أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - جهاد نصره - مأزق العلمانيين العرب..!؟















المزيد.....

مأزق العلمانيين العرب..!؟


جهاد نصره

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 11:01
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


منذ تسعينات القرن الماضي، عادت الحرارة إلى السجال الدائر حول العلمانية في أوساط النخب العربية، ومما لا شك فيه أن من أهم الأسباب الدافعة إلى هذه العودة الحميدة كان مأزق الحداثة الذي واجه وسيظل يواجه غالبية المجتمعات العربية التي أقرت نظمها الحاكمة بفشلها النهضوي فأعلنت عن نواياها بالإصلاح، والتحديث..! وأيضاً عودة الحيوية إلى الإسلام السياسي، والمد التعليمي الديني الإسلامي الذي يأخذ أشكالاً متعددة، وتراجع دور الأحزاب الشيوعية الذي كان دوراً محدوداً على هذا الصعيد، والحرب على الإرهاب، والتقدم المطرد لقيم وثقافة الديموقراطية في غير مكان، والحراك الليبرالي الذي تقف من وراءه تنظيمات وتجمعات ليبرالية تسعى لتعبر عن تيار ليبرالي محلي منظم وغير مستنسخ.!
يأخذ السجال الراهن منحيين بارزين الأول: هو المنحى الذي تغلب عليه الدوافع السياسية والتنظير الأيديولوجي الصرف وطرفا المعادلة في هذا المنحى يقتصر على العلمانيين كحالات منفردة ومنظمة، وبين النظم الحاكمة..! والمنحى الثاني فإن طرفي المعادلة السجالية فيه كناية عن العلمانيين الفقراء فيما يمتلكونه من وسائل قد لا تزيد عن الأقلام من طرف.. وحراس النصوص الدينية المقدسة من فقهاء ودعاة بما يملكونه من وسائل مادية هائلة زائداً النظم الحاكمة نفسها بعد فشلها في تحديث مجتمعاتها، وفشلها في مجمل الشعارات التي رفعتها ونجاحها الوحيد الذي اقتصر على استمرار تسلطها في الطرف الثاني..! وهنا بالضبط تظهر جسامة المأزق الذي يواجه العلمانيين فقد تحالف أمامهم نقيضان سلطويان لا يمكن النظر إليهما إلا كوجهين لعملة واحدة..! لكن، من دون أن ننسى الإشارة إلى أن سمة العصر، وثقافته، و القيم السائدة، كل هذا يصب في مصلحة العلمانيين الذين يخوضون غمار المعركة التنويرية المعقدة وهذه الورشة تقتصر هذه الأيام على نفر محدود من المفكرين والمثقفين.. وبضعة تنظيمات محدودة الانتشار في ظل غياب الحامل الاجتماعي بعد التدمير الشامل الذي ألحقته أنظمة التسلط بالطبقات الوسطى.!
وبقدر ما يستطيع العلمانيون تقريب هذا السجال من المدى الثقافي و القيمي، وهو الأمر الذي يعني الاقتراب من الحقائق الحياتية الراسخة على الأرض، والتي هي قيد المعايشة التراكمية منذ قرون عديدة من قبيل تموضع التركيبة البنيوية مذهبياً، واثنياً..! ومقدار التناقض و التفاوت بين الهويات والأقليات ضمن الحزام الوطني، وكشف مدى الحيف الذي يلحق بالمرأة المسلمة، بقدر ما تتقدم ثقافة الديموقراطية والحرية إذ لم يعد مجدياً الاستمرار في التنظير عن العلمانية كتاريخ وصيرورة لأن ذلك يحولها إلى أن تكون أقرب إلى الأيدولوجيا وهذا ما يدعيه فقهاء الإسلام السياسي وأحزابهم الاخوانية وغير الاخوانية، وكل الساعين إلى تعويم مقولة الدولة الدينية البديلة..! وهؤلاء الفقهاء يعملون بلا كلل على تغذية مناعة الكتلة الشعبية ضد ثقافة العلمنة والديموقراطية، وملاحقة العلمانيين بفتاوى التكفير، وفي ذات الوقت، محاولة المداهنة والمراوغة مع الأنظمة شبه الدينية في دساتيرها وشبه العلمانية في فضائها الاجتماعي وذلك على أساس إمكانية ابتلاعها بالتدريج.!
وبالرغم من وجود الدول ذات الدساتير الدنيوية ( العلمانية ) منذ زمن طويل، وبالرغم مما قدمته من حقائق دامغة وبالغة الوضوح عن العلمانية كمنهج إدارة لشؤون المجتمع، وتخليق المواطنة الحقة ، وترك مسألة الأديان تبعاً لحرية الإنسان بعيداً عن شؤون الدولة بما هي دولة قانون ومؤسسات مدنية تعنى بشؤون الحياة الدنيا وليس بشؤون عالم الغيب، وبالرغم من تلمس الإسلاميين لهذه الحقائق التي اختبرها بعضهم الذي يعيش في تلك الدول، فإن الإسلاميين مستمرون في تكفير العلمنة والعلمانيين ويصرون على تسييس الدين، والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية في كل ما يتعلق بشؤون الدولة والمجتمع، الأمر الذي يتطلب من العلمانيين تنظيم صفوفهم، وتضفير جهودهم، للدفاع عن العلمانية ومكتسباتها الرثة المتواضعة والمتروكة منذ مرحلة الاستعمار المباشر الذي فرض قوانينه العلمانية، هذه المكتسبات التي سمحت للكثيرين بمغالطة إطلاق صفة العلمانية على بعض النظم في حين أنها تستمد شرعيتها من الدين من حيث تأكيدها في الدساتير التي وضعتها على أن للدولة دين هو الإسلام، وللدستور والقانون مرجع وحيد هو الشريعة الإسلامية، وفي هذا الإقرار الدستوري ما يفسِّر، ويدلل، شكلية التزام هذه الدول بالمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتسجيلها للتحفظات على الكثير من بنودها..! ففي حقيقة أمر هذه النظم المسماة علمانية أنه لم يبق غير وجود لجان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشوارع إلى جانب الأجهزة الأمنية العديدة لتفعيل بعض المواد المتبناة دستورياً، ومع التشديد على أهمية استمرار الدفاع عن هذه المكتسبات العلمانية الحياتية التي يمكن أن تشكل انطلاقة جادة لمسيرة العلمانيين باتجاه الدفع بهذه المكتسبات المتواضعة نحو علمانية جزئية وفقاً للممكنات الواقعية التي توفرها البنية المجتمعية المتدينة.! إن هذه البنية بما راكمته من غيبيات وأساطير وتغليب الماوراء على العقل، تفرض على العلمانيين العرب الانتباه إلى أنهم مطالبون بتخليق نموذج علماني واقعي جزئي بحيث لا يتسم بالصدامية والمواجهة..! نموذج يتمحور حول مسألة الربط بين التقدم والحداثة وقضية فصل الدين عن الدولة الراعية لشؤون المجتمع السياسية والاقتصادية والمستمدة شرعيتها من العقد الاجتماعي بدلاً من الدين حيث يكمن في هذا المنجز المدخل الحقيقي لتأسيس مواطنة مدنية بغض النظر عن الدين، وتأسيس لأرضية ومناخ يسمحان بتجسيد الفعل الديموقراطي على كل المستويات وهو فعل متساوق مع اللبرلة ( الايجابية ) بما هي ضرورة حتمية للحداثة التي أنتجت الدول العلمانية. ونقصد باللبرلة غير المستنسخة والايجابية الارتباط القيمي بقضية العدالة الاجتماعية وهذا الارتباط يضفي على الليبرالية المسحة الإنسانية من واقع تحجيم الاستقطاب الطبقي قدر الامكان، ومن ثم فإن هذا الارتباط يوفر الشروط المادية لكي تكون حرية الفرد ممكنة في الواقع وليس في التنظير المجرَّد..!
إن العلمانيين العرب يواجهون مأزقاً معقداً وشائكاً يتطلب منهم النظر بعينٍ واقعية إلى ما يحيط بقضيتهم من عوائق ومصدات فهم يواجهون جيشاً من الفقهاء والدعاة وأولئك الذين يسمون علماء دين، وهذا الجيش يمتلك ويستخدم شتى الوسائل التعبوية بدءا من أشرطة الكاسيت، ومروراً بمئات الإذاعات، وعشرات الفضائيات، وآلاف المواقع على شبكة النت، وهم استطاعوا حتى الآن تحويل قضية العلمانيين المتمحورة حول ضرورة فصل الدين عن السياسة وأوساخها وألاعيبها.. وفصله عن الدولة بما هي إدارة أرضية لتنظيم شؤون المجتمع وهي قضايا سياسية بامتياز، استطاعوا تحويلها إلى قضية ردة عن الدين والصراط المستقيم، وتسخيف للمقدسات، وغير ذلك..! وقد استكملوا هجومهم تأسيساً على هذا التحويل الناجح لصرف الناس عن الاهتمام بما يجدي حياتهم الأرضية نفعاً بمحاولة عزل العلمانيين اجتماعياً بصواريخ الفتاوى التكفيرية الفتاكة.!
ولهذا كله نقول: إنه مأزقٌ كبيرٌ لدرجة أنه لا يستقيم معه تفاؤل بعض العلمانيين المنقطعين عن التماس مع هذه البنى المجتمعية التي تتردى يوماً بعد يوم..!؟



