أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - في انتظار افلام الكارتون















المزيد.....

في انتظار افلام الكارتون


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1585 - 2006 / 6 / 18 - 11:05
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كانت تلاوة القرآن تسبق افلام الكارتون في تلفزيون العراق, فكان الأطفال, وكثرة ممن يحب الكارتون من الكبار, يجلسون يحسبون الدقائق امام التلفزيون ينتظرون نهاية التلاوة ليشاهدوا افلام الكارتون بعدها.

.روى لي صديقي خليل حياوي, وكنا طلبة في جامعة الموصل، النكتة الواقعية التالية: قال انه كان يسير مرة مع اخيه الصغير في سوق ببغداد, فمرا قرب متسول بصير جالس يقرأ القرآن. "توقف اخي فجأة امام الرجل يحدق فيه" قال خليل. "ولما طال وقوفه صحت به لنذهب!" فقال لي :" اوكف خلاوي..هسة يطلع كارتون"!

حين انتقدت مواقف التحالفات التي وقفت بوجه الإئتلاف حين كان يحاول استعمال حقه الإنتخابي لتشكيل حكومة, كتب لي البعض قائلاً : اليست هذه من الديمقراطية؟ لا نريد الجعفري فنرفض التصويت له, ألستَ اذن مع الديمقراطية؟
بالطبع انا مع الديمقراطية, وبالطبع من حق كل الأطراف عرقلة تشكيل الحكومة, ولا خيار لأحد إلا بالقبول بذلك. انه حق, لكن السؤال هل من الصحيح استعمال هذا الحق؟
القانون كتب ليحتكم اليه الناس متى ما اختلفوا, ولكن من الأفضل ان لايختلفوا. ان العلاقة المثالية لاتحتاج الى القوانين, بدليل ان الأخوة والأصدقاء لايلجأون الى القانون. وحين يحتاج هؤلاء الى القانون ليحكم بينهم فأن ذلك دليل على خراب العلاقة بينهم.

القانون وسيلة طوارئ لأنقاذ ما يمكن انقاذه من العلاقات الإجتماعية, واللجوء اليه يمثل حالة سلبية ينتقدها المجتمع ولا يحبها. فاللص يتعرض لغضب المجتمع واحتقاره, حتى بعد ان يأخذ عقابه حسب القانون.
القانون يضع الحدود القصوى المسموح بها, لكن المنتظر من المواطنين ان لايصلوا الى تلك الحدود لكي يضطر القانون الى ايقافهم عندها. فلو كانت جميع الأطراف ستستخدم "حقها القانوني" في عرقلة تشكيل الحكومة, لفشل النظام السياسي, بالرغم من عدم مخالفة اي طرف للقانون الديمقراطي.

أكتب هذا لأني قرأت اليوم الخبر التالي: " استخدم النواب من اعضاء لائحة الائتلاف العراقي الاغلبية التي يتمتعون فيها في فرض تلاوة آيات من الذكر الحكيم عند بداية كل جلسة من جلسات المجلس وسط جدل ونقاش حاد حيث عارض العديد من النواب هذا الاقتراح الذي طرحه نحو خمسين نائباً من لائحة الائتلاف"

وهو ما اراه مثالاً واضحاً لسؤ استغلال القانون الديمقراطي. لذا فإقتراح الشيخ جلال الدين الصغير عضو الائتلاف بالتصويت: "لنصوت علي المقترح ومن يقبل يقبل ومن يرفض يرفض" لم يكن اقتراحاً جيداً, رغم انه يبدوا منطقيا وسليماً. انه يشبه إقتراحاً "لنتصارع لحل المشكلة", وكان من المفروض بدلاً من ذلك, بذل الجهد في محاولة حلها بطريقة رفاقية او مبدئية اولاً.
من الواضح ان الحل المبدئي يشير الى رفض الفكرة لأنها ستضغط على الأقلية لسماع ما لايرغبون سماعه دون ان تكون للأكثرية ضرورة تحتم هذا الضغط على الأقلية. فتلك الأكثرية تستطيع ان تستمع الى ما تشاء من القرآن متى ما تشاء ولأي وقت تشاء في بيوتها وفي سياراتها وما بينها، دون ان تفرضه على احد لا يرغب بسماعه. وقد كان واضحاً ان نسبة لابأس بها لم تكن ترغب في ذلك, وقد حاول البعض مثل الدكتور فؤاد معصوم, من خلال اقتراح حل وسط بديل هو البدء بكلمة (باسم الله تعالي), كما حاول غيره دون جدوى.

روح الديمقراطية وقوانينها تهدف الى ضمان رضى الجميع ان امكن, وإلا فاكبر عدد ممكن من الناس, وليس رضا الأكثرية فقط وبأي ثمن. فمثلاً لاتستطيع كتلة اغلبية من البرلمان ان تطرد بقية الأعضاء منه, او ان تلبسهم زياً موحداً او تصوت على شكل قصة شعر رؤوسهم.
لو كانت الديمقراطية تعني شل ارادة الأقلية وتسليمها للأكثرية حتى فيما لايتعلق بالعمل السياسي الأساسي, لكانت الديمقراطية اكبر نظام اضطهادي في العالم ولتوجب على الأقليات ان تستميت في محاربتها.

