أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - عيدُ الأبِ …. الخجولُ














المزيد.....

عيدُ الأبِ …. الخجولُ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6601 - 2020 / 6 / 24 - 09:49
المحور: المجتمع المدني
    


“الخجول" في عنوان المقال، تعودُ على "العيد"، وليس "الأب". وأقولُ عنه "الخجول"، لأنه مرَّ بالأمس "الأحد" ولم يشعر به أحدٌ. على عكس "عيد الأم" الذي يملأ الدنيا صخبًا وغناءً وإعلاناتٍ على الشاشات، وزهورًا.
جميعُ الأدبيات في ثقافات العالم دلَّلتِ الأمَّ ووضعتها درّةً على تاج العلاقات الإنسانية. وأسكنتها الأديانُ المكانةَ الأعلى بين البشر. أوسعتِ الأمُّ كتابةً وتصويرًا وتخليدًا في القصائد والروايات والأغاني. وهي تستحقُّ كلَّ هذا وأكثر. فالأمُّ منذورةٌ لأعسر وأشقّ وأنبل مهمة بيولوچية يؤديها كائنٌ حيّ تجاه كائنٍ حيّ آخر. أن يَخلُصَ من جسدها جسدٌ، ومن نفسِها نفسٌ، ومن روحها روحٌ، مثلما تُشرق برعمةُ زهرة من طمي الأرض الطيبة. ثم لا تكتفي بهذا الدور الأسطوريّ المعجز، بل تُكملُ دورَها النبيل في إنبات براعمها حتى تستوي الزهورُ فوق أغصانها.
وعبر سلسال تكريم الأم وتسليط الضوء عليها، يُنسَى الأبُ. وقلّما يتذكرُ هو أنه يُنسى؛ فيتواضع في معرفه مكانه ومكانته. فهو كذلك منضوِ تحت مظلّة تقديس الأم، منذ كان طفلا يحبُّ أمَّه ويرتمي في حضنها إن غاضبه طفلٌ، أو نهره أبٌ، أو عنّفه معلم. فتعلّم أن "كلَّ" إنسان يأتي بعد الأم، حتى هو حين يصبح أبًا. يشاركُ صغاره الاحتفال بعيد الأم، ويقرأ عليهم الحديث شريف: “أمُّك، ثم أمُّك، ثم أمُّك، ثم أبوك.” الأب العظيم لا يعبأ بالتكريم. ربما لأنه لا يشعر بالأبوّة لصغاره وحسب، بل لزوجته التي صارت أمًّا لصغاره. الأبّ الحقيقيُّ الذي يُنسى، فينسى أن يتذكر أنه يُنسى، ويفرح مع الفرحين بعيد الأم الذي يحتفل فيه مع صغاره بتلك الصبيّة الجميلة التي حملها من بيت أبيها إلى بيته، فصارت على يديه "أُمًّا" يلتفُّ حولها صغارُه، ويحتفلون بعيدها بعدما يأخذون منه ثمن الهدايا اللطيفة التي سيفاجئونها بها ليُدخلوا الفرحَ على قلبها.
لكن فتاةً أمريكية طيبة عاشت في أوائل القرن الماضي، فكّرت في هذا الطيب الذي يُنسى، فقررت أن يتذكره العالمُ. اسمها "سونورا لويس سمارت دود". كانت تستمع في قدّاس أحد الآحاد عام 1909 إلى عظة دينية عن عيد الأم. وكانت أمُّها قد رحلت عنها وهي تلد طفلَها السادس، ولم تُكمل "سونورا" بعدُ عامها السادس عشر. فكرّس الأبُ، المزارع البسيط، حياتَه لتربيتها مع أشقّائها الذكور الخمسة. لم تعرف البنتُ إلا حنانَ أبيها، ولم تجرّب غير حضنه، ولم تسمع إلا وجيبَ قلبه على أطفاله، وما شهدت غير سهره على مرضها وصحوها واستذكارها دروسها. فقررت أن تكتب عريضةً مطولة تكلمت فيها عن مكانة الأب في حياة أطفاله، وأوصت في نهاية عريضتها بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، أسوةً بعيد الأم العالمي الخالد، العابر للجغرافيات والأزمان. واقترحت أن يكون عيد ميلاد والدها هو يوم العيد. قدمت الفتاةُ العريضة للائتلاف الحكومي في مدينة سبوكين، فأيدت فكرتَها بعضُ الفئات المجتمعية في ولايتها. وفي العام التالي احتفلت مدينة "سبوكين" بولاية واشنطن بأول عيد أب في العالم يوم 19 يونيو 1910. ثم جاء عام 1966 ليصدرَ الرئيس الأمريكي "ليندون چونسون" مرسومًا رئاسيًّا بتخصيص "الأحد الثالث من شهر يونيو"، من كلّ عام: عيدًا رسميًّا للأب.
لكنه، مع كل ما سبق، ظلّ عيدًا خجولا، يتسلَّلُ كلَّ عامٍ من الروزنامة على استحياء بخُطى خجول، كأنما لا يريد أن يشعرَ به أحدٌ. وبالفعل، قلّما يشعر به أحد. فثمة أبٌ يُفاجأ بأطفاله يتحلّقون حوله ويقدمون له الهدايا. فيبدأ في فضّ الأغلفة وهو غارق في التفكير يتساءل: "هل اليوم عيدُ ميلادي وقد نسيتُ وتذكّروا؟!" وبعد برهة يسمع من يقول: Happy Father’s Day, Dad. فيتذكر ما قد نسى. وثمة آباءٌ لا يعرفون شيئًا عن هذا العيد الخجول.
أقدّم مقالي هذا هديةً لكل أب عظيم في هذا العالم. وأقدّمه للرجل الجميل الذي جعلني أُمًّا وجعلتُه أبًا: المهندس المعماري المرموق "نبيل عبد اللطيف شحاته”. الأب الجميل الذي جعل من أطفالي شبابًا ناجحين وسعداء. أقولُ له: (لم تكن فقط أبًا رائعًا لأطفالنا مازن وعمر، وفاتيما ابنتنا الروحية، بل كنتَ لي، وستظلُّ: أبًا حنونًا، وشقيقًا رائعًا، وصديقًا طيبًا لا أخجل أن أرمي بين يديه دموعي وضعفي حين تقسو الحياة. كل عيد أب وأنت أجملُ أب.) “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!
- الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط
- احترام فيروس كورونا!
- البابا تواضروس … في شهر رمضان
- التكفيريون: بارتْ تجارتُهم
- منسي: اللي زيّنا عمرُه قُصَيّر
- الطبيعةُ تتنفَّس!
- لا تسخروا من السُّخرية… في السخرية حياةٌ
- -فرج فودة- الذي عاش أكثر من قاتليه
- أخيرًا… وصايا السَّلف الصالح في مناهجنا
- مسلسلات رمضان … في زمن الكورونا
- يُفطرون على دماءِ الصائمين… شكرًا للإرهاب!
- ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟
- رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
- مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
- حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
- صمتُ السَّعف … صمتُ رمضان
- مِنَصَّةُ الأخلاق … في درس كورونا
- السيسي … فارسُ المهامّ الصعبة
- وأكره اللي يقول: آمين.. يا عزيزي الرئيس مبارك


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - عيدُ الأبِ …. الخجولُ