. بالمقارنة مع مدينة سريعة الخطى، مثل نيويورك أو لوس أنجلوس، أو شنغهاي. وإن كانت فكرة الوقت والالتزام بالوقت ليست وثيقة الصلة بالموضوع.
وفي العصر الحديث، ارتفعت شعبية الحتمية البيئية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. بعد كتاب تشارلز داروين عن أصل الأنواع، واقترح الجغرافي الألماني "فريدريش راتزل" أن البيولوجيا التطورية وبيئتنا تلعبان الدور الأبرز في تطورنا كنوع. انتشرت هذه الأيديولوجية في نهاية المطاف إلى الولايات المتحدة وظلت تحظى بشعبية هناك حتى الأربعينيات، عندما اتهمت بدعم العنصرية والإمبريالية.
ومع مرور الوقت وتواتر القفزات التقدمية المتلاحقة؛ تعززت نظرة "الإمكان" أو "الاحتمالية" لدى الإنسان؛ بعدما حقق بعلمه الكثير من أطياف الإعجاز والإبداع الخلاق؛ بما اكتسبه من مهارات تقنية عالية؛ مكنته من التغلب على الكثير من العقبات/المعوقات البيئية التي حالت في الماضي دون الاستغلال الأمثل لموارد الطبيعة. حتى تم التخلي عن "نظرية الحتمية الجغرافية/البيئية" باعتبارها المساهم الوحيد في التنمية البشرية.
ومع ذلك، فقد لعبت في الماضي دورا كبيرا في تاريخ الفكر الجغرافي وساعدتنا على فهم أن البيئة تضع قيودا معينة يمكن أن تؤثر على هي الاعتقاد بأن البيئة المادية تؤثر على التنمية الاجتماعية والثقافية بشكل عام. وكما أن البيئات الجغرافية تختلف في خصائصها الطبيعية من بيئة لأخرى؛ فإن الإنسان بدوره يختلف من منطقة لأخرى، وذلك باختلاف معطياته الحضارية بمعطياتها العلمية والتكنولوجية، وعدة عومل أخرى، يأتي في مقدمتها الظروف الديموغرافية للدول أو التكتلات السياسية/الاقتصادية.
فإذا أمعنّا النظر في التغير النسبي لتأثيرات العوامل الجغرافية والظروف البيئية؛ نجدها وقد تخففت من أعباء الحتم الجغرافي رويداً رويدا. فلو تأملنا على سبيل المثال؛ أثر الموقع الجغرافي على الإنسان؛ لوجدنا أن دولة كالمملكة المتحدة التي ضربنا بها المثل؛ كان موقعها هامشياً بالنسبة لغيرها من قارات العالم وبلدانها، وذلك قبل عصر الكشوف الجغرافية بالقرنين الخامس عشر والسادس عشر؛ ما أضفى عليها نوعا من العزلة المكانية النسبية في بعض صراعاتها عبر تاريخها، خاصة مع فرنسا وحرب المائة عام التجارية، ولكن بعد الكشوف الجغرافية؛ تغيرت قيمة موقعها الجغرافي لتحتل موقعا جديدا وسطا من العالم؛ ما شجعها على الانطلاق باتجاه العالم الخارجي بشهوة استعمارية كان لها أكبر الأثر- بعد التنوير وواقعية العلم- على الانقلاب الصناعي الذي أدي إلى تطورها وتقدمها قبل غيرها من بلدان العام.
ونجد أن التركيب الجيولوجي المرتبط بالصخور الرسوبية لبيئة الخليج العربي؛ قد أتاح لها مخزونا ضخما من البترول والغاز الطبيعي، ما جذب الغربيين لاستكشافه واستخراجه؛ الأمر الذي شجع سكانها إلى التحول من ممارسة حرف الرعي والإغارة على الحواضر وطرق القوافل التجارية إلى العمل في الخدمات المرتبطة بقطاع النفط والصناعات البتروكيماوية. ويمتد تأثير البنية إلى أنشطة التعدين الأخرى، كاستخراج خام الحديد من صخور الحجر الرملي النوبي بمصر، ومثله بقية المعادن الفلزية الأخرى المرتبطة بنوعية الصخور النارية كالمنجنيز والنحاس والرصاص، وما يرتبط بالبنية أيضا من خزانات الماء الجوفي والتي تزداد أهميتها في البيئات الجافة وشبه الجافة؛ وما تحدد في ضوئها من نشاط عمراني وزراعي.
