أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - بمناسبة مرور مئة عام على ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق















المزيد.....

بمناسبة مرور مئة عام على ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق


فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 12:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت الطلقة الأولى للشعب العراقي التي أذنت ببدء الثورة في الثلاثين من حزيران عام/ 1920 في مدينة الرميثة لتخليص البطل شعلان أبو الجون من قبضة الانكليز الذين اعتقلوه للتنكيل به .. لقد كانت إطلاقة الرميثة قبل أن يصل إلى تلك المدينة البطلة نداء زعماء الثورة لإعلان الجهاد وقد اتبعت الشرارة الأولى لإنقاذ شعلان أبو الجون من الأسر معارك باسلة خاضها الثوار العراقيين في منطقة الرميثة ومنها معركة العارضيات التي ستبقى مفخرة من مفاخر تاريخ العراق الثوري الحديث.
لقد حاصر الثوار قوات المستعمرين البريطانيين في الرميثة فانطلق مساء يوم 6 تموز/ 1920 قطار يحمل ألفي جندي مع معداتهم الحربية ومؤونة كبيرة من الطعام والماء وكانت القوة تحت قيادة اللفتنانت الكولونيل (دي مارفين) البريطاني متجهاً إلى الرميثة لإنقاذ القوات البريطانية المحاصرة التي لم تستطع فك الحصار حيث توقف القطار على بعد سبعة كيلومتر من مدينة الرميثة بسبب قطع وتدمير سكة القطار من قبل الثوار الأبطال وإلى جانبها كان يربض أبناء الفرات الذين اندفعوا كاللظى والتحموا بقوات الاحتلال في معركة دامية استغرقت سبعة عشر ساعة متواصلة فرأى قائد الحملة أن لا سبيل إلى الخلاص من هذا المأزق والانفلات من قبضة الشعب الثائر المضطرم إلا بالتراجع والعودة إلى مدينة الديوانية (القادسية) فأمر بالانسحاب فوراً إلا أن ذلك أصبح متعذراً عليه لأن الثوار سارعوا إلى قطع السكة ودمروها من جانب العود إلى الديوانية وأضحى القطار بين هوتين مما جعل موقف قوات الاحتلال متأزم وأصبحوا محاصرين من قبل الثوار التي كانت نيرانهم تصليهم وتمطرهم حقداً ولظى واستطاعت قوات الاحتلال إصلاح السكة على عجل ودونما إحكام فما كان القطار يسير راجعاً إلى الديوانية حتى أفلتت القضبان وهرب الجنود ومعهم قائد الحملة واستولى الثوار على القطار وفتحوا نيرانهم على الجنود الهاربين وعاد الثوار بغنائم كثيرة من الذخائر والأسلحة وعدد من الأسرى ... كان الميجر (ديلي) قائد قوات الاحتلال في مدينة الديوانية يهيئ لإرسال قوة قوامها خمسة آلاف جندي مع كامل معداتهم ومؤونتهم كان الثوار يعبئون قواهم وينظمون مواقعهم للانقضاض على القوات المعادية. ففي منطقة العارضيات التي تبعد عن مدينة الرميثة سبعة كيلومترات كان يربض ثلاثة آلاف ثائر مسلح من أبناء الفرات وقد استطاع هؤلاء الأبطال القضاء على الحملة الاستطلاعية المؤلفة من أربعمائة جندي وطاردوها إلى مركزها حيث نشبت معركة رهيبة تركت بريطانيا مصدومة الجبين واضطر جنودها على الهرب تاركين للثوار عدد من العربات الملأى بالعتاد والسلاح مع 260 قتيلاً .. قرر الثوار بعد هذه الانتصارات حماية مناطقهم بحفر عدد من الخنادق ووزعوا قواتهم البطلة في مناطق متعددة وأصبحوا على أتم الاستعداد لمقابلة الحملات الجديدة التي قادها (كونتكهام) ونزلت في مدينة الحمزة في 16 تموز/ 1920 وكان يحرسها من الجو عدد من الطائرات .. ومرة أخرى تمزقت ودمرت حملة الاستكشاف البريطانية في منطقة العارضيات أيضاً ودب الذعر والرعب والخوف في القوات البريطانية واضطروا إلى طلب النجدة .. وجاءت ثلاثة قطارات تحمل الجنود والمدافع والمؤن لانتشال وانقاذ قواتهم المحاصرة في مدينة الرميثة .. انسحب الثوار بشكل منظم من خط سكة القطار وتركوا لقوات الاحتلال المضي إلى مدينة الرميثة على أمل تنظيم قواتهم الثورية وحشد أكبر عدد ممكن منها للتصدي للقطار العائد إلى الرميثة وإنزال ضربة قاصمة به وأثناء عودة القطار اصطدم الثوار مع قوات الاحتلال ونشبت معركة عنيفة انتهت بفرار القطار من المنطقة ... كما ضربت منطقة (الرارنجية) مثلاً رائعاً في الفن العسكري الثوري ففي أواخر تموز عام/ 1920 أصبحت مدينة (الكوفة) محاصرة من جميع أطرافها حيث أحاط بها الثوار وألقوا بثقلهم على كتف النهر في جوار الجسر وكانت حركة الثوار السريعة المذهلة قد بددت أوهام جيوش الاحتلال البريطاني داخل المدينة وأسرعت على أثرها قوات الاحتلال تطلب النجدة فقام على الفور الحاكم الملكي البريطاني العام والقائد العام في بغداد بالإيعاز إلى قائد الحامية البريطانية في الحلة لإرسال جيش كبير لإنقاذ حامية الكوفة وترويع وتخويف العشائر كي لا تشترك مع عشائر الشامية والنجف وحماية سكة الحديد بين مدينة الكفل ومدينة الحلة.
