أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - العوالم الدقيقة عند شاعر الهايكو














المزيد.....

العوالم الدقيقة عند شاعر الهايكو


حسني التهامي

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 21:24
المحور: الادب والفن
    


العوالمُ الدقيقةُ عند شاعر الهايكو

****

تهيئةٌ:

...

تذكرت - وأنا أكتبُ هذا المقالَ عن تناولِ شاعر الهايكو لتفاصيلِ الطبيعة ، وخاصة الكائنات ِالصغيرة كالخنفساءِ وغيرها من الحشرات - قصيدةَ "الطين" للشاعر إيليا أبو ماضي ، رغم أنَّ أبا ماضي لم يرتدْ حقلَ الهايكو مُطلقاً. عندما قرأتُ هذا النص كنت حينها في مرحلة الإعدادية و لفت انتباهي أن الشاعر استقى مادةً كنا نعتبرها "تافهةَ ووضيعة" . وتساءلتُ أيتركُ الشاعرُ الجمالَ الطبيعيَ ويلتفتُ إلى مثلِ هذه المادة ؟ ثم قرأت تحليلاً للنص فوجدتُ رمزيةً واستعارةً مُطلقة جعلت لهذه المادة قيمة ومعنى جمالياً. لجأ شعراءُ المهجر بشكل عامٍ إلى الطبيعة وامتزجوا معها هُروباً من الواقع البائسِ. إذن هي نظرةُ رومنسية هروبية لا ترقى إلى التماهي معها حد القداسةِ عند شاعر الهايكو. والنص به تساؤلات تأملية كثيرة . استخدم الشاعر كلمة "الطين " كدلالةٍ رمزية للإنسان المتُكبر الذي نسى موقِعه الحقيقيَ في عوالمِ الكون والطبيعة، وربما استخدام هذه "الكلمة" التي اعتبرها بعض النقاد خروجا عن المألوف بتناول التفاصيل الدقيقة في الكون.

(1)

ينظرُ دائما شاعرُ الهايكو الياباني إلى التفاصيلِ الدقيقةِ في الطبيعةِ،وهذهِ الأشياءُ الصغيرةُ ترمزُ لأعمالٍ عظيمةٍ في حركةِ الكونِ والحياة. وليس أدلَّ على ذلك من نصِ الضفدعةِ لباشو:

بركةٌ قديمةٌ ساكنةٌ . . .

ضفدعٌ يَقْفزُ إلى..

صوت الماء!

فالضفدعةُ تمثلُ الإنسانَ كمحور أساسي لهذا الوجود ، وطرطشُتها للماءِ ما هي إلا تلكَ الأعمالَ البسيطةَ للإنسانِ في الكونِ الهائلِ الذي تُمثله البحيرةُ في النص. لكنَّ هذا العملَ الصغيرَ مهمٌ ومركزيٌ بالنسبةِ للشاعرِ،إذ تنطلقُ بتأثيرِه حركةُ الكون .

للنظرْ لنصٍ آخرَ كتبه باشو :

هدوءٌ:

يتسربُ إلى الصخور ،

صوت الزيز (P. Jones 17)

ربما لا ينتبهُ الإنسانُ العاديُ أو أيُ شاعرٍ غيرِ شاعر الهايكو لمثلِ هذه الكائناتِ الصغيرةِ، ذلك لأنَّ شاعرَ الهايكو يتسمُ بالملاحظةِ الحادةِ والثاقبةِ للأشياء. فنَصُ الهايكو في واقعِ الأمرِ يعتمدُ على حسِ الشاعرِ وحدَسه. وهنا اعتمد باشو في قصيدتهِ على حاسةِ السمعِ لنقلِ صورةِ الطبيعية الحسية عبرَ الكلماتِ التالية: "هدوء" "يتسرب" و"صوت". في السطر الأول توحى كلمة"هدوء" بالعزلةِ. ثم يكسرُ حدةَ الهدوءِ صوتُ تسربِ صوتِ الزيزِ إلى الصخور. يتمُ نقلِ هذا العملِ الصغيرِ في الطبيعة بلغةٍ بسيطة ولكنَّ هذا الحدثَ رغم صغرهِ ووضاعتِه يترك أثراً كبيراً على الأشياء. وشاعرُ الهايكو يقومُ بدورِ الوسيطِ الذي يستخدمُ حواسَّه لنقلِ لحظةٍ معينةٍ في الطبيعة، ومع ذلك يلعبُ دوراً في إظهارِ الجمالِ غيرِ المرئيِ، أو غير المعروفِ لهذا المشهد الطبيعي دونَ تدخلٍ منه في مجرياتِ الحدثِ مُطلقاً. يصف هاكيتاني هذا الأمر بقوله: "بينما يصفُ الشاعرُ مثل باشو ظاهرةً طبيعيةً بشكلٍ واقعي،فإنه ينقلُ تصورَه الفوري بأنَّ الطبيعةَ عميقةٌ للغايةِ وصامتةٌ تمامًا." (12)

(2)

إنَّ بعضَ قصائدِ الصوريين تقتربُ من نَهجِ شُعراءِ الهايكو تجاهَ الطبيعة. ومثال ذلك قصيدة "ضباب الخريف" لآمي لويل وهي من الأعمالِ المُبكرة التي كُتبت بذهنيةِ الشاعرِ الصوري:

أيعسوبُ أم ورقةُ قيْقب

ذلك الذي يستقرُ بهدوءٍ على الماء؟ (P. Jones 89)

يمثلُ هذا النصُ مرحلةً شعريةً تقتربُ من وعيِ الشاعرةِ بفكرة الهايكو. فلا نكادُ نلمحُ ذاتَ الشاعرةِ في النص حيث تتركُنا مع الطبيعةِ بموضوعيةٍ تامة. تتسمُ القصيدة أيضا بالإيجازِ والتكثيف. تصورُ الشاعرةُ حركةَ الطبيعةِ الصغيرةَ بالكلماتِ وتتركُ الأشياءَ تتحدثُ عن نفسها دونَ إقحام الذات. فالشاعرةُ لا تستطيعُ رؤيةَ الأشياءِ التي ترسو على وجهِ الماءِ نتيجةَ الضبابِ الذي يحدُ من قدرتِها على الرؤيةِ بوضوح. وانعكست هذه الضبابيةُ والحيرةُ أكثرَ في السطرِ الأخيرِ من خلالِ سؤالٍ لم تضع الشاعرةُ له جوابا!



#حسني_التهامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر الياباني ماسكوا شيكي
- ملف الهايكو الإيراني
- الموسمية (الكيغو) بين الكلاسيكية ودعاوى التجديد
- مشهدية الهايكو
- الهايكو الألماني
- هايكو الجبل
- أقدامي التي جفت أوراقها
- وطأة
- النيل
- الزورق
- هكذا كان ..... أو كأبدع .....
- خمس دقائق فقط
- الحرف العربي
- آخر الأعمام
- خطى
- تساؤل
- ليلة غير عادية
- وجه أبي
- عيد
- الألوان الأولى


المزيد.....




- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسني التهامي - العوالم الدقيقة عند شاعر الهايكو