وللتدليل على قوة قبضة حتمية التوجيه البيئي في الماضي، ما قد يضطر إليه الإنسان من هجر للبيئات التعدينية بعد نضوب المعدن من مناجمه تاركا وراءه مدنا تُنعت بمدن الأشباح كما في مدينتي الذهب " كاليجوري وكلوجاردي" الاستراليتين، ويرتبط بالبنية أيضا وجود بيئات مستقرة وأخرى غير مستقرة تفرض على سكانها ممارسة أنشطة بعينها متجنبين القيام بمشروعات حيوية كالتجمعات الصناعية والمستوطنات العمرانية الكبرى والسدود ... الخ، وإذا لزم الأمر فلابد وأن يلتزم الإنسان في إقامتها بمواصفات خاصة كالمنشآت التي لديها القدرة على امتصاص الهزات الأرضية؛ كما هو الحال في الدول الرائدة في ذلك المجال مثل اليابان، وعكس ذلك ينطوي على مخاطر جمة؛ كما حدث في عدد من الدول المتخلفة، وخير مثال؛ يتمثل في زلزال أغادير بالمغرب سنة 1960، والذي أودى بحياة 12 ألف شخص، وعشرة آلاف شخص حصدهم زلزال مانجوا بنيكاراجوا سنة 1972، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة.
وتنخفض درجة الحرارة، ويخف الضغط الجوي، ويقل الأوكسجين بالارتفاع؛ حتى تصبح الحياة صعبة، بل مستحيلة بصفة دائمة إذا زاد الارتفاع عن 10000 قدما؛ عندها قد يتعرض الإنسان لأعراض مرضية تعرف بدوار الجبل، وتتمثل في الصداع وضيق التنفس وحالات من الإغماء وإدماء الأنف والأذنين، لهذا قد فرضت حتمية البيئة المرتفعة على عمال مناجم الكبريت في شيلي أن يقطعوا رحلة يومية قدرها 2000 قدما بين مستوطنتهم والمنجم؛ لاستحالة توطينهم بجوار المنجم الذي يقع على ارتفاع 18800 قدما.
والبيئة الجبلية، بطبيعتها القاسية، طاردة نسبيا؛ ولذا إذا استطاعت جماعة بشرية التأقلم مع هذه البيئة؛ فرضت عليهم المزيد من التحديات، كأن يمارسوا نمط الزراعة اليدوية؛ إذا ما استطاعوا تحويل سفوح المرتفعات إلى مدرجات، وألا يزرعوا سوى المحاصيل ذات الجذور القوية التي تساعد على تثبيت التربة لمنعها من الانجراف عند هطول الأمطار، ففي المناطق الجبلية الباردة الرطبة وشبه الرطبة يمكن زراعة الكرز والتفاح واللوز والدراق كأنواع مثمرة، واللزاب والزعرور والسرو الفضي والأرْز وأنواع الصنوبر وغيرها كأنواع حراجية.
أما في المناطق الجبلية الجافة وشبه الجافة ذات التربة الكلسية فيمكن زراعة الفستق الحلبي والتين والعنب واللوز والزعرور وغيرها، وفي المناطق الجبلية البازلتية يمكن زراعة الكستناء إذا توافرت المياه. وفي المناطق التي تشهد نشاطاً زراعياً ورعوياً يمكن تدعيم جوانب المدرجات بالنباتات أو الأنجم الرعوية المعمرة كالروثة والفصة والرغل وغيرها، وأما مدرجات مجاري الأنهار فيمكن تدعيمها بزراعتها بالحور والصفصاف والدردار وغيرها. وتفرض أيضا على مربي المواشي أن يقوموا بتربية الماعز والأغنام والبغال واللاما كحيوان شبه مستأنس في جبال الأنديز بالدرجة الأولى بالإضافة لثور التبت أو الياك. كما يساهم الحتم التضاريسي ببعض البيئات في توجيه نمو العمران، فقد أدى ضيق المساحة المستوية المحاطة بالمرتفعات لمدينة نيويورك إلى التوسع الرأسي ببناء ناطحات السحاب التي تشتهر بها نيويورك.