تحرك الجيش الانكليزي من الحلة وقضى ليلته في مكان يبعد خمسة كيلومتر عن مدينة الحلة وفي الصباح الباكر تحرك بعد أن أمن الطريق من وجود كمائن للثوار واستعان بذلك من أحد الأذناب الخونة في المنطقة فتوقف وعسكر في قناة الرارنجية التي تبعد عن مدينة الحلة 12 كيلومتر ومن الكفل 8 كيلومتر .. وقد اختار الانكليز هذا الموقع حيث كان النهر شمالاً يصونهم من هجمات الثوار ومن الجنوب كانت الأرض فسيحة ومنبسطة تمتد لمسافة كبيرة وقد حفر الانكليز الخنادق في الجهة الشرقية والغربية وحصنوها .. اجتمع الثوار في الكفل وقرروا الانقسام إلى قسمين قسم يكون طريقه على ضفة شط الهندية الشرقي وقسم يكون طريقهم امتداد سكة الحديد التي كانت إبان الثورة تربط الحلة بالكفل .. كانت مزية الثوار قوتهم المعنوية وإيمانهم المطلق بعدالة قضيتهم، لأنهم يحاربون في سبيل استقلالهم وحريتهم وإنقاذ بلادهم من المعتدين يحملون الأسلحة الخفيفة التي تعينهم على سرعة الحركة والمناورة حيث استطاعوا الهجوم على القنطرة والسيطرة عليها وفي الوقت نفسه هجم القسم الثاني من الثوار زاحفين غرباً مع النهر بينما كانت قوة الثوار جنوباً وقد التحمت طلائعها مع قوات الأعداء وهذه الخطة البارعة استندت على الهجوم المباغت فعطلت تأثير المدافع الثقيلة للأعداء وعندما التحم الثوار مع الأعداء بالسلاح الأبيض وبالفالة والمكوار وهرب قائد الجيش الاستعماري مع من تمكن من الهروب مخلفين ورائهم جثث المئات من الجنود .. وفي كردستان العراق كانت أصوات الرصاص تزمجر ليغرس في صدور المحتلين فكانت الأصوات تسري من الفرات الأوسط من الرارنجية والعارضيات فيسمع صداها في جبال كردستان حيث ينهمر منها الرصاص نحو العدو الغازي ... لقد نهض الشعب الكردي ومعه الأقليات القومية في معركة التحرير والنضال من أجل القضية المشتركة وتخضب أديم مضيق عقره ومدينة كفري بدماء أبناء كردستان ففي أواخر تشرين أول/ 1920 تحركت جماهير كفري بقيادة إبراهيم خان ضد الانكليز والإقطاعيين المتعاونين معهم فتمكنوا من محاصرة العدو ودحره وتحرير قصبة كفري والمناطق المجاورة لها وشكلوا حكومة محلية مؤقتة وقتل الكابتن الانكليزي (جاردن) ولم يتمكن الانكليز من القضاء على الثورة وتصفيتها إلا بعد أكثر من (25 يوماً) وذلك بتعاون الانكليز مع كبار الإقطاعيين في المنطقة بعد أن ضربوا مواقع الثورة الأساسية في السليمانية والخالص مما تعذر على الثوار مساعدتهم.
مما تقدم يتبين أن الثورة امتدت إلى معظم أنحاء العراق وساهمت فيها كل القوميات والفئات والعناصر التي تأثرت بالعوامل وردود الفعل التي تقدم ذكرها كما اشترك رجال الدين إلى جانب بعض شيوخ العشائر وعلى نطاق واسع صغار الشيوخ فضلاً عن المثقفين والتجار والملاك المتنورين والجماهير الشعبية الواسعة من أبناء المدن وبينهم العمال الذين دفعوا أول شهيد لهم في بغداد هو حسن النجار الأخرس إلا أن القاعدة الكبرى الجيش الرئيسي للثورة كان من الفلاحين .. وقد تم فعلاً إقامة حكومة ثورية في النجف مركز الثورة الرئيسي وفي مناطق أخرى مثل كربلاء والهندية والسماوة وكفري .. وبعد خمسة أشهر من الحرب الدموية استطاع المستعمرين الانكليز إخماد ثورة الشعب العراقي المناضل في سبيل حقه في تقرير المصير وكان أحد أسباب الفشل عدم التكافؤ بين الأطراف المتحاربة في النواحي الاقتصادية والتكتيكية والعسكرية من الأسباب المهمة لفشل ثورة العشرين وبالرغم من ذلك فقد استطاع الوطنيون العراقيون بفصائلهم الثائرة المجهزة بأبسط الأسلحة وبقيادة لا تمتلك الخبرة في قواعد الحرب الحديثة أن يقارعوا جيشاً نظامياً مدججاً بالسلاح الحديث حتى أخمص قدميه لا قوى دولة استعمارية في ذلك الحين .. كما لم يكن الإعداد للثورة بمستوى المهمة العظمى التي تواجهها فبالرغم من المفاوضات الطويلة بين حرس الاستقلال ورجال الدين وزعماء القبائل التي تمخضت عن تأسيس (مكتب الثورة) فإن ثورة العشرين قد بدأت بمبادرات عفوية من قبل الجماهير الشعبية ولم تنجح جميع المحاولات من أجل توحيد فعاليات مختلف الفصائل الثائرة في خضم الثورة ... كما استطاع المحتلون الانكليز استغلال الخلافات القبلية والدينية بين المواطنين العراقيين حيث تمكنوا من عزل القبائل التي تقطن حوض دجلة عن الثورة ووقوفها على الحياد.



