أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت هوشيار - الحب الحر في أعمال ارتسيباشيف














المزيد.....

الحب الحر في أعمال ارتسيباشيف


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 6622 - 2020 / 7 / 18 - 14:42
المحور: الادب والفن
    


الحب هو احد الموضوعات الرئيسية في اعمال الكاتب الروسي ميخائيل ارتسيباشيف (1978-1927) ، كما هو الحال في أعمال معظم الكتّاب الآخرين . ولكن ارتسيباشيف عالج هذا الموضوع بطريقة اصيلة ومتفردة للغاية .
يرى ارتسيباشيف ان الانسان مزيج متناغم من الجسد والروح . ولا ينتهك هذا التناغم على نحو طبيعي ، الا الموت . ولكن البشر ايضا ينتهكونه على نحو متعسف بنظرتهم الوضيعة الى العالم.
الحب – حسب ارتسيباشيف – هو اتحاد الذكر والانثى لعوامل فسيولوجية في المقام الأول ، وليس بسبب التقارب النفسي بينهما . الكاتب يرفض اسطورة الحب الافلاطوني . ويرى ان مهمة المرأة هي امتاع الرجل . وعليها ان لا تخجل من هذه المهمة، التي ليس فيها ما يخجل ، بل ان الأمر طبيعي تماماً .
الحب الاسمى، الذي يربط الذكر بالانثى ،والروحي بالجسدي ،ينقذ الناس من الشعور بالوحدة والكآبة والانانية ، وهو مهم باعتباره اتصال حياتين واندماجهما في حياة واحدة .
سانين : إبن الطبيعة وداعية الحب الحر
رواية " سانين " من أهم أعمال أرتسيباشيف × وهي رواية مثيرة ومشوقة ، تأخذ بانفاس القاريء ، وتتسم بجرأة فكرية تبعث على إعادة التفكيرفى الكثير من المسلمات والأعراف التقليدية .
سانين – البطل الرئيسي للرواية - انسان ذكي وصادق تماما ، ومتحرر من كل القيود المادية ، وهو مثل فيلسوف متشرد يسخر من المعايير والأعراف الأخلاقية التي عفا عليها الزمن ، ويفندها بمهارة .ويحب الحياة بكل مظاهرها ، ويكره كل ما يحدها او يشلها او يقتلها ، ويؤمن بفكرة رئيسية مفادها : ان كل ما يجلب السعادة له وللآخرين ، ولا يضر أحداً هو أمر طبيعي .
يقول "سانين : " لقد وصمنا رغبات الجسد بالحيوانية ، وبدأنا نخجل منها ، ووضعناها في شكل مهين، وخلقنا وجودا أحادي الجانب.ان الأشخاص الضعفاء بطبيعتهم ، لا يلاحظون ذلك ، ويقضون حياتهم في الاغلال ، إذ كبلتهم نظرتهم الزائفة الى الحياة والى أنفسهم ، وهم يتعذبون لأن الطاقة المحبوسة تسعى للانطلاق الى الخارج ، والجسد ينشد الفرح. وهم يعانون من الازدواجية طوال حياتهم ، ويتمسكون بكل قشة في مجال المثل الأخلاقية الجديدة ، وفي النهاية ، يخافون أن يعيشوا ، أو يعبروا عن مشاعرهم ، رغم توقهم الى ذلك . انا احلم دائما بذلك الزمن السعيد عندما لا يحول شيء بين الانسان وسعادته ، و يستسلم بحرية ودون خوف لجميع الملذات المتاحة له .
. لقد كان العصر الذي عاش فيه الناس لبطونهم فقط ، فظًا وبربريا وبائسًا . وعصرنا - الذي يخضع فيه الجسد للروح ولا يحظى بالاهتمام اللازم – باهت وبلا معنى . ولكن الانسانية لم تعش عبثاً : فهي ستطور ظروفا حياتية ة جديدة لن يكون فيها مكان للفظائع او الزهد ".
ويقول في موضع آخر من الرواية :" : « إني أعرف شيئًا واحدًا هو أني لا أريد أن تكون حياتي شقية. لذلك يجب على المرء أن يرضي رغباته الطبيعية قبل كل شيء. إن الرغبة هي كل شيء. ومتى انقطعت الرغبة انقطعت الحياة معها. وإذا قتل المرء رغباته فإنه يكون قد قتل نفسه ".
في كل إمرأة شيء أصيل وجميل
ارتسيباشيف صوّر النساء في أعماله بمهارة فائقة ، وحاول أن يجد في كل امرأة شيئا أصيلاً وجميلاً ، شيئا غير موجود في الأخريات. وهذا يضفي على نساء ارتسيباشيف جاذبية خاصة .