كما ساهم الموقع الفلكي مع العامل المناخي في خلق عدد من البيئات الجغرافية المتباينة على سطح الأرض مثل البيئة الاستوائية، والبيئة المدارية، والبيئة الموسمية، والبيئة الجافة، والبيئة المعتدلة، والبيئة القطبية... الخ، ولكل بيئة نباتاتها وحيواناتها البرية، فالبيئة الاستوائية والمدارية الرطبة تنمو بها الغابات الاستوائية الرطبة بأشجارها الضخمة متشابكة الأغصان دائمة الخضرة، وأهم أشجارها الماهوجني والأبنوس والساج والكاكاو والكولا(بندق أفريقي) والكسافا واليام والبطاطا ونخيل الزيت... الخ، وأهم حيواناتها الزواحف والأفاعي داخل الغابة، وعلى الأغصان تتواجد القرود كالغوريلا والشمبانزي والأورانج، والسنجاب الطائر والضفادع الطائرة في غينيا الجديدة، وفوق الأشجار الطيور ذات الريش الملون الزاهي كالبلابل والببغاوات والعصافير المغردة، وفي مياه الأنهار فرس النهر والسلاحف المائية، وتكثر بمستنقعاتها الحشرات كالبعوض، وقد صبغت البيئة هنا حيواناتها بصبغتها المميزة؛ فطيورها لا تستطيع أن تحلق بحرية بين الأشجار وحيواناتها بطيئة كالزواحف ولا تستطيع العدو كالغزال مثلا إنما تتسلق وتقفز كالقردة؛ لكثافة غطائها النباتي، وتجعل الحرارة الشديدة جلودها ملساء كالثعابين أو مغطاة بشعر قصير ناعم كالقردة، وكلها أحياء مقيمة لا تضطر إلى الهجرة لوفرة الغذاء.
وأشجار البيئة الموسمية تشبه الاستوائية وما يميزها نمو أشجار الصندل والكافور والكينا والتوابل، وأهم حيواناته الفيل الأسيوي والنمر الهندي، والإقليم الموسمي في شمال وشمال شرق استراليا خصته البيئة بالمستنقعات وأهم أشجاره الأوكلبتس، وأشجار الكينا في المناطق الأقل قحولة، والأكاسيا(الطلح) في الصحاري والمناطق الجافة، بالإضافة لحيواناتها الجرابية الشهيرة مثل الكنغر والكوالا والومبت وشيطان تسمانيا والطيور مثل إيمو والكوكابورا، كما توجد البيئة الموسمية في شرقي مدغشقر بغاباتها المطيرة وسهولها المعشوشبة بالسافانا باتجاه الجنوب والجنوب الغربي، وهي حشائش جافة تستضيف النباتات الشوكية وأهم أشجارها الباوباب، وأشهر حيواناتها فصائل الليمور.
أما بيئة حوض البحر المتوسط المعتدلة الدفيئة فأهم أشجارها الموالح والكروم والزيتون والتين والتوت، وأهم أخشابها الصلبة هي الفلين في إسبانيا والسرو في قبرص والأرْز في لبنان والحور في أكثر من بلد، بالإضافة لأشجار الفاكهة الجافة( لإنتاج المكسرات) كاللوز والجوز والبندق والفستق، وتتمثل حيواناته فيما تم تدجينه منذ القدم كالدواجن والأغنام والماعز حيث الرعي والأبقار حيث الزراعة ودود القز والأسماك. وكل الموائل التي تقع شرقي القارات وتعرف بالإقليم الصيني تشبه بيئة البحر المتوسط وتزيد عليها في نمو أشجار الأروكاريا وشجر المانوليا والتمر حنة وتنتشر زراعة الشاي، وتربى به الخيول السيسي والخنازير. أما البيئات المعتدلة الباردة فتتمثل في إقليم الغابات النفضية(غرب القارات) ومن أهم أشجاره البلوط والزان والقسطل، وأهم حيواناته الأسماك وتربية الخنازير على ورق البلوط، بالإضافة لإقليم الغابات الصنوبرية(شرق ووسط القارات) فأشجاره مخروطية قمعة قصيرة مندمجة صلبة مدببة الأوراق كأشجار الصنوبر والشربين والبتولا، وأهم حيواناته الدب والثعلب والسنجاب.
وفي مناطق الحشائش الحارة تنمو السافانا الأفريقية والبمباس بأمريكا الجنوبية، وأهم حيواناتها الفيل والأسد والنمر والفهد والضبع والغزال والظراف والحمار الوحشي والجاموس والنو (البقر الوحشي) والجراد وذبابة تسي تسي المميتة... الخ، وتربى الأبقار بالسافانا البستانية المكشوفة، والأغنام والماعز في السافانا القصيرة والفقيرة على الهوامش، وتتسم حيواناتها بالقدرة على الحركة السريعة وكلما قَصُرت الحشائش ظهرت هذه الميزة بوضوح، فالوعل والنعام في السافانا القصيرة أسرع من الزراف والحمار الوحشي بالسافانا البستانية متوسطة الطول، وكان لغياب الغطاء النباتي الكثيف دورا في كِبر حجم أغلب حيواناتها كالفيل والزراف والجاموس البري وغيرها. وحشائش الاستبس والبراري واللانوس في المناطق المعتدلة للأحيائها القدرة على العدو السريع كالخيول والذئاب والكلاب واليربوع والسنجاب والأرانب البرية... الخ، وتهاجر بعض طيورها شتاءً وتعود صيفا كالقنبر والسمان.
