أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أمل بلا نهاية














المزيد.....

أمل بلا نهاية


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 6627 - 2020 / 7 / 25 - 23:52
المحور: الادب والفن
    


على شاطئ البحر الذي لم يزَل محبّبًا على قلبي رغم فراق السّنين، أمشي والبحر هادئ الموج، والشمس تتأهّب لطلوعها من مخبئها، وقوارب الصيد الصغيرة تذكّرني بالماضي الجميل. منظرٌ يكمُن فيه الصّمت والشّوق لملامح حبيب لن يعود.
ما فات لا يعود ولكنه يبقى يرافقنا في أعماقنا، ولا يترك أبدا وجداننا. أحسّ أحيانا أنني لا أريده أن يتركني، ذلك الألم الذي بتُّ أجد فيه اللذة. أريده أن يبقى هناك يذكّرني أنني يوما ما أحببتُ، وقلبي تعلّق بروحٍ فارقت الحياة بغتةً ودون سابق إنذار، ولم تفارقني الصور والذكريات.
لماذا اختاره الموت من بين كل البشر وتركني وحدي أصارع الألم الذي لا ينتهي؟
ما زلتُ أسأل ذلك السؤال ولا أدري كيف يمكنني أن أكمل حياتي دونه ولا أرى بصيصا من النور في ذلك النفق الأسود الرهيب الذي دخلتُ فيه منذ ذلك اليوم المشؤوم الذي لم يكن بالبال ولا بالخاطر، إذ كنتُ أعيش معه أجمل الأيام، وأحسّ أنني أسعد الناس على وجه الأرض. من أجله تنازلتُ عن كلّ شيء، وظننتُ أننا سنقضي العمر كلّه معا.
لكن، للحياة خطط أخرى لم نكن نحسب لها أقلّ حساب.
دخل وسيم إلى حياتي بعد فترة قصيرة من بداية دراستي الجامعية في خارج البلاد، حاملا لي سعادة لم أعرف مثلها من قبل، وأملا جديدا لم يكن في الحسبان. قضيتُ معه أجمل الأيام وأحسستُ أنّني لم أعِش قبله لحظة واحدة.
ولكن الحياة تفاجئنا بما لم يكن يخطر لنا على الإطلاق، خاصة في ذلك الوقت من العمر، حيث نحسّ كأننا نملك الدّنيا بأكملها على كفّ يدٍ واحدة.
وذات ليلة، بينما كنتُ جالسة على شرفة البيت أنتظر عودته، وقلبي مقبوض دون سبب واضح، جاءني الخبر الذي هزّ قلبي وكل كياني، فقد تعرّض وسيم لحادث سير لم ينجُ منه.
ضاع وسيم إلى الأبد فضاع معه كل فرح وكل أمل.
يــــــاه! كيف يهبّ الموت فجأة من حيث لا ندري على أغلى أحبابنا، يسرقهم منا ولا يعود أيّ شيءٍ في حياتنا كما كان من قبل.
لم أعُد أجد طعما للحياة. كان وسيم يملأ كل حياتي، فترك فراغًا كبيرًا بعده، لم أكن قادرة على استيعابه أو تحمّله. بتُّ تائهة في هذه الحياة، لا حول لي ولا أمل.
عدتُ إلى بيتي وأهلي. لم يعُد هناك ما يبقيني في البعيد.
عدتُ خاوية اليدين، محطّمة القلب، مسكونة حزنا سحيقا ويئنّ الوجع في أضلاعي.
عدتُ، ولا أدري ماذا ينتظرني هنا وماذا تخبّئ لي الحياة.
توجّهتُ نحو الأفق والسّماء التي تحتضن البحر.
ترى، هل القلبُ ينسى ويعود ليستمتع بالحياة بعد الموت؟ هل يعود ويفكّر في الحبّ والزّواج والثّروة والشّهرة ومستقبل الأطفال وسلامة الجسد وراحة البال؟
هل يمكن لكل هذه الأحاسيس أن تبقى حيّة، وينهض الأمل من الرّماد من جديد؟
هبّت على وجهي ريحٌ باردة تُنعش النفس. أغمضتُ عينيّ واستنشقتُ الهواء العليل عميقًا. ولأوّل مرة منذ زمنٍ طويل، أحسستُ بنبضات قلبي داخل صدري ما زالت تدُقّ بلهفةٍ واشتياق.
فتحتُ عينيّ وخطوتُ بخطوات ثابتة نحو البحر الكبير، متواري الأطراف، وقد صخبت أمواجُه وبدأت تمتدّ وتترامى على الشاطئ.
ها هو الصّباحُ يشرقُ من جديد، والشمسُ ترسلُ أشعّتها الذّهبيّة من بعيد، تبعثُ فينا الدّفء. تذكّرنا بأننا على قيد الأمل.

كفر كما/الجليل الأسفل
25.7.20



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخصيات كرهتها في مسلسلات رمضان
- اختيار
- وقفة مع الذات
- «مسافة أمان» مساحة من الفرح والعذاب
- رسائل ليست كالرسائل
- ثمن الاختيار
- أحبّك اليوم
- التغيير واللغة
- أحيانا أريد أن تذهب
- كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 2
- كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 1
- الصّراحة جارحة
- ليلة الرّحيل الأخير
- فن الإغراء الفاشي
- إمرأة تحب نفسها
- الهاربة 2
- الهاربة 1
- انتظار
- فيسبوك، خواطر وتأخير
- ابتسامة جدي


المزيد.....




- توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد ...
- قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل ...
- أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج ...
- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أمل بلا نهاية