أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - لماذا ليس هناك وحدة أدبية لسفر إشعيا ؟!















المزيد.....



لماذا ليس هناك وحدة أدبية لسفر إشعيا ؟!


ابرام لويس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 6606 - 2020 / 6 / 30 - 11:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُحاول الكثير من المُدافعين عن الكتاب المقدس الإصرار على أن مؤلف سفر أشعياء هو شخص واحد ، الا أن دفاعهم المستميت يواجه الكثير من العَقبات ، وفي هذه المقالة سأعرض ”بـعض“ تلك العقاب و ليس ”كلها“، بدءاً من المقدمة ثم تفصيلها.

مَدخل:
--------
ولد اشعيا بن اموص في حوالي السنة 765 ق م، وبدأ رسالته في السنة 740 إثر خبرة روحية عميقة، حولت كيانه واجبرته على تكريسه نفسه للعزة الالهية (اشعيا 6)، وهو شاعر سياسي ونبي، وعظ ما بين السنة 740 والسنة 700 ق م في ظروف سياسية صعبة، وكان له تأثير كبير جعل بعض تلاميذه الذين جاؤوا بعد قرنين يضيفون اعمالهم الى اعماله. فحسب العلماء المختصين، يؤلف كتاب اشعيا النبي مكتبة تجمع في جزء واحد عدداً من الكتب لمؤلِّفين عدة كتبوا في ازمنة مختلفة وفي ظروف مختلفة. [1] وقد اصبح من المعرّف به ان الكتاب يقسم الي إما ثلاثة اقسام بدأت مع اشعيا وانتهت بعد عودة المنفيين من بابل، أو الى قسمين :

ثلاثة أجزاء كالتالي :
--------------------
1- اشعيا الاول (1- 39): كتبه اشعيا النبي، والذي عاش القرن الثامن قبل الميلاد.
2- اشعيا الثاني (40- 55): كتبه تلميذ عاش ايام الجلاء في بابل (540 ق م)
3- اشعيا الثالث (56- 66): كتبه تلميذ عاش بعد الجلاء، في اورشليم. (520 ق م)

أو الى قسمين كالتالي :
---------------------
1- اشعيا الاول (1- 39): كتبه اشعيا النبي.
2- اشعيا الثاني (40- 66): كتبه تلميذ عاش ايام الجلاء في بابل (540 ق م)

فنجد إن المفسر الخاخام ( إبراهيم بن مئير ابن عزرا אברהם בן מאיר אבן עזרא) وعاش ما بين 1092 م و1167 م قد عبر بحذرعن شكوكه في وحدة الكتاب ، وذلك في تعليقه على اشعياء ( 40 : 1 )، قائلاً : " إن هذا هو أول وعود التعزية والتي يبدأ بها الجزء الثاني من سفر اشعياء " [2] ،وهي ملاحظة جديرة بالاهتمام من أن مفسر يهودي مشهور يلاحظ هذا التغير في السرد، و يعتبر الإصحاح الاربعين هو بداية الجزء الثاني من السفر مثل أغلبية العلماء الآن.

الا انه لم تظهر الفكرة بشكل كامل الا على يد J.C. Dôderlein في عام 1789 والذي طور إقتراح J.G. Eichhorn سنة 1783 ، و تم طرح النظرية لأول مرة بشكل كامل بأن الإصحاحات من ( 40 -66) هي عبارة عن عمل مستقبل ، من نبي مجهول عاش بالقرب من نهاية السبي البابلي اى في منتصف القرن السادس ق.م ، ثم جاء من بعده العلماء كذلك، بدءاً من bernhard Duhm في تفسيره لسفر اشعياء سنة 1892 ، بتقسيم تاني للإصحاحات ( 40 -66) وذلك في عملين منفصلين ، ولكن ما أريد التركيز عليه هنا هو نظرية إنه ما بعد الاصحاح 39 الذي يعود للقرن الثامن الميلادي ، لا يمكن سواء على التقسيم الثنائي أو الثلاثي نسبة الاصحاحات 40 -66 اى ما قبل السبي. [3]

إن الاشارة الأكثر وضوحاً للقرن السادس هي الاشارة لاسم "كورش" ( 44 : 28 ) ، ( 45 :1) و هو أول ملوك فارس ( 560 - 529 ق م) وقد استولى على آسيا الصغرى وبابل وميديا، وحكم من (550-529) ق.م، و لا يوجد اى شك بإن هذا الشخص هو الذي تم وصفه في المقطع ( 44 : 24 - 45 : 7) ، وقد وصف بإنه الغازي العظيم الذي اقامه الله لإنقاذ شعب يهوه من الأسر.

ولكن لا يعتمد التأريخ للقرن السادس على الإشارة لكورش و تخليصه لشعب اسرائيل من الأسر، ولكن ايضاً هناك حقيقة واضحة بسيطة وهو أن فحوى رسائل النبي من بدءها الى نهايتها لا تتلائم بكل تأكيد مع ظروف القرن الثامن ق.م ، ولكنها ملائمة بكل تام عندما ننظر الى تلك الرسائل على إنها رسائل مُبعثة لليهود المنفيين في بابل في القرن السادس ق.، فهي تخاطب مباشرة مجموعة من اليهود نفيت عن وطنها بالفعل من قوى عازية والتي سميت بإسمها "بابل" وذلك في اربع مقاطع (43: 14، 47 ) ، ( 48 : 14 ، 20 ) [4]

فالاصحاحات ( 40 - 55) لن يكون لها أي معنى في القرن الثامن الميلادي ، عندما يكون شعب اورشليم ويهوذا مازالوا في ارضهم تحت حكم ملوكهم ، وعندما كانت بابل بعيدة عن أن تكون قوى عظيمة ، فقد بدأت بابل بعد سقوط أشور في أواخر القرن السابع الميلادي ، وبالتالي بعد موت اشعياء بوقت بطويل ، و وبكل تاكيد لن يكون لها معنى قبل أن يولد كورش اصلاً ، و قبل قيام الدولة الفارسية لم توجد اصلاً في القرن الثامن ق.م ، ولكن إن اعتبارنا ان تلك الاصحاحات كتبت من نبي يعيش فى القرن السادس الميلادي و قالها لليهود المنفيين في بابل ، فتكون بكل تأكيد ذات معنى و مغزى.

