أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - اخلاص موسى فرنسيس - كورونا/ التحدي















المزيد.....

كورونا/ التحدي


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6533 - 2020 / 4 / 9 - 12:14
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


قبلت التحدّي، جملة ملأتْ صفحاتِ التواصل الاجتماعيّ إضافة إلى الصور التي رافقت تلك الكلمات.
التحدّي أنْ تتحدّى الوباء بصورة يجدها البعضُ مهزلةً، فيقهقه ساخرًا، والبعض الآخر يجدها مناسبة كي يعرضَ أجمل ما عنده من صور بروح إيجابيّة وعفويّة، ويكتب" قبلت التحدّي".
عن أيِّ تحدٍّ نتكلّم هنا؟ هل عن تحدّي الوباء، والتخلّص منه بصورة ما؟
أو عن كيفيّة التعامل معه بصورة وكلمة؟ وهل ثابتٌ علميًّا أنّ الصورة والكلمة تساهمان في الشفاءِ من الوباء؟
ما إن تفتحْ وسائل الإعلام حتى تطلّ عليك الأرقام المخيفة التي حصدها الوباء حول العالم، فقد تجاوزت المليون، ففي يوم واحد مثل اليوم السابع من نيسان-20 في نيويورك ٧٣١ شخصا فتك بهم هذا الوباء، وخطفهم من على وجه الدنيا.
يعاود قلبَك القنوطُ واليأس، خاصّة أنّك تعيش في حجر صحيّ لم تعتده لا من قريب ولا من بعيد. لقد غيّر هذا الفيروس معالم الحياة الاجتماعيّة كافّة، وخطف الابتسامة من على شفاه الناس، وحلّت محلّها الكمّامات التي أخفت معالم الوجوه، ولم يبقَ منها إلا عيون يطلّ الخوف منها بأشدّ صوره.
لقد هيمن التوجّس على الكلّ، فكان لا بد من الإذعان للتعليمات التي تفرضها شروط الوقاية من انتقال الفيروس من خلال الاختلاط أو ملامسة أيّ سطح دون تعقيمه، أو حتى الرسائل والطرود البريدية يتمّ تعقيمها قبيل فتحها، ومفتاح البيت والهاتف الخلوي، كلّها خضعت لشروط التعقيم.
لقد سبقتْ هذا الوباءَ قديماً أوبئةٌ مثل الطاعون والجدريّ والكوليرا، كلّها مضت بعد أن أدّت واجبها في حصاد الملايين من البشر.
لقد انتصرت البشريّة عندها، ومن المؤكّد أنّها سوف تنتصر، لكن متى؟
هنا تأتي من جديد وسائل التواصل الاجتماعيّ، تحمل الأخبار حول أنّ هذا الفيروس يمكن أن يكون مصنّعاً من قبل أباطرة المال والسلطة للقضاء على فئة معينة من الناس، أو أنّها بدايةٌ لحروبٍ جرثومية، بعيداً عن الأسلحة التقليدية.
لقد انتشر هذا الفكر الشرّير من قبلُ، فقد لجأ إليه المغول حين رموا جثث جنودهم الذين ماتوا بالطاعون إلى داخل أسوار مدينة "كافا"، وكان نتيجة ذلك انتشار الطاعون في كلّ أنحاء أوروبا وموت نصف سكّانها تقريبا، وقبله القائد اليونانيّ صولون قبل الميلاد الذي قام بتسميم مياه الشرب لأعدائه، والآشوريون حين لجؤوا إلى استخدام الفطر السام ورميه في آبار الأعداء ليّصابَ كلّ من يشرب منها بالهلوسة.
لقد رأى آخرون أنّ هذا الوباء هو عقاب من الله نتيجة ابتعاد البشر عن الصراط المستقيم، وكلّ ينادي بإلهه، ويدعو الناس إلى التوبة، فقد تعبت الأرض من شرور البشر، وأرادت أن تخلد إلى السكون بعض الوقت، فأنتجت هذا الفيروس، وحصرت الناس بين الحجارة، علّهم يراجعون أنفسهم، ويبدأ كلّ منهم يضع نقاط حياته فوق حروفها، وهكذا ترتاح الأرض ولو قليلاً.
لقد أصبح العالم كلّه أشبه بمصحة عقلية، وأصيب الجميع بلوثة الخوف، وأقدم البعض على الانتحار نتيجة صدمة نفسية، منهم وزير مالية ولاية هيسن الألمانية توماس شيفر، إضافة إلى حالات الانتحار نتيجة الحجر الصحيّ، أو العنف المنزلي، وكأن الخروج إلى العالم والأشغال كانت الساتر الواقي التي حمت تلك الفئات نوعا ما من هذه المشاكل النفسيّة والعصبيّة.
في البداية كنت من الناس الذين لم يعيروا الأمر أيّ أهمية، ولا سيما أنه بدأ في الصين حيث لا حرّية إعلامية، ولم يصلنا من أخباره إلا اليسير، إلى أن انتقل الوباء إلى إيطاليا، وكان الواقع أقوى من أيّ احتمال، فاستبدّ بي شعور غريب من الخوف والدهشة، وبدأت أتابع الأخبار عبر شاشات التلفزة والمواقع الإلكترونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعيّ، ما جعل نفسي تشمئزّ وتغضب، وأنا أرى ضحايا هذا الوباء، والفوضى التي تغلغلت في كلّ أنحاء العالم.