وفي البيئة الصحراوية تنمو بعض الحشائش الشوكية إبرية الأوراق؛ لتتجنب عملية البخر نتح، وتمتاز نباتات واحاتها بطول جذورها كالنخيل؛ في محاولة منه للوصول إلى الماء الباطني، أو بسماكة أوراقها كالتين الشوكي والصبار للمحافظة على مخزونها من المياه؛ ولحيواناتها القدرة على تحمل الجوع والعطش؛ لتتأقلم مع هذه البيئة الفقيرة في مياهها، وسيقانها نحيلة وخطواتها واسعة؛ لتكون قادرة على قطع الفيافي والقفار بشكل أسرع كالظبي والغزال والماعز، ولبعضها أخُف كالجمل حتى لا تغوص أقدامها في الرمال.
ونباتات التندرا بالبيئة القطبية تنمو بالهوامش الجنوبية للصحاري الجليدية الطحالب وبعض الحشائش الأنجمية القصيرة كحشيشة البحر وبعض النباتات التي تزدر أثناء الصيف القصير وتموت شتاءً، ويتخلل الحشائش القصيرة شجيرات الخلنج والآس، ورغم قساوة مناخها إلا أنها بيئة غنية بأحيائها، فتكثر بها أنواع الطيور كالبطريق والبط القطبي والأوز القطبي، والحيوانات كالدب القطبي والثعلب القطبي والرنة، والأحياء البحرية كالحوت والأسماك وعجل البحر وأسد البحر وكلب البحر... الخ، وتكسوها البيئة بالكثير من الشحم واللحم وقلة العظام ويخلو بعضها من الفقاريات، وتغطيها بالريش الكثيف كالبطاريق وبالفراء السميك كما في الدب، وتلوّن البيئة جلود معظم حيواناتها وريش طيورها باللون الأبيض، ويكثر بها البعوض صيفا بعد ذوبان الجليد.
ويتجلى سحر البصمة البيئية في منح كائناتها الخصائص التي تمكنها من تأقلمها وتكيفها مع وسطها الإيكولوجي، حتى وإن كان حساسا أو هشا، وكلمة السر تتمثل في كمية المياه وفصليتها وعلاقتها بطرق تحايل النبات المختلفة؛ للحفاظ على مقنن محدد من المياه في البيئات الجافة أو تلك التي تتمتع بفصل جاف، أو للتخلص من بعضه في البيئات الرطبة التي تزيد فيه كمية المياه عن حاجة النبات، فتجد النخيل والكروم على سبيل المثال تتعمق بجذورها في محاولة منها للوصول إلى الماء الباطني كما قد يمتد نبات مثل المسكت الشوكي بجذوره إلى عمق 20 مترا والألفافا إلى عمق 40 مترا بحثا عن الماء الباطني، وقد يلجأ النبات إلى تخزين الماء في جذوره كالنرجس أو يتضخم بجذعه ليستوعب أكبر كمية ماء احتياطي ممكنة مثل الباوباب في مدغشقر والسودان الأوسط، أو يحتفظ بعصارته في أوراقه السميكة كاين الشوكي أو بجعل أوراقه إبرية كالصنوبر أو بنفض أوراقه في الفصل الجاف الزان أو تقلل من عدد أوراقها كالبلوط الفليني، وللتخلص من الماء الزائد يلجأ البلوط إلى تقصير جذوره والإكثار من أغصانه أو بتطويل جذوعه ودقة سيقانه كالنخيل الاستوائي أو بتوسيع مساحة الأوراق كالموز في البيئات الرطبة.
والنشاط الزراعي محكوم أيضا ببيئته الحرارية كالنبات الطبيعي، حيث لا تُزرع غي البيئات المدارية سوى المحاصيل المدارية كالأرُز والذرة والقطن وقصب السكر والبن والشاي والموز والمانجو والسمسم والفول السوداني والمطاط...الخ، كما ويلتزم مزارعي البيئات المعتدلة الباردة بزراعة محاصيل بعينها كالقمح والبطاطس والبنجر والشعير والشوفان...الخ، كما ويجبر الصقيع المزارعين باتباع نمط الزراعة المحمية، وذلك بتغطية محاصيلهم بطبقة من البوليثين أو إضرام النيران ليلا بين أشجار الفاكهة، ويتبع المزارعين في البيئات الجافة التي ترتفع بها معدلات التبخر أساليب أخرى للمحافظة على كميات المياه العزيزة بهذه المناطق قدر الإمكان، كأن يمدوا أنابيب الري المغطاة أو يقوموا بفرض نوبات ري ليلية؛ لتقليل فاقد المياه بالتبخر أثناء النهار.
