أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (8) وجها لوجه














المزيد.....

يوميات الحجر (8) وجها لوجه


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 00:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن جائحة الكورونا تعري وجها آخر لمجتمعنا وتعلن عن نوعين من الهشاشة عند المغاربة، الأولى الهشاشة المعنوية والنفسية و الثانية الهشاشة الاقتصادية . إن الهشاشة أيا كان نوعها و التي أتحدث عنها تمس الأغنياء، وذوي الدخل القار والفقراء وأولئك الذين يصنفون تحت درجة الفقر، الفئتان الأخيرتان تعانيان أيضا من الهشاشة المادية. نتوقف لحظة للتعريف بما أقصد بالهشاشة، المعنى الاصطلاحي المتعارف عليه هو أن الهشاشة تعلن عن وضع مهتز، عن حالة سوء وتدهور لوضعية تجعل الإنسان محل الأذى والإساءة، فهي لا تضمن له حماية كافية، إن كانت مادية أو معنوية لتأمين حياته، فهو معرض في كل حين للضرر بكل أنواعه. اعتقدنا دائما أن الهشاشة هي فقط اقتصادية وأن أصحاب المال غير معنيين بها. الذي وقع بعد الإعلان عن الخطر وضرورة الاحتماء يجعلنا نقرأ بشكل انعكاسي الواقع المغربي وعلاقة المغربي بالأشياء ونمط تفكيره وكيف يرتب الأولويات. قد تبعدنا هذه القراءة أيضا عن نسقية الخطاب الذي تتداوله الشخصية المغربية في وصف أو رؤية ذاتها. إن قراءة هذا الفعل في محك الواقع وعلى وقع تصرفات الفرد بعيدا عن الحس المشترك أو السلوكيات المعتمدة والمبنية فكريا في الحياة اليومية العادية قد تظهر واقعا لما هي عليه الشخصية المغربية في ملامستها للواقع وتدبيره. إن أولى اهتزازات هذه الشخصية ظهرت أمام إعلان خبر الوباء هو تعبيرها عن رغبة الاحتماء من الجوع العدائي. لم يحدث ما توقع البعض حدوثه، ألا وهو التدبير العقلاني بالبحث بالدرجة الأولى عن الاحتماء من العدوى التي تهددهم، ولكن الهشاشة الأولى التي تمكنت منهم هي الهلع من الجوع، اتخذ الاحتماء من الجوع مركز الأولوية الضرورية للبقاء على الحياة. إن الخوف من الجوع كان أقوى من الخوف من الفيروس، إن الهشاشة المعنوية والنفسية جعلت الكثيرين يقومون بترتيب عكسي في الأولويات، فكان من المنتظر أن يبحث هؤلاء على الاحتماء أولا من الفيروس وثانيا التسوق، العكس هو الذي حصل، وإن اعتبرنا التسوق أمرا ضروريا، فكثافة التسوق تظهر النقيض. هكذا هرع جل المغاربة إلى المتاجر والأسواق للحصول على النصيب الأوفر من مواد الغذاء، بل بالغوا حتى أصبح تسوقهم أشبه بالنهب. الفرق الذي طبع تصرفات هؤلاء هو نوعية التسوق وأماكن التسوق. انعدم التفكير في تلك الآونة في الفئة التي لا تملك مالا لقضاء أغراضها، إن كان قليلا ولو منعدما. وإذا كانت هذه الهشاشة المعنوية والنفسية قد استنزفت القدرات العقلانية للشخصية المغربية، وأبانت عن بدائية تصرف عند الكثير من المغاربة في تدبير حياتهم، فالهشاشة المادية أبانت عن وجهها القاسي الذي أذل وأهان من لا يستطيع تأمين غذائه لزمن غير معلوم. أظهرت لهم واقعا قاسيا ولئيما في آن واحد. إن هشاشة الفقراء لن تحميهم من الجوع وقد تدفعهم للمخاطرة بحياتهم يوميا للبحث عن الخبر أو ما يمكن أن يبقيهم على قيد الحياة. علينا أن نتذكر فقط مع إدراك عميق أن هشاشتهم طالها العبث السياسي مند زمن، ولكنها أصبحت محل رفض في الخطاب السياسي وتركت لحال سيبلها. وضعيتها نالت الاستخفاف والتهريج، إلى عهد قريب كلما تحدثنا عن الفوارق الكبيرة بين المغاربة، و كنا كلما ذكرنا حالات الجوع في بلدنا يعتبرها الكثيرون أنها نوع من المغالطة، ويؤكدون أنه لا يمكن أن يضم المجتمع المغربي فئة بهذه الهشاشة. فنحن بلد الخير والأمان، الكل في مأمن من الجوع، من التشرد، من المرض. في إطار النكران السياسي والاجتماعي نصح الكثيرون من أصحاب المعرفة ومن أهل القرار الفقراء بتدبير هشاشتهم المعنوية والنفسية والمادية أيضا وهي أكثر عنفا واستلابا لحرية الإنسان. أصبح الكل يردد أن سبب هشاشة الفقراء والمهمشين هو تقاعسهم، فهم لا يشتغلون ولا يعرفون تدبير قوتهم اليومي. بل نصحهم أحدهم بصنع الياغورت في منازلهم عندما ارتفع ثمنه ، فدل ذلك على المسافة التي تفصله عن الشعب المغربي وهو رئيس حكومتهم . بدا لي آنذاك أنه لا يدرك أن الكثير من المغاربة لا يملكون آلة صنع الياغورت التي تتطلب استهلاك الكهرباء والتي توجد حتما في مطبخه. إنه يجهل أنهم أحيانا لا يمكلون حتى طنجرة الضغط، أو الغاز للطبخ. كعادته قدم خطبة حماسية صفق لها الكثيرون وأطالوا التصفيق على الهشاشة ومن بينهم الكثير من المعنيين بالتهميش و الإقصاء الاجتماعي، ربما صفقوا لأن الأمر لا يعنيهم في نهاية الأمر، فهم لم يتعودوا على أكل هاته الأشكال من الزبديات ، أو ربما صفقوا فقط لفن التمويه السياسي الذي يتفنن فيه ذاك المسؤول. اليوم الأمر اختلف ليس لأن أمرا تغير ولكن لأن كل ما كنا نعتبره واقعا مستورا أسقطت هذه الجائحة الستار عليه ، لنجد أنفسنا أمام الهشاشة، أمام الخوف، أمام الجوع. ترى هل سنعيد الستار على هشاشتنا بعد رحيل فيروس الكورونا 19



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (8) وجها لوجه