ويمُكن إضافة حجة أخرى ايضاً وهي أن لو كانت تلك الإصحاحات بالفعل تعود للقرن السادس ق.م ، فبالتالي مؤلفها يدري تاريخ تطور الفكر الديني في اسرائيل ، بكلمات آخري من المحتمل إنه يكون على دراية بتعليم الانبياء السابقين له في القرن الثامن الميلادي، إلا إنه بكل تاكيد لن يكون مُدركاً للأفكار اللاهوتية او تطور الفكر الديني لأنبياء القرن السادس ق.م ، و لكننا نجد إن ما يعلمه مؤلف تلك الإصحاحات لديها إرتباطات وثيقة بأفكار وبكلمات أنبياء القرن السادس ، وهذا ما سوف نراه فيما بعد. [5]

ماذا عن سبب الإدخال ؟ لماذا اضيفت إصحاحات ( 4- 55) الى باقي الإصحاحات ؟
-----------------------------------------------------------------------------------
لم تكن إضافة تلك الإصحاحات إعتباطياً ولكن عن طريق العمد ، فأولا لاعطاء ان كل النبؤات (الرؤى) هي لأشعياء نفسه ، وذلك لإعطاء تلك النبؤات موثوقية وسلطة تعود لنبي مشهور ، وفي ذات الوقت إعطاء نسخة من سفر أشعياء أكثر إشراقاً و إيجابية و أملاً مما تحويه الإصحاحات ( 1- 39). [6]

و مع أن لغة السفر في معظمها تتسم بالرصانة والشاعرية إلا أن هناك سمات وقرائن يُمكننا عن طريقها أن نقوي الدليل على أن المؤلف أكثر من واحد ومن هذه السمات :

أ) - الميل إلي اللعب بالالفاظ في الجزء الاول من السفر (1 - 39) مما يعطي جرساً موسيقياً واضحاً ، فعلى سبيل المثال :
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

1-(أش 6 :11) אָדָ֔ם וְהָאֲדָמָ֖ה وتلفظ "آدام آداماه" وتعني ( إنسان و أرض ) ، لاحظ هنا الجرس الموسيقي بين اللفظتين آدام و آداماه ، على نفس المنوال (أش 1: 10) עַ֥ם עֲמֹרָֽה وتلفظ "عام عمورا" وتعني (شعب عمورة).

2-(أش 10 : 30) עניה ענתות وتلفظ ” عنيا عناتوت ، وتعني (يا عناتوت / عَنَاثُوث البائسة) [7]

3-(أش 5: 7) ויקו למשפט והנה משפח לצדקה והנה צעקה و تنطق ”فكـ لمشبات، فِهَنى مسباح، لتسدقا فهنى تسِعَقا“ والتي تعنى ( انتظر العدل فوجد سفك الدم، وانتظر الصلاح فسمع صراخ الظلم) فنجد تجد جرس موسيقي بين اقسام الجملة مثل [ למשפט مشبات ، משפח مسباح/ לצדקה تسدقا و צעקה تسِعَقا).

4-(أش 3: 1) משען ומשענה و تًلفظ (مَشِعين أو مَشِعنا ) والتي تعني ”السند والعماد“ ( 3: 1)

وهكذا (أش 1: 4) (أش 2 : 14) (أش 5: 23).

ب)-حسن التقسيم والمقابلة ، وعلى سبيل المثال:
---------------------------------------------

1- (أش 6: 9) ויאמר לך ואמרת לעם הזה שמעו שמוע ואל תבינו וראו ראו ואל תדעו والتي تعني ”إذهب وقل لهذا الشعب: مهما سمعتم لا تفهمون ومهما نظرتم لا تبصرون“ فهنــا إنه مهما فهتموا فلن تستطيعوا على الفهم بصورة كاملة أو صحيحة، و مهما نظرتهم فلن تستطيعوا أن تبصروا الحقيقة، فهنا مقابلة مُقابلة شعرية ،وحسن تقسيم ( سمعتم ..لا تفهمون) ، ( نظرتم ..لا تبصرون)

ج)- الميل الى الالفاظ الطنانة الرنانة ذات رنة غاضبة في الجزء الأول ( 1- 39) مثل :
----------------------------------------------------------------------------------

كانت أقوال أنبياء ”الأزمة“ مثل إشعيا و إرميا و حزقيال أقوال خطابية حماسية تلائم الجو العاصف الذي كانوا يعيشون فيه من الفساد والإنحراف لذلك نجد في الجزء الأول من سفر إشعيا يُعطي تشبيهات عاصفة قوية رنانة في خطاب حَماسي مثل:

1-( أش 1: 2) שמעו שמים והאזיני ארץ כי יהוה דבר בנים גדלתי ורוממתי והם פשעו בי والتي تَعني ”إسمعي أيتها السماوات واصغي أيتها الأرض، لأن الرب يتكلم: البنون الذين ربيتهم ورفعتهم تمردوا علي“ ، فهنا يُهول النبي من إنكار اليهود ليهوه و تمردهم ، بِمُخاطبته للسموات و للأرض في صورة غاضبة.

2- (أش 1: 10) שמעו דבר יהוה קציני סדם האזינו תורת אלהינו עם עמרה والتي تَعني ”إسمعوا كلام الرب يا حكام سدوم! أصغوا إلى شريعة إلهنا يا شعب عمورة“ ، فَهنا النبي يُوجه حديثه الى حُكام سدوم الآثمة و شَعب عمورة الآثم ، غاضباً.