لقد جعل هذا الوباء عجلة الزمن تتوقّف، وأصبحت الكرة الأرضية كصالة سينما كبيرة، تُعرض فيها الأفلام العلمية التي لا نهاية لها، وكان لا بدّ أن أتعامل مع هذا الوباء بشكل أو بآخر، إمّا الاستسلام أو المواجهة.
لقد اتّهم البعض الله بالجور والظلم، غضبوا منه، وسبوه، وأرادوا أن يطلقوا رصاصة في رأسه، هل يجهل الله حقًّا ما يجري على الكرة الأرضية أو نحن من نجهل حقيقة الله؟
لقد أحدث الوباء غربلة عجيبة للبشرية، الفيروس الذي لا يُرى بالعين المجرّدة أغلق الكرة الأرضية برمّتها، وجعل الكلّ يعيش في هلع، وفي ترقّب ما يكون غداً.
هذا الفيروس الذي لم يستثنِ كبيراً أو صغيراً، غنيّاً أو فقيراً، وزيراً أو عامل نظافة. هذا الفيروس الذي لم تستطع أقوى دول العالم أن تحدّ من انتشاره، أو تجد له دواء حتى هذه الساعة، يعيث فساداً بعقل الإنسان وروحه وأعصابه وجسده.
يبقى الكادر الطبيّ الذي يقف في الخطوط الأمامية في مواجهة الوباء الجنديّ المباشر الذي يدافع عن البشرية باستماتة.
أطبّاء التهمهم الفيروس، وحصد منهم الكثيرين، ولم يتركوا ساحة المعركة، ومن لم يحصده الفيروس حصده الشعور بالعجز المروع حيث وجد نفسه في موقف الاختيار ما بين الموت والحياة للمصابين أمامه.
الكادر الطبيّ الذي سهر دون تذمر، واعتنى بالكبير والصغير، بكى دمعاً ودماً،
من جهة أخرى يقف الرؤساء مكتوفي الأيدي عاجزين عن فعل أيّ شيء، وكلّ العيون تتّجه إليهم، وسلاحهم الوحيد هو النداء بالحجر الذاتي والوقاية، منّا من استجاب، ومنّا من لا يستطيع، وهنا تأتي الطامّة الكبرى في دول العالم الثالث حيث العامل يعيش حياته يوماً بيوم، ومنهم من لا يملك حتى خبز اليوم، فيضطرّ تحت وطأة هذه الظروف إلى الخروج إلى العمل لدرء الموت جوعا هو وأسرته، ففي الحالتين إمّا أن يحصده الجوع أو الوباء.
هنا أعود إلى "قبول التحدّي"، وهل لهذا التحدّي أن يقينا شرّ الوباء؟
في حاضرنا اليوم هناك أوبئة كثيرة تنتشر إلى جانب الكورونا، وباء الفقر والفساد والحروب واليأس، ووباء نشر الأخبار السلبية الكاذبة التي تطيح بالأعصاب، والجهل الذي هو أخطر الأوبئة، وبالتالي إنّ صحة الإنسان النفسية والعقلية هي الضحية حيث يفقد القدرة المناعية لمواجهة أيّ وباء عضويّ.
إنّ التحدّي هو الوقاية ونشر الإيجابية بقدر المستطاع، إنّ الموت حقيقة حتميّة لا بدّ منها، لكنّنا اليوم ما زلنا أحياء، لماذا نستعجل الموت لنا ولمن حولنا؟
كن مسؤولاً، كن إيجابيّاً، وخلّيك بالبيت، عبارات قصيرة، لكن فيها الدواء.
إنّ تعزيز الصحّة النفسيّة والدعم النفسيّ والاجتماعيّ في مواجهة فيروس كورونا مكوّن أساسيّ في دعم الصحّة العامّة، وقد تكون السدَّ الأول في وقف انتشار الفيروس، والوقاية من التداعيات الأخرى التي ترافق المرض والوقاية منه، وبعد الخروج منه، كي نخرج من هذه الأزمة، ونحن في صحّة نفسيّة سليمة.
إنّ البعض يجد في دعمه للآخر راحة نفسيّة، يفتّش، ويبتكر أساليب جديدة لتقديم الدعم النفسيّ لمن حوله، ومساعدتهم على التكيّف مع الحياة المستجدّة، أي الحجر الصحيّ ومواجهة الخوف والقلق المرافق والناتج عن الأخبار، وتفشي الإصابة بالعدوى.
ليس هناك أعظم من شخص يتمتّع بسلامه الداخليّ وفكره النيّر، ليكون جنديّاً شجاعاً، سلاحه الثقة والأمل.
إنّ الأزمة يمكن أن تزيد، وتستفحل خطورتها في المستقبل إذا لم تواجه بتدابير صارمة، فالاضطرابات النفسيّة التي قد تصيب الإنسان خلال الأزمات لا تقلّ خطورة عن الإصابة بفيروس كورونا، وقد يرافقه طوال حياته.



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم المرأة
- امرأةٌ في المرآةِ
- قصة قصيرة
- فاطمة -رب أخ لم تلده لك أمك-


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - اخلاص موسى فرنسيس - كورونا/ التحدي