وقد اثبتت البحوث العلمية بأن الكائنات الحية تتأثر بحالة الطقس بدرجات متفاوتة وبصور مختلفة، كل حسب البيئة والسلالة والعمر والوضع الصحي ونوع الغذاء... الخ، وقد وجد بأن كل من الحرارة الشديدة والبرودة القارسة والرطوبة النسبية والضغط الجوي وسرعة الرياح، تعتبر من العوامل المؤثرة على العمليات الفيزيولوجية اللازمة لنمو وحياة النبات والحيوان على السواء، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد وجد بأن هناك تفاوت بين الكائنات الحية في قدرتها على التكيف ومقاومة التأثيرات الجوية.
حيث نجد أن بعض سلالات البيئة المحلية لديها القدرة على التكيف بسهولة مع بيئتها والأمراض المنتشرة بمحيطها، بينما نجد سلالات أخرى لا تمتلك هذه المقدرة كالحيوانات المستوردة من مناطق وبيئات مختلفة، والأمثلة على ذلك كثيرة نسوق منها تجربة السودان المتمثلة في مشروع "حلة كوكو" جنوبي الخرطوم، عندما أرادوا تربية أغنام المارينو الشهيرة بأصوافها الناعمة والجيدة، فاستجلبوها من بيئتها المعتدلة والباردة سنة 1970، مع أن الحتم الحراري لبيئتهم يلزمهم بتربية الأغنام المحلية من أجل لحومها لا من أجل أصوافها، والنتيجة أن أغنام المارينو لم تتحمل الحرارة الشديدة في البيئة الحارة للسودان؛ فاخشوشنت أصوافها تحت ضغوط الحتم الحراري في بيئتها الجديدة وفشل المشروع.
كذلك الحال بالنسبة لأبقار الفريزيان التي تربى في بيئاتها الباردة لإنتاج اللبن بمتوسط إنتاج سنوي يتراوح بين 7000- 8000 لترا، وعند تربيتها في البيئات الحارة يهبط هذا الإنتاج بمعدل النصف؛ إذ يوجد ارتباط عكسي بين نشاط كل من الغدد اللبنية والغدد العرقية.
في حين نجد أن الحيوانات والطيور البرية لديها القدرة على التأقلم مع التغيرات المناخية بصور مختلفة، كالسبات الشتوي أو الهجرة الموسمية للحيوانات والطيور...الخ، بينما البعض الآخر قد لا تحالفه الفرصة لذلك لأسباب شتى؛ وبالتالي قد يهدد بالانقراض الجماعي وبشكل مأساوي، في حين أن الحيوانات الداجنة تعتمد على ما يقدمه لها البشر من مأوى ورعاية.
كما ويتأثر التخطيط العمراني بالحتم البيئي، حيث يضطر الإنسان إلى توجيه مبانيه وجهة الشمال في البيئات الحارة بنصف الكرة الشمالي؛ لاستقبال الرياح الشمالية الألطف (الواجهة البحرية) بغرف أوسع وفتحات للنوافذ أوسع، بينما يلجأ الانسان إلى استدبار الرياح الجنوبية الحارة غبر المرغوبة، في حين تتغير خطط العمران في البيئات الباردة؛ لتستقبل مبانيها الرياح الجنوبية التي تكون أكثر دفئا من الرياح الشمالية قارسة البرودة فيستدبرها، وتميل أسقف المساكن تحت تأثير الحتم المطري أن تكون مائلة في الجهات غزيرة الأمطار كما يفرض الحتم البيئي المطري عند تخطيط شوارع المدن ضرورة إنشاء شبكة الصرف السطحي لتصريف مياه الأمطار، بينما تستوي الأسقف في البيئات الأقل مطرا، ويقض التخطيط الصناعي بأن تُدشن المدن الصناعية في مناطق تقع في ظل الرياح السائدة؛ لتجنب السكان مخاطر التلوث الصناعي.
