أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشيخ إياد الركابي - متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الثانية















المزيد.....

متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الثانية


الشيخ إياد الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 6533 - 2020 / 4 / 9 - 10:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الحلقة الثانية



في الحلقة الماضية كنا قد تحدثنا عن طبيعة الملازمة بين - الأمن والاقتصاد و الواقعية السياسية - ، وقلنا هناك بإن الواقعية تفترض المقاربة والاتساق وترفض الفصل والتبعيض لأي سبب كان ، وفي نفس السياق هذا سنواصل البحث ولكن من وجهة نظر الكتاب المجيد اعني : - ( الواقعية البنيوية ) - ، التي ترفض الفصل والتبعيض في هذا الشأن أيضاً ، وتبني تصوراتها ومفاهيمها على وحدة المضمون ، وقد أتنا الكتاب بشاهد إثبات على ذلك من أجل التوكيد و زيادة الإيضاح حيث قال :

( الذي أطعمهم من جوع وامنهم من خوف ) – قريش 4 ، والجملة الخبرية هذه وردت في صيغة البناء للمعلوم ، والضمير فيها يدل على التوكيد ، وتقديم الاطعام على الأمن فيها ورد من باب المسامحة ، وموضوع الجملة جاء في مقام جواب الدعاء الوارد بلسان إبراهيم النبي حين قال : - ( رب اجعل هذا بلدا امنا وارزق أهله من الثمرات ) – البقرة 126 ، ودلالة هذا في سياق الكلام واضحة على سبيل الاستغراق في طول الزمان والمكان .

ومادة الأمن في الكتاب المجيد تدل على الثقة وعلى الشعور بالاطمئنان ، لذلك وسع اللسان العربي دائرة الاشتغال بها لتكون مصدراً وصفةً واسماً وفعلاً ، وهي في الأحوال كلها تكون نقيضاً للخوف أو ما يقابله ، ودلالة الوصف فيها تعني حفظ الكيان المادي والمعنوي ، وكونها أداة ووسيلة في التعبير تكون دالة على معنى القوة الذاتية ، والقوة الذاتية : - هي القوة الطبيعة التي تكون للمجتمع وللدولة في الواقع - .

وقد رتب النص استنتاجه على هذا بلحاظ ما وجده من فاعلية وقابلية في قوة الاقتصاد و قوة الأمن ، مضيفاً إليهما ما يقوم به الفاعل السياسي من كسب للقوة عبر : - التحالف مع الغير جلباً للمصالح و درءً للمفاسد - ، وهذا هو المضمر في لسان النص والذي ركز عليه في مجال طبيعة العلاقات الواجبة .

إن متلازمة - الاقتصاد والأمن - في الكتاب المجيد تكون أكثر حضوراً في مجال الحماية وفي تحصيل القدرة من مصادرها ، وفي ذلك غطاءً شرعيا وقانونيا للدولة و لوجودها وهيبتها وسيادتها على كل الصعد ، ولا يفصل الكتاب المجيد بين مفهوم الدولة وبين مفهوم القوة ، فالثروة وحركة الفاعل السياسي عناصر للدولة وقوتها ( في الفضاء العام )

ولا يفصل الكتاب المجيد كذلك بين قوة الدولة و بين عناصر الحسم فيها ، ولا في سلوكها مع الأخرين .

وحدة الأجزاء :

مفهوم الوحدة في الاصطلاح يعني الجمع غير المتفرق ، وقيل : هو الجمع الواحد الذي لا يكون لا على نحو الإكراه والتعسف ، حين يتوفر الوعي الطبيعي لهما في الملازمة بين - الامن و الاقتصاد - وفي طبيعة وجودهما ، والذي هو بحسب الوضع : - عبارة عن مركب أجزاء - بشرط عدم الانفصال ذاك الذي يؤدي للانهيار والسقوط ، وعدم الانفصال لدى ارسطو : - هو وحدة كل جزء مع الجزء الأخر - ، وهكذا نفهم معنى الوحدة في عناصر القوة الوطنية و مقوماتها ، والحصر ممتنع هنا ، أعني حصر القوة عسكريا سببا أو اقتضاءً .

