أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - ديوان تشوه لا إرادي - 8/4















المزيد.....

ديوان تشوه لا إرادي - 8/4


أحمد عبد العظيم طه

الحوار المتمدن-العدد: 6602 - 2020 / 6 / 25 - 01:44
المحور: الادب والفن
    


مِن فِقهِ الوجود

يالكَ حين تفقد شخصيتك الرسمية
وتتعرى تماماً إلا منكَ
ومِن كينونتكَ الباهرة وحقيقتكَ الأبهر
لتكون نفسكَ بنفسكَ,وليس سواك من آخر
يالك حين تدخل زمرتك ..
زمرة الذين فقدت الحياة أهميتها بالنسبة لهم
زمرة الذين يعنون ما يقولون
ولا يتقمصون على الناس المرض
لأنهم بالفعل مرضى
ولكن ذلك يؤلمهم

يالك حين تقعد لتراقب الأمكنة الغريبة
والأزمنة الغريبة
كمن يبحث عن شيء لا يعرفه فلا يجده
فتنتظر الموت لتندهش للحظاتٍ قصار
لمرة واحدة أخيرة
ثمنها القاتل يجعلها واحدة أخيرة

أيها المفجوع في عقلك وفي بدنك
وفي روحك الطاهرة
أيها النذير النبيه الأعجم الذي هبطت لتنذر
فلم تجد الذين أُرسلتَ عليهم
فأصابك الشلل النفسي
ثم الخيبة واليأس
ثم الرضا ومحاولة العيش
في ذلك العالم الواقعي بصعوبة
ذلك الجهول على نفسه بمن فيه
والمجهول في عين الجميع
ومتفاوت جهله في العيون والأفئدة ..
حتى في عينك وفؤادك أنتَ لا زال العالم
غير زائل الآن
ومجهولة أنساقه وبعض نقاطه والموت ..
أو أنك قد نسيت من عند فشلك
أو أُنسيت من لدن خبير مقتدر.

فما بالك لا تتشفع لنفسيتك المحطمة عند نفسكَ
نفسك التي تدري أنه التعب بلا طائل
وأنه الاهتمام بلا طائل
وأنه الحزن بلا طائل غير أنه
يتميز عن الماء والأكل
وأنه السرور بلا طائل,غير حركة الضحك
وأنها الحياة بلا طائل
إلا إذا لم تعرفها كالناس
فأقنعتك أنك في داخلها
وأنها ليست التي أمامك
فتلك متعة للمتمتعين من الناس
الذين هم حقيقيون مع أنفسهم
وزائفين عندك

أيها الشخص المزدوج المُثنى الكثير
الذي نسي كل شيء
ولا يعرف شيئاً عن أي شيء
سوى نفسه التي سكنها خمسة وعشرون عاماً
ثم خرج ومن معه على الناس مريضاً
وفردا رباني الضلال
"ويقول لنفسه كوني شيئاً آخر فلا تكون"
أيها القيم كالسعادة وكالكون
الضالع في اللمح وقبض الوجود
لأنك كالوجود بل وأحسن ..
فافقد شخصيتك كما تشاء
وكما تطلب دماغك معك
إفقدها بكثرة وغزارة وعلى راحتك تماما ..
ذلك أنك تنسى عريك
بين الحين والحين إذ تتأخر في الفقد ..
وإذ تتنازعك الجماعات والقوافل والبلاد
لتشترك معهم في الحياة ..
ولتعطهم حقهم من وجودك
ولا تأخذ شيئا من وجودهم
فتدرك أن حقك قد تفرق بين الناس والكمائن
وأنه ضائع بشدة فادحة وظلم فادح
ضائع كالهواء في الهواء
كالماء في البحر
كالأفكار في الزحام

وعندئذٍ فقط تغضب وتتعرى
وتخلع هذا السواء الزائف كنقودٍ مزيفةٍ
الثقيل كصخرة ضخمة على صدر رجل يحتضر
السافل كالديّّن وكالقيد.



حروف حادة للقتل

"ميم"

مُري الآن من بيني..
ولكن ببطء شديد
حتى يسحقني وجودكِ
و أصابع قدميكِ
لأطول وقت متاح للسحق ِ
فأنا مشقوق لنصفين رائعين
ومشتعلين
تجري من تحتهما الأسرار
ويسيل بينهما ماء و دماء
وميم و موت
وعشق غزير
كحزن القتلى على القاتلين
فمري الآن

"ألف"

