أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - فيلم الباباوان: صداقة رغم الاختلاف ونقاش شفاف للإصلاح














المزيد.....

فيلم الباباوان: صداقة رغم الاختلاف ونقاش شفاف للإصلاح


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 18:58
المحور: الادب والفن
    


في سهرة البارحة، قررتُ مشاهدة فيلم "الباباوان" من إخراج البرازيلي فيرناندو ميريليس وإنتاج نتفليكس عام 2019. يحكي الفيلم قصة الصداقة بين البابا بندكتوس السادس عشر – الذي يجسد دوره الممثل الكبير أنتوني هوبكنز – والبابا الحالي فرنسيس – الذي يجسد دوره الممثل جواناثان برايس. حصد الفيلم تقييم عالٍ بنسبة 89 في المائة على موقع روتين توميتو و7.6 من 10 على موقع قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDb.

يبدأ الفيلم بلحظة وفاة البابا يوحنا بولس الثاني واجتماع الكرادلة لانتخاب البابا الجديد للفاتيكان وإبراز الفوارق بين الألماني جوزيف راتزينغر – الصارم في طباعه والمحافظ – والأرجنتيني خورخي بيرغوليو – المتواضع الذي يدمدم أغنية لفرقة آبا قبيل اجتماع انتخاب البابا الجديد.

بعد سنوات، ينتقل الفيلم لنقاش لقاء بين البابا بندكت والكاردينال بيرغوليو ونية الأخير التقاعد وتسلم أبرشية في الأرجنتين ورفض الأخير لذلك بشكل متكرر باعتبار مثل هذه الاستقالة ستكون بمثابة رسالة احتجاج داخل الكنيسة. تمثل النقاشات العميقة جوهر الفيلم، من خلال إبراز اختلاف الرؤى بين الرجلين بالنسبة لتعريف الإيمان ودور الكنيسة وضرورة إصلاحها، ما بين شخص يريد إبقاء كل شيء على ما هو عليه وآخر يعتقد أن التغيير جوهر الحياة ويوضح أن الرهبنة انتشرت في القرن 12 الميلادي وأن الملائكة ذكرت لأول مرة في القرن الخامس الميلادي وأصبحت في كل مكان كدلالة على تغيّر الأديان أيضًا، في حين يرفض البابا بندكت مناولة المطلقين ويعبّر عن رفضه للمثليين وغيرهم ويشير إلى أن السبب في خسارة الأديان يعود للتساهل وشيوع النسبية الغربية وأن الكنيسة التي تتزوّج روح العصر تصبح أرملة في العصر التالي. النقاشات حاسمة ورائعة بخصوص موضوع التغيير وإن كان التغيير يساوي التنازل أو أنه جزء أساسي من الحياة. هناك أمثال رائعة واقتباسات مهمة في هذه الحوارات بخصوص بناء الجسور لا الجدران – وهي مقولة للسير إسحق نيوتن على ما أذكر - وأن قبول الخطاة أكثر حرارة كلما كان الخطأ أكبر وغيرها.

تتوطّد عُرى الصداقة بين البابا والكاردينال وتدور نقاشات بخصوص تساهل الكنيسة في معاقبة المتورطين في الاعتداءات على الأطفال، حيث يرى الكاردينال بيرغوليو ضرورة عزلهم وأن الاعتراف الكنسي للمتورطين لا يشفي جراح الضحايا. يركّز الفيلم بشدّة على التواضع اليسّوعي للكادرينال بيرغوليو متمثلا في حذاءه وملابسه (وهو سلوك سيستمر فيه حتى بعد أن يصبح البابا الجديد). يتحدث الباباوان في سهرةٍ لطيفة عن تجربتهما في الرهبنة ونكتشف قصة حب بيرغوليو لزميلته ورغبته في الزواج قبل أن تأتيه رسالة "سماوية" ليحسم قرار الرهبنة. يقص بيرغوليو حياته وحبه لكرة القدم والتانغو الأرجنتيني، فيما يتحدث البابا بندكت بأسى عن حياة قضاها بين الكتب والدراسة ولم يعرف التحمس لمشاهدة فريق كرة القدم ولم يجرّب الحب وشعر أنه لم يذق الحياة التي قامت الكنيسة من أجلها. يذكر الفيلم أن البابا بندكت كان قد سجّل ألبوم موسيقي ديني وأنه سجّله في مكان سجّلت فيه فرقة البيتلز بعض أغانيها، وأنه لم يكن يعرف تلك الفرقة.