فنجد إن طابع الغضب والتهديد والوعد والوعيد يُسيطر على ”يهوه“ في عبارات الجزء الاول من السفر ( 1- 39) و يتضح هذا من ذلك تكرار عبارة يستخدمها في المواقف ذات اللهجة الغاضبة، وهي :

د)- جًمل مُعينة تتميز بها الإصحاحات (1 -39) في المواقف ذات اللهجة الغاضبة:
-------------------------------------------------------------------------------

1- (أش 5 : 25 ) ، ( أش 9 : 12، 17، 21 )، (أش 10 : 4) בכל זאת לא שב אפו ועוד ידו נטויה وتَعني : ”مع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدودة بعد“ .

2-(أش 5: 25 ) ، ( أش 23 : 11) ויט ידו تَعني ”يمد يده“ ويقصد بها بالعبارة إنزال الله العقاب.

3-(أش 1 : 25) ואשיבה ידי עליך وتعني ”أرد يدي عليك“ ، وهي عبارة تؤكد على أن معنى ” مَد يد الله“ هو العقاب.

4-(اش 14 :26) וזאת היד הנטויה על כל הגוים وتعني ”اليد الممدودة على كل الأمم“

5-(أش 14: 27) וידו הנטויה ומי ישיבנה وتعني ”يده هي الممدودة فمن يردها "

فُنلاحظ إن إستخدام الله ليده هنا يعني ”إنزال العقاب“ و ”الغضب الإلهي“ ولم يَرد هذا الإستعمال في الإصحاحات ( 40- 66) قط ، بالإضافة الى اسلوب الخطاب المُعتمد على قِصَر الجمل و الموزانات الشعرية و الالفاظ الطنانة الحماسية والذي نفتقده في الإصحاحات المتأخرة ( 40 -66) تقريباً، فإننا نفتقد ايضاً سمات الحماس الغاضب الذي يستم به الجزء الاول من السفر.

هـ) كلمات مُعينة تتميز بها الإصحاحات (1 -39) في المواقف ذات اللهجة الغاضبة:
-------------------------------------------------------------------------------

1- كلمات الويل بكل أنواعها ومُشتقاتها ، ولم ترد كلمة الويل في القسم الثاني من السفر ( 40 -66) مُطلقاً مثل :
(أش 1 :4) (הוי גוי חטא עם ويل لأمة الخاطئة) ، وتكرر كلمة ( ويل הוי ) في ( 5 : 8 ، 11 ، 18 ، 20 ، 21 ، 22 ) ، (10 : 1 ، 5) ، (28 : 1 ) ، (29 : 1، 15 ) ، (30 : 1 ) ،( 31 : 1) ، و تكرر كلمة (ويل אוי) في ( 3: 11 ) ، ( 6 : 5)

2- كذلك كلمة الهاوية שאול وردت في القسم الاول من السفر في ( 5: 14 ) ، ( 14: 9 ، 11 ، 15) و ( 28 : 15 ، 18 ) و ( 38 : 10 ، 18 ) و لم ترد في الفسم الثاني إلا مرة واحدة في ( 57 : 9).
و) إختلاف اللهجة بـشكل أعم و أشمل:
--------------------------------

1- ففي مقابل هذا الاسلوب الحماسي الغاضب في القسم الأول وهذه النبرة العالية المُهددة و المتوعدة التي تتناسب مع المجتمع الذي كان يعيش فيه إشعيا مًصلحاً مًعارضاً لكل انحراف ، نجد القسم الثاني من السفر هادئ الاسلوب لين الخطأ يفيض بالتبشير والصفح ويتوجه حديث يهوه الى شعبه مطمئناً فيقول ( لا تخف لأني معك אל תירא כי עמך אני ) ونجد هذه النغمة في ( 41 : 10 ، 13 ، 14) ، ( 43 : 1 ، 5) ، ( 44 : 2) و يطلب من الشعب أن يتغني لإلهه ويبتهج:( غنوا للرب أغنية جديدة שירו ליהוה שיר חדש ) ( 42 : 10) ، فالرب هنا ليس غاضباً حانقاً بل هو مسرور من أجل بره :(الرب قد سرّ من اجل برهיהוה חפץ למען צדקו ) ( 42: 21)

2- كذلك نجد الفرق واضحاً بين القسم الاول من السفر ( 1: 39) وبين القسم الثاني في مخاطبة يهوه للسماء والارض ففي القسم الاول تشهد السماء والارض على عصيان شعبه و جحوده له في ألفاظ طنانه تثير السامع ولكنه في القسم الثاني من السفر يَخاطب السماء والارض قائلاً :(רנו שמים וגילי ארץ ترنمي ايتها السموات وابتهجي ايتها الارض )

3- الاسلوب في القسم الثاني يتجه الى الاقناع الهادئ بقوة ( يهوه) وقداسته و وحدانيته ، فتتبع في ذلك الاسلوب الإنشائي مستخدما الاستفهام البلاغي ، فعلى سبيل المثال :

-(מי מדד בשעלו מים ושמים בזרת תכן וכל בשלש עפר הארץ ושקל בפלס הרים וגבעות במאזנים من كال بكفه المياه وقاس السموات بالشبر وكال بالكيل تراب الارض ووزن الجبال بالقبان والآكام بالميزان ) ( 40 : 12)

-(מי תכן את רוח יהוה ואיש עצתו יודיענו من قاس روح الرب ومن مشيره يعلمه) ( 40 : 13)

-(את מי נועץ ויבינהו וילמדהו בארח משפט וילמדהו דעת ודרך תבונות יודיענו من استشاره فافهمه وعلمه في طريق الحق وعلمه معرفة وعرفه سبيل الفهم ) ( 40 : 11)

-(ואל מי תדמיוני ואשוה יאמר־קדוש بمن تشبهونني فاساويه يقول القدوس ) ( 40 : 25)

-(ואל מי תדמיון אל ומה דמות תערכו לו فبمن تشبهون الله واي شبه تعادلون به) ( 40 : 18)

-(מי פעל ועשה קרא הדרות מראש אני יהוה ראשון ואת אחרנים אני הוא من فعل وصنع داعيا الاجيال من البدء.انا الرب الاول ومع الآخرين انا هو ) ( 41: 4)

-(הלוא זה צום אבחרהו פתח־חרצבות רשע התר אגדות מוטה ושלח רצוצים חפשים וכל מוטה תנתקו أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر.فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. ) ( 58 : 6)

4- يتميز القسم الثاني من السفر بإحتوائه على العبارات الخاصة بشخصية (عبد الرب) وتقع هذه الفقرات في ( 42 : 1 ، 4) ، ( 49 : 1-6) ، ( 50 : 4-9) ، ( 52: 13 – 53 : 12).

