أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - الكورونا الخرافة-قصة قصيرة














المزيد.....

الكورونا الخرافة-قصة قصيرة


نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة


الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


نزهة ابو غوش
عندما تفرّع الضّوء الباهت في الممرّ العريض، كشف له عن وجوههم المظلّلة، تحلّقوا حول بعضهم ، إِلّا هو، اعتقدوا بأنّه يغطّ في نوم عميق، لكنّه سمعهم ورآهم. "كلّهم يتآمرون ضدّي؛ لماذا با ترى؟ هل لأنّني الأصغر سمعت أُمّي تقول لهم:
عليكم أن تمسكوا أخاكم الصّغير كلّ يوم، وتعقّموه جيّدا، كلّ ساعة، كلّ ساعتين يجب أن لا يخرج من البيت خطوة واحدة، عليكم مراقبته جيّدا، احذروا أن يلمس الخشب، والحديد، أو أيّ جسم صلب." يا الهي! ما معنى جسم صلب؟" ثمّ هتف الأبّ بصوت لا يخلو من نبرة تهديد:
- ايّاكم أن يقبّله أحد منكم، غيّروا هذه العادة من فضلكم، حذار أن تلمسوه بأيديكم! نحن في زمن صعب لا يعلم به الا الله.
"زمن صعب؟ هل صار أبي سيّدنا يعقوب، وأنا يوسف الصّغير وأخوتي يغارون منّي؟ لكنّي ألاحظ بأنّهم يحبّونني جميعا. يغدقون عليّ الهدايا والمحبّة والدفء والحنان. لقد هجر النّوم عينيّ وجفنيّ، هناك سرّ يجب أن أعرفه. هل يخدعني أُخوتي؟ يجب أن أثبت لهم بأنّني ذكيّ وأعرف كلّ شيء؛ إِذا قالوا لي تعال معنا إِلى رحلة الصّيد، فسوف أُمانع وأقول لهم إِنّ بطني يؤلمني.
في الصّباح سمعتهم جميعا: أُمّي وأبي وأخي فريد، وسعيد وبشرى؛ يمسحون الأبواب بمحلول رائحته كريهة، أُمّي تنادي:
- بشرى ركّزي على مماسك الأبواب، امسحي الدربزين، لا تنسي مفتاح الصّنبور في الحمّام، سعيد ضع الصّابون السّائل في كلّ مكان، أبو سعيد لا تبخل، أرجوك أكثِر من شراء القفّازات، والكمّامات. الدّنيا ما عليها أمان.
نادت أُمّي بصوتها الحنون يشوبه بعض الحذر:
- يزن حبيبي، تعال شاركنا الافطار، اغسل يديك جيّدا ولا تنسَ أن تضع الكمّامة على وجهك وتغطّي فمك وأنفك " يا إلهي! لماذا أُخبئ فمي وأنفي؟ هل يخطّطون لي شيئا، أنا لا أعرفه؟ "
أسرع أخي فريد نحوي، ساعدني بوضع الصّابون السّائل فوق يديّ، وقال لي: أفرك...أٌفرك أكثر، أكثر. الآن افتح يديك كي أضع عليهما المعقّم، قف جيّدا سأساعدك بوضع الكمّامة.
بصراحة أصابني الذّهول والخوف الشّديدان، صرت أسعل بقوّة، كدت أشعر بالاختناق، ضاق نفسي من الرّائحة الكريهة، ومن الكمّامة. هتفت أُمّي:
- اركض يا فريد هات مقياس الحرارة، يجب أن نعرف حرارته الآن. سألني أبي:
- هل تشعر بألم في رأسك؟
أضافت بشرى:
- صف لنا تماما ماذا تشعر؟
أسرع أبي وأحضر كمّادات باردة حسب طلب أُمّي. شهقت بشرى مع دموعها الغزيرة :
- يا حبيبي، والله ما بتستاهل المرض.
- أُمّي بعصبيّة: بعيد الشّر عنه، لا تفوّلي عليه.
اضاف أبي:
- ابتعدوا جميعكم، دعوه يتنفّس.
اعترض سعيد غاضبا:
- إِنّكم تهوّلون المسألة، هذا سعال طبيعي، وليس كما تتصوّرون.
- أُمّي بتوتّر شديد: كيف لك أن تعرف بأنّه قد أُصيب بالعدوى من أحد الطّلاب في المدرسة؟
- أُمّي، ها هو ميزان الحرارة، حرارته طبيعيّة، ثمّ ارتاحوا لقد أعلنوا اليوم عن اغلاق المدارس، وكلّ المرافق الحيويّة.