ارتسيباشيف يصف انماطا مختلفة من النساء ، ولكن معظم بطلات اعماله بريئات وساذجات ، يفقدن براءتهن على صفحات اعماله . والاهم من ذلك ان الكاتب لا يصور فقدان البراءة كنوع من السقوط ، ولا تبدو هؤلاء النساء للقاريء ساقطات اخلاقيا ، او ان اياً منهن قد فقدت كرامتها او شرفها ، ولا افضل السمات الروحية التي تتصف بها .
ماذا يبقى لدى الرجل من مشاعر سامية ، اذا حرم العالم من الجمال الانثوي الذي يشبه الى حد بعيد زهور بواكير الربيع في جماله وتأثيره ،
يعتقد أرتسياشيف ان ثمة سمة اخرى ينبغي ان يتصف بها الحب ، وهي الحرية : لا ينبغي ان يكون الحب مرتبطا بأي شيء : لا بالعنف والإكراه ، ولا بالمال ، ولا بالأحكام الاخلاقية المسبقة ، ولا بالقيود الرسمية . الحب تحت تأثير العنف يصبح غير طبيعي ، وهوغير مقبول .
يمكن قول الشيء ذاته عن الحب مقابل المال . رغم ان ذلك لا يثير اشمئزاز الكاتب بشكل واضح . بطلة قصة " تمرد " بائعة هوى . القصة من حيث الحبكة تكاد تكون مشابهة لرواية تولستوي " البعث" . واذا كان تولستوي يرفض البغاء ، ويعده من اخطر آثام البشرية ، فان ارتسيباشيف لا يرفضه ، معتبرا ذلك وسيلة لكسب المال وان كانت غير طبيعية ، لأن بائعة الهوى لا تضر احداً ، رغم انها عنصر معاد للمجتمع . ويلمح الكاتب الى ان اولئك الرجال ، الذين يرتادون بيوت البغاء ليسوا في الواقع افضل من بائعات الهوى .
هل الزواج يقتل الحب ؟
تناول الكاتب موضوع الحب في قصة اخرى بعنوان " الزوجة " وهي مكرسة لمشكلة الزواج . الكاتب لا يقبل الزواج لأنه يشكل عقبة كأداء امام الحب ، ويعتبر السبب الرئيسي لجعل العلاقة بين شخصين محبين لبعضهما البعض عادية ومملة بسبب العيش المشترك .
ويعتقد الكاتب ان الافتقار الكامل للحرية لكلا الشريكين أهم عائق في السعادة الزوجية . الحب يجب ان يكون حرا ، وحيث لا توجد حرية لا يوجد حب . الشريكان في الزواج يرتبطان بروابط قانونية واجتماعية ودينية قوية ، مما يؤدي الى ضياع مفهوم الحب .
يرفض ارتسيباشيف الاعتقاد السائد حول العفة لكل من الرجال والنساء. وهو يربط مفهوم العفة بمفهوم الغيرة - كلاهما له جذر واحد: غريزة التملك. يعامل الرجل الغيور المرأة كشيء خاص به ، وهو أمر غير مقبول بالطبع .
تجدر الإشارة إلى أن ارتسيباشيف عندما يصور الحب بهذه الطريقة - التي قد تبدو صادمة ومرفوضة للوهلة الأولى - انما يكشف جوهره، وهو لا ينكر مفهوم الحب ذاته ، ولا يقلل من جاذبيته .فالحب شعور سام وقوي ، وقد سعى ارتسيباشيف الى فهم هذا الشعور للعثور على جذوره ووجد هذه الجذور فعلاً : الحب كالسعادة يكمن في اعماق المحب ، ولا يعتمد على عوامل خارجية . الحب لا ينشأ في السماوات ، بل في داخل الانسان نفسه .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا رفض سنكلير لويس جائزة - بوليتزر - الرفيعة ؟ وماذا قال ...
- مصائر البشر في القرية العالمية
- إيليا إيرنبورغ : كاتب المقالات الأعظم
- الحرية لثلاث دقائق
- موباسان بين تورغينيف وتولستوي
- شكسبير بالكردية
- الكتاب - قصة إيفان بونين* - ترجمها عن النص الروسي : جودت هوش ...
- إبريق القهوة الثاني - قصة : إيفان بونين ترجمها عن النص الروس ...
- ما قلّ و دلّ : ورش قتل المواهب
- في أغسطس قصة لأيفان بونين - ترجمها جودت هوشيارعن النص الروسي
- في أحد الشوارع المألوفة : قصة قصيرة للكاتب ايفان بونين - ترج ...
- كامارغ
- ثلاث قصص قصيرة جداً لفرانز كافكا
- الكاتب الذي ركعت مارلين ديتريتش على ركبتيها لتحيّته !
- مأساة الكتّاب الروس
- تشيخوف الأميركي
- من أدب الحرب : قصة -السعادة- لإيليا إهرنبورغ
- إله الكتابة
- الرواية البوليفونية الجديدة
- الأدب العالمي ... مفهومه وقضاياه


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جودت هوشيار - الحب الحر في أعمال ارتسيباشيف