5- ومما يميز القسم الاول أنه لا يعتمد كثيراً على الاساطير كذكر شمشون و صموئيل ويوشع وموسي مثلاً ، كذلك يخلو من الاحكام الدينية ، أما القسم الثاني فقد ورد فيه ذكر موسي مرتين في ( 63 : 11 ، 12) ، كما أند يُشدد على بعض الطقوس الدينية مثل شريعة السبت ( 56 : 1-8) و الصوم ( 47 : 1-7) ، واحياناً تقرا تسابيح الحمد أو الندم و التأسي مثل ( 61 : 10 -12) ، ( 63 : 7) ، ( 64 : 12) ، و أما الجزء الاول فقد رفض إشعيا كل الطفوس الدينية ومنها شريعة السبت والاعياد والصلاة ( 1: 13 – 14).

6- نلاحظ ايضاً قرينة أخرى تشير الى اختلاف المؤلف في كل من قسمي السفر ، وهي جملة " في ذلك اليوم ביום ההוא" وهي من اللوزام اللغوية عند أنبياء بني إسرائيل وخاصة أنبياء ”الازمة“ للإشارة الى يوم الخلاص الذي سيأتي في "آخر الايام באחרית הימים" كما استخدمها في إشعيا ( 2:2) مشيراً الى يوم الخلاص عندما يرتفع جبل بيت الرب على رأس كل الجبال وتجري إليه كل الأمم .

ولكن عبارة "في ذلك اليوم" عند إشعيا بن آموص إستعملها مواضع كثيرة للإشارة الي "يوم الرب יום יהוה" وهو يوم العقاب الذي سينزل على بني اسرائيل لفسادهم وانحرافهم وبعدهم عن الرب و سينزل كذلك على الامم الوثنية التي استخدمها الرب لعقاب بني اسرائيل حتى يتطهروا فيخلص الناجيين التائبين منهم.

وقد كانت عبارة "في ذلك اليوم" عند إشعياء بن آموس من لوزامه التي لازمت أسلوبه في كل الاصحاحات التسعة والثلاثين الاولى تقريباً ، ومن هذه المواضيع (2: 17 ، 20) ، ( 3: 8 ) ، (4: 1 ، 2) ، ( 5: 30) ، ( 7 : 18 ، 20 ، 21 ، 23 ) ، ( 10 : 20 ، 27 ) ، ( 11 : 10 ، 11 ) ، ( 12 :1) ، ( 17 :4 ،7 ، 9) ، ( 18 : 7 ) ، ( 19 : 16 ،19 ، 21 ، 23 ، 24 ) ، ( 22 : 20 ، 25) ، ( 23 : 15) ، ( 24 : 21 ) ، ( 25 : 9) ، ( 26 :1) ، ( 27 :1 ) ، ( 28 : 5) ، ( 29 : 5 ، 18 ) ، ( 31 : 7).

ولم ترد عبارة (في ذلك اليوم ביום ההוא) في القسم الثاني من السفر الا في موضع واحد فقط ( 52 : 6)، و استعملت للإشارة الى الخلاص وليس الى العقاب كما هو الحال في معظم مواضعها عند إشعيا بن آموص.

7-كما اننا نجد اختلافاً نسبياً في مفهوم البر والصلاح צְדָקָ في استعمال كل من قسمي السفر للكلمة فالبر في عصر إشعيا بن آموص هو قيام الإنسان بواجبه الديني فيما يتضمنه من تقوى ونقاء وعدل وخدمة للمجتمع، مثلما جاء في :

-(صهيون تفدى بالحق وتائبوها بالبر. ציון במשפט תפדה ושביה בצדקה) ( 1 :27 )

-(يكون البر منطقة متنيه والامانة منطقة حقويه והיה צדק אזור מתניו והאמונה אזור חלציו) ( 11: 5)

أما البر والصلاح في القسم الثاني من السفر ( 40 – 66) فيما عدا حالات قليلة فهو الشئ الذي يتوقعه الناس من الرب، فعلى سبيل المثال:

-(כן־אדני יהוה יצמיח צדקה ותהלה هكذا السيد الرب ينبت براً...) ( 61 :11)

-وهكذا ( 41 : 10) ( 42 : 6 ، 21 ) ، ( 45 : 8 ، 24 )، ( 46 : 13) ، ( 48 : 18 ) ، ( 51 : 1 ، 5، 7 ) ، ( 54 : 17 ) ، ( 57 :2) ، ( 68 : 2 ، 8 ) ، ( 59 : 16 ) ، ( 60 : 17 ) ، ( 61 : 3 ، 10 ، 11 ) ، ( 62 : 2) ، ( 63 : 1 ) .


8- كذلك نجد إستخدام كلمة جزائر في كل من القسمين يختلف عن الآخر ففي القسم الاول ( 1 – 39 ) وردت الكلمة مرتين فقط بمعناها الاصلي جزيرة البحر أو الشاطئ:

-(על כן בארים כבדו יהוה באיי הים שם יהוה אלהי ישראל لذلك في المشارق مجدوا الرب.في جزائر البحر مجدوا اسم الرب اله اسرائيل ) ( 24 : 15).