شعرت بغباش يملأ عينيّ، وهزّة أرضيّة تتحرّك داخل قلبي. قفزت بالهواء، ثمّ صرخت صرخة كبيرة مدوّية. اقتلعت الكمّامة ورميتها من النّافذة، ثمّ قلت لهم جميعا:
- ابتعدوا عنّي. أنا لا أُحبّكم، أنا أكرهكم.
بكت أُمّي بصمت، وأخذني أبي بين أحضانه إِلى سريره، ثمّ راح يمسد شعري، يشرح ويفسّر، كان كلامه يشبه مذيع الأخبار في الليلة الماضية، الّذي صار يعدّد الوفيات والمصابين في أنحاء العالم بمرض (الكورونا) رأيت الأطباء يلبسون مثل رجل الفضاء.
ها هو أبي اليوم يعيد نفس الكلمة الّتي لم أفهمها أبدا حتّى الآن. قالت أُمّي:
- لا تخف يا حبيبي، هذا فيروس صغير يلتصق بالأيدي، نغسله جيّدا بالصابون، فيذهب في الحال. هذا كلّ شيء؛ ثمّ أنّه بعيد عنّا جدا في الصّين والمانيا، وإيطاليا. يقولون - والله أعلم - بأنّ مصدره جاء من الصّين. تدخّل أبي بحدّة:
- ميناء، أرجوك لا تقلبي راس الولد؛ لأنّ مصدر الوباء جاء من الأمريكان. اشتدّ الجدل بين
أُمّي وأبي، ولم أعرف منهما شيئا.
بعد أن ذهبت إِلى غرفتي محتارا قلقا، سمعت أُمّي تتحدّث مع خالتي ميسان بالهاتف:
- احذري جيّدا يا حبيبتي ميسان، فيروس الكورونا وصلنا، هناك المئات في الحجر الصّحيّ.
" ماذا؟ الفيروس وصلنا؟ قفزت مذهولا؛ كي أُفتّش عنه، تحت السّرير، وخلف الخزانة، وفي الممر؛ لكنّي خفت أن أفتح النّافذة، فربّما يراني الفيروس، لا أعرف لماذا يكذب الكبار! وماذا يعني الحجر الصّحيّ، هل هو الجنّة أم النّار؟ وهل هذا الفيروس يشبه الغولة الّتي تبتلع أولادها؟ لكنّ المعلّمة سحر قالت بأنّ قصّة الغولة هي خرافة، ليتني أعود إِلى مدرستي؛ كي أسأل معلّمتي:
- هل الكورونا حقيقة، أم خرافة ؟ "
11-5-2020




ا



#نزهة_أبو_غوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هارب من الكورونا
- مسرحية-محاكمة السيدة كورونا
- خلاف غير نمطي-قصة قصيرة
- نهاية غير متوقّعة-قصة قصيرة
- نورس يبحث عن الأحباب-قصة قصيرة
- كنان يتعرف على مدينته والشخصيات المتشابكة
- على ضفاف الأيام وعاطفة الحب
- رواية الخاصرة الرخوة لجميل السلحوت
- قصة-الأرجوحة-والارتباط بالأرض
- تحليل كتاب -من بين الصخور-
- رواية الحائط وتحقيق الذات
- خلق الشّخصيّات الإيجابيّة في رواية -ليت-
- الصراع في رواية شبابيك زينب
- ميلاء سعاد المحتسب وعاطفة التّحدّي
- رواية السّيق والقلق
- وميض في الرّماد ومعاناة المغتربين
- الصراع في رواية هذا الرجل لا أعرفه
- أشواك البراري وسيرة التحدي
- -طلال بن أديبة- والاعتماد على الذات
- برج الذّاكرة، للكاتبة الفلسطينيّة، حليمة دوّاس ضعيّف.


المزيد.....




- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - الكورونا الخرافة-قصة قصيرة