أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر السلمان - الإيقاع في قصيدة الشاعرة الفلسطينية سفانة بنت ابن الشاطئ - أمواج على شاطئ الحُلم -















المزيد.....

الإيقاع في قصيدة الشاعرة الفلسطينية سفانة بنت ابن الشاطئ - أمواج على شاطئ الحُلم -


شاكر السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


لقد وُهِب هذا الشعر ايقاعاً متفرداً ومُنح من الأوصاف ما مكَّنه من الاستعانة بأجزائه عن كل حركة، وبأوزانه عن كل محاولة، للاستعانة بإيضاح التعبير أو التدليل عن الغرض، أو تجسيد الفكرة، وقد جسد هذا الإيقاع خلقًا جديدًا متمازجًا بالفكر واللغة والرّموز والصّور والرّوح، وقد بان في تمظهره الصّوتي الصّريح، علاوة على ذلك انسرابه في بقية خطوط القصيدة وعناصرها، وكذلك خضوعه لعنصر الزّمن.فتنتقل شاعرتنا من مضمارها المعهود إلى ساحة تسيطر عليها جزئيات وتفاصيل دقيقة تستغل الشاعرة مكوناتها في سبيل التخطيط لهندسة معمارية داخلية على علاقة وطيدة بالانفعالات النفسية، والإيحاءات الدلالية، التي ترسم إحداثيات التوتر الإيقاعي المتناغم مع حركة النفس، و حركة الدلالات النصية، لذلك تتجه صوب حركة الداخل التي تنمو وتتطور بفعل التواصل والتفاعل بين معظم مكونات النص، و نسيج علاقاته..

إقتباس :
يا مُلهِمَ الشُعَراءِ جئتُ و فــــي دَمي
يــغـفـو الـحـنـيـنُ مُــعَـذَّبـا مُـرتـابـا

بـيـن الـمـشاعرِ ذكـريــاتٌ لـم تَـزَلْ
تَــنـداحُ فــي صَــدرِ الـنَـهارِ عِـذابـا

توظيف صوتي وتوجيه معنويّ يتحقق بالتطويع بين المبنى والمعنى، بين التصوير والتخييل بين الصوت والكلمة بين التعبير والتركيب، وكل نوع من هذه الجمل يعكس اسلوبا معيّنا وايقاعا مخصوصا تنتجه ثنائية الذات الشاعرة فتغدو القصيدة بالنسبة اليها مجمع أصوات، للفرد والمجتمع والمستويات الجمالية والفكرية.

إقتباس :
سـافرتُ دهـرًا فــي بُـحورِ حـرائقي
فـغـرقـتُ.. و ازدادَ الــعَـذابُ عَـذابـا

و ذرَفـتُ دمعــي فوقَ صَدرِ قصائدي
و صَـنـعْتُ مــن نــارِ الـعِتابِ حـجابا

و ركِـبـتُ أشـواقَ الـرَبيـعِ فـشدَّني
ســهــمٌ تـعَـفَّـر بـالـهَـوى فـأصـابـا

ويغدو الايقاع في النص بالنسبة لنا كلاّ منسجما لا يمكن فصل مكوّناته بسهولة ولذلك أميل الى القول بأن الايقاع هنا قد تموسق بوتر ينبض داخل النص وفق مستويات التقبّل لدى الشاعرة سفانة بنت ابن الشاطئ ووفق حساسيتها الفكرية والنفسية.
إقتباس :
عـتَّـقتُ حـرفــي فـي جِـرارِ مَـوَدَّتي
و حَـضـنـتُ حُـلـمًـا فــتَّـحَ الأبــوابـا

بِنَدَى المَحبَّــةِ قد سَقيتُ مَشاعري
و فَـتـحـتُ قـلـبـي لـلـحَبيبِ كِـتـابا

والجميل من الشعر هو الذي يشبع الألحان ويملأ الأنفاس ويعدّل الأوزان ويفخّم الألفاظ، ويعرف الصواب ويقيم الإعراب ويستوفي النغم الطويل ويحسن مقاطع النغم القصار ويصيب أجناس الإيقاع، ويختلس مواقع النبرات ويستوفي ما يشاكلها في الضرب من النقرات، وقد توفر هنا بوضوح. أما التلوين الصوتي الصادر عن الألفاظ المستعملة ذاتها فهو أيضا يصدر عن الموضوع في حين يفرض الوزن على الموضوع. هذا من الداخل، وهذا من الخارج.

إقتباس :
ياَ مَنْ حَفَرْتُكَ فــي فُؤادي, وانْتَشىَ
حَـرْفي بِـنُورِكَ: هَلْ غَدَوْتَ سَراباَ؟!

