أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - الغراب/ الشاعر الأمريكي إدجار آلان بو















المزيد.....

الغراب/ الشاعر الأمريكي إدجار آلان بو


حسني التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 6618 - 2020 / 7 / 14 - 16:51
المحور: الادب والفن
    


الغرابُ
قصيدة للشاعر الأمريكي إدجار آلان بو
****
ترجمة : حسني التهامي

ذاتَ ليلةٍ كئيبةٍ ، فيما كنتُ أتصفحُ ، مُرهقاً ،كتاباً عن التقاليدِ المَنْسية -
غفوتُ، ثم فجأةً سمعت نقراً،
كما لو أنَّ شخْصاً ما يقرعُ بابَ غرفتي بلطفٍ ،
"زائرٌ ،" تمتمتُ ، " يقرعُ باب غرفتي –“
فقط هذا ولاشيءَ أكثر
***
آهِ ، كان في ديسمبرَ القاتمِ على ما أذكرُ؛
وكلُ جُذوة تخبو تشكلُ أشباحَها.
كانَ يجرفني الحنينُ للصباحِ ؛
عبَثاً لم تستطعْ كُتبي إيقافَ فورةِ الحزن - الحزنِ على الفقيدةِ لينور -
العذراءِ الفريدةِ الأَلقَةِ التي تُسميها الملائكةُ لينور-
الاسمَ الذي أفتقدُ للأبدْ
***

بثَ في قلبيَ الذُعرَ حفيفُ الستارةِ الأُرجوانيةِ
ظلَ قلبي يَخفقُ ، انتصبتُ واقفاً أرددُ ،
" زائرٌ يَطْرقُ بابَ غُرفتي "
زائرٌ - في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلِ- يَطرقُ بابَ غرفتي" ؛ -
هو ذاكَ ولا شيءَ أكثر.
***

استعادتْ روحي قُواها؛ :
قلت: "سيدي" ، أو سيدتي ، أستميحك عُذرا ؛
كنتُ في إغفاءةٍ ، وأنتَ تطرقُ البابَ بلطفٍ ،
كنتَ تطرقُ ، تطرقُ بابَ غُرفتي في خُفوتٍ ،
وبالكادِ كنتُ أسمعُ " – وهنا فتحتُ البابَ على مصراعيْهِ ،" –
لم يكنْ غيرُ الظلامِ ولا شيءَ أكثرْ.
***

في أعماقِ الظلامِ وقفتُ مُحدقا بنظرةٍ داكنة ، مُتسائلاً ، خائفا ،مرتاباً وحالماً
بأحلامٍ لم يجسر على خوضِ غمارِها بشرٌ ؛
لكنْ لاشيءَ يشقُ قلبَ الصمتِ والسكون،
فقطْ كلمةٌ أثيرةٌ همستُ بها : "لينور؟"
وتمتمَ الصدى "لينور!" -
فقط هذا ولا شيءَ أكثر .
***

عدتُ إلى الغرفة ، كلُ ما بأعماقي يمورُ ،
سرعانَ ما اشتدتْ حدةُ الطرْق .
قلتُ : "لاشكَ ، لاشكَ ثمة شيءٌ على شِباكِ النافذة.
دعني أرى ، إذنْ ، -
دع قلبي يهدأ لحظةً عندما تجلو الحقيقةُ؛ -
"إنها الريحُ ولا شيءَ أكثر!"

***

فتحتُ النافذةَ ، مُغازلا ومرفرفاً بجناحيهِ ،
غرابٌ على أُهبته جلالٌ ملكيٌ غابرٌ.
لم ينحنِ ؛ لم يتوقف لحظةً.
لكن ، حطَّ بكبرياءٍ على باب غرفتي -
على تمثال بالاس قُبالة باب غرفتي .
جثم مُستريحاً ، ليس أكثر.

***
وجدتُ في طائر الأبنوس سلوتي ،
في إطلالتِه العابسة،
قلتُ: " أيها المُجرَّد من عُرفك وزينتِك ، لستُ بخائفٍ منك ،
أيها الغرابُ القاتمُ المُخيف ، القادمُ من شاطئِ الظُلمة -
قل لي ما اسمك الربانيُ "
أجابني "ليس بعد".

***
عجيبٌ أمرُ ذلكَ الطائرِ الأحمقِ وهو يُسمعني كلماتٍ بلا معنى ،
شاردةً بعيداً؛
حيثُ لم يصادفْ أحدٌ طائراً على بابِ غُرفتهِ -
طائرا أو حيواناً يَحُطُ على تمثالٍ فوق بابِ غرفته ،
يُدعى "ليس بعد الآن".
***

جالساً وحيدًا على التمثالِ الهادئِ ، ردَّدَ الغرابُ كلمةً وحيدة ، كما لو أن روحَه انسكبتْ من طيِّ حروفِها.
لم ينبسْ بعدَها بشفةٍ - ولم يحرك ريشةً له -
بالكادِ أسمعُ تمتمتي "حلَّقَ أصدقاءٌ آخرون من قبل -
في الصباحِ سوف يغادرُ ، مثل أمنياتي الراحلة ".
ردَّدَ الطائرُ "ليس بعد الآن".
***