ويتضح الحتم الحراري أيضا في تحديد نوعية ملابس الانسان، الذي يضطر إلى أن يرتدي الملابس البيضاء الفضفاضة والخفيفة التي تعكس أكبر قدر ممكن من الأشعة الشمسية وتتيح له قدرا من التهوية، في حين يضطر الإنسان في البيئات الباردة إلى ارتداء الملابس الصوفية الداكنة والضيقة؛ لتحفظ درجة حرارته وتجلب له الدفء. ويؤثر الحتم الحراري البيئي على نوعية الطعام، حيث يميل الإنسان في المناطق الحارة إلى تناول الأطعمة الخالية من الدهون إلى حد ما، بينما يميل الإنسان في المناطق الباردة إلى تناول الأطعمة التي تحتوي على الدهون الباعثة على الدفء.
وللبيئات الحرارية تأثيرات واضحة على بعض الخصائص الجسمانية للكائنات الحية، فلو أخذنا مثلا؛ ألوان البشرة وعلاقتها بتركيزات مادة الميلانين لدى البشر وتَدرَّجْنا من خط الاستواء بوسط أفريقيا إلى السويد والنرويج شمال قارة أوروبا؛ لوجدنا أن لون البشرة يتدرج بدوره من اللون الأسود القاتم فالأسود فالأسمر بدرجاته والأبيض بدرجاته المختلفة حتى نصل إلى اللون الأشقر أو الأصهب (الأبيض ناصع البياض)، وهذه الحتمية ترتبط بالنشأة الأولى للإنسان ليتأقلم مع بيئته الطبيعية ... الخ. ومن خلال الديمومة تتدخل بصماتها في المورثات الأحيائية كلون العينين والشعر، وشكل اليدين والقدمين والطباع، واختلاف العادات والتقاليد ... الخ. تعكس كل هذه الأمثلة وغيرها دون شك أثر البيئة في أشيائها وأحيائها على مر العصور.
ولكن مع ازدياد قوة قبضة الإنسان على مغاليق الحتم البيئي؛ بواسطة التقدم العلمي؛ بدأت حيثيات الحتم البيئي بالتداعي شيئاً فشيئا. والأمثلة على ذل كثيرة، وعكست الأحوال في كل ما سقناه من أمثلة سابقة على قوة الحتم البيئي. فعلى سبيل المثال؛ كان تغير المناخ هو السبب في حدوث وتنامي الفترة المستمرة للتغير الكبير في القطب الشمالي. حيث أدت التغيرات المناخية المفاجئة وتقلص الجليد إلى زيادة صعوبة أنشطة الحصاد التقليدية للشعوب الأصلية بالقطب الشمالي. كما تعتمد الدببة القطبية والأسماك والحيوانات الأخرى على درجات حرارة ثابتة للبقاء على قيد الحياة. ولكن مع ذوبان الجليد، أصبحت درجة حرارة البحر غير منتظمة وأصبحت الحياة البرية مهددة بشكل كبير. ونتيجة لذلك، فإن سبل العيش المرتبطة بالصيد وصيد الأسماك والرعي معرضة للخطر.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: كيف تؤثر البيئة المادية بمثل هذا السيناريو على السلوك البشري؟ وهل هذا السيناريو مثال على الحتمية البيئية؟ ولماذا؟

وللإجابة على مثل هذا السؤال؛ يجب أن نضع في اعتبارنا: (طبيعة السكان) فنجد أن سكان القطب الشمالي يرتبطون ارتباطا وثيقا بالطبيعة وقد يكون للتغييرات في أنشطة الحصاد آثار على اقتصادهم ومجتمعهم وثقافتهم وصحتهم. تجبر هذه التغييرات هؤلاء الناس على التكيف والارتقاء إلى مثل هذه التحديات.
نعم؛ السيناريو مثال على الحتم الجغرافي. فالحتمية البيئية هي الاعتقاد بأن البيئة، لها عواملها المادية، خاصة المناخية منها، والتي تستطيع بها أن تفرض وتحدد أنماط الثقافة البشرية والتنمية المجتمعية. وفي هذه الحالة، يمثل تغير المناخ تهديدات لاستمرارية سبل العيش والثقافة في القطب الشمالي.