-( והיה ביום ההוא יוסיף אדני שנית ידו לקנות את שאר עמו אשר־ישאר מאשור וממצרים ומפתרוס ומכוש ומעילם ומשנער ומחמת ומאיי הים ويكون في ذلك اليوم ان السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبه التي بقيت من اشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عيلام ومن شنعار ومن حماة ومن جزائر البحر ) ( 11 :11 ).

أما في القسم الثاني من السفر فكلمة الجزائر تعني الاماكن البعيدة لا جزائر البحر بالذات فيما عدا القليل ، على سبيل المثال :

-(לא יצעק ולא ישא ולא ישמיע בחוץ קולו لا يكل ولا ينكسر حتى يضع الحق في الارض وتنتظر الجزائر شريعته) (42 : 4)

-(הן גוים כמר מדלי וכשחק מאזנים נחשבו הן איים כדק יטול هوذا الامم كنقطة من دلو وكغبار الميزان تحسب هوذا الجزائر يرفعها كدقة) ( 40 :15)

-(החרישו אלי איים ולאמים יחליפו כח יגשו אז ידברו יחדו למשפט נקרבה انصتي اليّ ايتها الجزائر ولتجدد القبائل قوة.ليقتربوا ثم يتكلموا.لنتقدم معا الى المحاكمة) (41 : 1)

-وكذلك ( 41 : ، 5) ، ( 42 : 10 ) ، ( 49 :1 ) ، ( 51 : 5) ، ( 60 : 9 ) ، ( 66 : 19 ).


9- نجد أن كلمة تسبيح תְּהִלָּה ومشتقاتها ، انفرد بها القسم الثاني من السفر في ( 42 : 8 ، 10 ، 12 ) و ( 30 : 21 ) ، ( 48 : 9) ، ( 60 : 6 ، 18 ) ، ( 61 : 2 ، 11 ) ، ( 62 : 7 ، 9) ، ( 63 : 7 ) ، ( 64 : 10 ) ، وكذلك كلمة (חֵפֶץ سعادة ) وردت في القسم الاخير من النص في غرضين :
أ‌) غرض إلهي ( 44: 28) ، ( 46 : 10) ، ( 48 : 14) ، ( 53: 10)
ب‌) غرض إنساني أو عمل إنساني ( 58 : 3، 13) ، وبشمول أكثر في ( 54 : 12 ، 62 : 4)


10- نجد أن كلمة ( ذراع يهوه זָרַע יהוה) قد استخدمت في القسم الثاني ( 40 -66) إستخداماً مجازياً رائعاً ، فعلى سبيل المثال:

- (قريب بري.قد برز خلاصي وذراعاي يقضيان للشعوب) ( 51 : 5) ، ( 44 : 12 ) ، ( 51 : 9) ، ( 52 : 10 ) ، ( 53 :1) ، ( 59 : 16) ، ( 62 : 8) ، ( 63 : 5 ، 11)

بينما وردت في القسم الاول في موضع واحد (ويسمّع الرب جلال صوته ويري نزول ذراعه بهيجان غضب ولهيب نار آكلة نوء وسيل وحجارة برد) (30 : 30 ) في معنى مُختلف يعبر عن غضب يهوه المنتقم.


11- وخلافاً لهذه القرائن اللفظية المتميزة التي تفصل بين إسلوب اشعيا بن اموص وبين أسلوب نبي السبي مجهول الاسم الذي أطلقوا عليه إشعيا الثاني نجد ملامح أدبية تتميز بأنها أكثر عمومية من المقارنات السابقة فأسلوب إشعيا بن آموص أنيق محكم وفي بلاغته رصانة و إنضباط ، أما في اشعياء الثاني فإننا نجد الموضوع غالباً ما يميل الى الطول الملحوظ ،وعبارته ليست هندسية كعبارة إشعيا بن آموص بل هي إنسابية متدفقة ، في بلاغته دفء وحماس وغالباً ما ينطلق وراء إيقاع الطبيعة : "غنوا للرب اغنية جديدة ، تسبيحة من أقصى الارض" ( 42 : 10) ، "ترنمي ايتها السموات" ( 44 : 23) ، "اقطري أيتها السموات من فوق" ( 45 : 8)، "ترنمي ايتها السموات و ابتهجي ايتها الارض لتشدو الجبال" ( 49 : 13).

هذا النظام لم يرد ما يوازيه عند اشعيا بن اموص، إلا ما ورد في الثاني عشر ، لأن القوة هي السائدة في خطب إشعيا الاول كما رأينا في استخدام الالفاظ الطنانة في اشهاد السموات والارض على انحراف الابناء وضلال الشعب وجحوده لربه الذي رعاه و رباه ( 1: 2-4)، فأعاد بأسلوبه و مفرداته الرنانة تقديم أصوات الطبيعة وحركاتها بصورة مثيرة ، الزئير الكئيب للكتل البشرية وضجيج المعارك ، وضوضاء الشعب في أوصاف البحار الهائجة العاصفة ودجرجة الامواج العارمة ::

-(آه ضجيج شعوب كثيرة تضج كضجيج البحر وهدير قبائل تهدر كهدير مياه غزيرة. ، قبائل تهدر كهدير مياه كثيرة.ولكنه ينتهرها فتهرب بعيدا وتطرد كعصافة الجبال امام الريح وكالجل اما الزوبعة، في وقت المساء اذا رعب.قبل الصبح ليسوا هم.هذا نصيب ناهبينا وحظ سالبينا) ( 17 : 12- 14)

و إذا كان أسلوب إشعيا النبي يتناسب مع الفترة التي عاشها في إثارته للعواصف و الطوفان و الوان الهزائم والفاظ الويل والتهديد و الإنذار ، فإن اسلوب اشعيا الثاني مثير للعواطف يحدوه الامل القريب بالعودة الى فلسطين بعد طول العناء.


