أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 2














المزيد.....

يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 2


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 02:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ساد الاعتقاد عند جل المغاربة بأن الحجر الصحي الإجباري هو حل كفيل بإنهاء مشكل الفيروس نهائيا. فبالرغم من كل الشروح التي تناولت المراحل التي تمر منها العدوى بالفيروس للوصول إلى ظهور المرض، والتي حددها المختصون في أربعة عشر يوما على الأقل، يبقى هؤلاء متشبثين بفكرة أن الحجز الصحي الإجباري هو الخلاص من الوباء وكفيل لوحده بالقضاء عليه.
من هنا ظلوا يؤكدون عليه وعبر الكثير عن هذه الرغبة بجملة "الا مادخلتوش راه احنا مغادينش نخرجو" بمعنى إذا لم تمكثوا في البيوت فلن نغادرها أبدا، إن هذا التعبير لمواجهة هاته الجائحة يبقى أساسيا للاحتماء، و لكن عدم إدراك الحجر كفعل احترازي للحد من الجائحة فقط، وإن المشكل الرئيسي هو عدم وجود دواء أو لقاح خاص بالجائحة، وأن كل الحلول العلاجية لازالت في طور التجربة، يحرف هدف الحجر من فعل وقاية واحتماء إلى فعل علاج طبي، ويعلن عن عدم القدرة على استيعاب دور الحجر من طرف جزء من المجتمع بشكل عقلاني . إن هذا الوعي للوضع الحالي للوباء يعلن عن شبه قطيعة بين جل أفراد المجتمع والمقاربة العلمية للأوبئة والإمراض والكوارث، إن كانت إنسانية أو طبيعية . ومن هنا نستنتج هذا التباعد الموجود والمتجذر بين فهم أو تمثلات شريحة من المجتمع لظاهرة ما وبين واقعها العلمي. إن غياب الإدراك العلمي لمعرفة الأشياء كون ويكون حاليا عائقا صلبا لاستيعاب مفهوم الفيروس و قوته المدمرة. إن غياب الإدراك العلمي للوباء جعل الخطاب لا يعير اهتماما لمفهوم الوقاية أو العزل داخل البيوت لتجنب العدوى. إن اختزال فكرة الاحتماء من الجائحة بالمكوث في البيوت واحترام الحجر الصحي الإجباري تشعر بانعدام التفاعل العلمي لصالح المقاربة الغيبية الميتافيزيقية، إن هذا الوضع ليس بجديد بل هو المتداول عند شريحة كبيرة من المجتمع المغربي. الجديد في الأمر هو أن الجائحة أبرزت أكثر عمق هذا الواقع الفكري. يمكن القول أن هذا الأمر يعود لاستبطان المغاربة للتفسير الغيبي لكثير من الكوارث التي حلت بالعالم وأودت بحياة الآلاف من الأفراد، إن التفسير المعتمد في المجتمع المغربي إن كان عند عامة الناس أو المتعلمين لا ينحو منحى البحث عن التفسير العلمي للظواهر أو الكوارث الطبيعة، إنني لا أعني استعمال التقنية العلمية بمفهوم استعمال الآلات الحديثة والتي ليست إلا تحديثا ميكانيكيا. إن الكثير من الدارسين والممارسين للعلوم الصلبة لا زالوا في تفكيرهم الذي تربوا عليه، بل قد ينطق أحدهم بخطاب لتبخيس العلم الإنساني أمام علم الله، وكأننا عندما نتحدث عن الإدراك العقلي للإنسان ندخل في منافسة مع الله.
في كثير من الحالات مجموعة من الممارسين للعلوم في شتى المجلات لا يعتبرون أنفسهم محل تغيير بسبب معرفتهم العلمية، فهم إما يضعونها جانبا، فهي أداة اشتغال فقط، أو يجعلوها بعملية انتقائية تخضع لتأويلات تشرعن معتقداتهم التي يصبغونها بطابع علمي أو لغة علمية. فالسائد هو الإدراك الغيبي للوقائع. يتم باستمرار اللجوء إلى تفسير ما استعصى على الفهم بأنه فعل إلهي مع انحياز بشكل مستمر إلى مفهوم العقاب الإلهي للإنسانية التي انحازت عن تعاليمه. الفكرة الأخرى التي يروج لها دائما هو إن الله حامي للمسلمين والإسلام، إن فكرة الأفضلية جد راسخة في الأذهان، فالله اختار واصطفى المسلمين عن كافة البشرية وهم في المرتبة العليا والله مواليهم على غيرهم. من هنا فكل الكوارث الصحية والاجتماعية والبيئية هي تأتي في إطار عقاب الله للجاحدين له وللمعتدين على المسلمين. دائما في إطار اعتقاد قوة الإيمان عند المسلمين فعندما يصابون بجائحة أو كارثة فهم ينهجون تأويلا مخالفا لتأويلهم لنفس الفعل لغير المسلمين ويرون فيه ابتلاء لهم لتقوية إيمانهم، وإن الخلاص هو العبادة والابتهال أكثر لكي يرفع الله العقاب عنهم، ومن خالف هذا الفكر فهو كافر ويوجب تطبيق القصاص عليه. إن التفاعل مع الأحداث والوقائع في المجتمع المغربي يحضر فيها هذا المفهوم المتعارف عليه اجتماعيا ليرتب الأحداث ليس لصالح الفرد الإنسان ولكن لصالح الشعائر الدينية المدمجة في الطقس الاجتماعي، فهاته الشعائر لا تؤثث فقط المكان والزمان ولكن تحدد يوميات الإنسان المغربي وتحدد مصيره.
يتبع



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (13) وجها لوجه
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 3
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 2
- يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1
- يوميات الحجر الصحي (11) وجها لوجه
- يوميات الحجر (10) وجها لوجه
- يوميات الحجر (9) وجها لوجه
- يوميات الحجر (8) وجها لوجه
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- قطر.. حمد بن جاسم ينشر صورة أرشيفية للأمير مع رئيس إيران الأ ...
- ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟
- ملف الذاكرة بين فرنسا والجزائر: بين -غياب الجرأة- و-رفض تقدي ...
- -دور السعودية باقتحام مصر خط بارليف في حرب 1973-.. تفاعل بال ...
- مراسلتنا: مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في بلدة بافليه جنوبي ...
- حرب غزة| قصف متواصل وبايدن يحذر: -لن نقدم أسلحة جديدة لإسرائ ...
- بايدن يحذر تل أبيب.. أمريكا ستتوقف عن تزويد إسرائيل بالأسلح ...
- كيف ردت كيم كارداشيان على متظاهرة هتفت -الحرية لفلسطين-؟
- -المشي في المتاهة-: نشاط قديم يساعد في الحد من التوتر والقلق ...
- غزةـ صدى الاحتجاجات يتجاوز الجامعات الأمريكية في عام انتخابي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (14) وجها لوجه - الجزء 2