أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - خلاف غير نمطي-قصة قصيرة














المزيد.....

خلاف غير نمطي-قصة قصيرة


نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة


الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 10:14
المحور: الادب والفن
    


كلّما تذكّر ابو جورج ذلك اليوم، يضحك، نزل يومها ابنه جورج ابن السّادسة من عند جيرانهم، دار أبو علي، وقف أمام والده، ثمّ كتّفّ يديه وقال بثقة تامّة، وبصوت : " وإذا قرئ القرآن فانصتوا" ثمّ راح يقرأ الفاتحة، ثمّ سورة النّاس، ثمّ الفلق، ثمّ....
أخذ أبو جورج يلملم اضطرابه، بعد أن أصابته الصّدمة. حين أحضرت أمّ جورج القهوة المسائيّة في ساحة الدّار، لاحظت كم هي مبعثرة ملامح زوجها، سألته بلهجة لا تخلو من الحذر:
" ما الّذي عكّر صفوك، يا سهيل؟"
" ابنك يا ناهدة، صار مسلما، هذه آخرة مخالطة الجيران!
ضحكت امّ جورج، ثمّ أخذت ضحكاتها إيقاع موجات متكرّرة تنسحب على مهل.
اقترب الطّفل نحو أُمّه، ماما بتعرفي تغنّيها؟ "محمد نبينا، وبنوره هادينا، من مكة حبيبي نوره سطع المدينة"
ربّما أصابتها رعشة ضمير طارئة؛ بسبب دفعها ابنها جورج لزيارة صديقه عليّ كلّ يوم؛ كي يدرسا معا، لكنّها استدركت نفسها وراحت تهدئ من روع زوجها بعد أن هرّبت ابتسامة لابنها:
" الولد ما زال صغيرا، ومؤكّد بأنّه تأثّر بصديقه عليّ، لا تزعج نفسك يا سهيل، كلنا نعبد الله : مسلمون، يهود، ونصارى، لا تجعل مخاوفك مفرطة"
دفع الطّاولة الّتي أمامه بعصبيّة ، فاندلقت القهوة على البلاط بسخاء، وأحدثت بقعا وخرائط غريبة، تحتاج لقارئة الفنجان " زليخة" الّتي تسكن الحيّ المقابل.
لم ينظر إلى الخلف، توجّه نحو الممرّ المفضي إِلى الخارج.
في طريقه صادف جاره محمود، فأدار له ظهره:
" كيف سأكلّم من يريد سرقة ابني وسرقة ديني؟"
تنهّد طويلا:" يا الله كم ظلمت جاري وأجحفت بحقّه! اليوم فقط عرفت معدن هذا الرّجل، خاصّة في هذه الظّروف الصّعبة، زمن الوباء الّذي يدعى الكورونا."
هتاف أُمّ جورج ملأ الدّنيا:
" الحقوني يا ناس، أبو جورج وقع بالحمام، ساعدوني، دخيلكم"
نظر الجيران كلّ من خلف نافذته، قالت سميحة لزوجها:
" بقطع ايدي من هان- مشيرة بيدها اليمنى نحو كتفها الأيسر- إِذا أبو جورج ما صابته الكورونا، اللهم ابعد عنا هذ ا المرض اللئيم يا ربّ"
حدثت ضجّة غير مألوفة في الحارة، أخذ كلّ منهم يحذّر الآخر:
" لا تقتربوا منه. لا تقتربوا" لكن صراخ أم جورج ما زال يتردّد في سماء متلبّدة بالغيوم الرّماديّة، تغيّرت ملامح الحارة بكلّ تفاصيلها: القفّازات السّوداء، الكمّامات، الهمهمات، الخوف، القلق، الحذر، الهواتف المتسارعة لتشييع الخبر، تبادل الأحاسيس الغامضة، شابّان مقنّعان يطهّران السّاحة والشّارع بأنابيب ومضخّة.
نادت الجارة أمّ عليّ على زوجها بصوت يخنقه الخوف والهلع:
" محمود قم بسرعة، جارنا أبو جورج وقع مغمى عليه." هرع أبو عليّ نحو بيت جاره دون أيّ تردّد، حمله بين ذراعيه، ووضعه فوق السّرير، أمسك به بحرارة وأُلفة غريبة منحه فيها شعورا حميما كان بحاجة ماسّة إليه على مدى أيّام مضت.
"لا تقلق يا سهيل، دقائق معدودة وسوف تحضر سيّارة الاسعاف، أرجو ألّا تكون الكدمة في رأسك خطيرة أرى أنّك بخير والحمد لله"
لم يفهم محمود سبب دموع جاره وصديقه، الّتي راحت تسيل دون انذار؛ فتساءل بينه وبين نفسه" ألهذه الدّرجة تؤلمه الوقعة؟"
نظر أبو جورج في عينيّ جاره؛ فرأى بهما عالما غريبا لم يعهده من قبل. خجل من خلافه غير النمطي مع نفسه:
" بعت صديق عمري بلحظة جهل ورثتها دون أن أُهذّبها وأُقلّمها وأرويها؛ كي تزهر من جديد، وتفوح رائحتها في كلّ الأرجاء وتتفتّح حياتنا جميعا عطرا وأملا" أمسك بيد صديقه، ثمّ تعلّقت عيناه بوجه ولده وملامحه البريئة، وبعينين يغمرهما الرّجاء:
"حطّ إيدك على راسي يا جاري العزيز، واقرأ آية الكرسي، وادع لربنا أن يرفع عنّي الأذى ".
16-4-2020



#نزهة_أبو_غوش (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية غير متوقّعة-قصة قصيرة
- نورس يبحث عن الأحباب-قصة قصيرة
- كنان يتعرف على مدينته والشخصيات المتشابكة
- على ضفاف الأيام وعاطفة الحب
- رواية الخاصرة الرخوة لجميل السلحوت
- قصة-الأرجوحة-والارتباط بالأرض
- تحليل كتاب -من بين الصخور-
- رواية الحائط وتحقيق الذات
- خلق الشّخصيّات الإيجابيّة في رواية -ليت-
- الصراع في رواية شبابيك زينب
- ميلاء سعاد المحتسب وعاطفة التّحدّي
- رواية السّيق والقلق
- وميض في الرّماد ومعاناة المغتربين
- الصراع في رواية هذا الرجل لا أعرفه
- أشواك البراري وسيرة التحدي
- -طلال بن أديبة- والاعتماد على الذات
- برج الذّاكرة، للكاتبة الفلسطينيّة، حليمة دوّاس ضعيّف.
- رواية الرقص الوثني والخروج عن المألوف
- الحالات النّفسيّة لشخصيّات عشاق المدينة
- طغيان العاطفة في رواية -قلب مرقع-


المزيد.....




- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا
- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...
- زيارة الألف مؤثر.. بين تسويق الرواية والهروب من الحقيقة


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزهة أبو غوش - خلاف غير نمطي-قصة قصيرة