والحقيقة ان الديمقراطيين قد لاحظوا ان الديمقراطية تظلم الأقليات بشكل عام, فأخترعوا الأفكار لتقليل هذا الغبن. فمثلاً فكرة الحكومات المحلية للمدن وجدت اساساً لتحمي المدن الصغيرة من الغرق بين الكبار في حالة وجود تمثيل نسبي لعدد السكان فقط. وفي نظام المناطق, تحصل المناطق من المقاعد ما لايتناسب تماماً مع عدد سكانها, بل تحصل المناطق القليلة السكان على نسبة اكبر بالنسبة للشخص الواحد. وبشكل عام تميل الأنظمة الديمقراطية الى تعويض الأقليات من شعوبها بقوانين تفضيلية بدرجة او اخرى في التمثيل والتعليم احياناً واللغة, وتستغل اية فرصة لتعطي انطباعاً للأقلية بمشاركة عادلة ولتحارب الشعور بالغبن لديهم. وفي اية حال فأنها يجب ان لاتستعمل لزيادة القوي قوة ولزيادة ما يوحي بأنه يسيطر وحده على كل شيء, الا ما كان ضروري لإدارته الحكم وتحمل مسؤوليته.

ثم ليس مفهوماً ما هو الهدف من الزام من لايريد سماع القرآن في وقت محدد او بظرف محدد او لايريد سماعه ابداً, بسماعه. هل بقي من لم يعرف لحد الآن ان اجبار الناس على شيء يجعل الشيء مكروها حتى لو كان الخير فيه لهم؟ حتى الأطفال يرفضون ذلك, فكيف الأمر بإحراج اعضاء برلمان؟ ألايبدو ذلك كأن هناك رفضاً للقرآن فلا يجد المؤمنين غير فرضه على الناس فرضاً؟

قبل بضعة اشهر اصدرت وزيرة الهجرة الهولندية, وهي امرأة متوحشة وضعها اليمين لتعضّ المهاجرين بين الحين والآخر, اصدرت اقتراحاً, وليس قانوناً, اسمته بإتفاق التفاهم, او مثل ذلك, ينص على "أننا جميعاً" يجب ان نتحدث الهولندية في المحلات العامة والشوارع. الفكرة قد تكون مقبولة بل وجميلة لو صدرت على خلفية رفاقية ودية, لكن تلك الوزيرة لم تكن معروفة بلطفها للأجانب, لذا اعتبرت صيغة للضغط عليهم ارضاءً لجمهورها اليميني الخليط من الغوغائيين ورجال الأعمال.
لقد كنت قبل الإقتراح ادرس الهولندية بنشاط يومياً تقريباً واتحدث بها في كل فرصة, لكن ما ان جاء اقتراح الوزيرة فردونك, والذي ايده محافظ روتردام ومجلس محافظتها وكلاهما يميني كاره للأجانب (قبل الإنتخابات الأخيرة) حتى سيطر علي احساس بالعداء للّغة الهولندية, واحتجت الى اسبوع لأقنع نفسي بالعودة الى الإهتمام بها وبأن اللغة لا علاقة لها بهؤلاء المغرورين الذين يريدون تشكيلنا كما يشاؤون بالرغم منا.

لاشك عندي ان مثل هذا الشعور سيراود اعضاء البرلمان الذين اعترضوا, كلما إستمعوا الى التلاوة المفروضة عليهم في كل جلسة, ولا شك ان مثل هذا الضغط لن يساعد في خلق الجو الرفاقي الودي المفيد في نشر روح التساهل التي تيسّر الوصول الى قرارات وتنازلات وحلول. وبالفعل اعتبر البعض القرار "ارهاب فكري".
وحين قال البعض ان هذا امر غير وارد في برلمانات العالم رد رئيس المجلس محمود المشهداني قائلاً "لنعط برلماننا نكهة, فهل كل شيء يجب ان يكون مستنسخا من برلمانات العالم؟"
بالطبع ليس من الضروري ان يكون كل شيء مستنسخاً, بل من الجميل ان يكون فيه ما هو مبتكر, لكن من الضروري ان يرى الآخرون في ذلك "نكهة" بالفعل, وهو امر مشكوك به حين يحقن الشراب في افواههم حقناً.

ربما كان اصحاب المبادرة او بعضهم يتوهم ان بقية البرلمانيين سيستمعون الى التلاوة بمثل ما يستمع اليها هو من اهتمام وخشوع, وقد يهتدي البعض ويصير مؤمنا ان لم يكن, او يزيد ايمانه ان كان مؤمناً. أما انا فأعتقد انهم سيقضون وقتهم بضجر وتبرم في انتظار "الكارتون" الذي سيأتي بعد التلاوة, خاصة وأن الجلسات الأولى للبرلمان, تبشر بالكثير من "أفلام الكارتون" القادمة.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تنتصر الحكومة في الرمادي
- الصدمة: انتبه فأنت تساهم في الإرهاب!
- الزرازير والحساب
- دروس في الأخلاق, ولكن لمن؟ مجزرة حديثة ومجازر اخرى
- القراءة كترفيه عنيف, والمقالة كحلبة ملاكمة
- أيان حرسي ماكان:قصة فضيحة ديمقراطية عريقة
- القاء اللوم على البيادق: الى اين نوجه انظارنا في العراق؟
- لذة الحلول المسمومة
- حكومة تولد في قفص الإتهام
- إعادة الإعتبار للإنحطاط: رد على (الدكتاتور الرائع) لعلي الصر ...
- أفضل مفاوضي الحكم في العراق: متابعات في الوضع العراقي الراهن
- برج الحرباء يمر على سماء بغداد
- لو حكم سليمان الحكيم لأعطاها للجعفري فوراً
- الكرامة مسألة اعتبارية
- العامة والسادة في حافلة نقل الركاب: خيار بين الإمام علي ومعا ...
- تحذير عاجل من حملة غش بالإنترنيت على العراقيين
- الحمد لله ليس ما في العراق حرب اهلية!
- أيها الجعفري لاتنسحب
- المصباح الوحيد في الشارع
- مبدأ مقهى ابو فاتح


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - في انتظار افلام الكارتون