|
غزة خيمتنا الأخيرة .. غزة خيمتنا الجديدة !!
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1596 - 2006 / 6 / 29 - 10:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غزة خيمتنا الأخيرة ، وخيمتنا الجديدة ،( بعد بغداد وجنين وبيروت وتل الزعتر وصبرا وشاتيلا وحديثة ) ، بغطائها السماوي الرقيق ، غزة غيمتنا الجديدة التي ترشنا بعطرها الإنساني الفياض .. وغزة قلب فلسطين ورئتها البحرية وجناحها الآخر .. غزة سرة البحر المتوسط ، وفنارها الكنعاني القديم ، وممر الخيول والجيوش الآشورية والفارسية الى ارض مصر ، والجيوش الفرعونية واليونانية والرومانية والصليبية ، كلما تصارعت عليها وعلى أرض كنعان والأرض الفينيقية المجاورة، وشرق المتوسط ، كل الحضارات القديمة . وقد تلاقحت وتصارعت فيها الأديان القديمة والسماوية ، وغزة بوابة البحر نحو يبوس القديمة ( القدس ) وأريحا التاريخية ، هاهي الآن وفي هذه اللحظة بالتحديد ، تلملم وتجمع بقايا المخيمات الفلسطينية ، وبقايا المدن البسيطة والمعدمة ، مدن الصفيح والفقر وبقايا الزعتر والزيتون واليود والنبيذ ، بقبضة اليد ، وتحميها من الغارات المعادية .. غزة المحاصرة والمهددة أبداً ، والصامدة أبداً ، منذ القدم الى التسلل البريطاني والصهيوني الأول ، القادم من وراء البحار القصية ، وهو يقذف بالعصابات الصهيونية الضالة الى شواطيء فلسطين المقدسة . غزة تقف الليلة في عين العاصفة ، تراقبها وتستكشفها المجسات والأقمار الصناعية المتطورة وتنتهك جميع الحرمات الشخصية والعامة ، وتمنع ضحك الأطفال ، وتلاحقهم في المدارس وغرف النوم وساحات اللعب الشحيحة ، تحيط بها الدبابات القذرة ، والمدفعية الثقيلة ، وجنودآله الحرب العدواني ، كما في نصهم الديني المتوحش .. غزة لاتنام الليلة مثل بقية المدن القريبة والبعيدة ، العربية والعالمية ، المدن الشقيقة والصديقة والمعادية .. غزة سوف لن تنام ، وهي تمسك بجرحها الراعف ، جرحها النازف منذ النكبة ، ومنذ الزحف الأول ، لأول كتيبة صهيونية تائهة تسللت إليها مطرودة من أصقاع بعيدة ، لأسباب ومعطيات لاعلاقة لها بها ، لامن بعيد ولا من بعيد أيضاً ، لتأسس بإسم اللوثة الدينية وخرافاتها معبد ( عدواني !! ) ضد الإنسان ، في أرض الإنسان .. غزة لاتأكل الليلة ، ولاتتفرج على مباريات كأس العالم مثل كل سكان المعمورة ، ولا تستمع أوترى خطب الملوك والرؤساء العرب البائسة والمقرفة .. غزة تراقب وتستعد للقتل والذبح الجماعي ، غزة تعد المتاريس الأكفان والقبور ، لصد إله المعاصي الغبي . ربما يتقدم الجيش الصهيوني ، لاليبحث عن الجندي الصهيوني الأسير جلعاد ، إنما ليقتل الشاهد الأخير ( هدى غالية ) ، حتى لايتسنى لها ، ولو بعد قرون من تقديم شكوى الى جهة قانونية سيشكلها التاريخ والمستقبل ، عندما تستقيم الحياة ، وربما سيفتشوا القطاع ويقلبوه رأساً على عقب للبحث عن شريط الفيديو ، ولكي يحطموا الكاميرا التي صورت وسجلت صراخ هدى بوجه الحياة والبحر والإنسانية الصامتة ، وربما بحثوا عن بقايا الكرسي المتحرك للشيخ الشهيد أحمد ياسين ، وحتى لاينحرج بعض الحكام العرب ، من موقفهم الجبان والمشين من الحادثة ، أو من كل مايجري في غزة وبغداد والبصرة والموصل والضفة والمدن والمخيمات الفلسطينية الأخرى ؟؟ غزة لن تسقط ، كما لم تسقط من قبل جنين ، التي ظلت شوكة في عين العدو العنصري الفاشي المتخلف ، العدو الجبان الطارئ ، ومثلما صمدت شجرة الحياة في جنين رغم كل الحريق الواسع ، ورغم همجية العدوان وساديتة المنفلتة ، فإن إجتياح جنين لم يوقف ، ولم يحطم إرادة المقاومة فيه ، وفي جميع المناطق والأرض الفلسطينية ، ولم يستسلم أحد ، ستتبخر ( أمطار الصيف ) الصهيونية ، ولن تنبت غير أعواد المقاومة الصلبة . رغم هذا الثراء التاريخي والطبيعي في غزة ، حيث إنها سلة غذائية كبيرة ، في البحر واليابسة ، فإنها تتضور جوعاً اليوم ، بسبب الحصارات الدائمة . وغزة قلعة للمقاومة منذ بداية المشروع الصهيوني المشؤوم ، وقد تراكمت فيها خبرة وطنية كبيرة ، رغم الأخطاء والتوترات الحزبية الضيقة والمختلقة التي تصاعدت أخيراً ، ورغم الإبتعاد عن مهمام التحرر الوطني ، وغزة مكشوفة للعدو ، كما راحة اليد ، بسبب التكنلوجيا الإسرائيلية والأمريكية ( الفائقة ) المساندة والداعمة لها ، وبمساعدة الجواسيس السفلة ، لذلك فأسرائيل تستطيع أن تقتل يومياً ، القيادات والكوادر السياسية والعسكرية ، الى جانب الأطفال والمدنيين . لقد أسقطت أزمة غزة الجديدة آخر الإدعاءات ( اليسارية ) الصهيونية الكاذبة عن بيرتس ، وزير الحرب والعدوان الصهيوني ، بإعتباره فاشي متحرف ، يرتدي البزة العسكرية العدوانية ، ويركب عربة الإجتياح ، كما في بيروت وجنين وجنوب لبنان ، ويطلق التصريحات العدوانية ، لينافس أقذر قادة الحرب ، ويتطلع لهدر المزيد من الدم الفلسطيني . سيصرخ البعض من جماعة ( العراق للعراقيين ؟؟ ) و (العراق الأمريكي الطائفي الجديد ؟؟ ) وما علاقتنا بغزة وبحرغزة ؟؟ وذلك لتبرير صمتهم الذليل ، مثل النظام العربي الرسمي العاجز ، ونقول لهم عار عليكم جريمة مطاردة وقتل الفلسطينيين في حي البلديات في بغداد ، بحجج وذرائع غبية وتافهة ؟؟ المطلوب اليوم فلسطينياً ، تجديد وتفعيل الوحدة الوطنية ، وتوحيد المقاومة الفلسطينية على صيغ وأهداف التحرر الوطني ، وتطوير أساليب العمل المتنوعة ، في الداخل والخارج ، والتمسك بالإنسان والأرض ، وإهمال إمتيازات السلطة التافهة وبروتكولانها الناقصة .
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلمة : ملاحظات أولية بصدد ما يسمى - مشروع المصالحة والحوار ا
...
-
كلمة : المذابح مستمرة ، ودائماً هناك شاهد وكاميرا !!
-
رسالة مفتوحة : الوطن تحت الخطر الداهم ، وفي الدرجة الحرجة .
-
كلمة : مذبحة مدينة حديثة من منظور وطني وقانوني وإنساني
-
كلمة : بلير والنفاق السياسي بين المزرعة الخضراء والبيت الأبي
...
-
عن الحرب والحب . أو كيف نرتق الجرح ؟؟
-
رسائل واستغاثات من الوطن ، وقضية أخرى .
-
حكمت السبتي : صوت مغسول بالماء وممزوج بالحنين والطقوس الجنوب
...
-
كلمة : هل سقط الاحتلال ؟؟
-
تنوية وتصحيح وإعتذار - عن الشهيد منتصر
-
كلمة : الاتجاه الرئيسي للوضع السياسي في بلادنا وتعمق مأزق ال
...
-
بشتآشان : مكان خالد في الذاكرة الوطنية
-
حال المدن العربية البائسة كإنعكاس للوضع العربي المتردي
-
تهنئة وتحية وسلام الى محسن الخفاجي
-
رسالة جوابية الى الأخ والصديق حسقيل قوجمان .. الستالينية باع
...
-
دفاعاً عن حياة وحرية الدكتور أحمد الموسوي
-
في ذكرى تأسيس الحركة الشيوعية العراقية .. بعض التجارب والدرو
...
-
خففوا ولا تحضروا ، لعنة الشعوب والحياة والتاريخ عليكم .
-
ما تحت الرماد أشد إشتعالاً !!
-
.منتصر في ذكراه الخالدة ، بين جريمة القتل وجريمة الصمت
المزيد.....
-
الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا
...
-
الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان
...
-
مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى
...
-
الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا
...
-
أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي
...
-
شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا
...
-
روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ
...
-
بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب
...
-
ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر
...
-
العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|