أقول هذا : بعدما كشف لنا - فايروس كرونا - عن ضعف القوة العسكرية في مواجهة هذا الفيروس ، وهشاشة ما تدعيه القوى الكبرى في هذا المجال ، وكيف خسرت الصين الرهان مع ما لديها من قوة في هذا المجال ، ومع ما يوفره لها نظامها الشمولي من القوة وعناصرها ، ولكنه فقد الحصانة في مواجهة هذا الفيروس اللعين ولم يستطع الحد من تأثيراته ونشاطه ، والأمر نفسه نقوله في شأن الدول الصناعية الكبرى التي عجزت هي الأخرى في مواجهة قوة الفيروس الخفية المرعبة ، يقول إغناتيوس : - كشف لنا الوباء عن كذبة نظامنا وهشاشته ، وعجز أجهزتنا الصحية و الدوائية - ، وهذا يعطينا انطباعاً موضوعيا بأن الدول التي تمتلك القدرات العسكرية الفائقة لم تكن و لن تكون في مأمن من الخطر ، ولهذا وجدنا العجز والانهيار في المرافق الاقتصادية والاجتماعية لكثير من الدول مما يدل هذا على خطورة الفكر الذي يسعى له بعض دعاة الحرب ، لقد كان كيسنجر واضحا حين قال ذات مرة : - بانك قد تربح الحرب ولكن قد تخسر نفسك - ، وتحليلنا هذا ينطلق من مشاهداتنا اليومية لما يجري في العالم وفي مجتمعات الدول الصناعية الكبرى ، لقد كانت بعض الممارسات من السوء تجاه العجزة و كبار السن دليلا على طبيعة العقلية الخطيرة التي يتسم بها البعض ، مما يجعلنا أكثر حذراً في رؤيتنا للمستقبل على المدى المنظور فيما لو طال أمد الأزمة الحالية .

أن العقلية السائدة اليوم تذكرنا بتلك العقلية التي كانت عليها النخب السياسية قبل الحرب العالمية الثانية ، وذلك ناقوس خطر يدعونا للخوف على طبيعة التكوين الديمغرافي والتعايش الاجتماعي ، وهذا يدعونا لتصديق تلك المقاربة التاريخية التي تقول : - إن حجم الإنفاق في المجال الأمني أبداً لن يكون البديل ، عن التحليلات ومراكز الأبحاث التي يقوم بها متخصصين في مجال العلوم والبحوث الاستراتيجية - ، ولهذا نرفض مبدأ الاختزال الذي تعتمده النظم الشمولية والامبريالية في نظرتها للمستقبل ، ونرفض تركيزها على القوة المحضة ، والتي تأتي في المقام الأول عند صناع القرار الدوليين ، أن نظرتنا للقوة وما تشكله موضوعيا في الجهد الأحيائي لا تتعدى من كونها وسيلة أو باعتبارها سلوكاً محفزا ليس إلاّ ، لهذا قلنا بان ما ذهب إليه أرنولد ولفارز لا يخلو من مخاطرة حين اعتبر : - القوة هي القدرة في أو على دفع الآخرين ( نحو عمل ما يریدون ومنعهم من عمل ما لا يریدون ) - ، لأنه في ذلك خلط ما بين القوة والتأثير ، فالقوة موضوعيا هي القدرة في أو على تحريك الآخرين - ، ولكن التأثير ليس كذلك ، وإنما هو مجرد ترتيب في سُلم الأولويات و المفاهيم وليس هو ذاتها ، وفي الحلقة الأولى كنا قد اعتبرنا :

القوة هي الفاعل الحيوي في صناعة الحدث وهي الموضوع الذي يرجع إليه ، في ظل المتلازمة المتحركة التي قلنا بها وفقا للطاقات و الامكانيات ، وهي ذاتها التي تحفظ للدول قيمتها وهيبتها ، مع القيد التالي : - ان دول العالم الثالث تعتبر قضية القوة عندها مرهونة بما لديها من موافقات ، يحددها لها الغير دول ومنظمات ومؤوسسات - ، ولعل لدول مجلس الأمن السهم الأكبر في ذلك ، ولا يخفى ما لهذه المؤوسسة من هيمنة وسطوة على القرار الدولي والتحكم فيه ، ودول المجلس ابدا لا تبالي بمصالح وحقوق الدول الضعيفة والفقيرة من العالم الثالث ، وإنما تفرض نوعا من الشروط والاجراءات المجحفة .