أنا مقتول أنا الآن
و مشقوق بنصل ٍفاتن الحدة
كنتِ تخبئينه لي دومًا تحت وجهكِ
حتى إذا ما جِئتُكِ مني بقبس ٍ
أحرقتِهِ
ومارستي ذلك الطعن الخجول بعنقي
من الليل إلى الفجر
ومن الفجر إلى العصر
ومن العصر إلى العشاء
ومن العشاء إلى الحياة
هذا أنا مشقوق ولن ألتئم قبل القيامة
فافرحي وصدقي أمري
ومُري الآن ببطء شديد
فلا شيء أمتع للقربان من القبول
فمري

"جيم"

جنة لا ولا نار هنا
عدمٌ فقط بعد القتل يكون
يبدو أن الروح قد أصابها الطعن
قبل الخروج فأُدمتْ
ثم تأزمتْ وتألمتْ وتحملتْ واعتصمتْ
ثم انشقتْ هي الأخرى ..
فمن سيمر الآن لنصعد
وأنتِ هناك تحتاجين كل الوقت
في إعداد السعادة له
هذا العريض كالصمت
والطويل كالشتاء
والخاطف كالموت..

لا أنتظرك فلا تقلقي..
أنا مشفق على نفسي
من ذلك المكان القدري
فما بالكِ بإشفاقي عليكِ ..

ولكن من لنا بالجوار
في تلك الوحشة الأبدية و السأم الرهيب
وأين القتلى و المنتحرين و أبناء الهيام
والممزقة صدورهم وفي الرقاب ممزقين
أين الأرواح الشريدة كمثلي
أتخشاني ؟
أم أن الموتى كلهم مزيفون لأجلي ..
ولن يمر أحد ؟

" ياء "

يا أيتها التي خلف عينيها يرقد الكون
كحمامة مطمئنة على فوهة كهف ..
وعلى شفتيها تغير الحياة ريقها
ويعيش البنفسج مبتهجاً
وفوق جبهتها
كتبت الأسماءُ كلها والمقادير
وبين أصابعها مفاتيح السر
وحقائق الناس
يا أيتها التي هي كل شيء ..
أوسعي رحمة صدرك لأدخل
فأموت موتاً كاملاً وترتاحي
أو مُري الآن مرة أخرى...



أسف ناقص

لا تعذريني
إن أنا يومًا فارقتكِ ومضيتُ أُكلم نفسي
وأحدثها بأنها الظروف وحدها هي السبب
وأنني رجل منطقي على الإطلاق
وسليم الطوية وقوي الأعصاب
ولست مريضاً بأية أمراض نفسية
وغير مسئول عمّا يتلفه القضاء والقدر

لا تعذريني
فأنا علة الأحداث المؤسفة الوحيدة
رغم وجود علات أخرى
كلها تخترقكِ كالحراب القديمة
وكنت تمشين بها ممشوقة مبتسمة
من فرط التعود والرضا بالألم

أيتها الموهوبة في الألم
الألم الــطويــــل بلا انقطاعٍ
لكأنكِ حمامة ترِفُّ على الماء
حتى أنهكها الرفيف
ولا شاطئ يلوح من أي جهة ..
وحده الماء

أيتها الممتلئة بالنعمة والسكينة
وحدهما يقوتانكِ
لا تعذريني يا أيتها الأنثى العالية
المولودة في بقعة سُفلية من الغابة
يسكنها بشرٌ رديءٌ نوعه وشرٌ مسلكه
فأنا لستُ بريئاً بالمرة كما أوحيتُ لكِ
بل كما وسوستُ

إنني مُجرم بالسليقة
لكنكِ الضحية الوحيدة التي بكيت من روحي
إذ أسفكها
وكانت روحي لا تبكي أبدًا ولم تكن عاملة
حتى جاءتها الحركة منكِ والحياة
إذ كنتِ تتجلّين عليّ
تحملين نورًا من الله في وجهكِ وعينكِ
وتهزجين بالهدى ...



ثمة وضعٍ على هذا المستوى

سيأتي الرجل المُشبّع بالحكايات والقروح
والدم المُرهَق والرغبة في إكمال الحياة
الرجل المُنْتزَعُ من سياقه الحقيقي الرفيع
السياق الذي يعرفه
إنما لم يطأه قبل ذلك
بسبب الظروف وقهر الزمان والمكان
والناس والليل الطويل
وخيبة الأمل التي تركب جَمَلاً
أماته العطش والخيبة

سيأتي الرجل المذبوح في كل شيء
عقله وأهله وماله وولده "الذي لم يولد"
الرجل المثقوب مائة ثقب
بالسمع والنظر والروح
وكل الأجهزة المجازية
عدا الحكمة لم تُثقب
غير أنه قد مسها الضر على أطرافها
فأخصبها كسمادٍ بديع,فأينعت وربت
وباتت شريرة في الخفاء والسر
وطاهرة في الجهر والعلن
وليَحذر الذين هم راسخون في الحُكم
وليَخسأ الذين في انبهارهم يعمهون
متبوئين ُثقبِهم من الشر الثاقب