مَـا عُـدْتُ أنْـسُجُ مِـنْ وُرودي زَوْرَقـاً
لـلـحُـلْـمِ حَــتـــــــىَ يَـبْـلُـغَ الأسْـبَـابـاَ

حَـتَّامَ تَـبْقـــىَ تَـسْتَخِفُّ بِأدْمُعي..؟!
وإِلاَمَ تَــبْـقـىَ تُــغْـلِـقُ الأبْــوابـاَ ؟!

بما أن الإيقاع في القصيدة هو العنصر الذي يميز الشعر عما سواه فضلا عن أنه يتخلل البنية الإيقاعية للعمل، وإن العناصر اللغوية التي تتشكل منها هذه الأبيات تحظى من ثنائية رائعة في علاقة انسجام ووئام بما لاتحظى في أوقات عادية، وثمة أمر هام آخر وهو "أن البنية الشعرية لاتبدو في بساطة تلك الظلال الجديدة لدلالات الألفاظ، بل إنها تكشف الطبيعة الجدلية لهذه الدلالات، وتجلو خاصية التناقض الداخلي في ظواهر الحياة واللغة، الأمر الذي تعجز وسائل اللغة العادية عن التعبير عنه.

وهكذا يغدو عند سفانة مفهوم الشعر ذاته مفهوم خطاب نوعي تسهم كل عناصره في خاصيته الشعرية ويصبح " التناغم الشكلي" الذي يتضمن في رأيي إيقاع المفردات بالنظر إلى بنيتها المقطعية، وتبيان التناغم الذي تحدثه الظواهر الصوتية في بعض مفرداته، وإيقاع الجمل التي تقوم بنيتها على أساس متين، وتقوم حركتها بتقديم تشكلات مقطعية؛ وفاعلية نبر وفاعليات صوتية ودلالية يخلق انزياحات إيقاعية،
أما "التناغم الدلالي" الذي يضم إيقاع التواصل؛ أي انسجام حركة الدلالات فيما بينها؛ مما يدفع إيقاعاً يحمل خصائص متشابهة؛ مما يفيد ولادة حركات جديدة، ثم إن توزيع الكلام في القصيدة البائية بهذه الصورة هو نتيجة حتمية لطبيعة الأوزان التي تَنْظِمُه؛ مما يجعلنا نقول، انها إيقاعية مرئية، بل هو من واقع الحال – أن يُعتبَر ذلك، ولا سيما بالمقارنة مع الأجناس الأدبية المعروفة، وهي إحدى السمات العفوية للإيقاع المرئي بامتياز. ويمكن القول إن الإيقاع المرئي اعتمد بدايةً على ترك فراغات بيضاء في الأبيات والسطور؛ ثم انتقل إلى استخدام الرموز والعلامات، ليتجلَّى، فيما بعد، في تشكيل رسوم فنية، ليس من الخطوط، وإنما من كلمات القصيدة ذاتها.
وقد جاء الإيقاع هنا على مستويين نوعيين:
المستوى الكيفي حيث اعتمد على النَّبْر في الجمل، وربما في الكلمة الواحدة.o
المستوى التنغيمي وقد اعتمد على أصوات الجمل، من صعود وانحدار وماشابه.o

إقتباس :
يُـحـكى ؛ بــأنَّ الـقلبَ هـامَ عَـذابــــا
و عـلـى هَـديـرِ الـمَـوجِ ثــارَ عُـبـابا

يُـحـكى ؛ تُــراودُ يـاسَمينـي غـصَّةٌ
فـــــإلامَ أنـــطــرُ مــوعــدًا كــذّابــا

قام الإيقاع على أساس صوتي لغوي، أي: إن الأساس كان الواقع اللغوي الشعري، وترتيب الأصوات فيه وقد تَقصُر مقاييسُنا العلمية عن تحديد سرِّ الجمال فيه، وهذا القصور يبدو بصفة خاصة في الجمال الداخلي في الأسلوب الذي يعتمد على طريقة رصْف الكلمات بعضها إلى بعض؛ لأن وضْع الكلمة أو العبارة كثيرًا ما يُوحي بطرافة دقيقة، أو يُثير شعورًا بالجمال.فالأسلوب الشعري لا يَصلُح له من العبارات إلا ما كان موزونًا، وله جرسٌ موسيقي، ولا يصلح له من العبارات أيضًا إلا ما كان جَزِلاً ورقيقًا؛ حتى يتحقَّق عنصر التهذيب والتأثير المرجوَيْن من الشعر. وقد حصل هنا.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اذا وصل الآه مداه
- هيهات أنسى من لها وجعٌ
- رثاءٌ في العراء
- تراتيل صامتة
- حينما أذكرها
- لهبٌ يحرق الضلوع دفينا
- ضفاف الوجد
- البياضُ مرّتين
- دندناتٌ لحسناء القصيد
- نزفٌ يتواتر


المزيد.....




- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...
- الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو ...
- الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من ...
- انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر السلمان - الإيقاع في قصيدة الشاعرة الفلسطينية سفانة بنت ابن الشاطئ - أمواج على شاطئ الحُلم -