تستمر الصداقة في التوطّد ويقترح البابا بندكت الإستقالة ليكون بيرغوليو مصلح الكنيسة، لكن الأخير يرفض ويقصّ فترة حياته أبان الانقلاب العسكري في الأرجنتين في سبعينيات القرن الماضي وترأسه لليسوعيين في حينها وشعوره بالتقصير تجاه ما تعرضوا له وخذلانه لبعض أصدقاءه وأن محاولاته مساعدتهم لم تكن كافية، وكيف تعرض للنفي إلى قرطبة بعد عودة الديمقراطية عام 1983 وكيف غيّرت تلك التجربة حياته. يرفض بيرغوليو فكرة استقالة البابا لأن الحدث لم يحصل إلا مرّة قبل 700 عام وأنه سيكون مضرّا بالكنيسة والمؤمنين ولكنهما يتوصلان لإتفاق في النهاية بعد أن يوضح البابا بندكت أسباب استقالته. يتغيّر البابا في سلوكه ويجبر بيرغوليو على الموافقة باتباع أساليب بيرغوليو ذاتها، ويتناولان البيتزا من محل بسيط مجاور ويخرج البابا بندكت وسط الناس ليلتقطوا معه صور السيلفي. يقر البابا أن بيرغوليو محبوب بشخصيته وأسلوب حياته وأنه اذا ما حاول أن يكون على طبيعته لن يحبه الكثير من الناس. في لحظة الوداع، هناك مشهد مؤثر للغاية عندما يحاول بيرغوليو تعليم البابا بندكت رقص التانغو وسط احراج الأخير.

إخراج الفيلم رائع للغاية وينقلنا لأجواء الفاتيكان الداخلية والمنزل الصيفي للبابا، فضلاً عن إبراز عظمة الفن في كنيسة القديس بطرس وروائع أعمال مايكل أنجلو. يحاول الفيلم إرسال رسالة إنسانية بخصوص التواضع وضرورة التغيير واقتراب المؤسسة الدينية من الرعية وفيه نبذ لقيم الأنانية برسالة مفادها "إذا لم يكن هناك من تلومه، فالجميع ملامون". يعزّز الفيلم القدرة على التغيّر بنهايته الرائعة التي تجمع البابا المستقيل بندكت السادس عشر والبابا الجديد فرانسيس ومشاهدة كأس العالم سوية بين الأرجنتين وألمانيا وشعور البابا المستقيل بالحماسة لأول مرة في حياته عند فوز فريقه الوطني. لا يزال البابا المستقيل بندكت يعيش في الفاتيكان ويعتقد البعض أنه يعيش كبابا في الظل – بملابسه البيضاء واحتفاظه باسمه البابوي - ولا يزال الرجلان صديقين مقربين. أنصح كثيرًا بمشاهدة هذا الفيلم المؤثر في فهمنا للحياة والصداقة والإنسانية.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم الجوكر: دعوات للفوضى والقتل ردًا على التنمّر والفقر!
- الفنان الفرنسي مارسيل مارسو: إنقاذ الأيتام ومقاومة النازية ف ...
- رحلة حول العالم: أنغولا - حرب أهلية في خضم الحرب الباردة
- رحلة حول العالم: الجزائر - الظروف التي مهدت للعشرية السوداء
- رحلة حول العالم: أستراليا - عذابات المُدانين وأحلام المغامري ...
- رحلة حول العالم: أرمينيا - أرض العزيمة والأمل
- رحلة حول العالم: الأرجنتين - الإبادة الاجتماعية والإفلاس الا ...
- رحلة حول العالم: نهضة ألبانيا المتعثرة
- رحلة حول العالم: أفغانستان - حروب ثلاث إمبراطوريات
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الثاني
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الأول
- الكساد العظيم: كيف يقود الانهيار الاقتصادي إلى الحروب
- أجيال ما بين بنغلاديش وبريطانيا - قراءة في رواية -بريك لين- ...
- العدالة والانتقام – مطاردة النازيين الهاربين في فيلم -العملي ...
- إيجه، كنعان وسوريا – اطلالة على حضارات شرق المتوسط
- توق الى الحياة والنور – قراءة في رواية -تلك العتمة الباهرة- ...
- قصة كمال – أسرار أغنية يونانية عن العراق والمشرق
- عبث الانتظار - قراءة في رواية -في انتظار جودو- لصمويل بيكيت
- سُريالية رومانسية حالمة - قراءة في كتاب -كأنني أسابق صخرة- ل ...
- عالم عجائب عراقي - قراءة في رواية أنيس في بلاد العجائب للروا ...


المزيد.....




- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - فيلم الباباوان: صداقة رغم الاختلاف ونقاش شفاف للإصلاح