وإذا عدنا إلى ما وضعناه في اعتباراتنا عن "طبيعة السكان"؛ فسنجد حتما بأن السيناريو خير مثال على الحتم البيئي. ولكن؛ مع توسع أفق "الإمكان" بالقدرة العلمية التقنية، من ناحية حداثية أخرى؛ أصبحت تلك العروض الشمالية القصية/القارصة/القاسية/الطاردة؛ تحت السيطرة. وخير مثال على ذلك؛ ما حققه الروس من قدرة على استغلال مواردهم الطبيعية، التي يتركز 75% منها في شمالي سيبيريا. ومدينة "نورلسك" التعدينية/الصناعية شاهد على مثل هذه "القدرة" أو هذا "الإمكان". حيث يستخرجون فيها خام "النيكل" من على عمق 1500 مترا تحت طبقات جليدية يُقدر سُمكها بآلاف المترات. ومثله عدة معادن أخرى كالكوبالت. وتصل الامدادات للفنين والعاملين بهذه المنشآت الحديثة عن طريق طائرات الشحن أو بالسفن المزودة أو المرفقة بكاسحات الجليد العاملة بالطاقة النووية. فلم يعد قاطني القطب الشمالي من السكان الأصلين البدائيين العاجزين المرتبطين بمفهوم الحتم البيئي ونظريتها في الأديان والمعروفة بمفهوم "القدرية".
ارتفعت الحتمية البيئية إلى الشعبية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. في التاريخ القديم، اعتقد بعض الفلاسفة أن صفات الأنهار الرئيسية شكلت شخصية الناس الذين يقيمون بالقرب منها. عزا الآخرون لون بشرة الناس والماشية إلى الماء والتربة وحرارة بيئتهم. أما اليوم، فقد تم التخلي عن هذه النظرية في الغالب. ما هو السبب الرئيسي لإلغاء هذه الفكرة، مع التمثيل؟ وتتمثل الإجابة في أن الحتمية البيئية قد اكتسبت الكثير من النقد وتم إلغاؤها لأنها دعمت وتبرير العنصرية والإمبريالية التي حدثت في قارات أمريكا وإفريقيا وآسيا.
كما لو نظرنا في علاقة الإنسان بالبيئية الجبلية التي كانت إحدى بيئات الطرد؛ نجدها قد تغيرت اليوم بما تسلح به الإنسان من الآلات الثقيلة في حفر الأنفاق وشق الطرق عبر السلاسل الجبلة الضخمة وتغلب على صعوبة الاتصال التي كانت ماثلة أمامه كعقبة في عصور خلت. وواجه انحدارات السفوح الجبلية وما ارتبط بها من مشكلات يأتي في مقدمتها انجراف التربة؛ فقام بتدريج الجبال واستغلها في المجالات الزراعية دون مخاطر أو مشكلات. كما في مزارع الشاي على المصاطب أو المدرجات الجبلية بالصين والهند وغيرها من البلدان. واستغل المساقط المائية أو الشلالات في توليد الطاقة الكهرومائية، التي استفاد بها في المجال الصناعي والتعديني في المناطق التعدينية القريبة من تلك الشلالات. وشق القنوات النهرية الجانبية الموازية للقطاعات النهرية الموجود بها الشلالات؛ ليتفاداها ويحول النهر من مجرى غير صالح للملاحة النهرية إلى نهر صالح لكافة الأنشطة البشرية بما فيها الملاحة النهرية. وأشهر مثال على ذلك "طريق البحيرات" وقناتي "سو وللاند" بنهر سانت لورنس؛ ليخلق طريق ملاحي يربط بين القناتين والبحيرات؛ ما زاد من قيمتهما الاقتصادية.
وفي المناطق الصحراوية الجافة وشبه الجافة، التي كانت تتسم في الماضي بندرة مياهها وحركة كثبانها الرملية وملوحة تربتها؛ أصبحت اليوم بفضل تقنيات البشر مناطق تحت السيطرة. فاستكشف بطرقه العلمية خزانات المياه الجوفية التي استفاد بها الإنسان في بناء مراكز استقرار عمرانية ارتبطت بالزراعة في مناطق الواحات بالشرق الأوسط. كما تمكن من تحلية مياه البحر المالحة ومعالجة مياه الصرف الصحي وتطوير وسائل الري التي وفرت حسب احصاءات "الفاو" قرابة 70% من كمية المياه المستخدمة إذا ما قورنت بطرق الري القديمة العادية.
وقد ساعدت الكميات التي تم توفيرها من مياه الري في التغلب على مشكلة ملوحة التربة بغسلها وإضافة الجبس للتخلص من ملوحتها الزائدة، واضافة الجير للتخلص من حموضتها. كما ساهم علم الوراثة في استنباط أنواع من المحاصيل التي لديها قدرة على تحمل الملوحة الزائدة. وقضى بها أيضاً على مشكلة الأمن الغذائي ونقص الغذاء، كزراعة مناطق شاسعة من براري الولايات المتحدة وكندا وسهول سيبيريا بالاتحاد السوفيتي السابق، بالقمح الربيعي الذي ينمو في فصل نمو أقصر نسبياً (90 يوما بدلا من 120 يوما للقمح الشتوي). وعالج فقر خصوبة التربة بالمخصبات من الأسمدة العضوية والكيماوية والخضراء عن طريق زراعة نباتات مخصبة للتربة مثل البقوليات والجت والبرسيم؛ لزيادة قدرتها الانتاجية.