ز)-إحصائيات الأطراف المُشكلة للصراعات ، و أختفاءها من مسرح الأحداث:
------------------------------------------------------------------

من الفوارق التي نراها بين القسمين أننا نجد القسم الثاني يخلو تماماً من ذكر بعض الاسماء التي وردت بكثرة في القسم الاول ، وهذا له دلالته على إثبات عدم وحدة السفر ، فمن المعروف أن اشعيا النبي كان يعيش في فترة من أحرج فترات مملكة يهوذا في الجنوب ، ومملكة إسرائيل في الشمال حيث شهدها تزول أمام قوة الاشوريين وعاش أهم أحداث هذه الفترة أثناء تصارع القوى الاشورية والبابلية والمصرية في المنطقة ، ولذا فقد كثر الحديث عن هذه القوى في أوج تطاحنها في الجزء الذي يُنسب لاشعياء في السفر ، وقد جاء ذكر

1- ”إفرايم“ في الاصحاحات التسعة والثلاثين الاولى ( في 7 : 2 ، 5 ، 8 ، 9 ، 17 9 ) ، ( 9 : 9 ، 21 ) ، ( 11 : 13) ، ( 17 : 3) ، ( 28 : 3)

2-”فرعون“ ( 9 : 11) ، ( 30 : 2، 3) ،( 63 : 3)

3- ”مصر“ في ( 7 : 18 ) ، ( 19 : 24 ، 26 ) / ( 11 :11 ، 15 ، 16) ( 19 : 1 ، 3 ، 6 ، 12 ، 13 ، 14 ، 15 ، 16 ، 17 ، 18 ) ، ( 19 : 19 ، 20 ، 21 ، 23 ، 23 ، 25) ، ( 23 : 5) ، ( 27 : 12 ، 13 ) ، ( 30 : 2 ، 3، 7) ، ( 31 : 1 ) ، ( 36 : 6- 9) ، ( 37 : 25 )

4-”مصريون“ بالجمع وردت في ( 19 : 2 ، 4 ، 21 ، 23 ) / ( 31 : 3) .

5-”بابل“ في ( 13 : 1 ، 19 ) ، ( 14 : 22 ) ، ( 39 : 1 ، 3 ، 6 ، 7 )

6-”فلسطين“ في ( 14 : 29 ، 31 )

7- ”فلسطينيون“ وردت في ( 2: 6) و ( 9 : 12 ) و ( 11 : 14 ).

أما في القسم الثاني، فقد وردت :

1- ”إفرايم“ لم يرد ذكرها قط لأنها لم يكن لها وجود في عصر من ألف أو من الفوا هذا القسم منذ السبي وبعده.

2- ”آشور“ كذلك لم يرد لها ذكر قط في القسم الثاني لأنها كانت قد أنتهت على أيدي البابليين ولم تعد تعيش الاحداث التي تشغل مؤلف هذا القسم .

3- ”بابل“ أما بابل فقد وردت في ( 43 : 12 ) ، ( 47 : 1 ) ، ( 48 : 14 ، 20)

4- ”مصر“ كذلك وردت في ( 43 : 3) ، ( 45 : 14 ) ، ( 52 : 4) وهذا لان مصر كانت ماتزال تعيش وكذلك بابل ، كما أن استعمال كل من مصر وبابل في القسم الثاني لم يكن مثله في القسم الاول إذ إن كلاً منهما وردت في القسم الاول كشريك في الاحداث و تنصب عليها الشتائم والتهديدات ، أما في القسم الثاني فمصر قد جلعها يهوه فدية لشعبه ( 43 : 3) ، وهي في صورة مخزية تحت سلطان شعبه تمشي خلفه بالقيود متضرعة ساجدة ( 45 : 14 ) بعد أن كان الشعب غريباً فيها ( 52 : 4) ، وكذلك و بابل ألقاها الرب في المغاليق من أجل شعبه ( 43 : 14) وقد انحدرت على الارض من عليائها و اصبح صولجانها في التراب ( 47 : 1) ، واصبح ذراع شعبه عليها يفعل بها ما يريد ( 48 : 14).

5- "كورش" وهو المسيح المخلص للشعب الإسرائيلي من الاسر فلم يذكر قط في الجزء الاول إذا ان اشعيا النبي لم يشهد عصره وإنما ذكر في القسم الثاني ( 44: 28) ، ( 45 : 1) لأن مؤلف هذا القسم من السفر شهد خلاصه ومن معه على يد (كورش).


ط)- مَجهولية الروئ:-
------------------

من القرائن كذلك على أن أشعياء النبي هو صاحب الجزء الاول فقط من السفر ( 1 -39) أن اسم اشعياء لم يرد مُطلقاً في القسم الثاني ( 40 – 66) ، أما القسم الاول فقد افتتح السفر مؤكداً ان هذه "رؤيا اشعياء بن آموص التي رآها على يهوذا واورشليم في ايام عزيا ويوثام وآحاز وحزقيا ملوك يهوذا" ( 1:1) ،( 3: 7) ، (13: 1)، (2-: 2 ،3) ، ( 37 : 2 ، 5 ، 6 ، 21 ) ، ( 48 :1 ، 4 ، 21 ) ، ( 39 :3 ،5 ، 8) ، ولأن كل نبوة في العهد القديم يذكر صاحبها في سفره على أنه هو المبلغ لكلام الرب الى شعبه ، ولما لم يذكر اسم صاحب النبؤات في القسم الثاني من السفر فهو إذن مجهول المؤلف ، وهذا الذي جعل بعض الباحثيين يطلقون على القسم الثاني إسم اشعيا الثاني مثل (دريفر) ومنهم من إطلق اسم اشعياء الثاني على الاصحاحات ( 40 – 55) فقط ثم أطلقوا اسم اشعيا الثالث على بقية السفر ، ومن أهم اصحاب نظرية اشعيا الثالث دوم Duhm و يستثني duhm فقرات الخادم (أو عبد الرب) من إشعيا الثالث ويعزوها الى كاتب عاش فيما بين سنة 500 ، 540 ق.م .