يقول جميس براون في مداخلته بمجلس العموم : - ان اهتزاز ثقة العالم بالنظام الدولي ، جاءت بفعل تعسف النظام الدولي وعدم احترامه للأمن والسلام الدوليين - ، ولهذا سادت الريبة والشك في العلاقات الدولية وتحملت الدول الصغيرة تبعات تحالفات الدول الكبرى ، مما أدى إلى نشوب الحروب الإقليمية والأهلية المتعددة .

المفهوم الجديد للأمن:

تطالعنا اتفاقية يالطا بجمل فضفاضة تقول : - أن الدول باستطاعتها تحقيق حاجاتها وفقا لمصالحها وبحرية !! - ، وهذا القول الرومانسي يعني قدرة الدول على صنع مستقبلها بيدها ، من خلال ما تجريه من اتفاقيات ومعاهدات بحسب ما ينفعها من الحاجات والمصالح !! ، ولكن الجملة وشروحاتها لا تعبر عن الواقعية السياسية التي تحكم الموقف الدولي القديم والجديد ، ذلك ان مفهوم الحرية المشار اليه وفقا لمبدا الحاجة والمصلحة يعد شيئا نسبيا في الواقع ، وهو بحسب المكانة يعد الأول في الترتيب في السلم الدولي ، وهذا ما اعتقد به - وولتز - عن ( نظم المفاعلة ) ، والذي يعد تصورا امنيا سياسيا بامتياز حين ينظر اليه داخل محوطة ( التراتبية والفوضوية ) في البنى السیاسیة ، والتي تتكون في العادة من مبدأ التنظيم والوحدة و القدرة ، ويندرج في سهمها نسق المصالح الدولية التي تحدد السلوك الخارجي ، ومن جهتنا نحن فنعتبر : - ان الاعتماد على الذات هو الهدف النهائي للدولة ، فيما لو ارادت ان يكون لها مستقبل ما ، وبداية ذلك ينطلق من الاكتفاء الذاتي في إدارة شؤون الدولة والمجتمع - ، وهناك رأي أخر يقول : - ان الدولة الحية هي تلك التي تعتمد على الأرباح النسبية وليست على الأرباح المطلقة ، وبعبارة ادق - هي تلك التي تعتمد على اضعاف الآخرين وافقادهم للقدرة او التفوق - ، وقد طبق هذه النظرية الرسول محمد – ص - عندما اعتبر الحرب - اخر الدواء - معتمدا على مد الجسور والحوار وعقد المعاهدات في ظل الفضاء الحر ، وقد حقق في ذلك تقدما مهولا على صعيد الدعوة والحركة وانضمام الكثير الى دعوته ، وهذه وسيلة في اطار مفهوم - اعدوا لهم ما استطعتم من قوة ... - ولا يخرج هذا عن مفهوم الصراع الطبيعي ولا بين التراتبية والفوضى قال : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ) ، وهذه هي الواقعية البنيوية ..

وللحديث بقية



#الشيخ_إياد_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متلازمة الأمن والإقتصاد
- كورونا .. ونهاية العولمة
- كورونا ... ونهاية سلطة القانون
- في رثاء صديقنا وأخينا الدكتور محمد شحرور
- الأضحية
- كلمة في وداع الدكتور – الطيب التيزيني -
- رأينا في العدل ( الجزء الثاني )
- رأينا في العدل ( الجزء الأول )
- بيان بمناسبة يوم الجمعة الدامي
- الوصية .. والميراث
- الإمامة ثانياً
- الإمامة أولاً
- موقف الكتاب المجيد من قضية : ( تعدد الزوجات ) 3 -
- موقف الكتاب المجيد من قضية : ( تعدد الزوجات ) 2
- موقف الكتاب المجيد من قضية : ( تعدد الزوجات )
- إلى الشيخ على جمعة مع التحية والسلام
- النبوة (3)
- النبوة الحلقة الثانية
- المفهوم الإفتراضي لمعنى قوله تعالى : [ فلا أقسمُ بالخنس ، ال ...
- تداعيات النص 40 من سورة التوبة


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الشيخ إياد الركابي - متلازمة الأمن والإقتصاد .... الحلقة الثانية