العتابي فاضل
الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 12 - 02:31
المحور:
الادب والفن
كانَ أبي في الستينَ وأنا في الخامسةِ والخمسينَ
كنا دائمي الشجارِ في البيتِ وحتى خارجِ المدرسةِ
كانتْ أمي في الأربعينَ وكانتْ هيَ منْ تقفُ وسطَ شجارنا الذي يذكرني بعراكِ الديوكِ لا بدَ فيهِ منْ مغلوبٍ يغادرُ مثخنٌ بالجراحِ
كانَ أبي يتأبطُ الجريدةَ حينَ بلغَ التسعينَ وكنتَ أتبعهُ كظلهِ وهوَ يحثُ الرفاقَ على الثورةِ بدونِ سلاحٍ
كانتْ أمي تشجرُ التنورَ وهيَ تضعُ المكياجَ على وجهها كيْ تبدوَ جميلةً للجاراتِ القبيحاتِ وتتباهى أنَ ابنها الذي هرمَ قبلَ أبيهِ لا زالَ يرضعُ منْ صدرها المترهلِ مثلٍ وجهِ كلبِ الحارسِ الذي قضى عمرهُ وهوَ نائمٌ على بابِ الحيِ وسلاحهِ الصدئِ يغطيهُ الذبابُ الأزرقُ
متسولو الحيِ الذي يجاورُ حينا كثيرا ما يدخلونَ لحينا ليلاً لكيْ يسرقوا الشمسُ التي لا تغيبُ عنْ الحيِ بعدَ أنْ يرشوا حارسُ الحيِ بقنينةِ نبيذٍ فاسدةٍ خمرتها زوجةَ راعي الكنيسةِ قبلَ أنْ تشيدَ الكنيسةُ في حيهمْ
أشيعَ أنَ الرئيسَ يتسللُ ليلاً بلا حراسةِ ليسكر معَ حارسِ الحيِ منْ قناني الشرابِ الفاسدةِ ويظهرُ صباحا على التلفازِ يلوحُ بيدهِ اليمنى لشعبهِ الجائعِ الذي ينتظرُ بقايا وليمةَ الرئيسِ بعدَ أنْ تشبعَ قططُ القصرِ منها
كنتَ أتباهى وأنا أكتبُ المنشوراتُ كيْ يوزعها الرفاقُ على المزابلِ ليلاً
هكذا هرمتْ وأنا ابنِ الرفيقِ الذي ماتَ وهوَ يتأبطُ جريدةَ الحزبِ بعناوينها الحمراءِ
#العتابي_فاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