كـ) إحصائيات بعض اللوزام اللغوية التي وردت مشتركة في قسمي السفر ولكنها في واحد منها تغلب كثيراً :
-----------------------------------------------------------------------------------------

1- عبارة ( رب الجنود יהוה צבאות ) فإظهار يهوه بصفته محارباً عند إشعيا الاول في معظم المواضع التي ذكره فيها إنما هو امر طبيعي يناسب فترة القلاقل السياسية والعسكرية التي عاشها النبي إشعيا بن آموص ولكن بني اسرائيل وهم في الاسر البابلي ينزعون الى تعميق إيمانهم بالرب فيصبح رب الجنود رب القداسة ، وعلى ذلك يكون عدد المرات التي وصف بها يهوه بأنه رب الجنود في الاصحاحات ( 40 : 66) أقل منه كثيراً في القسم الاول حيث وصف يهوه برب الجنود في أكثر من أربعين مرة ( 1 : 9 ) ، ( 2: 12)، ( 5: 7 ، 16 ، 24) ، ( 6 : 3، 5 ) ، ( 8 : 13 ، 18 ) ، ( 9 : 7 ، 13 ، 19 ) ، ( 10 : 26 ) ، ( 13 : 4 ، 14 ) ، ( 14 : 24 ، 27 ) ، ( 18 : 7 ، 7 مرتين ) ، ( 19 : 12 ، 16 ، 17 ، 18 ، 20 ، 25) ، ( 22 : 14 ) ، ( 23 : 9 ) ، ( 24 : 23) ، ( 25 : 6 ) ، ( 28 : 5 ، 29 ) ، ( 29 : 6) ، (31 : 4 ، 5) ، ( 37 :32 ) ، ( 39 : 5).

بينما ذكر في الاصحاحات الاخيرة خمس مرات فقط وهي ( 44: 6 ) ، ( 27 : 4) ، ( 48 : 2) ، ( 52 : 15 ) ، ( 54: 5).

2- وينعكس الامر بالنسبة لوصف يهوه بالقداسة فقد اتصف بالقداسة في الاصحاحات الاخيرة ( 40 -66) أربعين مرة بينما في الاصحاحات الاولى ( 1 – 39 ) إثنتي عشرة مرة فقط.

3- كذلك نجد لفظة الخلاص بمشتقاته يرد في الاصحاحات ( 40 – 66) أكثر من الاصحاحات الاولى ، فنجده في القسم الثاني من السفر في (43 : 3 ، 12 ) ، ( 45 : 8 ، 15 ، 20 ، 10 ) ، ( 46 : 7 ، 13 ) ، ( 49 : 6 ، 8 ، 25 ، 26) ، ( 51 : 5 ، 6) ، ( 52 : 7 ) ، ) 9 : 11 ، 16 ، 17) ، ( 60 : 18) ، ( 56 : 1) ، ( 61 : 10) ، ( 62 :1 ) ، ( 63 :1 ، 8 ، 9 ) .
بينما في القسم الاول من السفر ( 13 : 2 ، 3 ) ، ( 17 : 10 ) ، (19 : 20 ) ، ( 25 : 9) ، ( 26 : 1 ، 18) ، ( 33 :2 ، 22) ، ( 35 : 4) ، ( 37 : 20).

4- "الفداء מִדוּת " ومشتقاته في القسم الثاني من السفر ذكرت كثيراً جدا فعلى سبيل المثال: (41 : 14 ) ، ( 43 : 3، 14 ) ( 24 : 6 ، 22 ، 23 ، 24) ، ( 47 : 4) ، ( 48 : 17 ، 20 ) ، ( 49 : 26 ) ، ( 50 : 2) ، ( 51 : 10 ) / ( 59 : 20 ) ، ( 62 : 12 ) .
بينما في القسم الاول قليل جدا مثل : ( 1 : 27 ) ، ( 29 : 22) ، ( 35 : 9).

فالفداء والخلاص عند اشعيا بن اموص كان مجرد إغراء للمنحرفين أن يتوبوا و يقلعوا عن غيهم ولما كان يراهم يزدادون في عمايتهم وجهالتهم ، زاد في الوعيد والتهديد بالويل، وذلك حتى يزدجروا ، أما عند إشعياء الثاني أو مؤلف القسم الاخير فإن الامر في زمنه لم يكن يستدعي هذا اللون من الخطاب للشعب ولكن ليستخدم أسلوب التهديد طالباً من الشعب أن يعود الى الايمان الصحيح وانا يطلب من الشعب أن يمهد طريق العودة الى فلسطين عبر الصحراء : "صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب ، مهدوا في القفر سبيلاً لإلهنا" فهذا يشير الى أن موعد العودة أصبح وشيكاً.


ل) ألفاظ متأخرة :
----------------

نقرأ في ( أش 65 : 25 ) : (الذئب والحمل يرعيان معا والاسد يأكل التبن كالبقر.اما الحية فالتراب طعامها.لا يؤذون ولا يهلكون في كل جبل قدسي قال الرب) ، نجد كلمة معاً أو سوياً يختلف شكلها عن تلك التي وردت في الإصحاح الحادي عشر فالكلمة التي وردت في ( 11 : 6 -7 ) : (فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها، والبقرة والدبة ترعيان.تربض اولادهما معا والاسد كالبقر ياكل تبنا) هي יַחְדָּ֔ו و هي الكلمة العبرية الشائعة بمعنى معاً أو سوياً ، لكننا نجد إنها قد أستبدلت في ( 65 : 25 ) بكلمة כְאֶחָ֗ד وهي من الصيغة الأرامية כחדא مما يشير الى تأخر تاريخ الفقرة المشتلمة على هذه الكلمة بدليل أن كلمة هذه الكلمة في ( 65 : 25 ) لا نجدها الإ في الاسفار المتأخرة فقط مثل أيام ثان ( 5: 13 ) ، عزرا ( 2 : 64 ) ، نحميا ( 7 : 66) ، ( 3: 9 ) ، ( 6 : 20 ) و الجامعة ( 11 : 6).