سيأتي الرجل الجائع للاختراق كالرمح
إنما هو يغذي مائة ثقب بخروق ٍحية
يرتزقها مما تلد الأرض
فهو مثقوبٌ ويعول ثقوبه

سيأتي الرجل على الرجال
ويكاد المثقوب يقول "شاهدوني"
إلا أن أحدا لم يُشاهد
غير الذي شاهد ثم أدرك واكتفى

" يقول الرجل أنا تفاحة معطوبة من فرط النضج
ولكن ثمة ما يؤكل فَتَأَكْلُونِي أُجزل لكم صنيعكم
وأذيقكم من طعمي نضجًا عجبًا وحكمة مبينة "

فيأخذونه ويأخذهم وإنهم يُفتنون
ثم ينقلبون إلى أنفسهم
يفتشون حكمتهم عما تشابه منه
ويفرحون بالنُذُرِ اليسير
والنُذُرِ الكثير
وحين لا يجدون كذلك
عدا الراسخون في الحُكمِ
والذي شاهد ثم أدرك واكتفى
إنهم كانوا رجالاً ثابتين
يدرءون الحكمة بالصمت
والحيلة بالسحر
والخرق بالدرع
والريبة بافتعال المرض

" يقول الرجل إنما أنا شخص مثلكم
أنفقتني الحياة على نفسها ببذخٍ وإسرافٍ وقح"

سيسمعون ويقولون: ما هذا إلا رجل مثل الرجال
إن هو إلا رشادٌ دريُّ يمشي
على قدمين
"سيقول الرجل للرجال:لا تعبثوا معي
ولا تتخذوني بينكم مشهداً
ووقتاً جميلا
إنني الذي أتجمهرُ حولكم
وإنكم الذين لا تشعرون
فتفاجئوا واشدهوا
واتلوا على أنفسكم الواقع
إنه كان شيئًا ملموسًا
.. فتغيروا أصلحكم الله"
سيصمتون
وينظر الواحد منهم للآخر كذبًا
أن اخسأ راجعًا بعينك ولا تراني خائفاً
ولا تراني الآن تحديدًا
وكان بصرهم اليوم كالحديد موجِعًا
وينصهر على أنفسهم فَيُظْهرها من خفاءها
ويشكلها خلقاً آخر
كعفاريت قد تهدمت خرائبها
وأُسْقِطَ عن حولها الستر
فكان تحركها ملحوظا
وكان وجعها مرئيا
..وسيهمس واحداً من الرجال للرجل
- وكان الواحد قد اختُرِق -
يقول: يا أيها الرجل المُغرق في العُري
قد آمنت وأيقنت بك وعليك
غير أني لا أُطيق العراء
ويُفزعني عرائي
فدع خبائي
أكُن بين يديك طوعا وكُرها
وأُفشي عندك الأيام
والأحوال والرجال
وأُفشي معرفتي
ويكون سرّنا سرّيا
ذلك طرحي فإن رضيت
أقسمنا عليه ما دُمنا سويا

سيومئ الرجل للرجل الخائن أن رضيت
ويقطران بما أوغر في صدريهما قسمًا غليظا
وسيلحظ الذي شاهد ثم أدرك واكتفى
إنه كان ذو نفس يقظة من أول الخلق
فلم يكن شيئا عليه مخفيا
إلا كياناً من الجن
وكان قطباً و مارجاً علويا
فلا يأتيه الباطل من سمعه ولا من بصره
وبين يديه حُكماً وعدلاً وسرا ناسوتياً
..سيلحظ ويبتهج ويحزن ويصمت

سيقول القطب للمقطوب:
إن الإنسان بطبعه المفطور
كان حريا
أكان للعبد ألا يلقي ربه
بالماء حيا
ذلكم الطبع فلا تقربوه
إنه كان على التبدل
بل على الموت عصيا



#أحمد_عبد_العظيم_طه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان تشوه لا إرادي - 8/3
- ديوان تشوه لا إرادي - 8/2
- ديوان تشوه لا إرادي - 8/1
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/9
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/8
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/7
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/6
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/5
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/4
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/3
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/2
- ديوان الحيرة العظيمة - 9/1
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/4
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/3
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/2
- المؤسسة الوظيفية - فصل من رواية - 4/1
- منطقة عشوائية
- تُرب الإنجليز
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/4
- المصح النفسي -فصل من رواية- 4/3


المزيد.....




- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد عبد العظيم طه - ديوان تشوه لا إرادي - 8/4