أذهلني ذلكَ الصوتُ الجسورُ الذي بدَّدَ وحشةَ السكون ،
قلتُ: "بلا شكٍ ، ما يردده هو كل ما وعاهُ
من سيدٍ بائسٍ ألمتْ به النكباتُ
توالتْ دونما هوادةٍ حتى غدتْ أغانيِه مثقلةً بالهموم —
حتى أنشودة أمالِه تحملُ في طياتِها لوعةَ الشجن
شجنِ "أبدا – ليس بعد الآن". "
***

لكنَّ الغُراب لا زال يُخادعُ خياليَ الحزينَ ، ويستلُ من روحي ابتسامةً ،
على الفورِ ، دفعتُ بمقعدٍ مخمليٍ صوبَ طائرٍ ، وتمثالٍ ، وبابْ.
بدأتُ أنسجُ من خيطِ خياليِ صورةَ الطائر الغابرِ المشؤوم ،
ما الذي كان يَعنيه -ذلك الغابرُ القاتمُ ، المُروعُ ، الهزيلُ - من نعيقهِ : "ليس بعد الآن".

***

خضتُ في بحرِ من الظنون ، دونما كلمةٍ، وعينا الطائر مُتقدتانِ على صدري
ذاك ما جال بخاطري وأكثرُ ، رأسي كان مُتكئا
على بِطانةِ المقعدِ المخملِية بينما تحطُ عليه ... أشعة الضوء
ولكنَّ المِخملَ تحتَ ضوءِ المصباحِ المُتوهج ،
لن تمسَّهُ لينورُ ، آه ، للأبد!
***

بعد تفكرٍ ، اشتدَّ الهواءُ كثافةً ، يضوعُ من مَبْخرة خَفيةٍ
من عبقِ مَلاكٍ حطتْ قدماهُ على أرضٍ معشوشبة.
صرختُ "أيها البائسُ ، أودعَ اللهُ - بهذه الملائكة
السكينةَ في قلبِك - سكينةً وكأسَ سلوى من ذكرى لينور ؛
تجرَّعْ ، آهِ جرعةَ النسيانِ الرطبةِ ، وتناسَ الفقيدةَ لينور! "
أجابني الغرابُ "ليس بعد الآن".
***

"نبيٌ!" قلت: "لفحة من الشرورِ! – طائرا كنت أم مارداً ، فأنتَ نبي!
سواء أكنت بثوبِ الغوايةِ ، أم رمتْ بك العواصفُ ها هُنا على الشاطئِ المهجور ،
رغمَ ذاكَ لستُ مُرتاعاً ، على امتدادِ هذه الصحراءِ الفاتنة—
تقْطِن بيتيَ أشباحٌ من الخوفِ - أخبرني حقا ، أتوسلُ -
هل ثمةَ - ثمةَ بلسمٌ في جلعاد؟ - رجاءً قل لي - قل لي ! "
أجابني الغرابُ "ليس بعد الآن".
***

"نبيٌ!" قلتُ: "لفحةٌ من الشرور! – طائرا كنت أم ماردا ، فأنت نبي!
بحقِ السماء التي تنثني فوقنا – بحق إلَهِنا معا-
قل لهذهِ الروحِ المُعنَّاة بالأسى ، إذا كانتِ في جناتِ عدن البعيدة ،
أن تُعانقَ القديسةَ العذْراءَ التي تُسميها الملائكةُ لينور -
تعانقُ العذراءَ الفريدةَ الألِقةَ التي تسميها الملائكةُ لينور ".
يُجيبني الغرابُ "ليس بعد الآن".

***

"لتكنْ تلك الكلمةُ شارةَ الفراقِ ، أيها الطائرُ أو الماردُ!" صرختُ ، غاضباً –"
عُد إلى العاصفةِ، إلى الشاطئِ المُعتمِ !
لا تتركْ ريشةً سوداءً شارةً لأكاذيبِ روحك !
لا تعتلي أسوارَ عزلتي ! - دعِ التمثالَ فوق بابي!
انتزعْ مِنقاركَ المُستلَ من قلبي ، وشكلَك المنحوتَ على ألواحِ بابي! "
رددَ الغراب ." ليسَ بعدَ الآن"
***

لم يحركِ الغرابُ ساكنا أو يرفرفُ ، لم يبرحْ ،
تمثالَ بالاس الباهتَ فوق بابِ غرفتي.
كانت عيناهُ كعينيْ شيطانٍ يحلمُ ،
ألقى ضوءُ المصباح بظلِه على أرضِ الغرفةِ.
وروحي الغارقةُ في خضمِّ ذلك الظلِ المُسترخي على الأرضِ
لن تعودَ - أبدا!



#حسني_التهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Silence Haiku هايكو السكون
- جوهر الهايكو
- نصوص هايكو
- العوالم الدقيقة عند شاعر الهايكو
- الشاعر الياباني ماسكوا شيكي
- ملف الهايكو الإيراني
- الموسمية (الكيغو) بين الكلاسيكية ودعاوى التجديد
- مشهدية الهايكو
- الهايكو الألماني
- هايكو الجبل
- أقدامي التي جفت أوراقها
- وطأة
- النيل
- الزورق
- هكذا كان ..... أو كأبدع .....
- خمس دقائق فقط
- الحرف العربي
- آخر الأعمام
- خطى
- تساؤل


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - الغراب/ الشاعر الأمريكي إدجار آلان بو