#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطنية العراقية .. بريئة من النفوس الضعيفة والمريضة
- تطور فايروس كورونا في العراق
- الإنسان والعنف الأسري
- قوة العراق وطن وشعب يأتي من خلال مجلس نواب الشعب
- الخطأ لا يحل بالخطأ واللعب على الحبلين لا يجدي نفعاً
- معنى الإنسان
- يا سيدي ... لم استعجلت الرحيل ... وجف مجلسك العذب ؟
- الدولة والاستثمار والبناء والإعمار في العراق
- السيد الكاظمي وسلطة الحكم والخيارات المطروحة
- مجالس المحافظات كيانات فائضة وغير ضرورية
- هنيئاً لكم عيدكم الميمون (لماذا تعتبر الصحافة السلطة الرابعة ...
- خاطرة ....
- ماذا يعني الإصلاح في المجتمع ؟
- نأمل عدم تكرار استفزاز الشعب مرة أخرى
- لماذا الخوف من الانتخابات المبكرة ؟
- ما هو المطلوب من السيد رئيس الوزراء إنجازه للشعب العراقي
- ما هو مفهوم التنمية ؟
- الأخ الفاضل السيد ناصر طه المحترم
- حكم قرقوش
- الدولة ومعالجة الرواتب المزدوجة


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فلاح أمين الرهيمي - بمناسبة مرور مئة عام على ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني في العراق