س) خصائص متميزة لإسلوب اشعيا الثاني :
-------------------------------------

1)- إزدواجية الكلمات مثل :
( عزوا عزوا شعي ) ( 40 : 1 )
( أنا أنا الرب ) ( 43 : 11 ) ، ( 43 : 25 ) ، ( 51 : 12 )
(من أجلى من أجلي أفعل) ( 48 : 11)
(أنا أنا تكلمت) ( 48 : 15)
( استيقطي استيقطي ) ( 51 : 9 ) ، ( 52 : 1)
(إنهضي انهضي) ( 51 : 17)
( اعتزلوا اعتزلوا ) ( 52 : 11)

وهكذا في كثير من الايات مثل ( 57 : 6، 14 ، 19 ) ، ( 62 : 10 ) ، ( 65 : 1)

بينما لا نجد موازياً لهذه الخاصية في اشعياء الاول إلا في ثلاث مواضع هي ( 8 : 9) ، ( 21 : 9) ، ( 29 :1 )

2) لوازم اللغوية التي تميز بها القسم الثاني :
( أنا الرب وليس آخر ) ( 45 : 5 ، 6 ، 18 ، 21 ، 22)
( أنا الاول والآخر) ( 44 : 6 ، 48 : 12 ) و في ( 44 : 6) اضاف الى العبارة ( ولا إله غيري ) ، وفي ( 41 : 4 : انا الرب الاول ومع الآخرين انا هو)
( أنا هو ) ( 41 :4 ) ، ( 43 : 10 ، 13) ، ( 46 : 4) ، ( 48 : 12).

وهذه اللوازم اللغوية عند إشعيا الثاني لم يستعملها اشعيا الاول إذا أن اشعيا الاول له لوزامه التي ذكرناها من قبل مثل عبارة ( في ذلك اليوم ) وعبارة ( ومع كل هذا لم يرتد غضبه بل يده ممدوة بعد)
بهذه المقارنة بين لغة كل من قسمي السفر يتضح لنا أن مؤلف الاصحاحات الاولى ( 1-39) قد عاش ازمة الكيان اليهودي بكل قوتها وهدير أحداثها فاتفق المقال مع الحال ، وفي المقابل كانت الإصحاحات الأخيرة لشخص قد عاش في أواخر سنوات السبي البابلي يتطلع الى الامل المشرق القريب ، أمل العودة الى فلسطين بنفوس ثابت الى رشدها بعد أن هزتها قسوة النكبة فعادت لتسير في طريق قداسة الرب الذي كانوا قد نسوا عهده و ابتعدوا عنه حتى لقنهم الدرس و أدبهم.***


المراجع :
--------
[1] بولس الفغالي ، سلسلة دراسات بيبلية ، القراءة المسيحية للعهد القديم (1991)، سفر أشعياء.
[2] Commentary of Ibn Ezra on Isaiah - trans. by M. Friedlander, 1873 , Chapter 40:1
[3] R.N. Whybray ,THE SECOND ISAIAH , p 2
[4] Ibid, p 3
[5] Ibid, p 4
[6] Ibid, p 5
[7] عَنَاثُوث هي مدينة من مدن اللاويين في اراضي بنيامين.‏ (‏يش ٢١:‏​١٧،‏ ١٨؛‏ ١ اخ ٦:‏٦٠‏)‏ ولا يزال اسمها محفوظا في اسم قرية «عَناتا» الصغيرة التي تبعد مسافة تقل عن ٥ كلم (‏٣ اميال)‏ شمال-‏شمال شرق اورشليم.‏
***مصدر رئيسي: [ محمود أحمد المراغي ، إشعيا ، نبي بني اسرائيل و أزمة الكيان اليهودي القديم ، دار العلوم العربية ، بيروت لبنان ]



#ابرام_لويس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على هولي بايبل ( هل بالفعل النص العبري التقليدي -المازو ...
- الاصل اللغوي ”للكوثر“ والمعنى الصحيح
- الادلة على تأخر كتابة التوراة ( قصة الطوفان و ثامار نموذجاً) ...
- فك لغز ”ملكى صادق“ وهل -شاليم- هي -اورشليم- ؟
- الثالوث العبري ( تعدد الآلهة)
- نشأة المسيحية ، كيف دخلت شخصية المسيح الى العالم ؟
- نصائح للمثقفين (هام جدا جدا)
- إعادة ترجمة (تثنية 25: 11-12) المرأة المصارعة !!
- لسان الملك داود بينقط سكر !!
- إعادة فهم رواية ختان ابن موسي و حل الاشكاليات المتعلقة بالقص ...
- يا ايها العرب لتسمعوا صوتي
- الفهم الصحيح لرواية الطوفان التوراتية
- الْبِيرَةُ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ !
- رُؤْيَةُ جَديدَةٍ لِقِصَّةِ قايين وَهَابِيلً، مَعَ تَرْجَمَة ...
- غَزَّةُ إلْي أَيْنَ يَا غَزَّةٍ ؟
- تحليل للأدلة المستخدمة في اثبات الملك داود تاريخياً
- تحليل للأدلة المستخدمة في أثبات وجود المسيح تاريخياً
- قصة تريستان و ايزوت Tristan & Isolde أجمل قصة حب عرفتها العص ...
- تحليل سفر نشيد الاناشيد ( كسفر عشق و حب ) و ماذا نستفيد من خ ...
- هل لم يُغير اليهود نصوص العهد القديم ؟ - بعض الأمثلة على تصح ...


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ابرام لويس حنا - لماذا ليس هناك وحدة أدبية لسفر إشعيا ؟!