#جهاد_نصره (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاروق جود.. صورة البورجوازي الأصيل..!؟
- هل تنسحب موريتانيا متن الجامعة العربية..!؟
- تخزين الديموقراطية على الطريقة اليمنية..!؟
- خصيان الخليفة.. والخصيان الجدد..!؟
- الراية البيضاء..!؟
- حديث الطرشان.. ومأوى العجزة..!؟
- الاستطلاع الهبلوجي.. والغزو الخبلوجي..!؟
- السراب الديموقراطي.. وعروس الشاطيء..!؟
- زواج المسيار.. وأكل البرغل..!؟
- اللجنة.. والشورى.. والفقيه المارق..!؟
- ومن قال: إن الشعب السوري سيقبل اعتذاركم..!؟
- ضباب لندن أم ضباب العقل..!؟
- رئيس الحزب في ضيافة القاعدة..!؟
- الفقهاء الديموقراطيون الجدد..!؟
- كيف ينظر اليعربي العلج إلى المرأة ؟
- الجولان المحتل..والمقاومة الخلاقة..!؟
- إمبرياليو المنافي..!؟
- عقلية الإعاشة ومشاريع النخاسة..!؟
- الحاضرون الغائبون والخبير المؤمن..!؟
- انفلونزا النخبة..!؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - جهاد نصره - مأزق العلمانيين العرب..!؟