ونجح في تبني عدة استراتيجيات في التغلب على مشكلة زحف الرمال باستزراع نبات الغضا أو الغضي في ايران، ونبات الهيلاريا في ليبيا؛ لتعمل كمصدات للرمال المتحركة على سبيل المثال. كما ولجأ إلى تغطيتها بطبقة من المشتقات البترولية كالقار. واستخدم الصوب أو الأغطية البلاستيكية في حماية عدد من المحاصيل، كالخضروات والفكهة، والتي تتأثر بالتطرف المناخي، خاصة الصقيع.
كما نجح الإنسان باختراعه لأجهزة التدفئة والتبريد على استعمار البيئات شديدة البرودة والحرارة على السواء. كما ساهمت تحليلات الجوار والموقع الجغرافي في بعديهما الزمكاني من التعامل مع الأمراض المتوطنة، والوصول إلى توطين المستشفيات؛ بنشر وتوزيع الرعاية الصحية على مجالات وبيئات كان يصعب الوصول إليها. وساهم الطابع العام والمتماسك لـ "الجغرافيا الزمنية" وجعلها قوية بما يكفي للتطبيق في العديد من السياقات الوبائية. وبرزت نقاط قوتها من خلال المنظور المتكامل للزمكان وتكمن مرونتها في شروط المقياسين الزماني والمكاني معاً. ويستخدم النهج الزمني الجغرافي كأدوات لوصف وتحليل شخصية المناطق والبيئات الجغرافية وتفاعلها مع اعتلال الصحة من خلال منظومة ضوابط الجغرافيا الطبية في المستقبل.

ليصبح؛ في "الإمكان" أروع مما كان. على عكس ما كان يردد الحتميون بقولهم: "ليس في الإمكان أبدع مما كان".



#جميل_النجار (هاشتاغ)       Gamil_Alnaggar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إِمامٌ يعاني وأُمةً تعوي
- تشابه الأجنة (من وحي التطور الأحيائي 3)
- انعطافةُ ذات حيرى (معزوفة نثرية/شعرية)
- الفكر البشري/الإنساني (التراث المقدس والتراث الحضاري)
- أخيراً؛ ماهية -الروح- (ردا على الأسئلة الوجودية الكبرى 3)
- تطور الحصان- من وحي التطور الأحيائي (1)
- رجال الدين ومسيرة العِلم
- الأحلام بين العلم والخرافة
- سؤال في التطور من وحي التطور الأحيائي (7)
- الدين وصناعة العقول
- سيناريوهات الأرض المصيرية
- تقيحات طبقية/ثيوقراطية
- ديناميكية الخريطة السياسية (أوجه الشبه والاختلاف بين روسيا و ...
- بالميزان الإبستمولوجي (البون الشاسع بين العلم والدين)
- الانقراضات الجماعية الكبرى على الأرض
- العلم والوضعية الصحية/الصحيحة للنوم
- السباحة السهلة/الشاقة
- برنامج -اخلع نفسك من نفسك- (تجربتي الشخصية في الانعتاق من بر ...
- سؤال كان محط خلاف
- أسلافنا البدائيين كانوا على دين الدُهاةِ منهم


المزيد.....




- قضية التآمر على أمن الدولة في تونس: -اجتثاث للمعارضة- أم -تط ...
- حمزة يوسف يستقيل من رئاسة وزراء اسكتلندا
- ما هو -الدارك ويب- السبب وراء جريمة طفل شبرا؟
- - هجوم ناري واستهداف مبان للجنود-..-حزب الله- ينشر ملخص عملي ...
- الحوثي يعلن استهداف سفينتين ومدمرتين أميركيتين بالبحر الأحمر ...
- أكاديمي يدعو واشنطن لتعلم قيم جديدة من طلاب جامعاتها
- وزير خارجية نيوزيلندا: لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال ...
- جماعة الحوثي تعلن استهداف مدمرتين أميركيتين وسفينتين
- لماذا اختلف الاحتفال بشهر التراث العربي الأميركي هذا العام؟ ...
- إسرائيل قلقة من قرارات محتملة للجنائية الدولية.. والبيت الأب ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - جميل النجار - الحتم البيئي/الجغرافي يتآكل بالإمكان (ومضات من الفِكر الجغرافي)